لجريدة عمان:
2025-05-24@10:22:41 GMT

حفل تنكّري صُنع في الصين

تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT

حين وصلنا دار الأوبرا السلطانية مسقط لحضور العرض الأوبرالي (الحفل التنكّري)، لجوزيبي فـيردي، سرنا على البساط الأحمر، حتى بلغنا الباب الرئيس لمبنى الأوبرا، وسرعان ما وزّع العاملون فـي الاستقبال علينا أقنعة صينية، مع مجموعة من الابتسامات، فاعتبرنا الأمر لمسة لطيفة، وظريفة من صنّاع العرض، لكننا تحسّسنا أقنعتنا جيّدا، حين بلغنا الفصل الثالث من العرض الذي افتتحت به الدار موسمها الجديد 2024/ 2025م، وقد اعتادت على تقديم عروض أوبرالية كبيرة فـي افتتاح مواسمها، حينئذ، عرفنا لماذا وزّعت علينا الأقنعة، فمخرج العرض الذي قدّمه المركز الوطني لفنون الأداء فـي بكين للمرّة الأولى فـي سلطنة عمان، أراد أن يشرك الجمهور به، ليكون شاهدا على اغتيال الملك جوستاف الثالث، خلال الحفل التنكري، الذي دعا إليه، فحملت هذه المفردة الفنية العديد من الدلالات، فكان افتتاحا موفقا لا سيما وقد توفّرت فـيه كافة عناصر النجاح، فالعرض وضع موسيقاه الموسيقار الإيطالي جزيبي فـيردي (1813-1864م) الذي وضع أوبرا عايدة، ولا ترافـياتا وريغوليتو، وكتب نصه الأوبرالي أنطونيو سوما (1809-1864) ورغم أن أول عرض من الأوبرا جرى تقديمه للمرة الأولى فـي روما فـي 17فبراير 1859م، لكنه لا يزال يحقق نتائج باهرة عند عرضه للجمهور فـي كل مكان، ربما بفضل موسيقاه الساحرة، والحبكة العالية التي جعلت الجمهور يتابع الأحداث ونموّها بشكل استحوذ على اهتمام الجمهور من بداية العرض حتى نهايته عبر مشاهد جمعت بين مشاعر الحب، والكراهية، والوفاء والانتقام، الذي ينتهي بندم.

وخلال مشاهدتي العرض استحضرت التراجيديا الشكسبيرية «يوليوس قيصر» حيث تتشابه الأحداث فـي مناطق كثيرة، وخصوصا نبوءة العرافة بمقتل الملك جوستاف الثالث على يد صديق مقرّب له، وهنا استحضرت (بروتس) ومقولة القيصر الشهيرة «حتى أنت يا بروتس؟ إذن ليمت القيصر» وهي النبوءة التي سخر منها الملك، خصوصا حين أعطته علامة وهي أن اليد التي ستغدر به هي يد أول إنسان ويصافحه، وكان صديقه المقرّب أنكارستروم المعادل لبروتس فـي (يوليوس قيصر) النص الشكسبيري الخالد وهو الأكثر ولاء له، ولم يأخذ الملك جوستاف الثالث نبوءة العرّافة على محمل الجد، لكن الخط الثاني من العرض، وهو الذي أخذ مسارا مختلفا عن يوليوس قيصر، جعل ولاء أنكارستروم للملك يتغيّر، فالملك يحب أميليا وهي تبادله الحب رغم أنها زوجة صديقه أنكارستروم، وكلاهما يكتم مشاعره، فالطريق الذي يسير به العشيقان مسدود، لكنهما فـي النهاية يبوحان بها، لبعضهما، وحين يلتقيان فـي منطقة مهجورة كانت أميليا قد قصدتها بحثا عن عشبة تجعلها تتحرّر من عشقها للملك، كما نصحتها العرافة، وهنا تحدث المفاجأة وينكشف السر المخبوء فـي القلوب، ويدخل أنكارستروم فـي دوامة من المشاعر المتضاربة، ويقرر الانتقام لشرفه، من الملك فـيساند أعداءه، ويقتل صديقه الملك عندما دعاه لحضور الحفل التنكري، وحين يطلق عليه النار، يقول للحضور إن حبه لأميليا كان طاهرا، بدليل أن آخر قرار له كان إبعاد أنكارستروم عن أستوكهولم التي تدور فـيها الأحداث وهذا يجعل زوجته أميليا تبتعد عنه، لكن الأوان كان قد فات ولم تبق سوى مشاعر الندم تعصر قلب أنكارستروم ليسدل الستار.

الشيء المبهر فـي العرض الديكورات الفخمة وتصميم الإضاءة وحركة المجاميع وكلها عناصر أضفت جمالا على العرض، وباجتماع هذه العناصر تمكّن المخرج من رسم مشاهد بصرية ساحرة، زاد من ذلك الأداء المؤثر والأصوات الآسرة المنسجمة مع الموسيقى الحية التي جعلت الحضور أكثر اندماجا مع الأحداث التي تجري أمامه على خشبة المسرح.

ولعل من ميزات العرض هذا الفضاء الإنساني الشاسع الذي تحرّك به، فقد اجتمعت بهذا العرض عدة جهات وأفراد من مختلف الجنسيات، فالمركز الذي قدّمه صيني والمكان دار أوبرا عمانية، والمخرج هوجو دي آنا أرجنتيني، وقائد الأوكسترا جيامبا ولو بيزانتي من إيطاليا بلد المؤلف الموسيقي جزيبي فـيردي، والسوبرانو إيلينا ستيخينا التي أدت دور أميليا روسية، إلى جانب جنسيات أخرى عديدة اشتركت بهذا العرض الذي كان حفلا ممتعا رغم نهايته التراجيدية.

عبدالرزّاق الربيعي شاعر وكاتب عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

حلم الثري اليهودي فريدمان الذي يسعى سموتريتش لتحقيقه

في 19 مارس/ آذار 2024، ألقى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش خطابًا في العاصمة الفرنسية باريس، ظهر فيه على منصة دعائية خُصصت لفعالية تحمل خريطة مثيرة للجدل، تضم فلسطين، والأردن تحت مسمى واحد: "إسرائيل".

الخريطة التي كانت تحمل شعار إحدى المنظمات الصهيونية، تعكس تصورًا أيديولوجيًا توسعيًا يقوم على أن "إسرائيل الكبرى" تمتد لتشمل كامل الأراضي بين البحر والنهر، بل وتمتد أيضًا لتشمل الضفة الشرقية لنهر الأردن.

وجاء هذا المشهد متقاطعًا مع خطاب آخر للرئيس الأميركي دونالد ترامب في 15 أغسطس/ آب 2024، أعرب فيه عن دهشته من ضآلة مساحة "إسرائيل"، مقارنة باتساع المنطقة المحيطة، متسائلًا: "هل من طريقة يمكن أن تحصل بها إسرائيل على مزيد من الأراضي؟".

هذه التساؤلات وإن جاءت مغلّفة بلغة سياسية معاصرة، إلا أنها تعكس امتدادًا لخطاب استيطاني إحلالي قديم، لطالما استهدف شرق الأردن كجزء من الطموحات التوسعية الصهيونية.

البدايات الاستعمارية للفكرة: من لينش إلى أوليفانت

منذ منتصف القرن التاسع عشر، استهدفت المشاريع الاستعمارية الغربية -وفي مقدمتها المشروع الصهيوني- الأراضي الأردنية باعتبارها امتدادًا طبيعيًا لفلسطين التوراتية.

فقد أرسلت الحكومة الأميركية عام 1848 بعثة بحرية بقيادة الضابط وليم فرانسيس لينش إلى نهر الأردن والبحر الميت، في أول مهمة رسمية ذات أهداف تتجاوز الجانب العلمي، وصولًا إلى البحث في إمكانية إنشاء وطن قومي لليهود في شرق الأردن، بما يشمل "ترحيل السكان المحليين إلى محميات بشرية"، على حد تعبير الوثائق المعاصرة.

إعلان

لينش، في تقاريره، لم يُخفِ انحيازه الأيديولوجي. فقد شبّه السكان المحليين بـ"الهنود الحمر" في أميركا، وعقد مقارنة مثيرة بينهم وبين السكان الأصليين في أميركا "الهنود الحمر"، الذين رأى أنهم كانوا متوحشين وتحولوا إلى متمدّنين بفضل الاستيطان الأوروبي.

وبهذا المنطق الاستعماري، استنتج لينش أن سكان شرق الأردن "عكسوا" تلك المسيرة، وأن استبدالهم ضروري لتحقيق التقدم. في تقريره، تنبأ لينش بأن "تفكك الإمبراطورية العثمانية"، سيُمهد لعودة اليهود إلى فلسطين، وصرح عقب رفع العلم الأميركي في المنطقة بأن ذلك "قد يبشّر بإحياء الشعب اليهودي".

لم تكن أفكار لينش استثناءً. في ستينيات وسبعينيات القرن التاسع عشر، ظهرت دعوات مماثلة. فقد دعا يهوشع يلين، أحد مؤسسي مستوطنة "نحلات شيفع" في القدس، إلى توسيع الاستيطان نحو شرق الأردن.

وفي عام 1871، أسس شركة بالتعاون مع رجال أعمال يهود، وادعى أنهم توصلوا إلى اتفاق مع بعض شيوخ عشيرة "عرب النمر" لفلاحة أراضي غور النِّمرين شمال شرقي البحر الميت.

وفي السياق نفسه، قدّم الضابط البريطاني في سلاح الهندسة السير تشارلز وارن، وهو أحد الباحثين المرتبطين بـ"صندوق استكشاف فلسطين"، مقترحًا صريحًا لتوسيع الاستيطان اليهودي شرقي نهر الأردن.

دعا وارن إلى تأسيس شركة استيطان تستأجر الأراضي من الدولة العثمانية مقابل سداد جزء من ديونها الخارجية، وذلك ضمن إطار رؤية استعمارية تجمع بين الطموح الصهيوني، والمصالح الإمبريالية البريطانية.

ومن أبرز الشخصيات الأوروبية التي قدمت دعمًا نظريًا وميدانيًا للمشروع الاستيطاني الصهيوني في شرق الأردن كان لورانس أوليفانت. ففي عام 1889، نشر الطبعة الأولى من كتابه النادر: "أرض جلعاد"، والذي دوّن فيه مشاهداته وآراءه عقب رحلته إلى لبنان، وسوريا، وفلسطين، وشرق الأردن في عام 1880.

إعلان

رأى أوليفانت في أراضي شرق الأردن "مساحات خصبة صالحة لأقصى درجات التطوير الزراعي"، مؤكدًا أن توفر الموارد الطبيعية والظروف المناخية، يجعل من هذه المنطقة هدفًا استثماريًا جذابًا للمهاجرين اليهود.

في تحليله للسكان المحليين، أشار أوليفانت إلى أن العشائر الأردنية المتجولة "لا تملك سندًا قانونيًا للأرض"، مما يجردهم -من وجهة نظره- من أي شرعية في الوجود.

بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين وصفهم بأنهم نشروا "الخراب والفوضى"، وأن تهجيرهم إلى الصحراء التي جاؤُوا منها هو "الحل المنطقي"، على حد تعبيره.

أما المنطقة التي اقترحها للاستيطان اليهودي، فشملت كامل إقليم البلقاء من وادي الموجب جنوبًا إلى نهر الزرقاء شمالًا، وتمتد شرقًا إلى درب الحاج، وحتى أجزاء من عجلون شمال نهر يبوق (الزرقاء)، بمساحة تقارب مليونًا ونصف المليون هكتار، بحدود غربية تصل إلى نهر الأردن وساحل البحر الميت.

مشروع أرض مدين

لم تكن المحاولات الصهيونية للتمدد شرق نهر الأردن حكرًا على لورانس أوليفانت، بل مثّلت جزءًا من توجّه استعماريّ أوسع تجاوز الشخصيات الفردية وتحول إلى مشاريع متكاملة تقودها شخصيات، وجمعيات، ومؤسسات.

في مطلع تسعينيات القرن التاسع عشر، حاول الثري اليهودي الألماني الأصل، بول فريدمان، تنفيذ مشروع استيطاني استعماري مشابه، ولكن هذه المرّة في منطقة مدين جنوب شرق الأردن، بدلًا من "جلعاد" التي كان أوليفانت يركز عليها.

نشر فريدمان في عام 1891 كُتيبًا من 18 صفحة بعنوان: "أرض مدين" في برلين، عارضًا فيه تصورات جغرافية واقتصادية وسكانية عن المنطقة، مدعومة بإحصاءات تفيد بأن عدد سكانها الأصليين حينها بلغ نحو 23 ألف نسمة.

وقد وُجّه هذا الكتيب إلى شخصيات يهودية نافذة في بريطانيا، والنمسا، وألمانيا بهدف كسب الدعم السياسي والمالي للمشروع. حاول فريدمان إقناع المهاجرين اليهود بأن السكان المحليين سيرحبون بهم، زاعمًا أن سكان العقبة ينحدرون من عشيرة يهودية تُدعى "بني سبت" احتفظت ببعض التقاليد الدينية اليهودية، واستنتج أن مدين كانت في الماضي جزءًا من الكيان اليهودي القديم.

إعلان

قام فريدمان بتجنيد خمسين متطوعًا من علماء ومهندسين وجغرافيين، إضافة إلى ثلاثين عائلة يهودية مهاجرة. تلقى هؤلاء تدريبات عسكرية في معسكرات خاصة بهنغاريا، والنمسا، بإشراف ضابط ألماني يُدعى لوثر فون سيباخ، بمشاركة ضباط يهود من النمسا.

وخصص فريدمان يختًا تجاريًا أطلق عليه اسم "إسرائيل"، حمّله بالمتطوعين، وكميات كبيرة من الذخائر والأسلحة وفّرها له الجيش النمساوي، ثم أبحر من ميناء ساوثهامبتون البريطاني في نوفمبر/ تشرين الثاني 1891، تحت العلم النمساوي. انضمّ إلى الحملة خلال توقفها في الإسكندرية عدد من اليهود المصريين الناطقين بالعربية، وتوجهت السفينة إلى منطقة "الطور" قرب مدين، حيث نُصبت الخيام وأُنشئ معسكر في وادٍ قريب.

نجح فريدمان في شراء قطعة أرض قرب قلعة المويلح، وشرع بمحاولات إضافية لشراء مزيد من الأراضي في المنطقة. ومع أن المشروع انهار في نهاية المطاف، بعد أن كلّفه ما يعادل 170 ألف مارك ألماني، إلا أن فريدمان أصر على "إنقاذ الشرف اليهودي"، وفقًا لتعبيره، ورفع دعوى ضد الحكومة المصرية مطالبًا بتعويض قدره 25 ألف جنيه إسترليني، كما حاول إعادة تمويل المشروع لاحقًا.

مشاريع استيطانية

في ذات العام (1891)، أعلن إلياهو شيد، المسؤول عن مستوطنات البارون روتشيلد، نية البارون شراء أراضٍ شرقَ الأردن لتوطين ألف مستوطن، يليهم لاحقًا آلاف آخرون. أُثيرت تساؤلات حول البنية التحتية، فأكد شيد أن خططًا قائمة لتعبيد الطرق، بل وتُدرس مشاريع مثل مدّ خط سكة حديد أو قناة مائية تربط البحر الأبيض المتوسط ببحيرة طبريا.

وفي السياق ذاته، قام الحاخام شموئيل موهيلبر، أحد مؤسسي حركة "أحباء صهيون" في روسيا، بجولة ميدانية شرق الأردن، وأعد تقريرًا خلص فيه إلى أن الاستيطان هناك أفضل من الجليل، من حيث جودة الأرض وتكلفة شرائها، شرط وجود "مائة عائلة قادرة على مواجهة أخطار البدو".

إعلان

ومن روسيا أيضًا، كتب يهوشع سيركن، أحد زعماء الجماعات اليهودية في مينسك، تقريرًا يؤكد فيه خصوبة الأراضي ورخصها شرق الأردن، معتبرًا أن مخاوف الاعتداءات البدوية لا أساس لها من الصحة، وداعيًا إلى توطين عشرات الآلاف من الصهاينة فيها.

وقد أبدت جماعة يهودية من مدينة فيلنه السوفياتية اهتمامًا مباشرًا بالاستيطان، إذ قررت إرسال ممثل لدراسة شروط الإقامة في شرق الأردن. وفي مايو/ أيار 1891، قدمت عشرون عائلة يهودية ميسورة من باكو طلبًا إلى أ. زافشتاين، تستفسر فيه عن إمكانية شراء أراضٍ للاستيطان في المنطقة.

تكررت هذه المحاولات لاحقًا. ففي عام 1893، حاول هنري دي أفيغدور شراء أراضٍ في منطقة حوران لتأسيس قاعدة استيطانية، إلا أن المشروع فشل نتيجة رفض الدولة العثمانية، وغياب الدعم اليهودي الكافي.

وفي العام نفسه، قدم أفيغدور، بالتعاون مع صموئيل مونتاغو وباسم جمعية "أحباء صهيون"، التماسًا إلى السلطان عبدالحميد الثاني للسماح بالاستيطان شرق الأردن، بعد أن فُرضت قيود على شراء الأراضي داخل فلسطين.

كما طرح الدكتور بوهلندورف خطة لجمع عدد كبير من اليهود في شرق الأردن، وتنظيم عمليات مقاومة مسلحة ضد السكان البدو، بهدف تهجيرهم وتأسيس قاعدة لما وصفه بـ"الدولة اليهودية".

في خضم هذه التحركات، برزت قضية الأراضي السلطانية (الجفالك) التي نُقلت ملكيتها من السلطان عبدالحميد إلى الخزينة العامة عقب عزله عام 1909. وقد طلب نجيب إبراهيم الأصفر – إحدى الشخصيات اللبنانية النافذة- امتيازًا لاستئجار هذه الأراضي مقابل قرض بمائة مليون فرنك، شريطة استصلاحها وبيعها لاحقًا للزراع. لاحقًا، تبيّن أن شركة بلجيكية ذات صبغة صهيونية كانت المستأجر الفعلي، في محاولة للالتفاف على التشريعات العثمانية.

كشفت صحف سورية وفلسطينية، على رأسها جريدة الكرمل، هذه الصفقة، محذّرة من خطورة المشروع على الوجود العربي في جنوب سوريا، وفلسطين، وشرق الأردن، ومسلّطة الضوء على دور جمعية "فلسطين اليهودية" خلف الكواليس.

إعلان خطة روتنبرغ (1936): الترحيل الممنهج

في عام 1936، قدّم بنحاس روتنبرغ، أحد أبرز رموز المشروع الصهيوني الاقتصادي، خطة استيطانية طموحة تستهدف جانبي وادي نهر الزرقاء في شرق الأردن. قامت الخطة على تقسيم استيطاني دقيق، حيث تُخصّص الضفة الجنوبية للفلاحين العرب، فيما تُخصّص الضفة الشمالية للمستوطنين اليهود.

جاء هذا المشروع ضمن سياق أوسع يسعى لخلق تواصل جغرافي بين المستوطنات اليهودية في غور بيسان والباقورة، من جهة، والمناطق المستهدفة شرقي نهر الأردن، من جهة أخرى، بما يعزز السيطرة الصهيونية على مفاصل زراعية ومائية حيوية.

واقترحت الخطة إنشاء شركة خاصة برأس مال يصل إلى مليوني جنيه فلسطيني، يُخصص نصف هذا المبلغ لتمويل عملية إعادة توطين الفلاحين الفلسطينيين المُرحّلين من أراضيهم داخل فلسطين إلى أراضٍ جديدة في شرق الأردن، بينما يُخصص النصف الآخر لتوطين المستوطنين الصهاينة في المنطقة نفسها.

تُظهر خطة روتنبرغ هذا المزج الدقيق بين الطابع الاستيطاني الإحلالي والآليات الاقتصادية الحديثة، التي تسعى لإضفاء مشروعية إدارية واستثمارية على مشروع جغرافي- سياسي قائم على الترحيل الطوعي للعرب والتوطين المنظم لليهود.

كما تعكس الخطة انخراطًا صهيونيًا متقدمًا في معادلة شرق الأردن، في وقت كان يُفترض فيه أن هذا الإقليم خارج حدود "وعد بلفور" المعلن رسميًا عام 1922.

أخيرًا، رغم فشل تلك المخططات المتعددة والمتتالية، فإن الأطماع الصهيونية في شرق الأردن لم تنتهِ، بل ظلت كامنة وتظهر كلما توفرت الفرصة، كما في التصريحات العلنية الأخيرة لرموز سياسية إسرائيلية، والتي تؤكد أن الأردن، بموقعه وحدوده، لا يزال في "عين العاصفة" ضمن التصور التوسعي للمشروع الصهيوني.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • غلاكسي إس 25 إدج.. ما الذي ضحت به سامسونغ من أجل التصميم الأنيق؟
  • «دبي البحري» يحصل على شهادة إدارة الأحداث المستدامة
  • ما الدولة التي تراهن عليها أميركا للتحرر من هيمنة الصين على المعادن النادرة؟
  • حلم الثري اليهودي فريدمان الذي يسعى سموتريتش لتحقيقه
  • الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه
  • ماذا يجري في طرابلس الليبية وكيف تطورت الأحداث؟.. نخبرك ما نعرفه
  • أميليا إيرهارت.. أول امرأة تطير عبر المحيط الأطلسي
  • لقجع: المغرب يطمح إلى إحداث فضاء لترسيخ منطق التعاون جنوب- جنوب من خلال مونديال 2030
  • عدد الأصدقاء أم نوعيتهم؟.. ما الذي يحقق لنا السعادة في التواصل الاجتماعي؟
  • بعد انخفاض سعر الدولار وتراجع الذهب.. النواب: سياسة العرض والطلب وتراجع ترامب عن قراراته ضد الصين أهم الأسباب