تأخر سن الزواج أو العنوسة ظاهرة غير محمودة، وهي مشكلة مقلقة وشبح مخيف وظاهرة مأساوية مزعجة، هذه المعضلة التي أصبحت تنغص حياة الآلاف الأسر وتهدد نفسيات الآلاف من الشباب والبنات، لها عواقبها السيئة على البنين والبنات، والمجتمع بأسره.
إن تأخر سن الزواج أو العنوسة آفة تكاد اليوم أن تكون موجودة في كل بيت فلا يكاد يخلو بيت من وجود شاب أو فتاة بلغت سن الزواج وتجاوزته ولم تتزوج بعد وطال مكثها في بيت أهلها ولا زالت تعد في عدد العذارى والأبكار خاصة مع ازدياد نسبة الإناث على نسبة الذكور.
وسببها يرجع إلى تعقيد سبل النكاح، ووضع العوائق في طريقه، ومن ذلك عضل الأولياء، وغلاء المهور، وتكلفة الزواج، وشروط الأمهات، وتعنت الفتيات، والعادات والتقاليد السيئة والعصبية القبلية والعنصرية، وعدم زواج الصغيرة قبل الكبيرة حتى يكبرن جميعهن في السن ويستمر المسلسل حتى يعنس جميع البنات ولا يقبل بهن الخاطب بسبب كبر السن، أو الطمع والجشع المادي في راتب البنت الموظفة، أو عدم قبول الزوج بأسباب ومبرارات غير واقعية وغيرها من الأسباب التي حالت دون زواج كثير من شباب وفتيات المسلمين.
وعلى الأباء والأمهات جميعاً العمل على تيسير أمور الزواج، وتذليل العوائق التي تحول دونه، ومن ابتليت بالعنوسة فلها أن تعرض نفسها أو يعرضها وليها على أهل الخير والصلاح للزواج، فهكذا كان الصحابة والتابعين وخيار الأمة يفعلون.
هذا مع الإلحاح في الدعاء أن ييسر الله للأبناء والبنات أزواجاً وزوجات صالحين، فإن من لجأ إلى الله كفاه.
ومن الحلول لتأخر سن الزواج دعم وتشجيع الزواجات الجماعية، وتوعية المجتمع إعلامياً بخطورة هذه الظاهرة، وعمل الدراسات والبحوث العلمية في الجامعات لدراسة هذه الظاهرة وإيجاد الحلول العملية لها، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لجمعيات مساعدة الشباب على الزواج، وتأسيس مواقع إلكترونية متخصصة ذات موثوقية وتحت مظلات رسمية للجمع بين رأسين في الحلال؛
لأن هذه المواقع تسهل الوصول إلى الزوج والزوجة المناسبة بأسرع وقت، دون عناء البحث، أو الوقوع في فخ بعض الخطابات الذين يأكلون أموال الشباب والبنات بالباطل، ولا يحصلون معهم على نتيجة أو زواج، ولا ندري أين تذهب هذه الأموال التي تأخذها الخطابات واللاتي أغلبهن نساء أجنبيات، وبعضهم رجال أجانب يظهرون بأسماء نساء، ويقيمون خارج البلد.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: سن الزواج
إقرأ أيضاً:
الزواج ليس مجرد حبر على ورق
خليفة بن عبيد المشايخي
khalifaalmashayiki@gmail.com
الأسرة الصالحة مرتكزٌ مُهمٌ في بناء النشء والأجيال القادمة، ويتعين عليها أن تكون أنموذجًا مشرفًا يُحتذى به في السلوك والتعامل الطيب الراقي والتربية الصحيحة، ويُعول على قُطبي هذه الأسرة، الأب والأم، الشيء الكثير، منه أن يكونا عند مستوى الاختيار والتكليف الإلهي بأن جعلهما جل جلاله أبوين.
وتنعم الكثير من الأسر باستقرار دائم نتيجة الوفاق والانسجام والتفاهم بينهم، الذي تعيشه بحرفية وإتقان وفن، بينما أُسر أخرى تعيش تشتتًا وظلامًا أسود وجهلًا مستمرًّا، يُلقي بظلاله على أفراد الأسرة جميعهم، ويُنغص حياتهم ووجودهم، ويكون الضحية الأطفال.
نعلم أنه لا شيء أهم من أن يكون الإنسان ذو خلق، فدرجة صاحب الخلق مع النبيين وفي الفردوس الأعلى من الجنة، وبالتالي أن يكون المرء خلوقًا وطيبًا ومتواضعًا أياً كان، ذكرًا أم أنثى، فإن ذلك مدعاة إلى استقرار الأسر ونمائها ودوام حياتها وبقائها، بما يكفل لها استقرارًا دائمًا، ويضمن لها الوئام والتلاحم والتعاضد والرحمة.
وتبدأ أولى مسؤوليات الوالدين من الزواج والارتباط الوثيق الشرعي، الذي ينطلق من العهد والميثاق الغليظ الذي يكون من العروسين، فالبدايات السليمة تترتب عليها أمور كثيرة، والانطلاقة الحقيقية والصحيحة تبني حياة زوجية كريمة ومستقرة.
لذا ينبغي على المقبلين على الزواج مراعاة الكثير وفهم الكثير، حتى تمر السفينة بسلام في هذه الأمواج المتلاطمة التي يكتنفها الصعاب، وتملؤها التحديات والعراقيل، ويلفها الجهل ببواطن الأمور وظواهرها.
يُعتبر الزواج مشروعًا مهمًّا ومريحًا في تأسيس حياة وإعمار هذا الكون بالخُلفة والبشرية، والحديث يقول: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم يوم القيامة". والزواج سعادة وحياة وراحة وتجدد ونشاط، وعلى الطرفين أن يستشعرا هذه النعمة ويحافظا عليها مهما كان، ويتجنبا أن يكونا معول هدم لها، ومصدر خراب وضياع لما أتت به من خير.
الزواج إن كان مليئًا بالحب والتفاهم والتواضع وفهم كل واحد لمسؤولياته، يكون زواجًا ناجحًا ومشروعًا موفقًا، وإن كان أحد الطرفين جاهلًا ومتغطرسًا وبعيدًا عن فهم دوره وإتقان واجبه والقيام به على كل حال، فإن المشاكل وعدم الاستقرار سيطالهما، وسيحدث ما لا يُحمد عقباه. لذا، التجمُّل بالأخلاق الطيبة والتواضع والاحترام يجعل الزواج مستقرًّا وماضيًا في طريق السعادة والخير والرضا.
مما لا شك فيه أن بعض الأهالي والأقارب يفسدون العلاقات الزوجية، ويُخربون حياة أبنائهم مع أزواجهم، وذلك بالتحريض والقيل والقال، وللأسف ينجر البعض إلى الاستماع إلى تلك الفتن والدوافع والأقاويل التي تُعكر صفو الحياة، وتُعجل بانتهاء العلاقات الزوجية.
لهذا ينبغي على الإنسان أن يكون محضر خير، مُغلاقًا للشر، وأن يكون مُربيًا فاضلًا لابنته أو لولده، حتى عندما يُقدم أحدهم على الزواج وأثناء زواجه، يكون أمرًا صالحًا مُقدرًا لما هو فيه من علاقة ومسؤولية. والحكومة بمؤسساتها تبذل جهودًا كبيرة في احتواء وحل المشاكل العالقة بين الزوجين، والمحاكم بشكل مستمر تنظر في قضايا الخلاف بين الزوجين، وتُسهم في حل كثير منها وإعادة الود والحياة لها، سواء عن طريق لجان التوفيق والمصالحة، أو عن طريق قاعات المحاكم التي تعج بهكذا مواضيع وقضايا مهمة وحساسة.
حقيقةً ما نرجوه من الرجل والمرأة، فهم طبيعة ودور كل منهما بأنه لا غنى لهما عن بعض؛ فالمرأة لا يسترها إلّا بيتها وزوجها، وقبل ذلك البيت الذي تربت فيه، لكن مع مرور الوقت لا بد لها من مفارقته إلى بيت الزوجية.
وكذا الحال للشاب الذي ستكون عليه مسؤوليات كبيرة في جعل زوجته سيدة وأميرة وفاعلة وناجحة وأمًّا فاضلة، شريطة أن تكون هي إنسانة محترمة له، وتعامله بنصائح الأوليات في أن تكون مرآة صالحة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، ولديها قابلية ورغبة صحيحة لتكون زوجة ناجحة وصالحة.