جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-16@02:23:28 GMT

نعم.. "معًا نتقدم"

تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT

نعم.. 'معًا نتقدم'

 

مدرين المكتومية

يُمثل النهجُ التشاركي بين الحكومة والمجتمع، مسارًا رسمته بعناية فائقة القيادة الحكيمة لهذا الوطن العزيز الغالي، إيمانًا بأهمية دور المواطن في اقتراح الأفكار وبلورتها، والمساهمة في صناعة القرارات، لا سيما الاستراتيجية منها، وقد تجلّى ذلك في أمور عدة، منها مختبرات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" قبل حوالي سبع سنوات من الآن، ومن بعدها مختبرات إعداد الرؤية الوطنية المستقبلية "عُمان 2040"، وما تنظمه الدولة من فعاليات متعددة تستهدف في المقام الأول إشراك المواطن في عملية التفكير الاستراتيجي وبلورة أفكار تخدم مسيرة التنمية الشاملة واستدامتها.

واليوم يأخذ النهج التشاركي منحى أكثر رسوخًا في مراحل التخطيط الإستراتيجي، ترجمةً لواحدة من الجمل الألمعية التي انفردت بها جريدة "الرؤية" قبل نحو 4 أعوام من الآن حينما أطلقت منصة "شركاء في الحلم شركاء في التنفيذ"، تحت مظلة المنتدى العُماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية الذي تنظمه الجريدة، ولكم كان من حُسن الطالع وقتها أنْ يلي اليوم التالي للمنتدى تفضُّل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- باعتماد وإطلاق الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".

استحضرتْ ذاكرتي هذه الأحداث تِباعًا وأنا أُتابع حجم التفاعل المجتمعي مع مبادرة "معًا نتقدَّم" في نسختها الثالثة، مع فتح باب التصويت على الموضوعات المُقرَّر طرحها للنقاش والبحث والتحليل في النسخة الجديدة المرتقبة من هذا الملتقى الوطني الرائع، الذي تنظمه الأمانة العامة لمجلس الوزراء، في مسعى يعكس حرص حكومتنا الرشيدة على الاستماع للآراء والمقترحات حول أبرز التوجهات الحكومية.

واليوم تنتهي عملية التصويت التي شارك فيها مختلف فئات المجتمع؛ حيث كان الباب مفتوحًا لجميع المواطنين للإسهام بالرأي والاقتراح لموضوعات الملتقى المقبل. ولا شك أنه سيتم الكشف خلال الأيام المقبلة عن تفاصيل مشاركة المواطنين في هذا التصويت، الذي يمثل واحدة من أعمق التجارب الديمقراطية، التي تُجسِّد فعليًا كيفية إشراك المواطن بكل نزاهة وحيادية في عملية صناعة القرار، والتخطيط للمستقبل. وهذا الإشراك يؤكد أن المواطن صاحب حق أصيل في الإدلاء بدلوه في العديد من القضايا الحياتية والمعيشية التي تمسُّه مباشرة.

"معًا نتقدَّم" يؤكد أن المواطن العُماني له صوت مسموع، لدى حكومتنا الرشيدة، وأن كل إسهامات المواطنين محل ترحيب من الجهات الحكومية، إيمانًا بأهمية الاستماع إلى المواطن، لأنه صاحب المصلحة الأول، وغاية أي تنمية. وهنا لا بُد أن نضيء مصابيح كاشفة على هذه النقطة، لتأكيد أن رأي المجتمع يصنع الفارق دائمًا، شريطة أن يكون هذا الرأي مُنضبطاً ووفق آليات تنظيمية مُحددة، لأنَّ غير ذلك بمثابة فوضى وعشوائية لا مكان لها في تقدم الأمم والشعوب. ويكفي أن نُلقي نظرة على ما تشهده ساحات الفضاء الإلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي من طرح للأفكار بصورة غير مُنظَّمة، ما يُفقِد هذه الأفكار أهميتها، لذلك نقول لكل من يلجأ إلى منصات التواصل الاجتماعي لطرح فكرة ما أو مناقشة قضية بعينها، أن يلجأ إلى مثل هذه القنوات الاتصالية التي تُتيحها الدولة بين الحين والآخر، ويتم العمل على بلورة التفاعلات الشعبية معها، ومن ثم الوصول إلى رؤية توافقية تضمن مناقشة وعرض أبرز القضايا التي اتفق عليها الشعب.

والوقائعُ تؤكد أن حكومتنا الرشيدة تستمتع بإنصات إلى مقترحات المواطنين، إذا ما كانت قائمة على رؤية منطقية وعملية قابلة للتحقق، ولا أدل على ذلك مما شهدته النسخة الثانية الماضية من ملتقى "معًا نتقدَّم"؛ حيث برهنت الجلسات الحوارية والنقاشات في هذا الملتقى مدى الحرص الحكومي على الاستجابة لمطالب ومقترحات المواطنين، ويكفي تأكيدًا أن العديد من الجلسات شهدت حضور صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد الموقر، وزير الثقافة والرياضة والشباب، والذي أشاد في أكثر من موضع بما أتاحه ملتقى "معًا نتقدَّم" من عرض أفكار ناجعة من شأنها الإسهام في مسيرة التنمية الشاملة وضمان استدامتها، والعمل على كل الجهود من أجل تحقيق رفاهية المواطن وسعادته.

وأخيرًا.. لا ينازعني شك أن المرحلة المقبلة من مسيرة نهضتنا المُتجدِّدة ستشهد المزيد من الإنجازات على مختلف الأصعدة، وأن المواطن سيجد كل الدعم والرعاية من حكومتنا الرشيدة، من منطلق الحرص السامي على تسخير كل مقدرات الدولة من أجل أن يحيا المواطن في أمن واستقرار وازدهار.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

صحافة المواطن: صالح الجعفراوي أنموذجًا

بقيت الصحافة والوسائل الإعلامية عمومًا محتكرة لعقود عديدة، مما شكّل نوعًا من تحديد نوع وإطار المعلومة التي تصل إلى الجمهور، لكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتزايد منصاتها ظهرت أنواع جديدة من الصحافة، منها ما يسمى في الدراسات الحديثة صحافة المواطن (Citizen Journalism) التي تعتمد على الفرد في نشر المعلومة، فوازنت بين الاحتكار المعلوماتي الذي كانت تمارسه المؤسسات الإعلامية وتأطيرها، وهكذا تحول كل فرد مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي إلى إعلامي محتمل قادر على صناعة الخبر بنفسه وتأطيرها.

تسمية هذا النوع من الصحافة بـ«صحافة المواطن» هو نوع من إبقاء المركزية للدولة في الوقت نفسه الذي تحرر هذه الصحافة الخبر والوصول إلى المعلومة من السيطرة المركزية للدولة، فأولا التسمية تستخدم لفظ المواطن (citizen) لوصف نوع الصحافة، واللفظ يشير إلى مسألة المواطنة في دولة ما، أي بالمفهوم العام هو فرد ينتمي إداريًّا/ سياسيًّا لدولة ما، ويقع في خانة المحكوم في مقابل الحاكم، لذلك لم تنتفِ صفة المركزية عن الدولة في التسمية، وفي هذا السياق تصف بعض الأدبيات هذا النوع على أنه «الصحافة التشاركية» و«الصحفي التشاركي» أي بمعنى المشاركة في المجال العام وعدم احتكاره للمعلومة كما تفعل المؤسسات الإعلامية سابقًا. وثانيًا، هذا النوع من الصحافة يحرر الخبر والمعلومة من السيطرة المركزية للدولة، إذ قبل ظهوره، لا يمكن الوصول إلى المعلومة الإعلامية إلا من خلال المؤسسات الإعلامية التي في الغالب إما أن تمتلكها الدولة أو تمولها لتتبنى أجندتها، لكن مع وجود هذا النوع من الصحافة أصبحت المعلومة حرة، يمكن أن تذاع بشكل حر من قبل أي فرد يمتلك هاتفًا ومسجّل في مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي فإن التضارب لا يكون في ذات المعلومة، وإنما في تأويلها، لكنها في ذاتها حرة لأنها يمكن أن تأتي من أكثر من مصدر فلا تكون حبيسة فاعل إعلامي واحد.

من النماذج المهمة التي مثلت صحافة المواطن خلال السنتين الأخيرتين أثناء الإبادة الجماعية على غزة، هو صالح الجعفراوي، الذي يعيش في غزة، إذ استطاع الجعفراوي -الذي استشهد يوم الأحد الماضي- أن ينقل، مع صحفيين آخرين، كثيرًا من الأحداث من خلال هاتفه، مما شكّل رواية بديلة غير مركزية للحقيقة، التي كانت تحتكرها وسائل الإعلام الغربية، حيث استطاعت هذه الصحافة التي مارسها الجعفراوي والآخرون في غزة، أن تصل بالحقيقة إلى الشعوب الغربية، مما دفعها أن تخرج من تضليل وسائل الإعلام الكبرى، وهو ما شكّل تحديًا حقيقيًا لوسائل الإعلام في أن تجادل أو تدافع عن السردية الصهيونية، ففي كل مرة كانت تضلل فيها الحقيقة تفقد هذه البرامج أو القنوات مصداقيتها لدى الجمهور، وبهذه الطريقة تحول صالح الجعفراوي من مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي إلى فاعل إعلامي مؤثر في الرأي العام العربي والعالمي، من خلال البساطة الإعلامية ونقل الصور والأحداث دون محاولة تأويلها أو تحليلها، فكل ما يفعله أن ينقل الحدث كما هو من عمق المأساة ذاتها، وقلب الإبادة والمجازر وليس بعيدًا عنها. حتى أصبحت حساباته الشخصية مصدرًا للأخبار في غزة وما يجري فيها.

على الرغم من التأثير البالغ للصحافة التشاركية (أو صحافة المواطن) على الجمهور المستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن الجعفراوي كان يواجه التحديات التي يشترك فيها مع الصحفيين التشاركيين جميعًا، لا سيما في ظل الحرب، منها التحديات الأمنية، وهي المتعلقة بأمنه الشخصي، إذ هو مضطر ـ بناء على المنهجية التي اتبعهاـ أن يكون في قلب الحدث لتصوير الأحداث التي تقع كما هي، سواء كان في أحياء تقصف، أو يحدث فيها تبادل إطلاق النار، أو المستشفيات، مما جعل أمنه الشخصي مهددًا طوال السنتين الماضيتين، الذي يشكل تأثيرًا على صحته الجسدية والنفسية كذلك، فضلا عن عدم قدرته على النزوح أو الراحة، مما جعل استشهاده نتيجة لهذا التهديد الأمني أيضا، إذ استشهد بينما كان يصور إطلاق نار، إضافة إلى أنه يواجه بعض التحديات في المشككين في صحة الأخبار، وهو ما تتبناه السردية الصهيونية التي تنفي ما يصوره صالح الجعفراوي، أو تتهمه مع الشخصيات الواردة في الصور والمقاطع التي ينشرها على أنها مجرد تمثيل، وبالتالي هناك تشكيك مستمر في مصداقية المعلومة التي ينشرها، فضلا عن الشائعات المستمرة التي تنشر عنه للتقليل من مصداقيته الإعلامية. ومن هنا يُمكن للأفراد المتلقين عمومًا أن يصلوا لحالة الموازنة بين المصداقية وعدم الإضرار بالصحفي أو إلحاق الشائعات به، من خلال المقارنة بين مصادر المعلومة الواحدة وكيف يُمكن التفريق بين المعلومة في ذاتها وبين تأويلها.

شكلت تجربة الجعفراوي في ممارسة صحافة المواطن ظاهرة تستحق الدراسة من حيث إنها نقلت الإعلام وأعادت تعريفه باعتباره واجبًا إنسانيًا وأخلاقيا وليس مجرد مهنة، إذ الصحفي المواطن لا يتلقى أي أجر مقابل نشاطه الإعلامي ـ إلا في حالة الإعلان أو تعاقده مع مؤسسة تموله ـ وإنما يقوم بالأمر من دافع أخلاقي، وبهذه الطريقة يصبح المواطن قادرًا على إنتاج الحقيقة والمشاركة في البلوغ بها لتأدية تأثيرها على العقل الجمعي والفردي.

مقالات مشابهة

  • «عمّال المنازل».. هل هو قرار واقعي؟!!
  • أمير الشرقية يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة تأهل المنتخب السعودي إلى نهائيات كأس العالم 2026
  • أمير المنطقة الشرقية يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة تأهل المنتخب السعودي إلى نهائيات كأس العالم 2026
  • نحن الأردنيين لسنا أغنياء
  • نائب:المواطن العراقي لايثق بالبرلمان نهائياً
  • مسرور:نحن نتقدم على بغداد بخمسين سنة في الاعمار والإصلاح والتطور
  • بدعم من القيادة الرشيدة ..مرحلة جديدة نحو المستقبل.. السعودية تتسلم رسميا راية «إكسبو 2030 الرياض»
  • صحافة المواطن: صالح الجعفراوي أنموذجًا
  • الإعلان عن نتائج التصويت لمحاور ملتقى معًا نتقدم في نسخته الرابعة
  • محور رؤية "عُمان 2040" يتصدر التصويت لمناقشات ملتقى "معا نتقدم".. واختيار ملف "التشغيل" محورا إضافيا