أطفال غزة يعانون عاما آخر من الحرمان من التعليم ويواجهون مستقبلا يكتنفه الغموض
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
نشر موقع "972+" الإلكتروني الإسرائيلي تقريرا مطولا عن تداعيات الحرب على التعليم في قطاع غزة، حيث لم تسلم المدارس ولا الجامعات من آلة التدمير الإسرائيلية.
ورغم مرور شهرين تقريبا على بدء العام الدراسي، فإن قلوب التلاميذ الصغار يعتصرها الحزن الممض ليس على استشهاد أفراد عائلاتهم وأصدقائهم ودمار منازلهم فحسب، بل كذلك على فقدان حقهم في التعليم أيضا، وفق المجلة.
وفي التقرير، أجرت الصحفيتان رويدا كمال عامر وابتسام مهدي من غزة لقاءات مع عدد من التلاميذ والمعلمين ومسؤولين في إدارة التعليم بالقطاع، تحدثوا فيها عن شعورهم بالضياع والخوف من المستقبل.
تقول سلمى وافي (14 عاما) -وهي الآن نازحة في منطقة المواصي، وتترقب انتهاء الحرب لكي تعود لمدرستها الثانوية- "كانت المدرسة أجمل شيء في حياتي، وأفتقدها كل يوم".
وتضيف بحسرة واضحة: "في كل مكان آخر من العالم، عاد الأطفال إلى مدارسهم، لكن بعض أساتذتي وأصدقائي وزملائي، الذين كنت أراهم طوال الوقت في المدرسة، استُشهدوا. لقد فقدت طفولتي في هذه الحرب".
سلمى: في كل مكان آخر من العالم، عاد الأطفال إلى مدارسهم، لكن بعض أساتذتي وأصدقائي وزملائي الذين كنت أراهم طوال الوقت في المدرسة، استُشهدوا. لقد فقدت طفولتي في هذه الحرب
وبالنسبة إلى فرح مقداد (11 عاما)، فقد كان لخسارتها سنة دراسية كاملة أثر عميق على حياتها الاجتماعية، "كانت مدرستي في شارع الجلاء في مدينة غزة، وكنت أذهب إليها كل يوم مع أصدقائي. وبعد انتهاء اليوم الدراسي، كنا نذهب إلى منازل بعضنا بعضا للمذاكرة استعدادا للامتحانات".
فقدت فرح شقيقها الأكبر وليد، مارس/آذار العام الماضي في رفح، ونزحت مع عائلتها عدة مرات منذ بداية الحرب، وهي الآن تحتمي في منطقة المواصي، موضحة أن "المدرسة لم تكن مجرد حصص تعليمية، بل كانت حياة مختلفة تماما"، وتضيف: "الآن كل هذا أصبح من الماضي، فنحن نعيش اليوم ظروفا غاية في الصعوبة، حيث لا نقدر على شراء الطعام، لذا عليَّ أن أبحث عن عمل للبقاء على قيد الحياة ومساعدة عائلتي".
وينقل "972+" -وهو موقع إخباري يساري التوجه ومستقل أسسه 4 كتّاب إسرائيليين، ويضم مجموعة من الصحفيين الإسرائيليين والفلسطينيين- عن تقرير للأمم المتحدة ورد فيه أن 87% من المباني المدرسية في غزة قد دُمِّرت جزئيا أو كليا بسبب الغارات الإسرائيلية، وتحول بعضها إلى قواعد عسكرية إسرائيلية.
ويشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن أكثر من 10 آلاف و600 طفل وأكثر من 400 معلم استشهدوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية، في حين أصيب أكثر من 15 ألفا و300 طالب و2400 معلم.
واليوم، هناك أكثر من 625 ألف طفل في سن الدراسة في غزة يعانون صدمة عميقة بسبب حرمانهم من حقهم في التعليم، وهو ما وصفه 19 خبيرا ومقررا مستقلا من الأمم المتحدة بأنه جزء من "الإبادة التعليمية"، وهي محاولة متعمدة لتدمير نظام التعليم الفلسطيني، حسب المجلة الإسرائيلية.
وفي الوقت نفسه، حذر تقرير جديد لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن القصف الجوي الإسرائيلي المستمر والاجتياح البري لغزة قد يؤدي إلى تراجع تعليم الأطفال والشباب لمدة تصل إلى 5 سنوات.
وتنقل المجلة عن أحمد عايش النجار، مدير العلاقات العامة في وزارة التربية والتعليم في غزة، قوله إن التدمير الواسع والمنهجي للبنية التحتية التعليمية ومقتل الآلاف من الطلاب والمعلمين والكوادر التعليمية "جعل من شبه المستحيل على الوزارة إعادة العملية التعليمية إلى سابق عهدها".
وفي محاولة منها لتدارك الأمر، أطلقت وزارة التربية والتعليم في رام الله منصة إلكترونية لتقديم الدروس عن بعد للطلاب في غزة. وصرح المتحدث باسمها، صادق خضور، لمجلة 972+ أن حوالي 200 ألف طالب وطالبة سجلوا في الدروس عبر الإنترنت، مضيفا "نحن نعد هذا إنجازا كبيرا، لأنه في العام الماضي لم يكن هناك تدريس على الإطلاق".
غير أن الصحفيتين الفلسطينيتين تشيران -في تقريرهما- إلى أنه من غير الواضح كم عدد الطلاب الذين تمكنوا من المشاركة في هذه الدروس، نظرا لانقطاع الإنترنت والكهرباء المتكرر في جميع أنحاء القطاع.
وبالنسبة لمرام الفرا، وهي أم لـ4 أطفال، فإن فكرة الدروس عن بُعد كبديل عن التعليم الشخصي غير مقبولة. وقالت "أشعر أن (المسؤولين في الوزارة) يعتقدون أن هذه الحرب بسيطة أو مثل الحروب السابقة. لقد فقدنا منازلنا ونعيش في خيمة في المواصي. استخدام الإنترنت في هذه الظروف أمر مستحيل".
مرام: أشعر أن (المسؤولين في الوزارة) يعتقدون أن هذه الحرب بسيطة أو مثل الحروب السابقة. لقد فقدنا منازلنا ونعيش في خيمة في المواصي. استخدام الإنترنت في هذه الظروف أمر مستحيل
كما شككت سهى العبد الله، وهي أم ومعلمة، في جدوى هذه المبادرة الجديدة. وأوضحت قائلة: "لا يمكنني متابعة هذه الدروس، ولا حتى أطفالي، لأننا نحتاج إلى الإنترنت وأكثر من هاتف لاستخدامه".
وتابعت: "هذه أمور ليست صعبة فحسب، بل مستحيلة! وبصفتي معلمة، لا يمكنني تقديم معلومات كاملة ومفيدة لطلابي إلا في الفصل الدراسي الحقيقي".
ومع عجز الوزارة عن تنفيذ خطة فعالة للعام الدراسي، فقد تُرك المعلمون في غزة ليحاولوا (من تلقاء أنفسهم) تنظيم برامجهم التعليمية الخاصة بهم، وقد أخذ البعض منهم على عاتقه إنشاء مدارس مؤقتة في الملاجئ والمخيمات في جميع أنحاء القطاع.
ومن بين هؤلاء معلمة لغة إنجليزية تدعى دعاء قديح، تقدم دروسا يومية لتلاميذها وهم جالسون على الأرض. وقد سألتهم عن أمنياتهم عندما يكبرون. وقالت قديح إن تلميذة صغيرة أخبرتها بأنها تريد أن تصبح طبيبة لتساعد أخاها أو والدتها الجريحة، وأخرى تحلم بأن تصبح مهندسة أو صحفية، مضيفة: "كل طالب من طلابي لديه حلم كبير عندما تتوقف الحرب".
وأردفت قائلة: "بوصفي معلمة، أدركت خطورة انقطاع التعليم لأكثر من 8 أشهر، وأهمية استمرار العملية التعليمية. فطلابنا هم جيل المستقبل، وإعادة بناء غزة لن يتم إلا من خلال المعرفة والتعلم".
مدرس آخر يدعى محمد الخضري بدأ تقديم دروس في اللغة العربية لأطفاله الثلاثة في منزله. ثم ما لبث أن استقطبت مبادرته 60 تلميذا في دير البلح، مستخدما الدمى والرسوم التوضيحية الملونة.
ومن أبرز البرامج التعليمية الرائعة تلك التي تقدمها ليلى وافي (42 عاما)، وهي معلمة كفيفة من سكان المواصي وتحمل شهادة الدكتوراه في العلوم التربوية.
وقد أنشأت وافي مدرسة الأوائل على قطعة أرض رملية في المواصي، مؤلفة من 3 فصول دراسية مبنية من القماش والبلاستيك، وتعمل على 3 فترات في اليوم، واحدة في الصباح واثنتين في المساء. وتستوعب المدرسة الآن نحو 74 تلميذا، يتناوب 80 معلما متطوعا على تدريس مناهج المرحلة الابتدائية كاملة من الصف الأول إلى السادس.
تقول وافي لـ972+: "لاحظت تأثير الحرب على مهارات الطلاب وكيف أنهم كانوا ينسون أساسيات موادهم التعليمية"، مشيرة إلى أن هناك 500 تلميذ آخر في قائمة الانتظار يرغبون في الالتحاق بالمدرسة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات ترجمات هذه الحرب فی غزة فی هذه
إقرأ أيضاً:
نظير عياد: المفتي الذي لا يتقن التكنولوجيا يواجه صعوبة في عمله مستقبلا
أجاب الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، على سؤال يقول: هل سيُشترط مستقبلاً أن يكون المفتي قادرًا على التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي؟
وقال مفتي الجمهورية، إنه يعتقد أن مفتي المستقبل لن يستغني عن الدراية بالتكنولوجيا الحديثة، ربما لن يصدر نصٌّ قانوني صريح يشترط إجادة التقنيات في المؤهلات الرسمية للمفتي، لكن الواقع يفرض ذلك بالفعل.
وأوضح أن الجيل الجديد من المفتين سيجد نفسه مضطرًا لإتقان التعامل مع الحاسوب والبرمجيات الذكية ومحركات البحث المتقدمة، لأنها أصبحت جزءًا من بيئة العمل الإفتائي. لقد دخلت التقنية في صلب العمل اليومي لدار الإفتاء؛ لدينا منصة إلكترونية موحَّدة لإصدار الفتاوى، وتطبيقات هاتفية، وقواعد بيانات رقميَّة، وجميعها أدوات يجب على المفتي فهمها ليقوم بواجبه بكفاءة.
وتابع: من واقع خبرتي، المفتي الذي لا يستطيع استخدام هذه الوسائل سيواجه صعوبة في مجاراة سرعة تدفّق الأسئلة والمعلومات في عصرنا، لذلك نعم، سيكون من الضروري أن يكون المفتي قادرًا على التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا عمومًا. نحن في دار الإفتاء نعمل على تأهيل كوادرنا تدريبًا مستمرًا في هذا المجال ؛ نظمنا ورش عمل ودورات لتعليم المفتين كيفية الاستخدام الرشيد والفعّال للمصادر الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر صحيح الدين والرد على الاستفسارات.
كما أصدرنا أدلّة للدبلوماسيّة الرقميّة وأخلاقيّات الخطاب الديني الإلكتروني لضبط تواصل المفتين مع الجمهور . كل ذلك يؤكد أن إلمام المفتي بأدوات العصر أصبح جزءًا من تأهيله العلمي.
وأكد أن المفتي الرشيد في المستقبل هو من يمزج بين العلم الشرعي العميق ومهارة تقنية عالية، بحيث يسخر التقنية لخدمة الفتوى دون أن يقع أسيرًا لها. فإن سألني أحد: هل سيُشترط إتقان التكنولوجيا في المفتي؟ أجيب: لن يكون مفتيًا رشيدًا من يجهل لغة العصر وأدواته، وهذا شرط تفرضه ضرورة الواقع وإن لم تنص عليه لوائح التعيين بعد.