صدى البلد:
2025-12-07@23:01:40 GMT

عصام الدين جاد يكتب: "لوعة النص".. بين الأحلام والحب

تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT

كتب لها يومًا: "منعزل عن عالمي، نسيم من النجوم آتٍ، يد تمسّكت بفؤادي، عيون القلب لاذت بحبّها عن نظر العالم، مرّت الثواني ترحابًا بورود القمر، رحلة جديدة مع حبيبة مني العمر".
بعض كلمات، لكن ما وراء مقصدها كبير، كثر السؤال بعدما قرأت النص، أي نص.. نسيم من النجوم آتٍ. يضع كل شخص داخله عنوانًا، إن كان بقصد أم لا.

 
يتخيّل ويبدع داخل ذاته المكنونة، ليرى ما يحب أن يراه فيما قصده من ذلك النص، مثلما يؤمن الطفل بأبويه، يضع نصًا لهما كمثل أعلى وهدف في حياته داخل كراريس عمره، وفي تعاملاته. 
إن لهفة ذلك النص تُكمَل بإيمان الشخص به، وأبدع أحد شعراء القاهرة المدعو "ابن نباتة" في العصور الماضية في قوله: "بروحي من نص الغزال لها الولا.. وأقسم ما لي غير جفنك وارث".
وما رأيته أن ذلك الشاعر وضع نصًا أمامه، نصًّا تخيله من أجل ما يحب، وكتب في ذلك أيضًا الشاعر العراقي "عدنان الصائغ": "نسيت نفسي على طاولة مكتبتي ومضيت.. وحين فتحت خطوتي في الطريق اكتشفت أنني لا شيء غير ظل لنص.. أراه يمشي أمامي بمشقة... ويصافح الناس كأنه أنا".
وما أعتقده أن ذلك الكاتب مضى مع حب الناس فيما كتب فيهم، ليرى أن ما كتبه هو لسان حاله من شعور وكلمات ومرور بين سطور أيامه، ليرى فيها صنيع جميل الحب، يخاطبهم بالكلمات والمراسلات ليصنع لهم الهدايا بحروف يملؤها سهر الليل وتأمل الصباح.
إن لوعة النص وحبّه يأتيان من أجل عمل أحبه ذلك المدون، وليس كل مدون كاتبًا ولا شاعرًا ولا روائيًا، لتجد أن النص قد يكون كلمة أو رمزًا من طفل أو شيخ أو مرابط على حب بلاده.
فالإيمان بالكلمات هو النجاح والتوفيق في حد ذاته، فقد يدوّن الطفل بعضًا من أحلامه على جدران غرفته لينظر لها كل يوم وتحفر في أذهانه، وقد يرى العامل نجاحه في كلمة تكريم، ليكلل سعيه بجمال تقدير ذلك النص.
 

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

بلال قنديل يكتب: أزمة أخلاق

لم تعد مشكلة الأخلاق مجرد حديث مجالس او شكوى عابرة نتبادلها كلما ضاق بنا الحال، بل اصبحت ازمة حقيقية تضرب جذور المجتمع وتهدد قيمه الأساسية.

كل يوم نصحو على اخبار تكشف انحدارا جديدا، وجريمة اغرب من التي سبقتها، وواقعة لا يمكن لعقل سليم أن يتصور حدوثها في مجتمع كان يتميز يوما بالشهامة والنجدة والرحمة. ان ما نراه اليوم ليس مجرد انفلات، بل تحول خطير في منظومة الاخلاق التي عرفناها وعشنا عليها.

يكفي ان نتابع ما يحدث على السوشيال ميديا لنفهم حجم التغيير. أصبح السب والسخرية والتشهير عادة، واصبح التنمر بين الطلاب امرا عاديا، وكأن احترام الآخرين لم يعد قيمة تستحق الحفاظ عليها.

الجرائم ايضا زادت بشكل لافت، جرائم قتل لأسباب تافهة، اعتداءات في الشارع دون خوف او خجل، استغلال، نصب الكتروني، سرقة، وخيانة امانة. حتى العلاقات الانسانية التي كانت قائمة على المحبة اصبح يهددها الطمع والانانية والمصلحة. كل ذلك يشير الى ان المجتمع يعيش مرحلة خطيرة من تآكل القيم التي كانت تجمع الناس في رباط واحد.

وعندما نقارن أخلاق الناس قديما بما نراه اليوم ندرك حجم الفجوة. في الماضي كان للعيب وزن، وكانت الكلمة شرفا يلتزم به الإنسان حتى لو خسر كل شيء. كان الجار يطمئن على جاره، والناس تتعاون دون انتظار مقابل، وكان الكبير يحظى بالاحترام، والصغير يجد من يحتضنه ويوجهه. كانت الأسرة لها دور واضح في التربية، والمدرسة تغرس القيم قبل العلم، والشارع نفسه يربي الطفل قبل ان يربيه اهله.

أما اليوم فكثيرون يتعاملون بمنطق المصلحة أولا، لا يراعون مشاعر الآخرين، ولا يرون في الخطأ مشكلة طالما لا توجد عقوبة مباشرة. تغيرت المفاهيم حتى عند الشباب، فصار البعض يبحث عن الشهرة السريعة ولو على حساب الكرامة أو القيم.

لا يمكن القاء اللوم على جيل بعينه، فالمسؤولية مشتركة بين الاسرة والمدرسة والاعلام والمجتمع كله. غياب القدوة، وتسارع الحياة، والانشغال بالمظاهر، وتراجع دور الحوار داخل البيوت، كلها عوامل ساهمت في تفاقم هذه الازمة. لذلك فان اصلاح الاخلاق لن يتحقق بالقوانين وحدها، بل يحتاج الى وعي واعادة بناء حقيقية داخل النفوس. نحتاج الى ان نستعيد ثقافة الاحترام، وان نعلم ابناءنا معنى الرحمة، وان نعيد هيبة الكلمة، وان نذكر انفسنا بان المجتمع لا يقوم بالقوة بل يقوم بالأخلاق.

إن أزمة الأخلاق ليست قدرا محتوما، لكنها جرس إنذار. اذا تجاهلناه سنستيقظ على مجتمع لا يشبه ما كبرنا عليه، مجتمع متباعد، قاس، يخلو من القيم التي تميزنا. اما اذا تحركنا الآن، فبإمكاننا إعادة البناء واستعادة ما فقدناه قبل ان يصبح من المستحيل إصلاحه.

طباعة شارك الشهامة النجدة الرحمة

مقالات مشابهة

  • بلال قنديل يكتب: أزمة أخلاق
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: وجدان العطاء
  • جلال برجس: الرواية الحقيقية تذهب إلى العتمة لتضيئها ولا تمتدح البهجة أو الفرح الزائف
  • المطيعي بمعرض الكتاب .."حُجّة الله على خليقته" بيان كلام الله من البشر
  • ميسي يكتب التاريخ في الدوري الأميركي ويعزز تفوقه على رونالدو بـ11 لقباً
  • الاقتباس العلمي.. حين يصبح النقل صناعة معرفية
  • قصور الثقافة تصدر كتاب التراث الشعبي بين النص والعرض لمحمود كحيلة
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: الشتم الثقافي
  • صدقي صخر يكشف كواليس قصر الباشا والتحضير لـ النص 2 | خاص
  • هل يجوز الطعن على حكم الخلع؟.. القانون يجيب