تحدت دراسة جديدة الافتراض السائد منذ فترة طويلة بأن الأشخاص المصابين بالتوحد يعانون من تأخر عاطفي، حيث وجدت أن الأشخاص المصابين بالتوحد في الواقع يعانون من مشاعر معقدة.
ومن المأمول أن تؤدي هذه النتائج إلى استراتيجيات علاجية أفضل للأشخاص الذين يعانون من اختلافات عصبية، بحسب ما نشره موقع New Atlas نقلًا عن الدورية الأميركية Occupational Therapy.
منذ وصف التوحد لأول مرة في أربعينيات القرن العشرين، كان من المفترض أن السمة الرئيسية للحالة هي الاستجابة العاطفية غير الواضحة أو عدم القدرة على وصف المشاعر. إنها الطريقة، التي يتم بها غالبًا تصوير الأشخاص المصابين بالتوحد في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.
لكن البحث الجديد، الذي أجراه آرون دالمان، أستاذ مساعد في العلاج المهني في كلية المهن الصحية بجامعة روتجرز، تحدى هذه الافتراضات الراسخة منذ فترة طويلة حول الأشخاص المصابين بالتوحد والعواطف.
ماذا لو؟
طرح دالمان تساؤلًا: "ماذا لو كان كل ما نعرفه عن التوحد خاطئًا؟"، قائلًا إنه يتم قضاء "كل هذا الوقت في إثارة مشكلة التوحد بدلاً من القيام بالعمل لفهم كيف يكون الأمر بالنسبة للأشخاص المصابين بالتوحد". وأضاف أن "الفكرة الشائعة بأن الأشخاص المصابين بالتوحد لا يعيشون حياة عاطفية غنية ليست صحيحة ببساطة".
الاحتفاء بدلًا من القمع
تناول دالمان بحثه من منظور مفاده أن الاختلافات في العمليات العصبية - أو التباعد العصبي - مثل تلك التي يُظهرها الأشخاص المصابون بالتوحد يجب الاحتفال بها باعتبارها أجزاء طبيعية من التنوع البشري، وليس قمعها.
كانت أهداف الدراسة ثنائية: أولاً، لاستكشاف كيف وصف البالغون المصابون بالتوحد الشباب عواطفهم، وثانيًا، لاقتراح طرق لتحسين الاتصال العاطفي، والقدرة على تكوين علاقات مع الآخرين على المستوى العاطفي، بين الأشخاص المصابين بالتوحد ومعالجيهم.
تحليل الظواهر التفسيريشارك 24 شخصًا مصابين بتشخيص ذاتي لاضطراب طيف التوحد في واحدة من ست مقابلات جماعية مركزة عبر تطبيق زووم لمناقشة تجاربهم العاطفية. كان متوسط عمر المشاركين 28 عامًا واستُخدم برنامج زووم لتوليد نص من كل مقابلة، والذي تم إخفاء هويته. تم بعد ذلك ترميز البيانات وتحليلها باستخدام تحليل الظواهر التفسيري IPA، وهي منهجية بحث نوعية تستكشف كيف يفهم الأفراد تجاربهم.
مشاعر معقدة
ظهر موضوعان من البيانات، أولهما هو أن الأشخاص المصابين بالتوحد يعانون من مشاعر معقدة، وثانيهما أن مشاعرهم غالبًا ما يتم قياسها وفهمها بشكل خاطئ. وصف المشاركون مجموعة من المشاعر الإيجابية، بما يشمل الهدوء والاستمتاع والنشوة، والمشاعر السلبية، بما يشمل مشاعر الغضب والاكتئاب والإحباط. كانت هذه المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، "متجسدة" أو محسوسة غالبًا في أجساد المشاركين.
ثقل شديد على الكتف
وصف أحد المشاركين تجربته مع المشاعر المجسدة قائلًا: "عادةً ما أشعر بثقل شديد على كتفي وعلى صدري، وأثقل من المعتاد، ثم يصبح دماغي ضبابيًا نوعًا ما".
مقاييس غير كافية
وأفاد المشاركون بأغلبية ساحقة بأن المقاييس التقليدية للعاطفة لم تلتقط تجاربهم العاطفية بشكل كافٍ وأن المقاييس الذاتية المستخدمة لتقييم "السعادة" و"الحزن" فشلت في وصف عمق عواطفهم بشكل كافٍ.
درجات مختلفة من السعادة
أجاب أحد المشاركين أثناء الدراسة: "أتفهم ضرورة تطبيق تسميات تصنيفية للعواطف مثل "سعيد" أو "حزين"، لكنني أعلم أيضًا أن التجربة أكثر تعقيدًا من مجرد المشاعر المرتبطة بهذه الكلمات. أود أن أقول إن هناك درجات مختلفة من السعادة، فضلاً عن درجات مختلفة من الحزن".
سوء تفسير التعبيرات
أفاد جميع المشاركين بأن الاتصال العاطفي مع الأشخاص غير المصابين بالتوحد كان تحديًا خاصًا لأن تعبيراتهم العاطفية كانت تميل إلى سوء تفسيرها من قبل الأشخاص العاديين.
أفاد أحد المشاركين: "لقد قال لي الناس، مثل،" واو، أنت تبدو سعيدًا حقًا الآن "عندما كنت أسترخي نوعًا ما. لست متأكدًا مما يبدو عليه الأمر فيّ سعيدًا للغاية، ثم اعتقد الناس أنني كنت غاضبًا منهم [أكثر] مما أنا عليه بالفعل".
سنوات لفهم الابتسامة
قال مشارك آخر، "لأنني أعلم أن الأشخاص العاديين يدركون أن الابتسام أمر طبيعي للغاية، وأنهم من المفترض أن يبتسموا عندما يكونون سعداء. لكن هذا شيء استغرق مني سنوات عديدة من العلاج والتدريب لفهمه".
شعور بالذنب
أفاد بعض المشاركين أنهم شعروا بالذنب عندما انقطع التواصل بينهم وبين شخص غير مصاب بالتوحد. ويشير دالمان إلى أن هذا قد يكون مشكلة، لأنه قد يدفع الأشخاص المصابين بالتوحد إلى "إخفاء" أو قمع تعبيرهم الطبيعي لتجنب وصمة العار المرتبطة بالتوحد.
وقال: "إن وصف المشاركين للشعور بالذنب يشير إلى شعور بالمسؤولية الاجتماعية من جانب الشخص المصاب بالتوحد لجعل الأشخاص غير المصابين بالتوحد يفهمون مشاعرهم أثناء التفاعلات الاجتماعية. وقد يفسر هذا المعدلات المزعجة للإخفاء لدى المصابين بالتوحد".
اكتئاب بسبب إخفاء المشاعر
أظهرت الأبحاث أن الإخفاء لدى الأشخاص المصابين بالتوحد مرتبط بأمراض الصحة العقلية المصاحبة، بما يشمل الاكتئاب.
استراتيجيات علاجية جديدة
يأمل دالمان أن تؤدي نتائج دراسته إلى استراتيجيات علاجية جديدة للأشخاص المصابين بالتوحد والتي تعمل على تسوية مجال التواصل، مما يجعلها أقل تحيزًا تجاه الأشخاص العاديين.
وقال دالمان: "يجب أن تركز تدخلات الاتصال هذه على تحسين التواصل ثنائي الاتجاه لكل من الأشخاص المصابين بالتوحد وغير المصابين به ويجب ألا تركز فقط على تعليم الشخص المصاب بالتوحد حول احتياجات التواصل لدى الأشخاص العاديين.
بالتأكيد، سيشمل أحد المكونات الضرورية والمهم لهذه التدخلات تعزيز الدفاع عن الذات بين الأشخاص المصابين بالتوحد، والذي يجب أن يزودهم بالمهارات اللازمة للدفاع عن تفضيلاتهم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المصابين بالتوحد الأفلام والمسلسلات المشاعر التوحد المصابين یعانون من
إقرأ أيضاً:
رابطة محترفي التنس ATP تعلن قائمة المشاركين في نهائيات بطولة الجيل القادم في جدة
ينتظر محبو لعبة التنس انطلاق نهائيات بطولة الجيل القادم لرابطة محترفي التنس ATP 2025، المقرر إقامتها في مدينة جدة، لا سيما بعد أن كشفت الرابطة الإعلان عن التشكيلة الكاملة للمشاركين في هذه النهائيات، التي تقام برعاية صندوق الاستثمارات العامة، في مدينة الملك عبدالله الرياضية خلال الفترة من 17 حتى 21 ديسمبر.
وتُعد هذه البطولة الحدث الأبرز للاعبين الشباب على جولة نهائيات رابطة محترفي التنس (ATP)، حيث يتنافس أفضل ثمانية لاعبين تحت سن العشرين وفقًا لترتيب منافسات صندوق الاستثمارات العامة على مدى الموسم حتى الوصول إلى النهائيات في جدة.
ويتصدر النجم الأمريكي الصاعد ليرنر تيان، البالغ من العمر 20 عامًا والذي يعود للمشاركة للعام الثاني على التوالي، تشكيلة المشاركين، بوصفه الأعلى تصنيفًا بعد موسم شهد فوزه بلقبه الأول في جولة ATP خلال بطولة موزيل المفتوحة وصعوده إلى المركز رقم 28 عالميًا، وهو أعلى تصنيف له في مسيرته، ويتطلع إلى تقديم مستوى أفضل منه في نهائي نسخة 2024 الذي وصل إليه وخسر أمام البرازيلي جواو فونسيكا الغائب عن نسخة هذا العام بسبب إصابته.
وتضم قائمة المشاركين إلى جانب الأمريكي تيان، بحسب التصنيف: البلجيكي ألكسندر بلوكس (20 عامًا)، والكرواتي دينو بريزمِتش (20 عامًا)، والإسباني مارتن لاندالوس (19 عامًا)، والنرويجي نيكولاي بودكوف كيار (19 عامًا)، والأمريكي نيشِش باسافاريدي (20 عامًا)، والإسباني رافاييل جودار (19 عامًا)، والألماني جاستن إنجل (18 عامًا).
وعن هذه النهائيات عبّر رئيس الاتحاد السعودي للتنس محمد السراح، عن فخرهم في اتحاد اللعبة باستضافة هذه المجموعة المتميزة من نجوم التنس الشباب في جدة للنسخة الثالثة من نهائيات بطولة الجيل القادم لرابطة محترفي التنس ATP والتي تقام برعاية صندوق الاستثمارات العامة، مشيرًا إلى أن هذا الحدث الرياضي الفريد تتضاعف أهميته كل عام وتزداد شهرته وطموحات محترفي اللعبة من الشباب، مؤكدًا أنهم في الاتحاد السعودي للعبة حريصون على جلب أفضل أحداث التنس العالمية المرموقة إلى المملكة العربية السعودية، ضمن خطتهم الرامية لتطوير اللعبة على جميع المستويات؛ إلى جانب إلهام المواهب الناشئة في المملكة، وتعزيز حضور المملكة على خارطة التنس العالمية، لذا فإن أحداثًا مثل هذه البطولة تُسرّع خطوات الاتحاد نحو تحقيق هذا الهدف، معربًا عن سعادته بما لمسه من حماس من عشاق اللعبة في المملكة لمشاهدة جيل المستقبل من الأبطال يتنافسون مجددًا في جدة هذا العام.
يذكر أن بطولة الجيل القادم لرابطة محترفي التنس حققت إنجازًا تاريخيًا عام 2023 بوصفها أول حدث احترافي للتنس يقام في المملكة، والذي جاء ثمرة الشراكة بين جولة رابطة محترفي التنس ATP، والاتحاد السعودي للتنس، ضمن إستراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز منظومة التنس في المملكة، من خلال استضافة البطولات الكبرى، وتوسيع قاعدة الممارسين لهذه اللعبة، وفتح مسارات احترافية للمواهب المحلية الواعدة.
ومنذ انطلاقتها قبل عامين، أحرزت السعودية خطوات ملموسة؛ حيث ستستضيف بطولة نهائيات محترفات التنس WTA في الرياض حتى عام 2026 ضمن اتفاقية لثلاث سنوات، وتستعد لاستضافة أول بطولة ماسترز 1000 المتوقع أن تبدأ عام 2028.
وتُقام هذه البطولات النخبوية بالتزامن مع الجهود الدؤوبة لتحسين وتوسيع نطاق التنس في المملكة، لا سيما مع تواصل النجاحات على مستوى القاعدة الجماهيرية؛ ففي عام 2025 وحده، شارك أكثر من 53 ألف طفل في برنامج "التنس للجميع"، بالشراكة مع "الرياضة للجميع"، كما ارتفعت مشاركة السيدات بنسبة (24%) خلال عام واحد، عقب استضافة نهائيات محترفات التنس WTA في الرياض عام 2024.
وعلى المستوى الاحترافي، أصبح لدى المملكة رقم قياسي يبلغ 82 لاعبًا يحملون تصنيفًا دوليًا، كما نظم الاتحاد السعودي للتنس (77) بطولة محلية في عام 2024 وهو رقم غير مسبوق.
وفي القريب العاجل، ستتجه أنظار عالم التنس نحو جدة لحضور بطولة نهائيات الجيل القادم لرابطة محترفي التنس، حيث سيتم تقسيم اللاعبين الثمانية المتنافسين إلى مجموعتين من أربعة لاعبين بنظام الدوري، ويتأهل عن كل مجموعة أول اثنين إلى نصف النهائي، وتُقدم البطولة جوائز مالية قياسية قدرها (2.1) مليون دولار أمريكي.
جدةالتنسرابطة محترفي التنسبطولة الجيل القادمقد يعجبك أيضاًNo stories found.