المسلة:
2025-06-26@07:48:48 GMT

سيكولوجية الصراع حول فلسطين

تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT

سيكولوجية الصراع حول فلسطين

26 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة:

ابراهيم العبادي

منذ اعلان الدولة العبرية على ارض فلسطين عام 1948 ومراكز الدراسات والباحثون الصهاينة منهمكون بدراسة الشخصية العربية ،عشرات الابحاث والدراسات انتجتها جامعات بار ايلان والعبرية وحيفا وغيرهما ،ركزت على فهم سلوك العربي ،عاداته ،طباعه ،انماط تفكيره ،سلوكه في حالات الانكسار والانتصار ، الحزن ،الفرح ،طريقته في التفاوض وعقد الاتفاقات ،حتى قراءته للتاريخ وفهمه لماضيه ونصوصه الدينية ونتاجه الادبي ،كل ذلك كان موضع عناية الباحثين اليهود مستفيدين من الدراسات المحلية التي انجزها الباحثون العرب عن الشخصيات المحلية والقومية (العراقية ،المصرية ،السورية ،البدوية ،الحضرية )،كذلك ركز الباحثون الصهاينة على دراسة مشكلات الاقليات في المنطقة العربية والعلاقات المأزومة احيانا بين الاديان والمذاهب والملل ،وطريقة صنع القرار والسياسات ،استفادت الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية والساسة الصهاينة من كل هذه الجهود المعرفية والعلمية رغم ان الكثير منها لم يخل من التحيز ومحاولة رسم صورة كاريكاتيرية عن الشخصية العربية وتوظيف ذلك في سياق الحرب المحتدمة التي كانت تتجدد على مدار 75 عاما.

في جميع حروبها العدوانية التي شنتها اسرائيل على العرب ،كانت سيكولوجيا الحرب هذه تعتمد اسلوب الصدمة والمفاجاة والمبالغة في القتل والتدمير والابادة وتوظيف التفوق العسكري والتقني لاركاع الخصم وسلبه امكانيات الصمود والمقاومة والثبات .كان من ضمن الاسلحة المستخدمة في هذه الحروب سلاح (التيئيس والاحباط ) عبر تكثيف التدمير وزيادة اعداد الضحايا ،وحمل الخصم على الاستسلام باشعاره بعدم جدوى الحرب . رغم هذه الجهود التي حظيت بدعم الغرب عموما ،غير ان مهندسي الحروب الصهاينة وخبراؤهم النفسانيين كانوا يستعجلون الانتصارات التكتيكية ويراهنون على عاملي القوة والزمن في اركاع الطرف العربي والاسلامي الرافض للدولة العبرية امرا واقعا في المنطقة ،ونجحوا بالفعل نجاحا نسبيا في جعل العرب والمسلمين يقبلون بالدولة العبرية لكنهم اخفقوا في حمل الشارع العربي والاسلامي على نسيان تاريخ الصراع وهويته وتداعياته ،مازال الشطر الاكبر من العرب والمسلمين يحمل في جوانبه عداء للكيان الاسرائيلي ،لدوافع دينية وسياسية وحتى ثقافية ،ثمة سردية دينية ترفض وجود هذا الوجود المتغطرس وتشعر بخطره وضرورة مقاومته ورفض التطبيع معه ،ومازال الوعي العام يحمل مصدات ثقافية وممانعة نفسية تزداد سخونة واستدامة كلما ارتكب الجيش الصهيوني حملات ابادة وبادر الى حروب عدوانية جديدة.

الخسارة الستراتيجية التي لايفكر بها ساسة وخبراء الكيان الاسرائيلي تتمثل في اهمال القراءة المتبصرة بسايكولوجية العربي والمسلم بعد كل منازلة عسكرية يحقق فيها هذا الكيان نصرا تكتيكيا فقد خاض العرب حروبهم مع اسرائيل بدوافع وطنية وقومية وسياسية ومادية ،وفي كل هذه المعارك التي خسرتها الاجيال ،لم تتراجع الاجيال اللاحقة وتسلم بالامر الواقع ،بل ان كراهية الصهاينة صارت تتحفز بدوافع عقائدية ونصوص دينية ،مافشلت فيه (اسرائيل )حتى اللحظة انها لم تستطع انتزاع الرفض والمقاومة لوجودها من صدور الاجيال العربية رغم تاثيرات العولمة وحملات التغيير الفكري والثقافي التي تعرضت لها، ومخاضات العولمة الثقافية التي ركزت على تقارب الثقافات والتسامح الديني والتعدد الثقافي ونبذ الكراهيات!!!؟ . سيكولوجية رد العدوان ورفض الخضوع والاستسلام تستبطنها فئة ضخمة من الاجيال المعاصرة وتستحثها عبر الاستمداد من الموروث الديني والتاريخ السياسي والقومي ،بلغة مباشرة سيحصد الصهاينة مزيدا من التشدد العربي -الاسلامي في قبال جنوحهم نحو ابادة النوع البشري ،وكما عانى اليهود من (الهولوكست) وصار ذلك دافعا لهم ولحماتهم لتاسيس وطن قومي لهم ،فان اصرارهم على فرض الاستسلام وانتزاع (السلام !!! كما يزعمون )بالقوة والتدمير وسحق الكرامة ،سينقلب عليهم بنتيجة معاكسة ،مزيد من التشدد بل وحتى التطرف الديني والايديولوجي ، والانسياق مع النبؤات الدينية التي تتحدث عن نهاية بني اسرائيل.

ومثلما جنح المستوطنون الصهاينة الجدد الى الفكر التوراتي وازاحوا العلمانيين واليسارين اليهود ،فان موجة دينية قوية متشددة ستكون اقوى بمرات من حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي ستاخذ على عاتقها ضرب الوجود الاسرائيلي والغربي بما يدمر اي منظومة سياسية او استقرار امني وسياسي في المنطقة ،لقد انتجت الانكسارات العربية السابقة ، حلول الاصولية الاسلامية محل الاصولية القومية وتياراتها الناصرية والعروبية ، ونجحت الاصولية الاسلامية في تسيد الشارع واستمرت تعمل بنشاط لمدة نصف قرن باكمله ،وستحل موجة جديدة من الافكار والتيارات محل هذه الموجة ايضا لانها تستبطن حقدا وقيما وثأرا للقصاص من التواطيء الغربي والخواء العربي والعالمي امام غطرسة الصهاينة وحماية العالم الغربي لهم.

لا اجد تفسيرا لهذه المتغيرات غير نظرية الصراع الواقعي للجماعات ،فالصراع ياخذ طابع( النحن ) و(الهم )،الصراع على الارض ،الحيز ،المكان ،الزمان ،اليهود الصهاينة الذين زعموا ان فلسطين ارض بلا شعب ،وانها كانت البقعة التي اقام فيها اليهود دولهم قبل 3500 سنة ،يريدون اليوم منع الفلسطينيين ومن جاورهم من اشقائهم ،من التمتع بحياة كريمة ودولة او دول مستقرة قادرة على حماية شعوبها ،هذه المعادلة دخلت في اللاشعور السياسي للفرد العربي ولدى المسلمين عموما ،ولن يجدوا افضل من الرواية الدينية التي تتحدث عن معركة فاصلة بين الجانبين ،لبناء سرديتهم للصراع بعدما فشلت السرديات السياسية والقومية والعرقية والطبقية ،لقد خسر الصهاينة امكانية التعايش مع العرب والمسلمين بلا خوف ومن دون اصابع على الزناد ،خسروها للمرة الاخيرة واختاروا سياسة ابادة الاخر وتحطيمه للتمتع بالامن والسلام وهذه معادلة خاطئة ،ستنتج نقيضها الطبيعي الذي يكسر هذا العلو الاسرائيلي.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

في خطوة تهدف لتعزيز التكامل الإعلامي العربي.. اتحاد إذاعات الدول العربية يُفعّل نشاطه الإعلامي في سوريا

في خطوة تهدف لتعزيز التكامل الإعلامي العربي، فعّل اتحاد إذاعات الدول العربية، برئاسة المملكة العربية السعودية، نشاطه الإعلامي في سوريا، في خطوة تعكس التزام الاتحاد بتوسيع حضوره الجغرافي، عبر فتح آفاق جديدة للتعاون المهني والاستثماري مع الهيئات الإعلامية السورية.

ويأتي هذا القرار ضمن توجه استراتيجي أوسع تبناه الاتحاد خلال انعقاد اجتماعه الـ113 للمجلس التنفيذي، الذي عقد بحضور ممثلي الدول الأعضاء، لمناقشة مستجدات العمل الإعلامي المشترك، واستعراض برامج الاتحاد للعام الجاري.

وفي كلمته خلال الاجتماع أوضح رئيس الاتحاد الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون فهد الحارثي أن هذا القرار يأتي استلهامًا من موقف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- الداعم لعودة سوريا إلى محيطها العربي، الذي أسهم في فتح صفحة جديدة من التعاون الإقليمي والتكامل العربي.

وقال: “نُكمل اليوم في اتحاد إذاعات الدول العربية ما بدأه سموه من نهجٍ إنساني، عبر الإعلام الذي نؤمن بدوره بصفته جسرًا للتواصل، ورافعًا للوعي، وأداة لبناء مستقبل عربي مشترك، يعكس تطلعات الشعوب ويحترم المجتمعات”.

اقرأ أيضاًالمنوعاتيستمر فلكيًا 93 يومًا و15 ساعة.. المملكة تشهد الانقلاب الصيفي في الـ05:42 صباح غد

وقدم الشكر إلى جمهورية العراق على ما قدمته من تسهيلات استثنائية لإنجاح مؤتمر الإعلام العربي، مشيدًا بالحضور الدولي الواسع الذي شهدته الدورة، الذي رسّخ مكانة المؤتمر كعلامة تجارية مستقلة، تمثّل الإعلام العربي في المحافل العالمية.

وأشار إلى القفزة النوعية التي حققها الاتحاد في مجال التبادل الإخباري عبر منصة ASBU Cloud، وأسهمت في تسريع وتوسيع نطاق تبادل المحتوى الإخباري بين الهيئات الأعضاء على المستويين الإقليمي والدولي.

وشهد الاجتماع تقديم عرض شامل لأنشطة الاتحاد للعام الجاري، شملت مجالات التبادل الإخباري والبرامجي، وتغطية الأحداث الكبرى داخل المنطقة العربية وخارجها، إضافة إلى برامج التدريب والمبادرات الاستثمارية التي تهدف إلى بناء نموذج إعلامي عربي مستدام.

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية تؤكد ضرورة تعزيز التضامن العربي والدولي مع الإعلام الفلسطيني
  • مصطفى بكري عن مقتل 7 جنود بجيش الاحتلال: الصهاينة يشعرون بالورطة التي أوقعهم بها نتنياهو
  • ماذا تعرف عن ساعة فلسطين التي ضربها الاحتلال في وسط طهران؟ (شاهد)
  • بالصور: إجابات امتحان اللغة العربية 2025 الورقة الثانية في فلسطين
  • الجامعة العربية تدين العدوان على قطر: توسيع الصراع له عواقب وخيمة
  • الحرس الثوري الإيراني: العدوان الأمريكي أظهر أن جرائم الصهاينة هي امتداد لمخططات واشنطن
  • الجالية العربية في كاليفورنيا.. مخاوف أمنية بعد عقود من الاستقرار
  • رئيس هيئة فلسطين العربية للإغاثة: الاحتلال يستغل حرب إيران لشنّ مذبحة صامتة بغزة
  • في خطوة تهدف لتعزيز التكامل الإعلامي العربي.. اتحاد إذاعات الدول العربية يُفعّل نشاطه الإعلامي في سوريا
  • ‏الطائرات الإسرائيلية تقصف "ساعة فلسطين" التي كانت تؤشر إلى "العد العكسي لتدمير إسرائيل" عام 2040 وفقا للسلطات الإيرانية