قال إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور فيصل غزاوي في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: "الإنسانِ رُكِّب على العجلةِ وجُبل عليها؛ فالعجلةُ في طبعِه وتكوينِه، قال تعالى : ﴿وَكَانَ ٱلۡإِنسَـٰنُ عَجُولࣰا﴾ أيْ: مُبالِغًا في العَجَلَةِ؛ يَتَسَرَّعُ إلى طَلَبِ كُلِّ ما يَقَعُ في قَلْبِهِ ويَخْطُرُ بِبالِهِ؛ ولا يتأنى، بل يُبادرُ الأشياءَ ويستعجلُ بوقُوعِها، والعَجِل، له صفاتٌ يُعرفُ بها، قال أبو حاتم البُستي رحمه الله: "إنّ العَجِلَ يقولُ قَبل أن يَعلمَ، ويُجِيبُ قبلَ أنْ يفهمَ، ويَحمدُ قبل أنْ يُجَرِّبَ، ويَذُمُّ بعد ما يَحْمَدُ، والعَجِلُ تصحبُهُ النّدَامةَ، وتَعتزِلُهُ السّلامةَ، وكانتْ العربُ تسميها أمَّ النَّدَامَاتِ".

خطبة الجمعة من المسجد الحرام: الأمن والأمان أعظم نعم الله بعد الإيمان خطيب المسجد الحرام: من لوازم حب رسول الله طاعته في كل شئ


وأوضح فضيلته أن للعجلة المذمومةِ صُورٌ كثيرة، وأمثلة متعددة؛ فمن ذلك أن يستعجل الإنسان بسؤال الله ما يَضرُّه كما يستعجل في سؤال الخير، قال تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا﴾، ومنها: أن يتعجل المرء في الحكم بين المتنازعين قبل التبين، ، ومنها: الاستعجال في نتائج الدعوة إلى الله ورؤية ثمار الجُهد والبذل، فإن رأى عدم استجابة من الناس، تذمر وتضجر وتوقف عن دعوتهم، وقد يبادر بالدعاء عليهم ويتعجل هلاكهم.


وأضاف أن من العجلة أن يستبطئ المؤمن النصرَ ومنها أن يستبطئ المؤمن نزولَ العذابِ بالأعداء وحلولَ العقوبةِ بهم ، ومنها نقل الأخبار قبل التثبت من صحتها وإذاعة الشائعات والأباطيل ، ومما يدخل في هذا الباب التعجل في نسبة الأقوال لغير قائليها وعزو الكلام لغير أصحابه، وأظهر أمثلة ذلك نشر الأحاديث المكذوبة على الرسول ﷺ ونسبة مالم يقله إليه ، كما من العجلة المذمومة إسراع الخطى عند الذهاب إلى المسجد لإدراك الصلاة، ولا سيما إذا كان الإمام قبيل الركوع أو أثناء ركوعه. ومنها الاستعجال في أداء الصلاة، فلا يتمُّ ركوعها ولا سجودها، ولا يطمئنُّ فيها، والإسراع في الصلاة إذا كان يخل بركن الطمأنينة فإنها تبطل، وقد قال صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته:

 "ارجع فصل فإنك لم تصلِ "كما أنه نُهي عن التشبه بفعل المنافقين في نقر الصلاة نقرًا. ومما يدخل في باب العجلة المُحرمة في الصلاة: مُسابقة الإمام، فإن المطلوب من المأموم أن يكون مُتابعًا لإمامه، لا يُسابقه، ولا يتأخر عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:

 "إنما جُعل الإمام ليُؤْتَمَّ به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبَّر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا" ومنها التعجل في الاعتماد على نتائج التقنيات الحديثة ومحركات البحث الآلية وأنظمة الذكاء الاصطناعي من دون النظر إلى ما قد ينتج عنها من المعلومات الخاطئة والمضللة، وعدم الرجوع إلى المصادر الموثوقة في ذلك ، ومنها الاستعجال في الجزم بتنزيل علامات الساعة وأحداث آخر الزمان والملاحم على الواقع، ومنها العجلة والتسرع في اتخاذ بعض القرارات التي تحتاج إلى تأن ودراسة وتأمل، ولا يغيب عن الأذهان أن الاستخارة والاستشارة ركنان أساسيان لكل قرار حكيم وموفَّق ، ومنها العجلة في طلاق الرجل زوجته ومخالعة المرأة زوجها لأتفه سبب وأدنى موقف، والمبادرة إلى اتخاذ قرار التفرق مِن غير تأمل ولا تَرَوٍ ولا نظر في العواقب، وكم كان لذلك من نتائج وخيمة من تدمير البيوت وتشتيت الأسر وضياع الأولاد وقطيعة الأرحام ، ومنها الاستعجال والسرعة في قيادة السيارات وما يترتب على ذلك من الحوادث المروعة التي كانت سبباً في إزهاق نفوس كثيرة، وأمراض خطيرة، وعاهات مزمنة وتلف للأموال ، وأخطر صور العجلة المذمومة على الإنسان إيثار العاجل على الآجل والاستغراق في متع الحياة الدنيا والغفلة عن الآخرة،
وبيَّن الشيخ فيصل غزاوي أن الاستعجال في الأمور قبل أوانها ووقتها مُفسدٌ لها في الغالب؛ وإن الأناة والحلم والتُّؤدة والرفق من الصفات العظيمة التي يُحبها الله سبحانه، وإن مجاهدة النفس على الصبر والتمهل والتأني، تقي بإذن الله الوقوع في طريق الانحراف.


ولفت الدكتور فيصل غزاوي إلى أن هناك أمور لا تدخل في العجلة المذمومة، بل مطلوب أن يبادر المرء بفعلها ويسارع إلى اغتنامها، فمما لا يحتمل التأخيرَ أو التأجيل ومنها الإقلاع عن الذنوب والمعاصي وسرعة التوبة والإنابة إلى الله، والمبادرة إلى فعل الطاعات، وانتهاز الفرص إذا حانت، وكل ما كان تقديره وعواقبه حسنة بعد إعداد وترتيب، ذلك أن المسارعة إلى الخيرات منقبة محمودة وسمة جميع الأنبياء عليهم السلام، والأصل في عمل الآخرة المسارعة إليه والمسابقة فيه، وعدم التباطؤ عن العبادة، وعدم التأخر عن الخير.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المسجد الحرام خطبة الجمعة إمام وخطيب المسجد الحرام المسجد الحرام الاستعجال فی

إقرأ أيضاً:

دعاء زيارة قبر النبي.. ردد هذه الكلمات في المسجد النبوي

ورد عن دعاء زيارة قبر النبي، أنه يستحب لمن يذهب المسجد النبوي ماشيًا أن يقول: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا وَاجْعَلْ أَمَامِي نُورًا وَمِنْ خَلْفِي نُورًا، اللَّهُمَّ وَأَعْظِمْ لِي نُورًا» (رواه الإمام مسلم).

الرحمة العامة .. خطيب المسجد النبوي: يرحم الله بها البر والفاجرخطيب المسجد النبوي يوصي المسلمين بالمداومة على الحسنات وتجنب السيئاتدعاء زيارة قبر النبي

كما ورد عن دعاء زيارة قبر النبي، أنه إذا وصل الزائر المسجد النبوي فيدخل برجله اليمني ويقول دعاء زيارة المسجد النبوي : «أَعوذُ باللهِ العَظيـم وَبِوَجْهِـهِ الكَرِيـم وَسُلْطـانِه القَديـم مِنَ الشّيْـطانِ الرَّجـيم، بِسْمِ اللَّهِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ الله، اللّهُـمَّ افْتَـحْ لي أَبْوابَ رَحْمَتـِك»، أو يقول: «بِسْمِ اللَّهِ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ الله، اللّهُـمَّ افْتَـحْ لي أَبْوابَ رَحْمَتـِك، وَإِذَا خَرَجَ، فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ».

وبعد أن يقول دعاء دخول المسجد النبوي يصلي ركعتين تحية المسجد، وصلاة تحية المسجد سُنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ».

ووردت أحاديث تدل على فضل زيارة المسجد النبوي وفضل الصلاة في المسجد النبوي، فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «أنا خاتم الأنبياء، ومسجدي خاتمُ مساجدِ الأنبياء، أحقُّ المساجد أنْ يُزار ويُشدَّ إليه الرَّواحِل المسجدُ الحرامُ ومسجدي».

دعاء زيارة قبر الرسول

كما يستحب بعد دخول المسجد النبوي أن يصلّى الزائر تحية المسجد ويستقبل قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويستدبر القبلة على نحو أربع أذرع من جدار قبر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسلَّم مقتصدًا، لا يرفع صوته، ويقول دعاء زيارة قبر الرسول وهو: «السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللّه! السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيرَةَ اللّه مِنْ خَلْقِهِ! السَّلامُ عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ! السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ! السَّلامُ عَلَيْكَ وَعلىٰ آلِكَ، وأصْحابِكَ، وأهْلِ بَيْتِكَ، وَعَلىٰ النَّبيِّينَ وَسائِرِ الصَّالِحِينَ؛ أشْهَدُ أنَّكَ بَلَّغْتَ الرِّسالَةَ، وأدَّيْتَ الأمانَةَ، وَنَصَحْتَ الأُمَّةَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أفْضَلَ مَا جَزَىٰ رَسُولًا عَنْ أُمَّتِهِ»، وقال الحافظ بن حجر قال عن هذا الحديث: لم أجده مأثورًا بهذا التمام.

وورد عن ابن عمر بعضه، أنه كان يقف علىٰ قبر رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- ويقول: «السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا عُمَر» وهو موقوف صحيح. وعن مالك يقول: «السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته». وهذا الوارد عن ابن عمر وغيره، مال إليه الطبري فقال: وإن قال الزائر ما تقدم من التطويل فلا بأس به؛ إلا أن الاتباع أولىٰ من الابتداع ولو حَسُنَ.

وإن كان قد أوصاه أحدٌ بالسَّلام علىٰ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «السَّلام عليك يا رسولَ اللّه من فلان بن فلان!»، ثم يتأخرَ قدر ذراع إلىٰ جهة يمينه فيُسلِّم علىٰ أبي بكر رضى الله عنه، ثم يتأخرُ ذراعًا آخرَ للسلام علىٰ عُمر بن الخطاب، ثم يرجعُ إلى موقفه الأوّل قُبالة وجهِ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- فيتوسلُ به في حقّ نفسه، ويتشفعُ به إلىٰ ربه سبحانه وتعالى، ويدعو لنفسه ولوالديه، وأصحابه وأحبابه، ومَن أحسنَ إليه وسائر المسلمين، وأن يَجتهدَ في إكثار الدعاء، ويغتنم هذا الموقف الشريف، ويحمد اللّه تعالىٰ، ويُسبِّحه ويكبِّره ويُهلِّله، ويُصلِّي علىٰ رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم- ويُكثر من كل ذلك".

ثم يأتي الروضةَ بين القبر والمنبر، فيُكثر من الدعاء فيها، فقد روىٰ البخاري ومسلم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ»، ويستحب للمسلم الصلاة في الروضة الشريفة، وعن معنى الحديث السابق ذكر العلماء 3 أقوال، الأول: إن الروضة الشريفة حقيقة من الجنة، وستنتقل يوم القيامة إلى مكانها في الجنة، والثاني: إن العبادة في الروضة الشريفة طريق لدخول فاعلها الجنة، والثالث: إن الروضة الشريفة تتحصل فيها السعادة بالعبادة التي يؤديها المسلم فيها، كما يحصل له ذلك في الجنة ورياضها.

فضل زيارة المسجد النبوي

كما وردت أحاديث في فضل زيارة والصلاة في المسجد النبوي، فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «أنا خاتم الأنبياء، ومسجدي خاتمُ مساجدِ الأنبياء، أحقُّ المساجد أنْ يُزار ويُشدَّ إليه الرَّواحِل المسجدُ الحرامُ ومسجدي».

وفي الترمذي عن أنسٍ - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «مَن صلَّى في مسجدٍ أربعين صلاةً كتَب الله له براءةً من النار، وبراءةً من العَذاب، وبراءةً من النِّفاق». وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «مَن دخَل مسجدَنا هذا ليتعلَّم خيرًا أو ليُعلِّمه، كان كالمجاهد في سبيل الله».

«وفي الصحيحين عن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صَلاةٍ فيما سِواه إلا المسجد الحرام». وفي صحيح مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «صلاةٌ في مسجدي هذا أفضلُ من ألف صلاةٍ فيما سِواه إلا المسجد الحرام».

وفي الصحيحين عن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال «ما بين بيتي ومِنبَري روضةٌ من رياض الجنَّة»، وفي رواية عند أحمد قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «وإنَّ منبري على ترعةٍ من ترع الجنَّة»، وعن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - قال «لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» متفق عليه.

طباعة شارك دعاء زيارة قبر النبي زيارة قبر النبي قبر النبي المسجد النبوي دعاء زيارة قبر الرسول زيارة قبر الرسول فضل زيارة المسجد النبوي

مقالات مشابهة

  • «مصر للطيران» تسير غدًا 22 رحلة جوية لعودة حجاج بيت الله الحرام
  • ضيوف الرحمن يطعمون حمام الحرم في ساحات المسجد الحرام (فيديو)
  • خشوع وسكينة في المسجد الحرام.. المعتمرون يؤدون مناسكهم بيسر وطمأنينة
  • اليوم.. مصر للطيران تنظم 21 رحلة جوية لعودة حجاج بيت الله الحرام
  • دعاء زيارة قبر النبي.. ردد هذه الكلمات في المسجد النبوي
  • «دليل المُصلي» بسبع لغات في مصليات المسجد الحرام
  • رئاسة الشؤون الدينية تحتفي بالفائزين بمسابقة القرآن الكريم لحجاج بيت الله الحرام
  • أسواق دمشق تكتسي بالزينة والضيافة التقليدية ترحيباً بعودة حجاج بيت الله الحرام
  • تقديم تجربة مريحة للقاصدين وتسهيل حركة المصلين.. 1.2 مليون مستفيد من الفرق الراجلة بالمسجد الحرام
  • السديس: «شؤون الحرمين» بصدد إطلاق أكبر وأضخم مشروع قرآني عالمي من نوعه في المسجد الحرام