يعد مهرجان الجونة السينمائي في مصر نموذجًا لنجاح القطاع الخاص في دعم الفنون والثقافة، وهو دليل ملموس على الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في تقديم مستوى من التنظيم والإبداع يفوق في كثير من الأحيان ما يقدمه القطاع الحكومي. ويعكس المهرجان، منذ انطلاقه، رؤية متقدمة نحو تعزيز مكانة الفن العربي، وبناء جسر بين الجمهور والفنانين وصناع المحتوى، ليشكل مهرجانًا نابضًا بالحياة والإبداع.

على الرغم من أنني لا أرتبط بأي صلة بعائلة ساويرس، إلا أنني أجد في جهودهم بمهرجان الجونة دعمًا كبيرًا يستحق الثناء. فقد تمكنوا من خلق بيئة إبداعية تلهم وتحتضن المواهب، سواء من خلال التنظيم المتميز أو من خلال الأفكار الجديدة، مما يضع الجونة في مصاف المهرجانات العربية الكبرى التي تقدم فنونًا بمستوى عالمي، متجاوزة الطابع التقليدي. ومما يُحسب لهم أيضًا، أنهم أدركوا أهمية الاستعانة بشخصيات مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الغندور والدحيح وأحمد رمزي، وهي أسماء شابة موهوبة أثرت المهرجان بلمساتها، وساعدت على جذب جمهور متنوع من مختلف الشرائح.

أتمنى أن يعود الفن المصري كما كان في عصره الذهبي، حيث كان يقدم إبداعات وصلت إلى كل بقاع الوطن العربي. ولعلنا بحاجة الآن إلى إتاحة مساحة أكبر للقطاع الخاص لدعم الفن، ليعود هذا القطاع رافدًا اقتصاديًا هامًا كما كان يمثل سابقًا نحو 1% من الدخل القومي المصري. إذ لطالما كان الفن المصري أحد أبرز الصادرات الثقافية لمصر، وكان له دور رئيسي في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز القوة الناعمة لمصر على المستوى العربي والدولي.

ورغم أن مهرجان الجونة في بداياته كان يُعرف بكونه منصة لعرض الأزياء وأسلوب الحياة الفاخر، إلا أنه تطور مع مرور السنوات، حيث شهدنا في النسخ الأخيرة نضجًا واضحًا في مستوى الأعمال الفنية المقدمة، والأفكار التي يتم تناولها، والضيوف المشاركين من مختلف دول العالم. ولم يعد المهرجان فقط حدثًا لعرض الأزياء، بل أصبح منصة تحتضن حوارات ثقافية جادة، وفعاليات فنية غنية تعكس نضوجًا فكريًا وفنيًا يستحق التقدير.

وقد لفت نظري هذا العام الحضور الرسمي من الدولة المصرية، ممثلًا في تواجد محافظ الإقليم، وهي خطوة تعكس رغبة الدولة في دعم الفعاليات الثقافية والفنية، وهو دعم كان غائبًا عن معظم النسخ السابقة من المهرجان. هذه الرسالة إيجابية للغاية، وتوضح اهتمام الدولة بتشجيع المبادرات الفنية والثقافية التي يديرها القطاع الخاص، مما يبعث برسالة تقدير ودعم للجونة، باعتباره مشروعًا يعكس صورة مشرقة لمصر ويقدم قيمة مضافة لمكانتها الثقافية.

مهرجان الجونة هو دليل حي على الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه القطاع الخاص في الارتقاء بالفن المصري، وإعادة اكتشاف مكانته على الساحة العربية والدولية. فحين تتوفر الرؤية والدعم، يصبح للفن المصري مستقبل واعد، يعود بالنفع ليس فقط على الاقتصاد الوطني، بل على المجتمع ككل، بفتح آفاق جديدة للتعبير والإبداع، وتمكين المواهب من تقديم أفضل ما لديهم.
 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الدكتور مصطفى ثابت مهرجان الجونة القطاع الخاص مهرجان الجونة القطاع الخاص مهرجان ا

إقرأ أيضاً:

«ليوا للرطب» يسدل الستار على إحدى أنجح دوراته

إيهاب الرفاعي (منطقة الظفرة)

اختتمت، مساء أمس، فعاليات مهرجان ليوا للرطب في دورته الـ21، والتي تحظى برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وتنظيم من هيئة أبوظبي للتراث، وسط حضور جماهيري كبير ومشاركة واسعة من مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية.
شهدت فعاليات النسخة الـ21 من مهرجان ليوا للرطب إقبالاً جماهيرياً كبيراً منذ انطلاق الفعاليات في الـ 14 من الشهر الجاري، وتجاوز عدد الحضور، خلال 5 أيام فقط، أكثر من 50 ألف زائر من مختلف الدول، حرصوا على متابعة مختلف الفعاليات والأنشطة التي قدمها المهرجان للزوار على مدى 14 يوماً متتالية.
وبفضل جهود اللجنة المنظمة والتخطيط السليم، لم يعد مهرجان ليوا للرطب مجرد مهرجان أو مزاينة للرطب، بل أصبح عرساً تراثياً زراعياً متكاملاً يحتفي بالنخلة ومنتجاتها، ويساهم في تطوير القطاع الزراعي وإنتاج التمور داخل الدولة، كما أن الآثار التي انعكست على مزارع النخيل، ولمسها أصحاب المزارع، تعكس مدى النجاح الذي تحقق على مدى السنوات الماضية.
تنافست الشركات الزراعية المتخصصة والمهتمون بزراعة النخيل على عرض أحدث الابتكارات الزراعية، ليصبح ملتقى يجمع المزارعين والخبراء وروّاد الصناعات والشركات ومراكز البحوث حول هدف دعم القطاع الزراعي والإسهام في استدامته، إضافة إلى دوره في تفعيل الحركة الاقتصادية وتنشيطها في منطقة الظفرة، عبر برامجه التي تجذب آلاف الزوّار كل عام.
وتضمنت النسخة الحالية من مهرجان ليوا للرطب 24 مسابقة في المهرجان، هناك 12 مسابقة للرطب، تشمل فئات «الدباس، والخلاص، والفرض، والخنيزي، وبومعان، والشيشي، والزاملي، وأكبر عذج، ومسابقتا الظفرة وليوا لنخبة الرطب، ومسابقتا فرض وخلاص العين»، و7 مسابقات للفواكه لفئات «الليمون المنوع والمحلي، والمانجو المنوع والمحلي، والتين الأحمر والأصفر، وسلة فواكه الدار»، و3 مسابقات للمزرعة النموذجية لفئات «المحاضر الغربية، والمحاضر الشرقية، ومدن الظفرة»، ومسابقة أجمل مخرافة، ومسابقة إبداع من جذع النخلة.
كما تضمن أيضاً سوقاً شعبياً يبلغ عدد محلاته 50 محلاً للمنتجات التقليدية في إطار دعم المجتمع المحلي والأسر المنتجة في منطقة الظفرة، وركناً للحرف التراثية يضم 14 ورشةً حية للحرف تقدم من خلالها حاميات التراث معارفهن الحرفية والتراثية أمام الزوار، إضافة إلى 50 محلاً لبيع الرطب، و30 محلاً لفسائل النخيل والأدوات الزراعية، وعدد من الكافيهات، وركن للأطفال يسهم في تقريب الأطفال إلى تراثهم بطريقة تفاعلية، ويغرس فيهم روح التعاون والعمل الجماعي، إلى جانب عروض الفنون الشعبية والمسابقات التفاعلية اليومية وفقرات التوعية على المسرح، وغيرها من الأنشطة.


كرنفال شامل 

أجمع الزوار والمشاركون في ليوا للرطب على أن المهرجان نجح في أن يحفر له مكانة كبيرة في قلوب جميع من تابع فعالياته؛ بفضل ما يقدمه من أنشطة وبرامج متنوعة تلامس اهتمام الجميع كباراً وصغاراً، رجالاً وسيدات، من داخل الدولة وخارجها، ليكون بالفعل كرنفالاً تراثياً رائعاً يجمع عشاق الأصالة والعراقة حوله.

تنظيم محكم وفعاليات متنوعة
يؤكد محمد ممدوح، مدير شركة بتروجيت في الإمارات، أنها المرة الأولى التي يزور فيها مهرجان ليوا للرطب، وفوجئ بمستوى التنظيم المحكم والفعاليات المتنوعة التي يقدمها للزوار، والتي تنوعت بين التراثي والفعاليات التي تهتم بالأسرة والطفل، بجانب مسابقات الرطب المختلفة التي اشتملت على أنواع وأصناف عديدة تم عرضها أمام الجمهور خلال المهرجان. وأضاف ممدوح أنه قام بجولة في السوق الشعبي الذي يضمُّ محالَّ بيع الرطب، ومنتجات التمور، وما يرتبط بالنخيل، والمقاهي المتنقلة، والمصانع والمشاتل، بجانب أجنحة الجهات الراعية والداعمة والمشاركة. وتشمل فعالياته أنشطة يومية للمسرح تضمُّ مسابقات وجوائز يومية للحضور وعروضَ فرقِ الفنون الشعبية، والمحاضرات والندوات والأمسيات المتنوّعة.
ويشير محمد مبارك المرر، من أهالي الظفرة، إلى أن مهرجان ليوا للرطب أصبح علامة مميزة لدى المهتمين بزراعة النخيل وإنتاج الرطب، ويجمع إليه المهتمين بهذا القطاع من مختلف دول العالم، موضحاً أن مستوى المشاركات في المسابقات المختلفة التي تنظمها اللجنة المنظمة للمتسابقين اختلفت كثيراً، فأصبحت أكثر تميزاً وقوة بفضل الجهود المبذولة لتطوير الإنتاج وتحسينه.
ويعتبر شريف محمد زائر أن المهرجان قدم باقة متنوعة من الأنشطة والفعاليات المتميزة التي تعكس مدى نجاح المهرجان في الوصول إلى أكبر شريحة من أفراد المجتمع، مستشهداً بأن عدداً كبيراً من الزوار لمهرجان ليوا للرطب لم يكونوا من المزارعين أو المهتمين بالقطاع الزراعي، ومع ذلك حرصوا على التواجد يومياً في المهرجان للاستمتاع بما يقدمه من فعاليات متنوعة تلامس اهتمام الجميع ونجحت في ترسيخ الهوية الإماراتية من خلال الأنشطة التراثية المختلفة التي قدمها المهرجان للزوار.
ويوضح وليد الطريفي، مدير فرع بنك أبوظبي الأول في مدينة زايد، أن مهرجان ليوا للرطب يختلف من دورة إلى أخرى، ودائماً ما يحرص على تقديم فعاليات جديدة في كل دورة، وأنه حريص على متابعة فعالياته منذ سنوات، ويستمتع بما يقدمه من مسابقات متميزة تجمع خلالها أصحاب المزارع والمهتمين بزراعة النخيل في أجواء تنافسية قوية تتكلل بالفرحة والسعادة مع إعلان النتائج، والمبهر أن السعادة تغمر جميع المشاركين، سواء من فاز أو من لم يحالفه الحظ في الفوز، وهذه الأجواء لا تلمسها إلا في ليوا للرطب.

أخبار ذات صلة «أبوظبي للتراث» تكرم شركاء نجاح «ليوا للرطب» «بيئة أبوظبي»: 7900 سلحفاة بحرية في مياه الإمارة


المسابقات

توج معالي فارس خلف المزروعي، رئيس هيئة أبوظبي للتراث، الفائزين في مسابقة «ليوا لنخبة الرطب»، ضمن مسابقات مهرجان ليوا للرطب بدورته الـ21 التي أقيمت في مدينة ليوا بمنطقة الظفرة، وسط حضور عدد من ممثلي الجهات المشاركة والمزارعين وعشاق المسابقات التراثية وزوار المهرجان.
وأسفرت النتائج في مسابقة ليوا لنخبة الرطب عن فوز صلهام حرموص سعيد صالح المزروعي بالمركز الأول، وجاءت في المركز الثاني نصيفة سعيد زوجة سيف ثامر خلفان سيف المرر، وحل في المركز الثالث سعيد سالم جابر سعيد المنصوري، ونال المركز الرابع نصيب أحمد حمد دمينه المنصوري، وفي المركز الخامس سريعة عامر جديد المنصوري.
وجاء في المركز السادس مصبح سالم سعيد سالم المرر، وذهب المركز السابع إلى سالم عبدالله محمد هاشل القايدي، ونالت المركز الثامن ميرة علي مرشد المرر، وفي المركز التاسع طلال عبدالله حمد الكنيبي المزروعي، وحل بالمركز العاشر عبدالله خلف هلال راشد المزروعي.
وشهدت مسابقة ليوا لنخبة الرطب منافسات قوية بين أصحاب مزارع النخيل في الدولة، إذ خصصت اللجنة المنظمة للمهرجان 15 جائزة بقيمة 540 ألف درهم، ويحصل الفائز بالمركز الأول على جائزة مالية قيمتها 125 ألف درهم. 

مقالات مشابهة

  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية
  • ميمي جمال: اهدي تكريمي في المهرجان القومي للمسرح المصري لروح زوجي وحبيبي
  • تكامل القطاع الخاص والحكومة .. شراكة وطنية لتعزيز الصمود الاقتصادي في مواجهة العدوان
  • اليوم.. تكريم ميمي جمال ضمن فعاليات المهرجان القومي للمسرح
  • وكيل إمارة منطقة الجوف يفتتح مهرجان "خيرات الجوف" الرابع
  • «ليوا للرطب» يسدل الستار على إحدى أنجح دوراته
  • إبراهيم النجار يكتب: زياد الرحباني.. رحيل أيقونة فنية نضالية استثنائية!
  • جمال عاشور يكتب: من خشبة الأوبرا إلى قلب الناس
  • اليوم.. انطلاق مهرجان خيرات الجوف الرابع بسكاكا