خطة النصر رؤية أوكرانية لإنهاء الحرب مع روسيا
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
"خطة النصر" تصور أعلن عنه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهدف تعزيز مواقف أوكرانيا في سياق الحرب الروسية الأوكرانية، التي اندلعت يوم 24 فبراير/شباط 2022، والعمل على "إنهائها بشكل عادل بالتعاون مع الشركاء الدوليين".
تتضمن الخطة خمس نقاط رئيسية وثلاثة ملاحق سرية، وتركز على ضرورة انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والاستمرار في تعزيز قدرات الدفاع الأوكرانية وتطوير أنظمة ردع فعالة، واستغلال الموارد الاقتصادية الأوكرانية وتعزيزها لضمان تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
في يوم الخميس 24 فبراير/شباط 2022، شنت روسيا حربا واسعة النطاق على أوكرانيا. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه قرر "إجراء عملية عسكرية خاصة لحماية الأشخاص الذين تعرضوا للانتهاكات والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف لمدة ثماني سنوات"، ونفى أن تكون روسيا تخطط لاحتلال الأراضي الأوكرانية.
من جانبه، قال زيلينسكي في اليوم ذاته إن روسيا هاجمت أوكرانيا "بطريقة ماكرة"، مقارنا ما فعله بوتين بما قام به الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر في الحرب العالمية الثانية.
ومع اشتداد وطأة الحرب، قدم زيلينسكي، ضمن جولة على حلفائه، ما عرفت بـ"خطة النصر"، والتقى كلا من الرئيس الأميركي جو بايدن وقادة بريطانيا وفرنسا وحلف الناتو وآخرين لحشد الدعم للخطة.
وبعد طول انتظار، قدم زيلينسكي يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024 "خطة النصر" للنواب والمجتمع الأوكراني في البرلمان، كما عقد اجتماعا بهذا الشأن مع رؤساء الفصائل البرلمانية.
ما خطة النصر؟
وفقا لزيلينسكي، تهدف خطة النصر إلى تعزيز مواقف أوكرانيا من أجل إنهاء الحرب "بشكل عادل"، بالتعاون مع شركائها، عبر إجبار "الدولة المعتدية" على السلام.
النقاط الرئيسية للخطةتتألف الخطة التي أعلنها زيلينسكي من خمس نقاط رئيسية وثلاثة ملاحق سرية، وهي مجدولة على مدى زمني محدد لفترة الحرب وما بعدها. والنقاط الرئيسية هي:
دعوة للانضمام إلى الناتويقول زيلينسكي إن روسيا "استغلت لعقود من الزمن حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي في أوروبا"، مستفيدة من عدم عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، و"هو ما أغراها بالتعدي على أمن البلاد".
وأكد على ضرورة الدعوة غير المشروطة لانضمام أوكرانيا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، مشيرا إلى أن بلاده تدرك أن هذا الانضمام مرتبط بالمستقبل وليس بالحاضر.
وأضاف أن "على بوتين أن يعترف بفشل حساباته الجيوسياسية، وعلى الشعب الروسي أن يدرك أن قيصره قد خسر على المستوى الجيوسياسي أمام العالم".
استمرار حالة الدفاع
أكد زيلينسكي أن نجاح تنفيذ هذه الخطة يكمن في استمرار عمليات قوات الدفاع والأمن الأوكرانية، وتعزيز مواقعها، وتدمير القدرات الهجومية الروسية في الأراضي الأوكرانية.
وأوضح أن على شركاء أوكرانيا المساعدة في تزويد ألوية الاحتياط التابعة للجيش الأوكراني بالمعدات اللازمة، ورفع مستوى نظام الدفاع الجوي بشكل كاف، وتنفيذ عمليات دفاعية مشتركة مع الجيران في أوروبا لإسقاط الصواريخ والطائرات من دون طيار الروسية.
وأشار إلى أن الخطة تشمل توسيع نطاق عمليات تطوير الصواريخ والطائرات من دون طيار، والاستثمار في زيادة إنتاجها في أوكرانيا.
كما دعا إلى رفع القيود المفروضة على استخدام الأسلحة البعيدة المدى في جميع أنحاء الأراضي الأوكرانية، وضرب المنشآت العسكرية الروسية، وتزويد أوكرانيا بقدرات بعيدة المدى مناسبة.
وطالب بتزويد أوكرانيا ببيانات الأقمار الصناعية والبيانات التي يتم الحصول عليها من خلال وسائل استخباراتية أخرى.
وأكد أن هذه النقطة تتضمن ملحقا سريا لا يمكن الاطلاع عليه إلا من قبل شركاء أوكرانيا الذين يمتلكون القدرات العسكرية المناسبة لدعمها.
ردع "العدوان" الروسي
أكد زيلينسكي أن إستراتيجية "ردع العدوان الروسي" تعتمد على نشر حزمة ردع إستراتيجية شاملة غير نووية على الأراضي الأوكرانية، تكفي لحمايتها من أي تهديد عسكري تشكله روسيا.
وأضاف أن الحزمة "ستضغط على روسيا للقبول بالانضمام إلى عملية دبلوماسية تهدف لإنهاء الحرب بشكل عادل"، أو فقدان قدرتها على مواصلة الحرب نتيجة لاستخدام أوكرانيا حزمة الردع المتقدمة.
وقال زيلينسكي إن "حزمة الردع ستجعل روسيا إما ستذهب إلى الدبلوماسية وإما ستفقد آلتها الحربية"، وهو ما سماها بإستراتيجية "السلام من خلال القوة".
وذكر أن هذه النقطة تتضمن ملحقا سريا تم تسليمه إلى الولايات المتحدة الأميركية وقادة المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا.
تعزيز الإمكانات الاقتصادية الإستراتيجيةأكد زيلينسكي أهمية الاستثمار في الموارد الحيوية في أوكرانيا عبر إبرام اتفاقيات خاصة تهدف إلى الحماية المشتركة للموارد المتاحة في البلاد، والاستثمار المشترك واستخدام الإمكانات الاقتصادية المتاحة.
وأوضح أن من شأن هذه الاتفاقيات أن تعزز الضغط على روسيا عبر تدابير مثل تقييد أسعار النفط وتقييد التصدير إلى روسيا والاستيراد منها، وغيرها من التدابير.
وأشار زيلينسكي إلى أن هذه النقطة تتضمن ملحقا سريا، تتم مشاركته فقط مع بعض شركاء أوكرانيا.
ما بعد الحرب
تقترح الخطة العمل على استغلال الخبرات العسكرية الأوكرانية التي اُكتسبت أثناء الحرب لتعزيز دفاع تحالف الناتو بشكل عام وضمان الأمن في أوروبا. وتغيير بعض الوحدات العسكرية الأميركية المتركزة في أوروبا بوحدات أوكرانية بعد انتهاء الحرب.
وأكد زيلينسكي أن "الأوكرانيين يمكن أن يشكلوا القوة التي لا تستطيع روسيا أن تتغلب عليها"، معبرا عن "امتنانه لشركاء أوكرانيا على دعمهم واحترامهم للشعب الأوكراني".
ردود الفعلوفي رد فعل حول خطة النصر، وصف المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف الخطة بأنها "خطة سلام عابرة"، وقالت الخارجية الروسية إن خطة زيلينسكي تعني "متاعب لأوكرانيا والشعب الأوكراني".
وأشارت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إلى أن زيلينسكي "يدفع دول حلف شمال الأطلسي إلى الدخول في نزاع مباشر مع بلادنا".
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤولين أميركيين وأوروبيين أن البيت الأبيض الأميركي يشعر بالقلق من أن الخطة تفتقر إلى إستراتيجية واضحة للانتصار على روسيا.
وأوضحت الصحيفة أن مسؤولي البيت الأبيض قلقون من أن الخطة لا تقدم خطوات واضحة وقابلة للتنفيذ يمكن للرئيس بايدن دعمها قبل انتهاء ولايته.
وأكدت فرنسا، وفقا لتصريح وزير خارجيتها جان نويل بارو، أنها ستعمل مع المسؤولين الأوكرانيين لحشد الدول الأخرى لدعم "خطة النصر".
ومن جهته، قال المستشار الألماني أولاف شولتز إن بلاده ترفض تزويد كييف بصواريخ كروز طويلة المدى من طراز "توروس".
وأكد في الوقت ذاته دعم ألمانيا القوي لأوكرانيا، مع الحرص على ألا يصبح حلف شمال الأطلسي طرفا في الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأراضی الأوکرانیة حلف شمال الأطلسی خطة النصر فی أوروبا أن هذه إلى أن
إقرأ أيضاً:
السفير الروسي في مصر: الغرب يستخدم أوكرانيا لضرب روسيا و”المنطقة العازلة” تحمي أمننا القومي
السفير جيورجي بوريسينكو:
القيادة الأوكرانية الحالية غير شرعية المنطقة العازلة تحمي الأمن القومي الروسي هدف الغرب استمرار الحرب، وهدف روسيا السلام كنا نأمل أن تكون أوكرانيا دولة جارة مسالمة لا نؤيد فكرة وقف إطلاق النار المؤقت الرئيس بوتين لا يُعير اهتمامًا لتصريحات ترامب الانتخابية الغرب يستخدم أوكرانيا كمنصة لضرب روسيا نعترف باستقلال أوكرانيا منذ عام 1991 وقف الدعم العسكري لأوكرانيا يوقف الحرب نُقدّر دور الرئيس ترامب لحل الأزمة في أوكرانيا الاقتصاد الروسي يتطور بشكل أسرع مما كان عليه قبل العقوبات الأوروبيين يعانون من العقوبات أكثر من روسيا واشنطن تريد الحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة
حوار/ محمد أبو سبحة
القاهرة (زمان التركية)ــ يرى السفير الروسي في القاهرة جيورجي بوريسينكو أن دعم الغرب لأوكرانيا بالسلاح أجج الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات وأن سعي أوكرانيا منذ القدم للاقتراب من الناتو تسبب في وقوع الأزمة الحالية، معتبرًا في حوار مطول مع جريدة (زمان التركية) أن العقوبات الاقتصادية الغربية، انعكست سلبًا على أوروبا أكثر من روسيا التي طورت اقتصادها، ودافع عن مخطط إقامة “المنطقة العازلة” على حدود أوكرانيا، من أجل “حماية الأمن القومي الروسي”، ووصف القيادة الأوكرانية الحالية بأنها “غير شرعية”.
نحن نُقدّر الرئيس دونالد ترامب وإدارته على الجهود التي يبذلونها لحل هذه الأزمة والتغلب على النزاع في أوكرانيا. إنهم يحاولون منع المزيد من تدمير البنى التحتية وسفك الدماء، ونحن نُدرك في الوقت ذاته أهمية ضمان أمننا القومي، ولهذا السبب لدينا مطالب محددة لضمان هذا الأمن.
نحن لا نؤمن بفكرة وقف إطلاق النار المؤقت لبضعة أسابيع كما تطرح بعض الدول الغربية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية. الأمر لا يتعلق بمجرد هدنة قصيرة، بل نحن بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار بشروط واضحة ومضمونة. ما نراه حاليًا هو أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تزود أوكرانيا بالمعدات العسكرية، مثل صواريخ “تاوروس” الألمانية ومكونات أخرى أمريكية الصنع.
السبيل الحقيقي الوحيد لإنهاء هذا الصراع، سواء بالنسبة للولايات المتحدة أو باقي الدول الغربية، هو التوقف عن دعم القوات الأوكرانية. إذا توقفت الدول الغربية عن تزويد أوكرانيا بالمعلومات الاستخباراتية والمعدات العسكرية، فإن الحرب ستنتهي خلال بضعة أشهر. فالحرب الأوكرانية تعتمد بشكل شبه كامل على الدعم الغربي، في حين أن روسيا تقاتل باستخدام أسلحتها الخاصة، دون أن تطلب دعماً من أحد.
الأوكرانيون يعتمدون بالكامل على الدعم العسكري واللوجستي من الغرب، وإن توقف هذا الدعم، فإن الحرب ستتوقف. لكن الحقيقة هي أن الغرب لا يريد انتهاء هذه الحرب، بل يريدون استمرارها واستنزاف روسيا، كما حاولوا في الماضي.
ما نراه اليوم ليس جديدًا، إنه يشبه ما حدث في القرن التاسع عشر، عندما غزا نابليون روسيا، ولم تكن جيوشه فرنسية فقط، بل ضمت جنودًا من دول أوروبية عديدة. ثم في القرن العشرين، قامت دول مثل فنلندا، وإسبانيا، ودول أوروبية أخرى، بالانضمام إلى هتلر في حربه ضد روسيا.
اليوم، تحاول أوروبا مجددًا الانتقام من روسيا على هزائمها السابقة، ويبدو أن هناك محاولة ثالثة لإلحاق الهزيمة بنا. شخصيات مثل بوريس جونسون، ومسؤولين فرنسيين وألمان، أعلنوا صراحة أن هدفهم هو “إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في ساحة المعركة”، وهذا هو هدفهم المعلن.
لهذا السبب، نحن نصر على ضرورة ضمان أمننا القومي. نعم، نرى أن الإدارة الأمريكية الحالية تحاول الآن البحث عن طرق لفرض وقف إطلاق النار، لكن وقف إطلاق النار لا يكفي. ما نحتاجه هو سلام دائم ومستقر، ويجب أن يكون هذا السلام مشروطًا بعدة أمور، من بينها: وقف كامل لإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، وعدم وجود أي تدريبات أو عمليات عسكرية مشتركة على الأراضي الأوكرانية، بجانب انسحاب القوات الأوكرانية من جميع الأراضي الروسية، لأن بعض المناطق التي يدور فيها القتال الآن هي جزء من الأراضي الروسية وقد تم ضمها رسميًا. نحن نبحث عن سلام حقيقي، وليس هدنة مؤقتة تخدم الغرب لإعادة تسليح أوكرانيا.
ما تعليقكم على على قول الرئيس ترامب إن الرئيس الروسي “يلعب بالنار” ولا يريد السلام؟الرئيس بوتين لا يُعير اهتمامًا لتصريحات الرئيس الأمريكي، فمن مسؤولية الإدارة الأمريكية أن تفسر وتوضح مقاصد كلمات رئيسها. أستطيع أن أتفهم أن مثل هذه التصريحات قد تكون لها دوافع داخلية تتعلق بالسياسة الأمريكية المحلية، خاصةً في ظل الأجواء الانتخابية.
ولكن، كما قلت سابقًا، من الضروري معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، والتي تبدأ من توسع حلف الناتو المستمر شرقًا. حتى بعض المسؤولين الأمريكيين اعترفوا مؤخرًا بأنهم يدركون موقف روسيا، وأن هذا النزاع ما هو إلا حرب بالوكالة يشنّها الناتو ضد روسيا.
الناتو يستخدم أوكرانيا، ويستخدم الأوكرانيين أنفسهم، كأداة لمهاجمة روسيا. للأسف، الغرب لا يهتم بمصير الشعب الأوكراني. هم على استعداد للتضحية بكل الأوكرانيين في سبيل إضعاف روسيا. وعندما يُستنزف الشعب الأوكراني تمامًا، سيبدأون باستخدام دول أخرى مثل بولندا لتنفيذ نفس الدور.
الهدف الغربي واضح: إضعاف روسيا. لأن روسيا دولة كبيرة وقوية، وتشكل عائقًا أمام الهيمنة الغربية العالمية. لذلك، يحاولون بشتى الطرق إضعافها — تمامًا كما فعلوا في القرن التاسع عشر مع نابليون، وفي القرن العشرين مع هتلر، والآن يحاولون مجددًا.
ونحن نقدّر رغبة الرئيس ترامب في وقف هذه السياسات العدوانية، ونُثمّن موقفه في السعي إلى التهدئة. بالطبع لدينا مصالح قومية، وهذه المصالح قد تتوافق مع مصالح الأمريكيين في حال وجود نية صادقة للسلام. نحن بلد ذو سيادة، ولا نعطي أهمية لما يُقال عنا في الإعلام أو في الأروقة السياسية الغربية، وأولويتنا الأولى هي ضمان أمن روسيا القومي، وهذه هي القاعدة التي نبني عليها كل مواقفنا.
كيف استطاعت روسيا الصمود أمام العقوبات الغربية واسعة النطاق؟فرضت العديد من الدول الغربية -مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان ودول أخرى من المعسكر الغربي- عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا. نعم، هذه العقوبات سبّبت بعض الأضرار في البداية، وواجهنا تحديات اقتصادية، لكن على المدى الطويل، استطاع الاقتصاد الروسي أن يتعافى ويتطور بشكل أسرع مما كان عليه قبل العقوبات.
بعد انسحاب العديد من الشركات الغربية من السوق الروسية، سارعت الشركات المحلية الروسية لملء هذا الفراغ، وبدأنا في تطوير تقنياتنا الخاصة، والاعتماد على مصادر بديلة من دول أخرى في آسيا، إفريقيا، وأمريكا اللاتينية. في الواقع، العقوبات الغربية لم تعزل روسيا، بل عزلت الغرب نفسه عن روسيا.
إذا نظرت إلى خريطة العالم، سترى أن الجزء الوحيد الذي لا يريد التعاون مع روسيا هو أوروبا الغربية، بينما بقية دول العالم تتعاون معنا بشكل طبيعي. ومن المفارقات أن الأوروبيين الذين فرضوا هذه العقوبات هم أنفسهم يعانون منها الآن أكثر منّا.
على سبيل المثال، ألمانيا كانت تشتري الغاز الروسي عبر الأنابيب بأسعار معقولة، لكنها الآن مضطرة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة بأسعار تزيد عن الضعف. وهذا الأمر رفع تكلفة الإنتاج على الشركات الألمانية، وأضعف قدرتها التنافسية أمام نظيراتها الأمريكية. حتى المواطن العادي في أوروبا أصبح يدفع أكثر للحصول على الكهرباء والتدفئة.
النتيجة؟ شركات كبرى مثل “فولكس فاجن” أصبحت تجد صعوبة في مواصلة الإنتاج داخل ألمانيا بسبب ارتفاع التكاليف. أما الولايات المتحدة فقد ربحت مرتين: مرة ببيع الطاقة لأوروبا بأسعار مرتفعة، ومرة أخرى بإضعاف الاقتصاد الأوروبي لصالح الاقتصاد الأمريكي.
حتى بعض الصناعيين والمزارعين الروس يعارضون رفع العقوبات، لأنهم استفادوا من غياب المنافسة الغربية. السوق الروسية الآن مليئة بالمنتجات المحلية، والعديد منها يتم تصديره إلى الخارج. لذلك هم لا يرغبون بعودة الشركات الغربية، ولا برفع العقوبات.
إعلان الرئيس بوتين إنشاء “منطقة عازلة” على الحدود مع أوكرانيا، ألا يشكل عقبة أمام جهود السلام؟
الهدف من إنشاء المنطقة العازلة ليس تعطيل عملية السلام، بل حماية الأمن القومي الروسي. وكما ذكرتُ سابقًا، هناك قذائف تطلق من الأراضي الأوكرانية نحو الأراضي الروسية، إضافة إلى محاولات تسلل من قبل مجموعات تخريبية تستهدف منشآت داخل روسيا. لذلك، نرى أنه من الضروري إنشاء منطقة عازلة تبعد القوات الأوكرانية والأسلحة الغربية عن حدودنا.
هذه المنطقة ستكون بمثابة حزام أمني لمنع تسلل العناصر العدائية ووقف تدفق الأسلحة والمعدات الغربية التي تصل إلى أوكرانيا، والتي تُستخدم لاحقًا في الهجوم على أراضينا. نحن لا نرفض فكرة السلام، لكن لا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي ومستقر دون وجود مسافة آمنة تفصل بين القوات المعادية وحدود روسيا السيادية.
وإذا تم تحقيق الشروط الأمنية، يمكننا مناقشة تفاصيل شكل هذه المنطقة العازلة، حجمها، وآليات مراقبتها لاحقًا. لكن في الوضع الراهن، إنشاء هذه المنطقة هو شرط مسبق لا يمكن التنازل عنه إذا كنا نتحدث عن سلام دائم وشامل.
ما تعليقكم على تصريح السفير الأوكراني في مصر بأن بلاده لن تقدم أي تنازلات إلا إذا قدمت روسيا تنازلات مماثلة؟
كما ذكرتُ سابقًا، فإن الأولوية القصوى بالنسبة لروسيا هي ضمان أمنها القومي، وكذلك الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها. مناطق مثل دونيتسك، لوغانسك، خيرسون، وزابوروجيا أصبحت الآن جزءًا من الأراضي الروسية، ولا يمكن التفاوض بشأنها. لذلك فإن على القوات الأوكرانية الانسحاب الكامل من هذه المناطق.
علاوة على ذلك، ونظرًا للتهديدات المستمرة من الجانب الأوكراني، نرى أن هناك حاجة حتمية لإنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية، تفصل بين الحدود الروسية ومواقع الانتشار العسكري الأوكراني. هذه المنطقة العازلة ضرورية لحماية أراضينا ومنع تسلل المجموعات التخريبية أو إطلاق القذائف باتجاه الأراضي الروسية.
روسيا مستعدة لوقف القتال، لكن بشروط واضحة تشمل: نزع سلاح أوكرانيا، إنهاء النزعة القومية المتطرفة، وانسحاب كامل للقوات الأوكرانية من الأراضي الروسية.
أما من الناحية السياسية، فنحن نواجه مشكلة تتعلق بشرعية القيادة الأوكرانية الحالية. فترة رئاسة فلوديمير زيلينسكي قد انتهت في عام 2024، ووفقًا للقانون الأوكراني، لم يتم تمديدها عبر انتخابات شرعية. وبالتالي، يعتبر الرئيس زيلينسكي الآن شخصية فاقدة للشرعية القانونية، ولا يمكن التعامل معه بصفته رئيسًا رسميًا.
البرلمان الأوكراني، المعروف بـ”المجلس الأعلى”، ما يزال يُعتبر مؤسسة شرعية، ولكن الرئيس نفسه بات بمثابة شخص عادي أو “رئيس فعلي لجماعة حاكمة” وليست له صفة قانونية لتوقيع معاهدات أو اتفاقيات دولية.
وهنا يكمن التحدي: من سيوقع الاتفاق مع روسيا إذا كانت القيادة الأوكرانية الحالية غير شرعية؟ هذا الوضع يجعل من الصعب التوصل إلى أي تسوية سياسية دائمة ما لم يُحل موضوع الشرعية أولًا.
بعد المناورات العسكرية المشتركة بين روسيا ومصر في شرق المتوسط، هل أبدت القاهرة اهتمامًا بالحصول على منظومات تسليح روسية متطورة؟إن مصر وروسيا، التي كانت تُعرف سابقًا بالاتحاد السوفييتي، تفخران بعلاقاتهما التاريخية. ويوجد متحف في قلعة صلاح الدين بالقاهرة يعرض أسلحة سوفييتية وروسية استُخدمت في حرب أكتوبر، من بينها الجسور العائمة والدبابات وغيرها من المعدات. وأشهر صورة من حرب أكتوبر هي لجندي مصري على الضفة الشرقية لقناة السويس، يرفع بندقية كلاشنيكوف – وهي أشهر سلاح روسي – فوق رأسه تعبيرًا عن النصر.
أصدقاؤنا المصريون يعرفون الأسلحة الروسية جيدًا، ولديهم معرفة ممتازة بالضباط العسكريين الروس. وخلال تلك الحرب، وُجد ما يصل إلى 30 ألف جندي سوفييتي على الأراضي المصرية، قاتلوا إلى جانب الجنود المصريين ضد إسرائيل. كما كان هناك مستشارون عسكريون سوفييت في صفوف الجيش المصري، وساهموا في تحقيق النصر.
واليوم، لا يزال هناك تعاون مكثف بيننا في المجالين العسكري والفني العسكري. ونحن فخورون بأن القوات المسلحة المصرية تستخدم الآن معدات روسية حديثة ومتطورة.
وكما تعلمون، فإن الولايات المتحدة لا تبيع بعض الأسلحة لمصر لأنها تريد الحفاظ على تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة. لكن مصر دائمًا ما تملك بدائل، ويمكنها شراء أسلحة متقدمة من دول أخرى، ومنها روسيا. كما أننا نجري تدريبات عسكرية مشتركة، حيث تتدرب قوات المظلات والدفاع الجوي معًا، وبالتالي فإن عناصرنا العسكرية يعرفون بعضهم جيدًا، ويفهمون بعضهم جيدًا. وهذا يمثل أساسًا قويًا للتعاون بيننا.