شهدت إثيوبيا نشاطًا زلزاليًا مكثفًا خلال الأيام الأخيرة، حيث ضربت البلاد 5 زلازل في غضون 10 أيام، تراوحت قوتها بين 4.5 و5 درجات على مقياس ريختر، وكانت مراكزها على بعد 570 إلى 600 كيلومتر من سد النهضة.

هذا النشاط الزلزالي المتزايد يثير تساؤلات جدية حول تأثير هذه الهزات على سلامة السد في ظل التوترات الجيولوجية التي تحيط بالمنطقة.

الزلزال الخامس 


في 6 أكتوبر 2024، ضرب زلزال خامس إثيوبيا بقوة 4.9 درجة على مقياس ريختر، مما أثار مخاوف جديدة حول تأثير هذا النشاط المستمر على سد النهضة. الزلزال وقع في منطقة الأخدود الإثيوبي على عمق 10 كيلومترات، وعلى بعد نحو 560 كيلومترًا من السد. وتشير التوقعات إلى أن النشاط الزلزالي في المنطقة قد يستمر في التصاعد، مما يزيد من الحاجة إلى تقييم مستمر لسلامة السد في ظل هذه الظروف.

الزلازل الأربعة السابقة 


في 27 سبتمبر 2024، ضرب زلزال بقوة 5 درجات إثيوبيا، بعمق 10 كيلومترات، وبمدى يبعد 570 كيلومترًا عن سد النهضة و140 كيلومترًا من العاصمة أديس أبابا. مركز الزلزال كان في منطقة الأخدود الإثيوبي، التي تعد جزءًا من الأخدود الإفريقي العظيم المعروف بنشاطه الزلزالي.

في اليوم ذاته، وقع زلزال آخر بقوة 4.5 درجة، ثم تبعته هزة ثالثة في 28 سبتمبر بقوة 4.6 درجة، وأخيرًا ضرب زلزال رابع في 30 سبتمبر بقوة 4.5 درجة. هذا النشاط المتزايد قد يكون مؤشرًا على ضغوط جيولوجية ناجمة عن العمليات المحيطة بسد النهضة.

مخاوف بشأن تأثير الزلازل على سد النهضة:

قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة،  في تصريحاته الخاصة لـ "الفجر" إن الزيادة الكبيرة في معدل الزلازل بإثيوبيا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما يعزز المخاوف بشأن تأثير تلك الزلازل على سد النهضة. أوضح شراقي أن عدد الزلازل في إثيوبيا ارتفع من 5-10 زلازل سنويًا في الفترة بين 2014 و2020، إلى 37 زلزالًا في عام 2023. وحتى الآن في عام 2024، تم تسجيل 20 زلزالًا.

مع تخزين إثيوبيا نحو 60 مليار متر مكعب من المياه في بحيرة سد النهضة، يزداد الضغط على القشرة الأرضية الهشة في المنطقة، ما يزيد من احتمالية وقوع زلازل أقوى في المستقبل. وأكد شراقي أن زلازل بقوة 6 درجات أو أكثر على مقياس ريختر تشكل خطرًا حقيقيًا على السد، خاصة إذا كانت بؤرتها قريبة من السطح.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: زلزال اثيوبيا سد النهضة أثيوبيا زلزال إثيوبيا اليوم اخبار اثيوبيا سد النهضة

إقرأ أيضاً:

«حين تتحدث إثيوبيا… يسقط القناع عن سدٍّ لا يملك من الصمود إلا صخب التصريحات»

من هروبٍ سياسي إلى فضيحة هندسية… كيف انكشف سدّ النهضة أمام أول اختبار جاد؟

يحدث أن يعلو ضجيج الدول حين يهبط منسوب قوتها، ويحدث أن يكثر الاتهام حين يضيق هامش الحقيقة. اليوم، تقف إثيوبيا على منبر من خشبٍ رخو، تصرخ في وجه القاهرة وتلقي الحجارة على النيل، بينما يتساقط الطين من بين أصابعها كاشفًا ما حاولت إخفاءه لسنوات: فشل إدارة أكبر مشروع مائي في القارة، وانهيار أسطورة “السيادة على النهر” أمام أول امتحان هندسي حقيقي.

المفارقة أن من يتهم مصر بزعزعة الاستقرار هو نفسه من فشل في ضبط بوابات سدّه، فاضطر إلى فتحها دفعة واحدة، فغرقت أراضٍ سودانية ولامست السيول الحدود المصرية… في مشهد كان كفيلًا بتعرية الرواية الإثيوبية من جذورها.

البيان الإثيوبي الأخير لا يعكس قوة، بل يفضح توترًا واضحًا. فمن يملك إدارة آمنة لأحد أكبر السدود في العالم لا يحتاج إلى اختراع “عدو خارجي”. وإثيوبيا تعرف جيدًا أن فتح بوابات السد بشكل متزامن - دون تنسيق مسبق مع دول المصب - ليس مجرد “إجراء طبيعي”، بل كارثة هندسية كشفت هشاشة الإدارة ونسفت ادعاء أن “السد آمن ولا يهدد أحدًا”.

تصعيد الخطاب ضد القاهرة محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن الأسئلة الحقيقية داخل إثيوبيا:

لماذا لم تعمل منظومة التحكم كما أعلنت أديس أبابا؟

لماذا غمرت المياه مساحات سودانية؟

ولماذا تبيّن أن التخزين تمّ من دون تقدير هيدرولوجي علمي؟

لأعوام، قدمت إثيوبيا نفسها كدولة تحسن إدارة النهر وتستغل مواردها بكفاءة، لكن الواقع أثبت عكس ذلك: المشروع الذي روّج له كرمز للنهضة بات مصدر قلق إقليمي لأن المسؤولين عنه لم ينجحوا حتى في التحكم في بواباته.

وحين تعجز دولة عن إدارة بوابات سدّ، كيف تطلب من مصر - التي يعيش شعبها كله على شريط مائي واحد - أن تطمئن إلى مستقبلها المائي بأنه “في أيدٍ آمنة”؟

منذ البداية، قالت مصر ما أثبتته الأحداث: غياب الدراسات الفنية كارثة، والتخزين الأحادي تهديد وجودي، والسد بلا اتفاق يجعل مياه النيل رهينة إرادة سياسية متقلبة وإدارة هندسية مرتبكة.

اليوم، لا تحتاج مصر إلى خطاب دفاعي، فالوقائع جاءت من داخل السد نفسه. الرواية المصرية كانت الأكثر واقعية، والأقرب إلى العلم، والأدق فهمًا لطبيعة النهر.

أما لماذا تصعّد إثيوبيا الآن؟

فلأن الخرطوم بدأت تسأل،

ولأن الداخل الإثيوبي المثقل بالصراعات يحتاج “عدوًا جاهزًا” يعلّق عليه إخفاقاته،

ولأن المجتمع الدولي بدأ يدرك أن التلاعب بنهر دولي لن يستمر بلا ثمن.

إثيوبيا تعرف أن فتح البوابات كشف المستور، وأن التوتر المائي قادم، وأن العالم لم يعد يصدق خطاب “السيادة على النهر” حين يكون المقابل غرق أراضٍ في دولتين مشاطئتين.

ما لا تدركه إثيوبيا أن مصر لا تُدار بردود فعل، بل باستراتيجية تراكمية: عمل سياسي ودبلوماسي متواصل، توثيق فني وبيئي، تحالفات دولية، وإدارة ملفّ المياه باعتباره الأمن القومي الأول.

مصر لا تهدد… لأنها لا تحتاج إلى التهديد.يكفي أنها تملك ورقة واحدة ثقيلة: الحق الطبيعي والتاريخي الذي يثبته العلم قبل السياسة.

لن تغيّر البيانات الحادة من حقيقة أن النيل نهر مشترك، ولا من ضرورة الاتفاق الملزم، ولا من أن استمرار التصرف الأحادي سيُعيد المنطقة إلى معادلة خطيرة لا يريدها أحد.

السؤال الذي يجب أن يُطرح في أديس أبابا:

هل تصلح السياسة بديلاً عن الهندسة؟

وهل تُدار أنهار الدول بالصراخ؟

وحتى يحدث ذلك، ستبقى مصر متمسكة بحقها، ثابتة في موقفها، واثقة من روايتها… لأن من يعرف قيمة النيل لا يُفرّط، ومن يعرف خطورته لا يغامر، ومن يعرف التاريخ يدرك أن الحضارات النهرية تنهار حين يُدار النهر بمنطق صبياني لا يليق بدول تزعم النهضة.

محمد سعد عبد اللطيف، كاتب وباحث في الجيوسياسة والصراعات الدولية

مقالات مشابهة

  • زلزال بقوة 5.8 درجة يهز ألاسكا
  • زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب ولاية ألاسكا الأمريكية
  • على عمق 9 كيلومترات.. زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرقي إيران
  • عاجل | بقوة 6.36 درجة.. زلزال جديد يضرب اليونان ويصل تركيا وإيطاليا
  • مصر تعلن أنها لن تقف «مكتوفة الأيدي» أمام تهديدات سد النهضة
  • وزير الخارجية: مزاعم إثيوبيا بالسعي للتفاوض حول سد النهضة «زور وبهتان»
  • على عمق 10 كيلو.. زلزال بقوة 6.36 درجة يضرب اليونان
  • «حين تتحدث إثيوبيا… يسقط القناع عن سدٍّ لا يملك من الصمود إلا صخب التصريحات»
  • مفأجاة.. الأرض تضمد جروحها وصدوع عميقة تلتئم بعد الزلازل القوية| ما القصة؟
  • من يُعرقل المفاوضات؟.. خبراء يفندون أكاذيب إثيوبيا في بيانها ضد مصر