جريدة زمان التركية:
2025-06-24@08:56:36 GMT

سوف تمر

تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT

سوف تمر

بقلم: ماهر المهدي 

القاهرة (زمان التركية)ــ كانت السماء مغطاة بالغيوم، والرياح تصفق ضلفات النوافذ والأبواب وتقذف كل شيء فى طريقها يمنة ويسرة بلا مبالاة، والملامح تقسو وتتوتر، والأيدى تضطرب انتظار لما يحمله مقبل الأيام . 

الاتهامات تستعر نارا وتسطر فى الدفاتر جملا وسطورا ومقالات من صلف وحدة ومغالاة وصدق.

والمحيط يضطرب ويتقلب ويموج فى إنذار وتوعد. التهديدات لا تتوقف، والغاضبون يتكاثرون فى رحم الانتظار الطويل والآمال التى تبعد كل يوم الجميع يترقب التصريحات وردود الأفعال العالمية والإقليمية  والمحلية، ويحاول أن يقرأ شيئا من المستقبل، لعله يطمئن أو يجد فى ذلك راحة. 

والمحال خاوية على عروشها من كل بضاعة، والأسعار تضطرم  وتستعر، والمستثمرون صغارا وكبارا يغلقون أبواب أعمالهم فى هدوء وينسلون مغادرين إلى بلاد أخرى هربا من الفقر والصعوبة والرشوة والابتزاز. فلم يبق من التجار إلا من ارتبط بعقار ومن أعجزته الحركة وروابط الأسرة وراوده الأمل فى غد أفضل. والرياح تتقاذف مركب ذلك البلد وأهله. والبلاد – أمام التاريخ – سواء، الكبير منها ذو القدرات والتعداد والصغير منها قليل الموارد قليل التعداد. ولم تترك الظنون صورة الا رسمتها وجسدتها فى عيون وقلوب المواطنين والمراقبين. ولولا الوجود الدولى واليقين المحلى بأن العالم لا يقبل ولن يقبل بغير إعمال القانون والالتزام بروح الديمقراطية  ومبادئها – وأولها التناوب السلمي على السلطة – لألقيت البلاد فى قلب طوفان من العنف والقمع والدم . إذ أن العنف ينقصه العقل، والتعصب ينقصه الحكمة، والغضب ينقصه الصبر. ولا تستمع القبائلية أوالحزبية أو الإثنية إلى صوت أو ضمير غير صوتها وضميرها. وكل عصب يرى نفسه الأجدر والأفضل فيما مضى وفى الحاضر وفى المستقبل وطال الوقت. والأخطاء ليست أخطاء أحد، لأن الجميع يخطئ . 

عقدت لجان البحث والتحقيق لتصول وتجول وتزيد من توتر الأمور وزيغة الأعين واضطراب الأفكار فى الداخل والخارج لشعور طويلة. وتبدلت ألوان الحلم الأخضر الذي طال انتظاره.  فلما انتهت التحقيقات وجهت الاتهامات وأبى الغضب ان يسكت عن تقديم بعض الكباش. والقى البعض فى السجون المظلمة من بعد عز وسؤدد، واهين البعض من بعد تكريم وتمجيد، وفر البعض بقاله وحاله إلى دول الجوار والى دول أخرى، ريثما تهدأ الرياح ويعود الموج إلى سكون البحر. وبقى الرجل فى موقعه وفى قريته، فلم بهرب ولم يرحل إلى بلد أخرى، وإنما ظل على هدوئه وحكمته أن لكل شيء وقت ولكل شىء أجل، وأن دوام الحال من الحال، وأن الصعب يمر كما يمر السهل.  

Tags: الاضطرابستمرماهر المهدي

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الاضطراب ستمر ماهر المهدي

إقرأ أيضاً:

رسائل متباينة من الاعتداء الصهيوني الأخير على الدولة الإيرانية

ثمّة رسائل مهمة نحتاج لقراءتها بتأنّ وَرَوِيّة في الاعتداء الأخير الذي قام به الاحتلال الصهيوني على الدولة الإيرانية، مرسلةٌ لكل أطراف المعادلة عربيا وإسلاميا، ولا يجب أبدا أن تمر مرور الكرام، ولسوف نستعرضها تباعا كالتالي:

1- الاعتداء الفاجر بمثابة ناقوس خطر لحالة الهوان التي أضحت عليها دولنا العربية والإسلامية؛ التي أصبحت كَلَأ مباحا للراغبين في تركيع قوى الممانعة المُعبئة لمواجهة المخططات المعلنة بكل صفاقة، بعدما كانت في الغرف المغلقة بعيدا عن كاميرات المصورين، وهو ناقوس خطر نحتاج قَرْعه بقوة لانفراط لُحْمة العرب والمسلمين وانكشاف سوءتهم، حتى عَدَى الذئب على فرائسه من النعاج والشياه المستكينة كلما شعر بالجوع، أو كلما أراد تحريك أسنانه وقواطعه -اتقاء للملل!- غارسا إياها في جسد الحملان الوديعة من القطيع الهائم على وجهه!

2- دعوة عاجلة لتحرك بعض الدول العربية والإسلامية -البعض لا الكل!- اتقاء لمحاولات الإفشال التي يتقنها البعض ممن سار طابورا خامسا لمصلحة الصهيونية العالمية، ولتتبوأ تركيا الدعوة مدعومة جنبا إلى جنب بالمملكة العربية السعودية ومصر وباكستان وماليزيا، ومعها الجزائر وقطر، ولتكن أهم مُخْرَجات القمة هو الرفض العملي للبلطجة الإسرائيلية ورفض الدعم الصارخ المقدم لها من البيت الأبيض، وذلك من خلال خطوات قوية وملموسة على الأرض، والحذر من البيانات الشاجبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، والتي نالت من هيبتنا حتى في مواجهة شعوبنا، وجرّأت العدو على بلادنا وأعراضنا ومُقَدَراتنا.

3-الحاجة للتكاتف لعدم انكسار الدولة الإيرانية في مواجهة العربدة الصهيونية التي بلغت أشدها، حتى لا يتوحش الكيان كتوحش الذئب الجائع في مواجهة قطيع الحِملان التي لا راعي لها! ولا بد من التفاهم مع بعض القوى الدولية الرافضة للاعتداء كالصين وروسيا، فالأمر جلل ويحتاج للتنسيق السياسي والعسكري مع القوى المذكورة كأهم قوتين تضررت مصالحهما من تلك المقامرة التي يقوم بها الاحتلال مدعوما من اليمين المتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية.

4-العالم الظالم يُذكِّرنا دوما بظلمه بل ويلحّ علينا حتى لا ننسى أنه لا يكيل بمكيال واحد، فأين الهيئات والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن مما يحدث؟ ولنا أن نتخيل ردة الفعل المنتظرة لو حدث الاعتداء من دولة غير اسرائيل! ثم وهو الأهم من أعطى الكيان الصهيوني حق العقاب لدولة عضوا في الأمم المتحدة مثل إيران، لمجرد إقامتها برنامجا نوويا أعلنت مرارا أنه من أجل الأغراض السلمية؟ وهبّ أنها تخطط لصناعة القنبلة النووية فمن أعطى إسرائيل الحق في إنزال العقاب بها، وهي تملك وحدها أكثر من مائة رأس نووية؟! ما هذا الصلف والكِبر الزاعق؟! وما هذا الضعف المشين لبلادنا المُعتدى عليها دون سكان كوكب الأرض؟! وكيف وصلت النطاعة بالمجتمع الدولي إلى هذا الحد المستفز؟!

5- تضامننا مع إيران ينبغي أن يصبح في جوهره وجوديا في مواجهة البلطجي الذي نصَّبَه الغرب الراغب في الإستيلاء على ثرواتنا وخيرات بلادنا، ولا يصح أن نَنْجرَ لعادة البعض ممن جهلوا أبسط قواعد الأولويات التي قعّدَتها السنة المباركة وذكرها أئمة المسلمين أمثال شيخ الإسلام"بن تيمية" قدس الله روحه. ربما للبعض الحق خاصة ممن طالهم الأذى من التدخلات الإيرانية ومن قُبح خطابها الطائفي الموتور ضد السنة في سوريا والعراق ولبنان واليمن، لكنني لا بد وأن أُذَكِّر للأهمية بالمعادلة الصعبة بين عدم انكسار إيران وبين انتصار الصهيونية على أهم أركان الممانعة في المنطقة، وأنه سوف يفتح الطريق أمام الكيان من أجل تركيع المنطقة بأسرها وضرب كل من تسول له نفسه رفع رأسه في مواجهتها!

6- الرسالة المهمة التي لا بد من ذكرها مُوجَّهَة إلى إيران نفسها وإلى جميع الدول الإسلامية التي تمتلك من السلاح والعتاد والذخائر والمدمرات الحربية والطائرات المقاتلة تقول: أين كنتم وغزة تُباد على مدار 600 يوم؟! ولماذا لم تُحركوا صواريخكم ومُسيّراتكم لرفع الظلم عن غزة؟! تبا لحساباتكم ولدولتكم القُطْرية ولقومياتكم العفنة التي لم تغنِ شيئا عن المسلمين ولم تغن شيئا عن مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ومعراجه، وبنو صهيون يتجهزون لهدم المسجد الأقصى، فماذا أنتم فاعلون؟!..

إيران لم تحرك قطعة واحدة من مخزوناتها الجبارة من الأسلحة لأجل المُعذّبين في غزة.. وما حدث رسالة تحذير شديدة اللهجة للدولة التركية تحديدا، فالمعركة ليست مع حزب العمال الكردستاني وحده! والمعركة ليست معركة الليرة والاقتصاد وحدهما.. والتحذير لكل ذي شأن وأولهم حضرة صاحب الفضيلة شيخ الجامع الأزهر..

احذروا فالله حين يغضب لن تهنأوا برغد العيش بعدها.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. مسرحية زمكان وعرض الحال ضمن مهرجان فرق الأقاليم
  • شمة حمدان برفقة شقيقتها مزنة في آخر ظهور.. فيديو
  • الدولار ينتعش عقب الضربة الأمريكية على إيران.. فهل يدوم الحال؟
  • موسم خريف ظفار والتسويق المسؤول
  • الصديق المهدي يعدد تداعيات الحرب على السودان.. وينزع الشرعية عن كامل إدريس
  • رشدي المهدي.. «الشيخ عتمان» الذي غادر الحياة وبقي في الذاكرة
  • رسائل متباينة من الاعتداء الصهيوني الأخير على الدولة الإيرانية
  • هل يقبل قيام الليل قبل الفجر بـ 5 دقائق؟
  • ما يجب على أهل مات ولم يحج مع أنه كان ميسور الحال؟.. الأزهر يجيب
  • احتفال الفنان الكويتي حسين المهدي بحفل زفافه.. فيديو