حرب مجلية أو سلم مخزية.. من يصرخ أولا إسرائيل أم المقاومة؟
تاريخ النشر: 24th, October 2024 GMT
"اختاروا بين خصلتين حرب مجلية أو سلم مخزية" ظلت العبارة التي قالها الخليفة الأول أبو بكر الصديق، للقبائل التي رجعت عن الإسلام بعد وفاة النبي الكريم، مضرب مثل لتحديد الخيارات بين خصمين بينهما عداء صفري، أي لا حل إلا بحرب تجلي العدو أو سلم يخزيه، وهذا ينطبق على العديد من الصراعات الحالية والسابقة في منطقتنا، وربما غزة أهمها وأشهرها.
مع مرور العام الأول واستشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار مشتبكا في رفح، بدأت العديد من الآراء توجه النقد للمقاومة خصوصا أن غياب السنوار في عين نتنياهو وحلفائه يعني نهاية العدو اللدود والخصم الذي كسر هيبة "جيش الدفاع" وضرب "إسرائيل" كما لم تضرب من قبل.
يستند العديد من أصحاب هذا الرأي إلى فاتورة الضحايا الكبيرة والدمار الهائل في القطاع بالإضافة إلى اشتداد وطأة العدوان في الشمال، لكن ثمة فصولا من القصة لم ترو في هذه السردية التي تطالب صراحة أو ضمنا المقاومة الفلسطينية في غزة بالاستسلام.
كما تعدت هذه الدعوات إلى الحديث سلبيا عن الجدوى من عملية طوفان الأقصى ورمتها والتعامل معها بمنطق الربح والخسارة، كمعركة ثانوية لا حرب فتحت أفاقا وغيرت معادلات ولا تزال.
وثمة أسئلة يتوفر جوابها لدى الإسرائيليين قبل الفلسطينيين أنفسهم، من قبيل من المسؤول عن استمرار الحرب؟ ومن يقتل الآلاف بالبراميل المتفجرة؟ ومن يقاتل بقادته قبل جنده؟ وأيهما أقرب للاستسلام، صاحب الأهداف التي لم تحقق، أم من تعهد بحرب استنزاف طويلة وصدق وعده؟
دعوات ليست جديدة
يقول الكاتب والباحث السياسي نظير الكندوري، إن الدعوات التي تطلب من حركة حماس بالاستسلام للعدو الإسرائيلي ليست بالجديدة، فمنذ بداية المعارك البرية التي شنها جيش الاحتلال على غزة كنا نسمع مثل هذه الدعوات التي لم تلق آذانا صاغية من المقاومة الفلسطينية أو من الشعب الغزاوي.
وأضاف في حديث لـ "عربي21"، أنه بعد مرور ما يزيد عن سنة على العدوان الإسرائيلي على غزة، يتوهم هذا العدو ومن يسانده من الأنظمة بالمنطقة، إن الوقت مثالي للضغط على المقاومة للاستسلام، خاصة بعد الضربات الناجحة التي قام بها جيش الاحتلال ضد حزب الله، وبذلك يحقق نتنياهو أهداف التي أعلنها في حربه على غزة، أنه سوف يحرر الأسرى دون أن صفقة ودون تقديم تنازلات للمقاومة الفلسطينية.
ويخلص الكندوري، "بالتالي فأن هذه الدعوات التي من ورائها نتنياهو وحكومته، يتحملون المسؤولية بشكل كامل عن عدم إبرام صفقة لتبادل الأسرى وإنهاء الحرب في غزة.".
ويشير الكندوري إلى أن ما يجعل مثل هذه الدعوات أكثر إيلامًا للفلسطينيين وبالأخص المقاومين منهم، إنها تُطرح على ألسنة عربية تمثل الأنظمة العربية التي تتوافق مع توجهات "إسرائيل" على تصفية فصائل المقاومة، وتصفية كامل القضية الفلسطينية.
وبين، أن الأنظمة العربية لم تكتفي بالصمت على جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة وغيرها من المناطق الفلسطينية لفترة طويلة من هذه الحرب الجارية حتى الان، إنما بدأت تحاول أن تستفيد من حالة الدمار الذي حلَّ بغزة وفي لبنان لفرض الاستسلام عليها وعلى مقاوميها.
أصحاب فلسفة أن المقاومة حالة دفاعية، وأخطأت عندما قامت بجهد حربي، هم ذاتهم منظرو الهزيمة في جيش طالوت، أولئك الذين قالوا " لا طاقة اليوم بجالوت وجنوده ".
كان من بين الفئة القليلة التي ظنّت أنها ملاقية الله فتى بمقلاع، لا يملك غيره، فتقدم القوم، وقتل جالوت الذي قال منظرو الهزيمة… — Saeed Ziad | سعيد زياد (@saeedziad) October 23, 2024
لمن الغلبة؟
منذ بداية الحرب وضع كلا الطرفين أهدافا منها المعلن ومنها الضمني، نتنياهو تحدث عن تحرير الأسرى بالقوة وإنهاء حكم حماس وهذا لم يحدث، بينما حقق جزئيا هدفه باغتيال قادة حماس، في المقابل توعدت المقاومة بحرب استنزاف طويلة في غزة، وهي جزء من أخرى أوسع قد تبتلع الإقليم، وهذا ما يتحقق بالحرب على الأرض.
تقول صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير أعده باتريك كينغزلي وأرون بوكسرمان، إن مقتل العقيد في جيش الاحتلال جباليا كان مثالا واضحا على قدرة حماس على الصمود لمدة عام تقريبا، ومن المرجح أن تتمكن من ذلك حتى بعد وفاة زعيمها يحيى السنوار الأسبوع الماضي.
ويختبئ مقاتلو حماس في المباني المدمرة وشبكة الأنفاق الضخمة تحت الأرض، والتي لا يزال الكثير منها سليما على الرغم من جهود إسرائيل لتدميرها، وفقا لمحللين عسكريين وجنود إسرائيليين، وفقا للصحيفة.
???? كتائب القسام: مشاهد من إيقاع قوة هندسية لجيش الاحتلال في كمين محكم جنوب دوار الصفطاوي غرب مخيم جباليا شمال قطاع غزة.???????????? pic.twitter.com/jD9sCd3eEo — أنت الجماعة ولو كنت وحدك (@t0Nq6WpPDHub0JC) October 24, 2024
ويظهر المقاتلون لفترة وجيزة في وحدات صغيرة لتفخيخ المباني، ووضع القنابل على جانب الطريق، وإلصاق الألغام بالمركبات المدرعة الإسرائيلية أو إطلاق قذائف صاروخية على القوات الإسرائيلية قبل محاولة العودة تحت الأرض.
في حين لا تستطيع حماس هزيمة إسرائيل في مواجهة مباشرة، فإن نهجها الصغير النطاق والسريع في الكر والفر سمح لها بمواصلة إلحاق الأذى بإسرائيل وتجنب الهزيمة بحسب التقرير.
ونقلت عن مايكل ميلشتين، المحلل إسرائيلي للشؤون الفلسطينية قوله، “نحن نحتل الأراضي، ثم نخرج منها. وهذا النوع من العقيدة يعني أنك تجد نفسك في حرب لا نهاية لها”.
وتابعت الصحيفة، "منذ أن سيطرت إسرائيل في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي على طريق رئيسي يفصل بين شمال وجنوب غزة، مارست قيادة حماس في الجنوب، والتي تضمنت السنوار، القليل من السيطرة المباشرة على المقاتلين في الشمال. وبعد أكثر من عام من القتال على غرار حرب العصابات، من المرجح أن يكون مقاتلو حماس المتبقون معتادين الآن على اتخاذ القرارات محليا بدلا من تلقي الأوامر من هيكل قيادة مركزي".
من يصرخ أولا؟
كان الجنرال غيورا آيلندا أكثر المتفائلين بخطة الجنرالات التي تقضي بتهجير سكان غزة لإبادة عناصر المقاومة، وما إن بدأ الاحتلال بتنفيذ الخطة حتى خرج بمقال في يديعوت أحرونوت يدعو خلاله إلى إنهاء الحرب على غزة بصفقة تبادل.
وقال آيلند: "استمرارنا في الحرب على قطاع غزة لن يغيّر الواقع هناك. سيحدث أمران فقط: كل المختطفين سيموتون، وسيقتل مزيد من الجنود. الواقع في غزة لن يتغيّر".
واستدرك: "بعيداً عن الحاجة الماسة لإنقاذ الرهائن في آخر فرصة لا تزال قائمة، هناك على الأقل أربعة أسباب أخرى تجعل هذه الخطوة صحيحة".
ويحدد الجنرال المتقاعد أول الأسباب بأنها الخسائر البشرية، قائلا: "لقد قست قلوبنا لمقتل العسكر خيرة أبنائنا، بسبب المصابين بجروح خطيرة، توقفنا عن الإثارة تمامًا، لكن هؤلاء شباب فقدوا أطرافهم، أو أبصارهم، ودُمر عالمهم أولا، ضحايانا، فقبل 13 شهرا كان الجمهور الإسرائيلي بأكمله يبكي لعدة أيام على كل جندي ميت. يبدو أننا فقدناه".
ثانيا، العبء الجنوني على الجنود، أولئك الذين هم في الخدمة النظامية، ولكن معظمهم من جنود الاحتياط، الذين يكون وضعهم العائلي والمالي معقداً في كثير من الحالات، وسيظل العبء على المقاتلين كبيرا في كل الأحوال، لكن من المرغوب تخفيفه قدر الإمكان.
ثالثا، العبء الاقتصادي. كل يوم قتال يكلف حوالي نصف مليار شيكل! صحيح أن الجهد الرئيسي ينصب الآن في لبنان، لكن كل شيكل ننفقه اليوم سنفتقده بشدة غداً.
السبب الرابع: العالم كله متشوقون لانتهاء الحرب في غزة. هناك المزيد من الفهم في العالم لماذا تقاتل إسرائيل في لبنان، وحتى بشكل مباشر ضد إيران، لكن لا أحد يفهم ما الذي نريد تحقيقه في غزة.
وختم: "لدينا سبعة قطاعات أخرى مفتوحة (بما في ذلك الحدود الأردنية). لقد حان الوقت لكي نحاول إنهاء الحرب، حيث تكون التكلفة أكبر من أي فائدة. وللأسف فإن حكومة إسرائيل لا تتصرف وفق هذا المنطق، ولا تجتمع حتى لنقاش هدفه الاختيار بين خيارين: استمرار الحرب في غزة حتى "النصر النهائي"، أو الاستعداد لإنهاء الحرب على غزة مقابل عودة جميع المختطفين".
هل انتهت المقاومة؟
اتخذ دعاة الاستسلام استشهاد السنوار كمنطلق لدعوتهم الجديدة، وكأن المقاومة قد وصلت مرحلة الانهيار باغتيال قادتها، فإذا لا طائلة من الحرب.
في ذات الوقت تتحدث التقارير الإسرائيلية والغربية عن معطيات مختلفة تماما، فيقول الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي ورئيس معهد "مسغاف" لدراسات الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات، إنه "يجب توجيه الأنظار لزيادة الضغط على القيادة الجديدة لحركة حماس"، مضيفا أن "اغتيال السنوار إنجاز مهم، ومن المتوقع أن يؤثر على وضع الحركة وسياساتها ومواقفها وسلوكها".
واستدرك بن شبات في مقال نشرته القناة الـ12 العبرية، وترجمته "عربي21" بأنه "رغم ذلك فلا يزال من غير الممكن نعي حماس، التي أثبتت قدرتها على التعامل مع الأزمات الصعبة، ما يستدعي من تل أبيب مواصلة جهودها في قطاع غزة حتى إعادة المختطفين، وتحقيق الأهداف الكاملة للحرب".
وتابع قائلا: "اغتيال السنوار ينضم إلى اغتيالات سابقة شملت قادة حماس، وعلى رأسهم إسماعيل هنية ومحمد الضيف ومروان عيسى، وسلسلة طويلة من كبار المسؤولين الذين أداروا حماس في غزة، وبنوا قوتها العسكرية".
لو تدققون في الفديو جيداً:
قوة السنوار قوة مجبولة بشخصيته، قوة لم تكن مكتسبة او مصطنعة، قوة القتال للنفس الأخير، بحد ذاته هذا الأمر ليس اختياري بل هو من صميم هذه الشخصية. رضي الله عنك. pic.twitter.com/eKIXhllHK3 — نحو الحرية (@hureyaksa) October 18, 2024
وأردف "على مدى سنوات كانت القرارات في الحركة تتخذ بموافقة قياداتها الأربعة، حيث مراكز قواتها في قطاع غزة والضفة الغربية والسجون الإسرائيلية والخارج"، مؤكدا أنه "في العقدين الأخيرين تعزز تأثير قيادة غزة في هذه القرارات بشكل كبير، على حساب ممثلي السجون والخارج".
جدوى الطوفان
يرى كثيرون أن معركة "طوفان الأقصى" ما زالت في بدايتها، وأن توسعها مسألة وقت فقط، لذا فإن السؤال عن جدواها سابق لأوانه، خصوصا إذ اعتمد السائل على القياسات المادية التي لا تنطبق على معركة استراتيجية كبيرة كالطوفان.
يقول نظير الكندوري في حديثته لـ "عربي21"، إن "الشعوب التي تتعرض للاحتلال وتقرر البدء بحرب استقلال لبلدانها، هي تعلم تماما أن هذا الأمر ليس بالهين، إنما يستغرق سنوات طويلة وتدفع لأجلها دماء غزيرة حتى تنال استقلالها، وأحيانا كثيرة تفشل ثورات تلو الثورات حتى تنجح بالنهاية للوصول إلى استقلاها".
وأضاف، "وعلى هذا الأساس، فإن الفلسطينيين ليسوا استثناء من هذه القاعدة، ولم نكن نتوقع أن طوفان الأقصى سينتهي بتحرير كامل فلسطين، فالموضوع مبكر جدا للوصول لهذه المرحلة، لكن طوفان الأقصى قام بتأسيس مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني ستتوارثها الأجيال القادمة من الشعب الفلسطيني، وسيبقى الشعب الفلسطيني حيًا يدافع عن ارضه واستقلاله إلى أن يناله بالنهاية".
وتابع، "وأكثر من ذلك، طوفان الأقصى لم يترك أثره على الشعب الفلسطيني فحسب، أنما ترك أثره على الشعوب العربية التي كانت تراقب المجازر التي تحصل في غزة دون أن تُعطى فرصة للمشاركة بإنقاذ اخوانهم هناك بسبب تسلط الأنظمة على رقابها".
ويشير الكندوري إلى الاحتقان المتراكم في نفوس الشعوب العربية، الذي لا بد أن يثمر قريبًا عن ثورات ضد هذه الأنظمة، التي سهَّلت للمحتل الصهيوني عميلة ذبح الشعب الفلسطيني.
أما الاحتلال الإسرائيلي، فقد تعرى أمام شعوب العالم ونُسفت روايته التي كان يروجها للمجتمعات الغربية بأنه الدولة الرحيمة والديمقراطية الوحيدة بالمنطقة، فقد استطاعت عملية طوفان الأقصى كشف هذا الكيان بأنه ليس القوة الأولى بالمنطقة، وأظهرت للعالم مدى وحشيته، حتى أصبح الكيان مرادف لكل طغاة العالم بنظر الشعوب الغربية. وهذا يعتبر انتصار استراتيجي حاسم للشعب الفلسطيني في طريقه للتحرر، وفقا للكندوري.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية غزة الاحتلال لبنان جباليا استشهاد السنوار لبنان غزة الاحتلال جباليا استشهاد السنوار المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی طوفان الأقصى جیش الاحتلال هذه الدعوات الحرب على قطاع غزة على غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
عصابات إسرائيل وعملاؤها يسرقون مساعدات أهل غزة
لم يخطر ببال أحد من المراقبين أو حتى أشد الكارهين للعصابة الصهيونية أن تقوم بكل هذا الإجرام المعقد الذي يفوق خيال البشر.
ولأن الجيش الإسرائيلي فشل في مواجهة رجال المقاومة على الأرض وفشلت كل أسلحته الأكثر حداثة في العالم في تحقيق النصر المطلق على المقاومة فقد لجأ إلى استخدام أحط الأسلحة وهو التجويع ضد المدنيين لممارسة أقصى درجات الضغط على المقاومة.
ولم يكتف بتدمير البيوت والمراكز الطبية وخطوط المياه والكهرباء وتدمير مخازن الأدوية والأغذية وقتل الأطباء ورجال الدفاع المدني حتى لا ينقذوا جريحا أو ينقبوا تحت ركام المنازل لاستخراج المستغيثين، ولكن العصابة أيضا ابتكرت أساليب شيطانية لإغلاق كل منافذ الحياة أمام شعبنا في غزة.
ومن بين هذه الأساليب خلق عصابات إجرامية في القطاع تتعاون مع جيش وتجار إسرائيل لسرقة مواد الإغاثة على حدود إسرائيل وقبل دخولها غزة وعلى الرغم من أن هذه المساعدات تدخل تحت الضغوط الدولية وبنسب لا تزيد على 5% من احتياجات الشعب في غزه، إلا أن العصابة الصهيونية لم تسمح بوصول هذه الكميات متناهية الصغر الى الجوعى وبدلا منهم سلمتها لعصابات إجرامية مقابل الخيانة والعمالة.
صناعة الأزمةوحفلت وسائل إعلام دولية بتقارير موثقة حول سرقة وتلاعب منظمين بمساعدات الغذاء والدواء التي تصل إلى القطاع. وتشير تحقيقات ميدانية وشهادات شهود عيان إلى تورط عصابات إجرامية مدعومة من جهات إسرائيلية، بالتعاون مع ميليشيات فلسطينية محلية، في نهب هذه المساعدات وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية، مما يسهم في تعميق أزمة تجويع الشعب الفلسطيني.
عصابة أبو شبابوفقًا لمصادر أمنية فلسطينية ودولية، تقوم مجموعات إجرامية تعمل تحت حماية الجيش الإسرائيلي باختطاف شاحنات المساعدات عند معابر مثل "كرم أبو سالم" وتحويل مسارها إلى مستودعات سرية داخل الأراضي المحتلة، حيث يتم بيعها لاحقًا بالاتفاق مع ضباط وتجار إسرائيليين.
وفي الشهر الجاري كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن وثائق تثبت تورط ضباط إسرائيليين في تحصيل رشاوى من هذه العصابات مقابل غض الطرف عن سرقة المساعدات وتقديم تسهيلات وحماية لأفراد العصابة لمنع وصول المقاومة إليهم إضافة إلى امدادهم بالمعلومات والأسلحة.
ويقود ياسر أبو شباب العصابة الإجرامية الكبرى في قطاع غزة التي تتخذ من المناطق الحدودية مع إسرائيل قاعدة لعملياتها، حيث تقوم الميليشيا بتهريب المساعدات المسروقة عبر أنفاق سرية، وبيعها بأسعار مرتفعة جدا لتجار محليين تفوق قدرة المواطنين.
وقامت المليشيا بإطلاق الرصاص على المتظاهرين الذين يحتجون على انعدام المساعدات، كما حدث في مخيم رفح في مايو 2025
و أصدرت حركة حماس بيانًا رسميًا يوم 20 يوليو 2025، اتهمت فيه مليشيا ياسر أبو شباب بالعمل كـ"ذراع تنفيذية" لعصابات إسرائيلية منظمة.
وأشارت إلى وثائق تثبت تلقي المليشيا تمويلًا وإرشادات أمنية مباشرة من ضباط في الجيش الإسرائيلي مقابل:1- ضمان عدم وصول المساعدات الغذائية إلى المناطق التي تقول إسرائيل أنها موالية للمقاومة.
2- تزويد إسرائيل بمعلومات أمنية عن أنشطة المقاومة في مقابل حصص من المساعدات المسروقة.
وفي تصريح نادر للإذاعة الإسرائيلية (راديو الجيش) يوم 10 يوليو 2025، قال ياسر أبو شباب: نحن نتعاون مع من يضمن بقاءنا وإسرائيل ليست عدوة لنا.
كما نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية (15 يوليو 2025) تحقيقًا استند إلى تسريبات من ضباط إسرائيليين أكدوا أن أبو شباب مدرج في قائمة "الشركاء الموثوقين" لدى وحدة التنسيق المدني الإسرائيلية. وأكدت ان الجيش الإسرائيلي يغض الطرف عن سرقة شاحنات المساعدات في المعابر مقابل معلومات استخبارية عن أنفاق المقاومة.
وقد صنفت الأمم المتحدة أبو شباب في تقرير سري كـعقبة أمام العمل الإنساني ودعا الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على "الشبكات الإجرامية العابرة للحدود".
وأفاد المراسلون وشهود عيان أن السلع المسروقة تباع في أسواق رفح بواسطة الميليشيا رغم أنها تحمل أختام مساعدات الاتحاد الأوروبي، فيما أكد الناشط الغزاوي محمد أبو عيسى أن المليشيا تهدد العاملين في المنظمات الدولية بالسلاح إذا كشفوا الفساد.
ويبقى أن سرقة المساعدات ليست أعمالًا فردية، بل هي مخطط منهجي تُديره إسرائيل بمشاركة مليشيات محلية لتحقيق أهداف سياسية:
1- تجويع السكان لدفعهم للهجرة.
2- تدمير شرعية الفصائل عبر تصويرها كفاسدة.
3- الامعان في إذلال الشعب الفلسطيني والقضاء عليه وخاصة قتل الأطفال ومصادرة مستقبل أجيال كامله من شباب ورجال ونساء غزة.
إنها جرائم تفوق الخيال لكنها تحدث الآن في غزة أمام العالم.
اقرأ أيضاًمئات الأطنان من المساعدات تعبر رفح: خمسة أفواج من الشاحنات إلى غزة (فيديو)
صرخة الخبز في غزة: الأسواق تحوّلت إلى ساحات تجويع وعقاب جماعي