التسبيح على اليد أفضل أم السبحة؟.. وحقيقة أن أعضاء الجسد تشهد على صاحبها يوم القيامة
تاريخ النشر: 27th, October 2024 GMT
هل التسبيح على اليد أفضل من السبحة لأن أعضاء الجسد تشهد على صاحبها يوم القيامة؟، سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية من خلال البث المباشر عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.
هل التسبيح على اليد أفضل من السبحة؟التسبيح بالسبحة جائزٌ، بل ومندوبٌ إليه شرعًا؛ لأنه وسيلةٌ إلى ذكر الله تعالى، والوسائل لها أحكام المقاصد؛ فوسيلة المندوب مندوبة، وقد أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وورد عن الصحابة والتابعين من غير نكير، ولا عبرة بمن يدَّعي بِدْعِيَّتَهُ، ولا ينبغي الالتفات إلى هذه الأقوال التي لا سند لها من عقلٍ أو نقل.
نصت المذاهب الفقهية الأربعة على مشروعية اتخاذ السبحة والذكر بها، بل واستحباب ذلك: ففي المذهب الحنفي: قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (2/ 31، ط. دار الكتاب) في تقرير النبي صلى الله عليه وآله وسلم التسبيح بالحصا أو النوى: [فلم ينهها عن ذلك وإنما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ولو كان مكروها لبين لها ذلك ثم هذا الحديث ونحوه مما يشهد بأنه لا بأس باتخاذ السبحة المعروفة لإحصاء عدد الأذكار إذ لا تزيد السبحة على مضمون هذا الحديث إلا بضم النوى ونحوه في خيط ومثل هذا لا يظهر تأثيره في المنع فلا جرم إن نقل اتخاذها والعمل بها عن جماعة من الصوفية الأخيار وغيرهم اللهم إلا إذا ترتب عليها رياء وسمعة فلا كلام لنا فيه وهذا الحديث أيضًا يشهد لأفضلية هذا الذكر المخصوص على ذكر مجرد عن هذه الصيغة ولو تكرر يسيرًا] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار" (1/ 651، ط. دار الفكر): [(قوله لا بأس باتخاذ المسبحة) بكسر الميم: آلة التسبيح، ودليل الجواز: ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وقال: صحيح الإسناد، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عَلَى امْرَأَةٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ بِهِ فَقَالَ: «أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا أَوْ أَفْضَلُ؟ قولي: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، وَسُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مِثْلُ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ مِثْلَ ذَلِكَ»، فلم ينهها النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك، وإنما أرشدها إلى ما هو أيسر وأفضل ولو كان مكروها لبين لها ذلك، ولا تزيد السبحة على مضمون هذا الحديث إلا بضم النوى في خيط، ومثل ذلك لا يظهر تأثيره في المنع، فلا جرم أن نقل اتخاذها والعمل بها عن جماعة من الصوفية الأخيار وغيرهم؛ اللهم إلا إذا ترتب عليه رياء وسمعة فلا كلام لنا فيه] اهـ.
قال الشيخ الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (4/ 1601، ط. دار الفكر): [(وَبَيْنَ يَدَيْهَا) الواو للحال (نَوًى) جمع نواة وهي عظم التمر (أو حَصًى) شك من الراوي (تُسَبِّحُ) أي: المرأة (بِهِ) أي: بما ذكر من النوى أو الحصى، وهذا أصل صحيح لتجويز السبحة بتقريره صلى الله عليه وآله وسلم فإنه في معناها؛ إذ لا فرق بين المنظومة والمنثورة فيما يُعَدُّ به، ولا يُعْتَدُّ بقول مَن عَدَّها بدعة، وقد قال المشايخ: إنها سوط الشيطان] اهـ.
وفي المذهب المالكي: قال القاضي عياض المالكي في "الغنية" (1/ 180، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأخبرنا -يعني: الحافظ علي بن المشرف الأنماطي- رحمه الله، فيما كتبه لنا قال: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: سمعت أبا الحسن ابن المرتفق الصوفي يقول: سمعت أبا عمرو ابن علوان وقد رأيت في يده سبحة فقلت: يا أستاذ مع عظيم إشارتك وسَنِيِّ عبارتك وأنت مع السبحة! فقال لي: كذا رأيت الجنيد بن محمد وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه، فقال لي: كذا رأيت أستاذي بشر بن الحارث وفي يده سبحة، فسألته عما سألتني عنه، فقال لي: كذا رأيت عامر بن شعيب وفي يده سبحة، فسألته عما سألتني عنه، فقال لي: كذا رأيت أستاذي الحسن بن أبي الحسن البصري وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه، فقال لي: يا بني هذا شيء كنا استعملناه في البدايات ما كنا بالذي نتركه في النهايات، أحب أن أذكر الله تعالى بقلبي ويدي ولساني] اهـ.
وفي المذهب الشافعي: جاء في فتاوى الحافظ ابن الصلاح (01/ 400، ط. مكتبة العلوم والحكم، بيروت): [مسألة: هل يجوز للإنسان أن يسبح بسبحة خيطها حرير والخيط ثخين؟ فأجاب رضي الله عنه: لا يحرم ما ذكره في السبحة المذكورة والأولى إبداله بخيط آخر. والله أعلم] اهـ.
استخدام المسبحة في التسبيح ليس بدعة
بينما قال الشيخ أبو بكر الشافعي أحد علماء الأزهر الشريف ان استخدام المسبحة في التسبيح ليس بدعة ولكن يجب الانتباه لبعض الأمور فهي جائزة إذا خلا ذلك من الرياء والسمعة، وكانت سبيلا لضبط العدد لمن يلتبس عليه العدد, ولم تكن من باب التعبد ، ولم يأت دليل يمنع من السبحة بل ورد استعمالها عن جماعة من السلف كـ سعد ابن أبي وقاص وأبي الدرداء وجويرية .
وأضاف ردًا على سؤال :" ما حكم التسبيح والذكر بالمسبحة ، وهل هي بدعة ؟ " . قائلا : لا شك أن التسبيح باليد أفضل من التسبيح بالمسبحة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه وهو أنفع لقلب المسلم.
ولأن اليد تشهد لصاحبها يوم القيامة ففي الحديث «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُنَّ أَنْ يُرَاعِينَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالتَّقْدِيسِ، وَالتَّهْلِيلِ، وَأَنْ يَعْقِدْنَ بِالْأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ، مُسْتَنْطَقَاتٌ».
حكم استخدام المسبحةقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إن الله -سبحانه وتعالى- أمرنا بكثرة ذكره؛ فقال في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}، [ سورة الأحزاب: الآية41].
وأوضح أن المقصود بذكر الله -تعالى- في قوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} ما يشمل على التهليل والتحميد والتكبير، وغير ذلك من الأقوال والأفعال التي ترضيه -عز وجل-.
وأضاف أن المعني هو: " يا من آمنتم بالله حق الإيمان، أكثروا من التقرب إليه -تعالى- بما يرضيه، في كل أوقاتكم وأحوالكم؛ فإن ذكر الله -تعالى- هو طب النفوس ودواؤها، وهو عافية الأبدان وشفاؤها، به تطمئن القلوب، وتنشرح الصدور".
وبين أن التعبير بقوله: {اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} يشعر بأن من شأن المؤمن الصادق في إيمانه، أن يواظب على هذه الطاعة مواظبة تامة.
وذكر أن من الأحاديث التي وردت في الحض على الإكثار من ذكر الله، ما رواه الإمام أحمد عن أبى الدرداء -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق أي: الفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم» قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: «ذكر الله_ عز وجل_».
ونوه أن المسلم مأمور بأن يتبع شتى الطرق التي تُعينه على ذكر الله -عز وجل-؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والمسبحة من الأمور التي استحسنها المسلمون في زماننا المعاصر ولا يوجد فيها شيء من البدعة.
وتابع " لأن الفقهاء بيّنوا أن الوسائل تأخذ حكم الغايات، والمسبحة وسيلة، والغاية من استعمالها هي ذكر الله تعالى؛ فتأخذ حكم الذكر في هذه الحالة.
وأفاد أن المسبحة بهذا الشكل الموجود الآن في زماننا المعاصر لم تكن موجودة بهيئتها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما ورد ما يشبهها على حسب ما تعارف عليه الناس في زمانهم؛ فعن صَفِيَّةَ بنت حيي -رضي الله عنها- قالت: دَخَلَ عَلَيَّ -رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم- وَبَيْنَ يَدَيَّ أَرْبَعَةُ آلَافِ نَوَاةٍ أُسَبِّحُ بِهَا، فَقُلْتُ: لَقَدْ سَبَّحْتُ بِهَذِهِ، فَقَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَبَّحْتِ بِهِ» فَقُلْتُ: بَلَى عَلِّمْنِي، فَقَالَ: «قُولِي: سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ»، أخرجه الترمذي.
وأبان " يستفاد من هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يُنكر على السيدة صفية ما فعلته من جمعها للنوى وتسبيحها به، فدل هذا على جواز اتخاذ كل ما من شأنه أن يُعين المسلم على ذكر الله -تعالى-".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التسبيح دار الإفتاء مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية النبی صلى الله علیه وآله وسلم صلى الله علیه وسلم ى الله علیه وسلم هذا الحدیث الید أفضل ذکر الله الله عنه ى الله ع س ب ح ان
إقرأ أيضاً:
حكم الصيام في شهر المحرم .. الإفتاء تحسم الجدل الدائر
حكم الصيام في شهر المحرم .. أكدت دار الإفتاء، أنه لا مانع شرعا من صيام شهر المحرم كاملا، لأن الصيام مندوب فيه، وكذا بقية الأشهر الحرم، وأفضلها المحرم، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم» رواه أبو داود والترمذي.
وكانت قد استطلعت دار الإفتاء المصرية هلال شهر المحرم لعام ألف وأربعمائة وسبع وأربعين هجريا بعد غروب شمس يوم أمس الأربعاء التاسع والعشرين من شهر ذي الحجة لعام ألف وأربعمائة وست وأربعين هجريا، الموافق السادس والعشرين لعام ألفين وخمس وعشرين ميلاديا بواسطة اللجان الشرعية والعلمية المنتشرة في أنحاء الجمهورية.
فضل صيام شهر المحرم
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، عن حكم الصيام في شهر المحرم، إنه يستحب الإكثار من الصيام في شهر الله المحرم.
واستشهد المركز في فتوى له، بما روي فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل» أخرجه مسلم.
وأوضح المركز 4 فضائل لشهر المحرم، وهي أولا: هو أول شهر من الأشهر الهجرية، وأحد الأشهر الأربعة الحرم، وأفضلها، وذكر الله تعالى الأشهر الحرم في قوله: «إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم» (التوبة:36).
وأضاف: ثانيا الصوم فيه يلي في الفضل صوم شهر رمضان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل» أخرجه مسلم.
وتابع: ثالثا حدث فيه أمر عظيم ونصر مبين، أظهر الله فيه الحق على الباطل؛ حيث نجى فيه موسى -عليه السلام- وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فهو يوم له فضيلة عظيمة، ومنزلة قديمة.
وواصل: رابعا اشتماله على يوم عاشوراء، الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفر صيام سنة ماضية، وكان صلى الله عليه وسلم يتحرى صيامه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: «ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء».
صيام عاشوراء
ورد عن صيام عاشوراء ، ما رواه مسلم عن أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله).
وورد عن صيام عاشوراء ، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان)، وقوله: (يتحرى)؛ أي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان شديد الاهتمام بصيام الأيام المستحب صيامها بعد رمضان، ومنها يوم عاشوراء.
صيام عاشوراء وتاسوعاء
ذكرت دار الإفتاء المصرية، أنه يستحب صيام عاشوراء وتاسوعاء، ويوم بعد عاشوراء، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا كان العام المقبل -إن شاء الله -صمنا اليوم التاسع"، وقوله: "خالفوا اليهود صوموا يوما قبله ويوما بعده".
سبب صيام تاسوعاء مع عاشوراء
وذكرت الإفتاء، أن تقديم صيام يوم تاسوعاء على عاشوراء له حكم ذكرها العلماء؛ منها أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر، الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط، فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر.
صيام عاشوراء منفردا
وأفتت دار الإفتاء المصرية، بأنه يجوزصيام عاشوراء منفردا دون صيام يوم قبله أو بعده، ولا حرج في ذلك شرعا؛ لأنه لم يرد نهي عن صومه منفردا، بل ورد ثبوت الثواب لمن صامه ولو منفردا.
واستشهدت دار الإفتاء بما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا؟» قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: «فأنا أحق بموسى منكم»، فصامه، وأمر بصيامه. أخرجه البخاري في "صحيحه".
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» أخرجه مسلم في "صحيحه".