مسعف يروي للجزيرة نت مشاهد مؤلمة من شمال غزة
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
#سواليف
“هكذا صباحي في كل يوم، أقف حائرا بين دماء #الشهداء و #المصابين، بين #صرخات #الألم ونبضات الأمل، أتنقل بين الأشلاء لأحمل جريحا هنا وأودع شهيدا هناك، في أرض لم تعرف سوى #الحرب، أتأمل #الأجساد_الممزقة والوجوه التي غادرتها الحياة، أبحث عن بصيص أمل بين #ركام_الحرب وأنقاض المنازل”.
و”هنا لا فرق بين الليل والنهار، كل لحظة هي #صراع مع #الموت ومحاولة لإنقاذ حياة جديدة، رغم القهر والتعب نستمر، لأن واجبنا أكبر من أي خوف، ولأن حياة كل إنسان هنا تستحق أن نناضل من أجلها، هذا هو واقعي في #غزة، بين الحياة والموت بين الدمار والصمود”.
هذه كلمات المسعف المتطوع #عبدالرحيم_خضر التي نشرها في مساء يوم مزدحم، لم تتوقف به #نداءات_الاستغاثة الصادرة عن ضحايا #المجازر الإسرائيلية في مخيم #جباليا وشمال قطاع غزة.
مقالات ذات صلة تحذير من الأرصاد الجوية 2024/10/25جلس خضر على كرسي خشبي يخطف لحظات راحة، ونظر إلى ساقيه والدماء تخضب اللباس الأخضر الذي ترتديه الطواقم الإنسانية التابعة للخدمات الطبية، وأمسك بهاتفه المحمول وكتب تلك الكلمات التي يقول للجزيرة نت “إنها ليست مجرد كلمات صماء، وإنما تشخيص لحياتنا اليومية منذ اندلاع الحرب”.
نظر المسعف عبد الرحيم خضر إلى ساقيه وكتب كلمات مؤثرة بعد يوم حافل من المجازر الاسرائيلية ونداءات الاستغاثة
يوميات دامية
3 أيام حتى تمكنت الجزيرة نت في جنوب القطاع من استكمال المقابلة مع خضر في شماله، وقد اضطر غير مرة إلى قطع المكالمة على عجل والاستئذان والانطلاق نحو موقع مستهدف، تلبية لنداءات استغاثة، يقول إنها لا تتوقف على مدار الساعة، ليلا ونهارا، منذ الهجوم الإسرائيلي البري المستمر على مخيم جباليا للأسبوع الثالث على التوالي.
تختزن ذاكرة المسعف خضر الكثير من المشاهد التي مرت به خلال عام الحرب الضارية، ويقول إنها ستبقى محفورة راسخة بداخله حتى آخر حياته، لكنه يتحدث بتأثر كبيرعما يعايشه منذ 3 أسابيع، حيث ارتكبت فيها قوات الاحتلال مجازر مروعة في شمال القطاع، وخاصة في مخيم جباليا المحاصر، بقصفها المنازل السكنية فوق رؤوس ساكنيها، واستهداف مراكز الإيواء وقتل النازحين، وقنص النساء والأطفال والرجال في الشوارع أثناء محاولتهم الهرب من الموت.
وتحاصر قوات الاحتلال مخيم جباليا منذ 19 يوما، في سياق عملية عسكرية برية هي الثالثة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ضد هذا المخيم الأكبر من حيث الكثافة السكانية بين مخيمات القطاع الثمانية.
وخلال هذه العملية، قتلت قوات الاحتلال أكثر من 500 فلسطيني وصلوا المستشفيات شبه المنهارة في شمال القطاع، في حين تتحدث طواقم الدفاع المدني والإسعاف عن انتشار عشرات جثث الشهداء في الشوارع، يقول عبد الرحيم خضر “تمنع قوات الاحتلال وصولنا لانتشال الشهداء وإجلاء الجرحى وإسعافهم”.
جرائم لا تنسى
عبد الرحيم خضر شاب عشريني من مواليد مخيم جباليا عام 2002، يهوى التصوير وتجذبه المشاهد الجمالية، وكان يلاحقها بعدسته من مكان إلى آخر قبل اندلاع الحرب، التي وجد نفسه فيها أمام مشاهد من القتل والدمار، استدعت منه أن يستغل “دورة تدريبية بالإسعافات الأولية” والتحق كضابط إسعاف متطوع في الخدمات الطبية.
الحرب دمرت كل شيء جميل في غزة، معالمها وآثارها وأسواقها ومساجدها وكنائسها وشوارعها ومدارسها ومستشفياتها، وحولتها إلى كتل من الركام والأنقاض، يقول خضر وهو يتحدث عن قراره بالتطوع “مسعفا ومصورا” في الخدمات الطبية، يوثق الجرائم بعدسته، ويتركها جانبا ويشارك في إنقاذ الجرحى عندما يكون “الحدث جللا والجريمة كبيرة” بحسب وصفه، مستشهدا بمجزرة مسجد التابعين.
ولا يتردد المسعف المتطوع في وصف مجزرة مسجد التابعين بالأبشع، وقد أصيب بالصدمة والذهول عند وصوله إلى المسجد الملحق بمدرسة تحولت إلى مركز لإيواء النازحين في مدينة غزة.
“وقفت متسمرا في مكاني، الدماء والأشلاء تغطي ساحة المسجد، أخذت أجول ببصري في أرجاء المكان بحثا عن بقايا حياة، وقد فتكت صواريخ الاحتلال بأجساد المصلين أثناء أدائهم صلاة الفجر، وحولتها إلى أشلاء متناثرة، وبدت ساحة المسجد كبركة من الدماء”، يشرح هذا الشاب وكأنه يصف مشهدا لا يزال ماثلا أمام ناظريه.
ويضيف “كان المشهد مروعا، والأرض مفروشة بالأشلاء، حتى إن الأهالي لم يتمكنوا من التعرف على أبنائهم، ولجأت إدارة المستشفى إلى وضع الأشلاء في أكياس، معتبرة أن وزن كل 70 كيلوجراما يمثل شهيدا بالغا، وكل 30 كيلوجراما شهيدا طفلا، وتم دفنهم على هذا النحو، فهل شهد العالم مثل هذه المأساة في تاريخه؟”، يتساءل بحرقة.
ألم متصل
وخضر نفسه نجا من الموت غير ما مرة، وفي واحدة منها وقع حدث لا ينساه في أحد أيام الهجوم البري الإسرائيلي الأول على مخيم جباليا بدايات العام الجاري، يقول “كنا 5 خرجنا لأداء مهمة إنسانية في سيارتي إسعاف، وتوقفنا في منطقة جباليا البلد، وإذا بقذائف المدفعية تتساقط حولنا”.
يكمل الوصف بقوله “ترجلنا من السيارة الثانية نحو السيارة الأولى لتفقد زملائنا، وإذا بالسائق أبو سليمان ينزف وقد بتر اثنان من أصابع يده، ولم نعثر على زميلنا المسعف محمد المطوق، وبحثنا عنه لنصف ساعة في محيط المكان من دون جدوى، واضطررنا للانسحاب نتيجة الخطر ولإسعاف أبو سليمان، وبعد ساعة ونصف عدنا مجددا للبحث عن المطوق، وكان مغمى عليه وقد قذفته قوة الانفجارات لبضعة أمتار خلف جدار قريب، ثم عثر عليه أهل المنطقة وأسعفوه”.
لكن لم تنته الحكاية هنا، بعد 3 شهور من هذه الحادثة خرج خضر ملبيا نداء استغاثة نحو منزل دمرته غارة جوية إسرائيلية في جباليا البلد، وكانت المفاجأة التي يقول إنها ستبقى راسخة في ذاكرته “المستهدف هو صديقي وزميلي محمد المطوق وقد دمرت صواريخ الاحتلال المنزل عليه، وارتقى شهيدا”.
كان عبد الرحيم خضر مصوراً يهوى المشاهد الجمالية ومع اندلاع الحرب تبدلت حياته لمسعف يسابق الموت لانقاذ الجرحى وانتشال الشهداء-رائد موسى-غزة-الجزيرة نت
انقلبت حياة خضر بعد الحرب من مصور يهوى المشاهد الجمالية إلى مسعف يسابق الموت لإنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء (الجزيرة)
“حياة أفضل”
عندما التحق خضر بالخدمات الطبية كضابط إسعاف متطوع لنحو 3 شهور لم يتمكن خلالها من رؤية والديه وأسرته، واليوم يعيش واقعا مماثلا، حيث أسرته محاصرة مع من تبقى من سكان في مخيم جباليا، ويقول “أشتاق لأسرتي، وأدعو الله ألا يفجعني بأحد من أهلي وأحبتي”.
ومنذ مغادرته المخيم قبل بضعة أيام، يواجه صعوبة في التواصل مع أسرته بسبب تردي خدمات الاتصالات والإنترنت، ويقول إن الأوضاع داخل المخيم مأساوية، وأغلب السكان يواجهون صعوبة بالغة في توفير احتياجاتهم من الطعام ومياه الشرب.
يأمل هذا الشاب الأعزب أن ينتهي هذا الكابوس ويعود لحياته الطبيعية، ويستكمل دراسته بتخصص الديكور والتصميم الداخلي بكلية الهندسة في جامعة الأقصى، ويقول “صباحات الناس حول العالم تبدأ بالابتسامات والتوجه لأعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم، ونحن في غزة ننام ونستيقظ على صرخات الألم ونداءات الاستغاثة ومشاهد الدماء والأشلاء، نحن بشر أيضا ونستحق حياة أفضل، فمتى ينتهي هذا المسلسل الدموي؟”.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الشهداء المصابين صرخات الألم الحرب ركام الحرب صراع الموت غزة نداءات الاستغاثة المجازر جباليا قوات الاحتلال اندلاع الحرب مخیم جبالیا
إقرأ أيضاً:
اختبار لصلابتنا.. ما هي الحرب الهجينة التي تحدثت عنها فون دير لاين؟
أكدت فون دير لاين أن "هذه الحوادث محسوبة لتبقى ملفوفة بغموض يسمح بإنكارها. إنها ليست مضايقات عشوائية، بل حملة متماسكة ومتصاعدة". اعلان
قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأربعاء، إن على أوروبا أن تطوّر أساليبها التقليدية في الدفاع، لمواجهة ما وصفته بـ"الحرب الهجينة" التي تشنها روسيا.
وجاءت تصريحات فون دير لاين خلال خطاب ألقته أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، حيث قالت، في إشارة إلى حوادث اختراق الطائرات المسيّرة لأجواء عدد من الدول الأوروبية: "شيء خطير وغير مسبوق يحدث في سمائنا.. هذه ليست مضايقات عشوائية، بل حملة منسقة ومتزايدة تهدف إلى زعزعة استقرار مواطنينا، واختبار صلابتنا، وتقسيم اتحادنا، وإضعاف دعمنا لأوكرانيا". وأضافت: "لقد حان الوقت لنسمي الأمور بمسمياتها: هذه حرب هجينة".
ما هي الحرب الهجينة؟تعرَّف "الحرب الهجينة" بأنها صراع يستخدم فيه الخصم أساليب قتالية متعددة، في ميادين مختلفة بشكل متزامن. ويُعدّ الباحث العسكري الأمريكي فرانك هوفمان من أبرز من طوّر هذا المفهوم، إذ أصدر عام 2007 وثيقة توقّع فيها أن تتطور طبيعة الصراعات المستقبلية لتتسم بمزيج من التكتيكات التقليدية وغير النظامية، مع اعتماد التخطيط والتنفيذ اللامركزي.
وتشمل الحرب الهجينة عدة مجالات في آن واحد: السياسية والعسكرية والإلكترونية والإعلامية، إضافة إلى استخدام جماعات غير نظامية، وخوض "حروب قانونية"، والتلاعب بالأنظمة أو التدخل في الانتخابات في الدول المستهدفة.
المسيرات ومشروع الحارس الشرقي للناتوكانت قد شهدت كل من بولندا وإستونيا ورومانيا الشهر الماضي خروقات جوية، في حين رُصدت طائرات مسيّرة مجهولة في الدنمارك وألمانيا وبلجيكا.
وردًا على ذلك، فرضت كوبنهاغن الأسبوع الماضي حظرًا مؤقتًا على رحلات الطائرات المسيّرة، بينما أطلق حلف شمال الأطلسي (الناتو) برنامجًا يحمل اسم "الحارس الشرقي" (Eastern Sentry) لمعالجة الثغرات في الدفاعات الجوية للدول الأعضاء فيه.
بدورها، اقترحت فون دير لاين إنشاء "جدار من الطائرات المسيّرة" لحماية أوروبا من روسيا، وهي مبادرة أثارت جدلاً واسعًا بشأن مدى جدواها والتكاليف الباهظة المحتملة لتنفيذها.
Related تصاعد الهجمات بين روسيا وأوكرانيا: صواريخ ومسيرات تهز الجبهتين وتحذيرات من كارثة نوويةترامب يعرب عن استعداد الولايات المتحدة لدعم بولندا في حال استمرار التصعيد الروسيوزير الداخلية البولندي: أوروبا بدأت بأكملها تتحدث بصوت بولندا في مسائل أمن الحدودميركل تلوم بولندا ودول البلطيق على حرب بوتين في أوكرانيا موسكو تهدف إلى "زرع الانقسام"وعن استجابة أوروبا للانتهاكات الجوية، قالت فون دير لاين: "حادثان قد يقعان صدفة، لكن عندما تحدث ثلاثة أو خمسة أو عشرة حوادث، فذلك يعني أننا أمام حملة متعمدة وموجهة ضد أوروبا، ويجب على أوروبا الرد عليها".
ورغم أن رئيسة المفوضية لم تصرّح صراحة بأن تلك الطائرات روسية، على خلاف ما قالت مسؤولة السياسة الخارجية كايا كالاس في الجمعية العامة للأمم المتحدة وعدة مسؤولين أوروبيين آخرين، فإنها اتهمت موسكو بالسعي إلى "زرع الانقسام" في أوروبا.
تطوير أساليب الدفاع التقليديةأضافت السياسية الألمانية: "مواجهة الحرب الهجينة التي تشنها روسيا لا تقتصر على الدفاع التقليدي، بل تتطلب عقلية جديدة منّا جميعًا. يمكننا إما أن نتراجع ونشاهد التهديدات الروسية تتصاعد، أو أن نواجهها بالوحدة والردع والحزم".
وشددت فون دير لاين على أن حماية الحدود الشرقية لأوروبا غير كافية، مشيرة إلى أن التصدي للحرب الهجينة يشمل أيضًا تطوير برمجيات الطائرات المسيّرة، وتأمين قطع غيار خطوط الأنابيب، وتشكيل فرق استجابة سريعة للهجمات السيبرانية، إلى جانب حملات توعية عامة.
ومن المقرر أن يعقد الاتحاد الأوروبي قمة في بروكسل في وقت لاحق من هذا الشهر، لوضع "خارطة طريق" تهدف إلى إعداد التكتل لمواجهة التهديدات الروسية في السنوات المقبلة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة