معبر أدري فتح بعد مرور نحو عام ونصف العام من بداية حرب السودان، لكن الجدل بشأنه لم يتوقف، بين مطالب استمرار فتحه والدعوات لإغلاقه!.

بورتسودان– كمبالا: التغيير

في الوقت الذي يحصد فيه الجوع أرواح مواطني إقليم دارفور منذ اندلاع حرب 15 أبريل 2023م التي أدت لتوقف وصول المساعدات الإنسانية لأكثر من عام ونصف، جاءت تصريحات جبريل إبراهيم وزير مالية الحكومة التي يسيطر عليها الجيش ببورتسودان عكس ما يتمناه إنسان الإقليم.

فعلى غير المتوقع طالب الوزير الذي يقود حركة العدل والمساواة السودانية بإغلاق معبر أدري الحدودي بين السودان وتشاد بعد أن أصبح ممراً رئيساً لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش- بحسب زعمه.

وجاءت دعوة جبريل بعد مدّة وجيزة من موافقة مجلس السيادة على فتح المعبر اعتبارًا من 15 أغسطس الماضي ولثلاثة أشهر، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية إلى النازحين بدارفور، بعد تعنت طويل من الحكومة السودانية التي رضخت أخيراً لضغوط الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

أسباب الدعوة

جبريل إبراهيم، قال في تغريدة على منصة (X)، إن الغرب ومنظمات اجتهدوا في فتح معبر أدري للأغراض الإنسانية، ليتحول إلى معبر رئيس لدعم الميليشيا بالأسلحة الفتاكة. وأضاف: يجب إغلاق هذا المعبر اليوم قبل الغد.

وتابع: تمديد فتح معبر ادرى يستوجب الايفاء بشرطين صارمين؛ أولاً: وجود فريق سوداني يضم سلطات الجمارك، هيئة المواصفات والمقاييس والمخابرات العامة على جانبي المعبر تحت الحماية الدولية.

وثانيًا: توفر ماسحات الأشعة السينية التي تمكن السلطات الجمركية من فحص البضائع العابرة للحدود بشكل دقيق.

ويجيئ طلب جبريل في إطار تخوفه وقادة الحركات المتحالفة مع الجيش من استخدم قوات الدعم السريع لمعبر أدري في إيصال مساعدات عسكرية ولوجستية تمكنه من السيطرة على إقليم دارفور بشكل كامل بعد سيطرته على 4 من أصل 5 ولايات بالإقليم، حيث تبقت له فقط مدينة الفاشر التي تشهد قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات المشتركة المساندة له والدعم السريع والمليشيات العربية المتحالفة معه.

مأساة إنسانية

وبدعوته هذه لم يضع جبريل مصلحة ملايين المواطنين الموجودين في مخيمات النزوح الذين يعانون من تفاقم المأساة الإنسانية مع استمرار الاشتباكات والعنف في مناطق من دارفور، والتي أدت إلى نقص حاد في الموارد الأساسية، مثل الغذاء والدواء، إضافة إلى تفشي الأمراض وخطر المجاعة.

وحصد الجوع المئات من المواطنين خاصة النساء والأطفال وكبار السن، حتى اضطروا لأكل أوراق الأشجار ومخلفات الكوش “مكبات النفايات” بحسب الناطق الرسمي باسم النازحين واللاجئين آدم رجال.

وقال رجال لـ(التغيير)، إن معدلات سوء التغذية وصلت إلى مستويات شديد الْخَطَر نتيجة نقص الغذاء والدواء، مما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا، خاصة بين الأطفال والنساء والمسنين في مخيمات النزوح المنتشرة في دارفور وأجزاء أخرى من السودان.

وحذر رجال من أن استمرار العنف يشكل تهديداً خطيراً لوحدة السودان، ووصف ما يحدث في دارفور بأنه جريمة أخلاقية تستدعي وقفة عاجلة.

وأطلق مناشدات للمجتمع الدولي، وكافة السودانيين، للتحرك فورًا لإنهاء الحرب المدمرة التي مزقت النسيج الاجتماعي ودمرت التراث الثقافي للسودان، محذراً من أن البلاد قد تنزلق نحو حرب شاملة بين كافة الأطراف.

مطالبة باستمرار المعبر

وأفادت الأمم المتحدة في 15 أكتوبر الحالي بعبور أكثر من 200 شاحنة محملة بإمدادات إنسانية، يستفيد منها 615 ألف شخص، بما في ذلك المعرضون لخطر المجاعة، وذلك منذ إعادة فتحه.

وطالبت مجموعة متحدون، المكونة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة وسويسرا والسعودية ومصر والإمارات والاتحاد الأفريقي، الأسبوع الماضي بإبقاء معبر أدري مفتوحًا دائمًا، كما دعت إلى تسهيل استخدام مطار كادقلي لرحلات الإغاثة.

وكان مجلس السيادة وافق على فتح مطارات كادقلي بجنوب كردفان ودنقلا بالولاية الشمالية والأبيض بشمال كردفان وكسلا بشرق السودان، أمام رحلات الإغاثة.

حديث بلا قيمة

ووصف نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس، من يتحدثون باسم السيادة بأنهم ضد الشعب السوداني ولا يعنيهم أمر المواطنين في شئ.

وقال لـ(التغيير): هؤلاء معترضون على فتح معبر أدري ولكن بضغوطات من المجتمع الدولي سمحوا بذلك.

وأضاف: موافقتهم على فتح المعبر من عدمه لا تعني شيئاً لأن المعبر تحت سيطرة قوات الدعم السريع من ناحية السودان.

وشدد على أن حديث جبريل إبراهيم ليس لديه قيمة لأنه يمثل رأي الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني اللذين يستخدمان حركات الارتزاق الموقعة على سلام جوبا لتقسيم السودان “ولن نسمح لهم بذلك”.

طلب منطقي

ودافع الناطق باسم القوة المشتركة أحمد حسين عن المطالبة بإغلاق معبر إدري، وقال لـ(التغيير) إن مطالبة جبريل جاءت لأن المعبر أصبح الممر الوحيد الذي يدعم مليشيات الجنجويد بالإمدادات اللوجستية والعسكرية والبشرية تحت غطاء العمل الإنساني.

وأضاف: خططنا هي العمل على طرد هؤلاء الأوباش ومرتزقتهم من مدينة الجنينة- على حد قوله.

واتهم الناطق الرسمي دولة تشاد بدعم قوات الدعم السريع بفتح أراضيها لتمارس حربها ضد مواطني إقليم دارفور.

تورط تشاد

وسبق أن اتهم عضو مجلس السيادة، مساعد قائد الجيش ياسر العطا، “بعض القادة النافذين والمرتشين في تشاد بتسهيل إمدادات الجنجويد من الإمارات عبر مطار انجمينا”.

وقال إنّ ما وصفها بـ”المليشيا الإرهابية” استعانت بالمرتزقة.

وتشهد العلاقات بين السودان وتشاد توترًا كبيرًا وصل مرحلة طرد انجمينا 4 دبلوماسيين، وظل قادة الجيش يتهمون تشاد بأنها تدعم قوات الدعم السريع بشكل مستمر.

مجرد شائعات

بالمقابل، نفى مصدر بالدعم السريع استخدامه لمعبر أدري لإيصال العتاد العسكري.

وقال إن المعبر “يتم مراقبته بواسطة المنظمات الإنسانية التي تعمل في ايصال المساعدات الإنسانية ودورنا ينحصر في تسهيل المساعدات لمستحقيها”.

واتهم المصدر الجيش والحركات المتحالفة معه بإطلاق تلك الشائعات لإغلاق المعبر لأنها لا تهمها مصلحة الشعب السوداني الذي يعاني من الجوع والمرض بسبب الحرب التي أشعلها فلول النظام السابق.

وشدد على أن قوات الدعم السريع لديها القنوات التي تحصل فيها على العتاد الحربي ولا حاجة له معبر أدري.

خيار مستبعد

بدوره، رأى المحلل السياسي المختص في شؤون دارفور محمد تورشين، “أن دعوة جبريل جاءت في إطار اتهامات عدة بأن المعبر ظل النقطة التي يعتمد عليها الدعم السريع في إيصال الاحتياجات العسكرية واللوجستية للسودان، فضلاً عن أن المعبر تم فتحه لأغراض إنسانية صرفة لأن الأمم المتحدة والجهات الإغاثية تحدثت عن ضرورة فتح هذا المعبر حتى يتسنى لها إدخال الاحتياجات الأساسية”.

وأضاف لـ(التغيير): “يبدو أن الاحتياجات الأساسية ربما حسب تقديرات رئيس حركة العدل والمساواة، وزير المالية بأن الاحتياجات دخلت ولا حاجة للسودان بهذا المعبر”.

وتابع: “هناك بعض التقارير تحدثت أن دولة تشاد بدأت تفرض رسوم عالية على السلع الغذائية”.

وقال تورشين يمكن أن تكون لجبريل معلومات بأن المعبر أصبح يوظف لأغراض غير الإنسانية التي فتح من أجلها، وربما هذه المخاوف يمكن أن يتم أخذها بعين الاعتبار من قبل الجهات المعنية لاسيما رئيس مجلس السيادة.

وتوقع المختص في شؤون دارفور، أن تشهد الأيام المقبلة تشديدات وتدابير وإجراءات صارمة، لكنه استبعد أن يتم إغلاق المعبر.

الوسومالجالية السودانية في تشاد الدعم السريع السودان القوات المشتركة تشاد جبريل إبراهيم حركة العدل والمساواة محمد تورشين معبر أدري وزير المالية ياسر العطا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السريع السودان القوات المشتركة تشاد جبريل إبراهيم حركة العدل والمساواة معبر أدري وزير المالية ياسر العطا قوات الدعم السریع جبریل إبراهیم مجلس السیادة لـ التغییر معبر أدری أن المعبر على فتح

إقرأ أيضاً:

وسط تحذيرات أممية وتصاعد الأزمة الإنسانية.. خطر المجاعة يخيم على جنوب الخرطوم

البلاد – الخرطوم
وسط تصاعد الأزمة الإنسانية في السودان، أطلق برنامج الأغذية العالمي تحذيراً خطيراً من اقتراب المجاعة في مناطق واسعة جنوب العاصمة الخرطوم، مشيراً إلى مستويات مقلقة من الجوع واليأس، في ظل شح التمويل وتفاقم الأوضاع الميدانية.
وأكد لوران بوكيرا، المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في السودان، في تصريحات أدلى بها للصحافيين من مدينة بورتسودان، أن “مستوى العوز واليأس الذي تم رصده ميدانيًا شديد جداً، ويؤكد اقتراب المجاعة في عدة مناطق جنوب الخرطوم”، مضيفاً أن الموارد المتاحة لا تواكب حجم الاحتياجات الفعلية، ما ينذر بكارثة إنسانية متسارعة.
مراسلون من منظمات إنسانية وفرق ميدانية عاملة في جنوب الخرطوم، أبلغوا عن مشاهد مروعة لمئات العائلات التي تعيش في مخيمات عشوائية بلا غذاء أو ماء نظيف. وأفادت تقارير بأن السكان يعتمدون بشكل شبه كامل على المعونات المحدودة التي تصلهم عبر طرق غير آمنة، حيث تعيق المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عمليات التوزيع.
في حي “مايو” جنوب الخرطوم، شوهدت طوابير من النساء والأطفال بانتظار حصص غذائية قد لا تصل. وقال أحد العاملين المحليين في مجال الإغاثة، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن “الوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، كثير من الأطفال لم يتناولوا وجبة كاملة منذ أيام، وبعض الأسر بدأت تلجأ إلى أكل أوراق الأشجار”.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، يواجه نحو مليوني شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي على امتداد البلاد، من بينهم 320 ألفاً يعيشون بالفعل في ظروف تصنّف كمجاعة. وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 100 ألف شخص داخل العاصمة الخرطوم وحدها يعانون من مستويات حرجة من نقص التغذية، وسط انهيار شبكات الدعم الحكومي وخروج المستشفيات عن الخدمة.
ويُصنف السودان حالياً ضمن الدول الأربع الأكثر تضرراً من سوء التغذية الحاد على مستوى العالم، مع تراجعٍ متسارع في المؤشرات الصحية والغذائية.
تعود جذور الأزمة الراهنة إلى الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف، وتشريد أكثر من 12 مليون شخص داخل وخارج البلاد، في ما يعتبر أكبر أزمة نزوح يشهدها العالم حالياً.
هذا النزاع لم يقتصر تأثيره على المدنيين فقط، بل تسبب أيضاً في تدمير البنية التحتية، بما في ذلك أنظمة النقل، والمرافق الصحية، وسلاسل الإمداد الغذائي، مما فاقم من هشاشة الاقتصاد السوداني المنهار أصلاً.
رغم التحذيرات المتكررة التي أطلقتها الأمم المتحدة منذ أشهر بشأن قرب نفاد الموارد الإنسانية في السودان، لا تزال الاستجابة الدولية دون المستوى المطلوب. ويطالب برنامج الأغذية العالمي الجهات المانحة بتكثيف دعمها قبل أن يتفاقم الوضع إلى مجاعة شاملة يصعب تداركها.
في ظل هذا المشهد القاتم، باتت الحاجة ملحة إلى ممرات آمنة لإيصال المساعدات، وضمان وصول المنظمات الإنسانية إلى المناطق المتضررة دون عراقيل أمنية، مع توفير تمويل فوري لتوسيع نطاق عمليات الإغاثة.
مع اقتراب السودان من حافة المجاعة، تبدو الحاجة ماسّة لتدخل دولي أكثر فاعلية وسرعة في وقف الحرب وتأمين الغذاء لملايين الجوعى، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة بشرية لا تُمحى آثارها بسهولة من الذاكرة العالمية.

مقالات مشابهة

  • وسط تحذيرات أممية وتصاعد الأزمة الإنسانية.. خطر المجاعة يخيم على جنوب الخرطوم
  • الجيش السوداني يتهم قوات حفتر بدعم هجوم للدعم السريع على موقع حدودي
  • القوات المسلحة: الدعم السريع وقوات حفتر يهاجمون المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا
  • الجيش السوداني يتهم حفتر بمساندة مباشرة للدعم السريع
  • شبكة أطباء السودان: 179 قتيلاً جراء قصف الدعم السريع على الفاشر في مايو
  • غرفة طوارئ معسكر أبو شوك بمدينة الفاشر: ظروف إنسانية صعبة وتحديات أمنية جراء القصف المدفعي المستمر من قبل الدعم السريع
  • د. حسن محمد صالح: من حول الدعم السريع الي المشروع الغربي العلماني؟
  • حرب المسيّرات تغيّر قواعد اللعبة في السودان… «الدعم السريع» يوسّع سيطرته من الجو
  • تصاعد المعارك بين الجيش و الدعم السريع في دارفور وكردفان
  • السودان بين سيطرة الجيش وتصعيد الدعم السريع.. قصف إغاثي وحصار مستمر