السلطات الأميركية تحقق في انتشار العنف بسجن يُحتجز فيه المغني ديدي
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
أطلق محققون من وكالات فدرالية أميركية اليوم الاثنين "عملية مشتركة" في السجن الذي يحتجز به المغني شون "ديدي" كومبس بمدينة نيويورك.
ويواجه المغني والمنتج النافذ اتهامات باستخدام "إمبراطوريته" الموسيقية لاغتصاب أكثر من مئة شخص أو الاعتداء عليهم جنسيا، مستخدما الكحول والمخدرات لإخضاعهم.
وكالة "أسوشيتد برس" نقلت عن مصلحة السجون قولها إن محققين من مكتبها ومكتب المفتش العام التابع لوزارة العدل ووكالات إنفاذ قانون أخرى نزلوا إلى مركز الاحتجاز الفدرالي في بروكلين.
وأضافت الوكالة أن هذه العملية الأمنية تهدف إلى "تحقيق هدفنا المشترك المتمثل في الحفاظ على بيئة آمنة لكل من موظفينا والأفراد المحتجزين في مركز الاحتجاز الفدرالي ببروكلين"، في حين رفض مسؤولو السجن تقديم تفاصيل محددة عن العملية صباح الاثنين.
وواجه السجن تدقيقا متزايدا بسبب سوء الأوضاع وانتشار العنف ووقوع وفيات متعددة، وتسعى وزارة العدل ومصلحة السجون إلى معالجة هذه المشاكل ومحاسبة المسؤولين عنها.
ففي الشهر الماضي، وجه الادعاء الفدرالي تهما إلى 9 سجناء في قضايا اعتداءات وقعت بين أبريل/نيسان وأغسطس/آب في هذا المركز، الذي يُعد السجن الفدرالي الوحيد في نيويورك.
وكشفت الاتهامات عن مشكلات خطيرة تتعلق بالسلامة والأمن، بما في ذلك طعن نزيلَين حتى الموت وإصابة نزيل آخر في عموده الفقري بواسطة أداة حادة. كما وُجهت تهمة لأحد الضباط العاملين في المنشأة بإطلاق النار على سيارة خلال مطاردة غير مصرّح بها.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، تم اتهام أحد السجناء بالتورط في جريمة بمقابل مالي، أدى إلى مقتل امرأة تبلغ من العمر 28 عاما خارج ملهى ليلي في نيويورك في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ووفقا للمدعين، استخدم السجين هاتفا محمولا مُهرّبا لتنفيذ المخطط من داخل السجن أثناء انتظاره النطق بالحكم في قضية إطلاق نار أخرى كان قد خطط لها قبل سنوات.
هذه الاتهامات كشفت عن العنف والفوضى التي يعاني منها السجن، الذي يحتجز حوالي 1200 نزيل، من بينهم شون "ديدي" كومبس ومؤسس بورصة العملات المشفرة المنهارة "إف تي إكس" سام بانكمان فرايد. يُذكر أن عدد السجناء انخفض من أكثر من 1600 في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي بيان اليوم الاثنين، قالت مصلحة السجون إن العملية في بروكلين كانت مخططة مسبقا، ولم يكن هناك "أي تهديد نشط".
وأضافت الوكالة أنها لن تقدم مزيدا من التفاصيل حول العملية حتى تنتهي، حفاظا على سلامة وأمن جميع الأفراد داخل المنشأة، وضمان نزاهة العملية.
ويقع السجن في منطقة صناعية على الواجهة البحرية في بروكلين، ويُستخدم بشكل أساسي لاحتجاز المتهمين بعد اعتقالهم بانتظار محاكمتهم في المحاكم الفدرالية في مانهاتن أو بروكلين. كما يُحتجز بعض السجناء هناك لقضاء عقوبات قصيرة بعد إدانتهم.
ولطالما اشتكى السجناء المحتجزون في هذا السجن من انتشار العنف، وسوء الأوضاع، ونقص حاد في عدد الموظفين، إضافة إلى تهريب واسع النطاق للمخدرات وغيرها من الممنوعات، بمساعدة بعض الموظفين في بعض الأحيان.
وفي الوقت نفسه، يعاني السجناء من عمليات إغلاق متكررة تمنعهم من مغادرة زنازينهم للزيارات أو الاتصالات أو الاستحمام أو ممارسة الرياضة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
منظمة العنف، والاستبداد، والانتقام بالحرب على المدنيين والثورة
منظمة العنف، والاستبداد، والانتقام بالحرب على المدنيين والثورة
وجدي كامل
تمثل الحرب الحالية في السودان ذروة نزعة التضليل التاريخي والإعلامي والثقافي. بشاعتها على الأرض لا تخفى، ويومياتها الدامية شاهدة، بينما يروج إعلام الحكومة – حكومة “الأمر الواقع” – لرواية مضادة: عن حرب في نهايتها، وانتصارات وشيكة، وزيارات ميدانية لرئيس وزراء بورتسودان، الذي شاهدناه يتلقى التهاني ويتبادل التحايا مع المواطنين، وكأنه يحتفل بمناسبة سعيدة خاصة لا تهم احدا سواه، ولا يعرف الناس عنها شيئًا.
وراء هذا المشهد، تتكشف الحقيقة. فالحرب تُدار عسكريًا ومدنيًا بواسطة تنظيم الإخوان المسلمين. هذا التنظيم الذي بدد أموال الناس، ورهن موارد البلاد، وباع أملاكها، وكاد أن يقتل ثلث سكانها فقط كي يحكم، ولا يتعرض لاي مساءلة قانونية عن جرائمه.
اللجوء إلى الحرب ليس جديدًا على هذا التنظيم. فمنذ نشأته، ظل في مواجهة دائمة مع التيارات الثقافية والسياسية السائدة في السودان، رافضًا الحوار، ومفضّلًا تصفية الخصوم بالعنف. من المطالبات بفرض الدستور الإسلامي، إلى المواجهات الطلابية، إلى تمرير قوانين سبتمبر 1983، ثم انقلاب 30 يونيو 1989… العنف ظل حلاً استراتيجيًا.
لقد بدأت تلك المرحلة التراجيدية بحرب الجنوب، التي وُظِّفت لقمع المطالب السياسية والثقافية والاقتصادية، باستخدام شعارات دينية زائفة، وتضليل بالدين لخدمة أهداف سلطوية.
ثم جاءت حرب دارفور عام 2003، لتكشف الوجه الحقيقي مجددًا بتفكيك النسيج الاجتماعي، وإعادة تشكيل الخريطة السكانية، ونهب موارد الذهب واليورانيوم والنحاس. انها حرب لإعادة إنتاج السلطة على حساب المجتمعات المحلية.
أما الحرب الراهنة، فهي حرب انتقام مباشر من ثورة ديسمبر 2018. عندما أسقط الشعب رأس النظام، وزجّ بعدد من رموزه في السجون، وبدأت لجنة إزالة التمكين بتفكيك المنظومة الاقتصادية الفاسدة… هنا بدأ الرد.
ورغم أن الحرب تبدو على السطح صراعًا بين الجيش والدعم السريع، إلا أنها أعمق من ذلك. لقد صُوِّبت نيرانها نحو المدنيين وتحالفاتهم السياسية. هدفها إفشال الانتقال الديمقراطي، من خلال تحالفات ضمّت اللجنة الأمنية، والحركات المسلحة، وقوى سياسية متربصة بالثورة، تمارس الاتجار في سوق السياسة.
نجحت اللجنة الأمنية، في البداية، في إخفاء أجندتها: إعادة إنتاج النظام القديم. ثم جاءت لحظة الانتقام الكبرى عبر مجزرة الاعتصام، ثم تفجير الحرب من قلب العاصمة، في الأحياء السكنية والمناطق الحيوية. النتيجة: قتل، تشريد، نزوح، ونهب.
وبينما تغيب الإحصاءات الدقيقة، فإن مشاركة القوى الأمنية والعسكرية تمثل امتدادًا مكشوفًا للنظام السابق، الذي لم يُخفِ تهديده باستخدام القوة حتى قبل اندلاع الحرب.
ولتعميق مشروع الانتقام، جرى توظيف قسط من الأموال المنهوبة لبناء سردية إعلامية خبيثة، تقسّم الرأي العام، وتفكك القوى المدنية. تم استخدام أدوات استخباراتية وإعلامية متقدمة لترويج رواية “حرب الكرامة” ضد الدعم السريع، رغم أن الأخير صنيعة النظام نفسه، استخدمه لقمع الشعب من قبل.
لقد أضاعت قوى الثورة فرصة ثمينة. غابت الإدارة الموحدة، وضعف التنسيق، ولم تستطع أن تقضي على هذه المنظومة الأخطر على استقرار السودان. منظومة هي التهديد الأكبر أمام قيام دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
اليوم، بعد اتساع الخراب، تتعالى الأصوات المطالبة بوقف الحرب. ولكن وقف الحرب لا يكفي. لا بد من إعادة تعريفها: هذه ليست مجرد حرب بين جيشين، بل حرب انتقام من الحاضر، ومحاولة لإلغاء التاريخ، وتشويه المستقبل. وقف الحرب يجب أن يقترن بتجريم قانوني لهذا التنظيم، حتى لا يُلدغ السودان مرة أخرى من نفس الجُحر.
إن أي توافق سياسي في سودان المستقبل يجب أن يُبنى على رفض قاطع ليس فقط للتنظيم الاخواني فقط، بل لثقافة اللعب بالدين كورقة سياسية. السياسة يجب أن تقوم على المصالح الوطنية، التنمية، والعقلانية، لا على الاستغلال الديني والتضليل الأخلاقي.
ولتكون الأفكار مشروعًا قابلًا للتطبيق في ظروف سلمية مدنية، علينا:
تفكيك الشبكات الاقتصادية السرية:لا يكفي إسقاط النظام سياسيًا؛ لا بد من تفكيك البنى الاقتصادية التي أنشأها: من الشركات الواجهة، والمنظمات الخيرية الزائفة، إلى العلاقات البنكية المشبوهة. هذا يتطلب أجهزة رقابة قوية، وقضاء مستقل، ومخابرات مالية متقدمة.
استرداد الأموال المنهوبة:عبر لجان قانونية، واتفاقيات دولية (مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد)، وملاحقة الأموال المهربة والمجمّدة بالخارج، بمساعدة دعم قانوني دولي فعّال.
إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني:عبر تقليص سيطرة التنظيمات السياسية على القطاعات الإنتاجية، وتقوية القطاع العام، ودعم الشركات الصغيرة والمبادرات المحلية المستقلة، مع شفافية مالية تجاه اقتصاديات الأحزاب.
إصلاح المؤسسات المالية:مراجعة دور البنوك في غسل الأموال والتمويل السياسي، وتطبيق حوكمة صارمة وفقًا لمبادئ الشفافية الدولية (مثل FATF).
تحصين المستقبل:بوضع قوانين تمنع احتكار الدين أو الاقتصاد من قبل أي جهة سياسية. وهذا يتطلب تفعيل قوانين تضارب المصالح، وتوسيع دور الإعلام الاستقصائي والمجتمع المدني في كشف الفساد.
سياسيًا، لا يمكن الحديث عن دولة مدنية ديمقراطية دون تفكيك أدوات الهيمنة الاقتصادية والتنظيمية لأي تيار يستخدم الدين كسلاح.
وأخيرًا، يتبدى الخطر الأكبر في النسيان، سواء أكان نسيانًا ذاتيًا أو بفعل التضليل الإعلامي. لا بد من نشر الوعي، وتوثيق جرائم الفساد المالي، وكشف كيف ارتبط المال بالاستبداد.
ان الشعب الذي يعرف كيف يُموَّل الاستبداد، يعرف كيف يُقاومه ويطيح بأركانه، ويبطل مفعول ثقافته.
الوسومالإخوان المسلمين الحرب السودان الشبكات الاقتصادية السرية المؤسسات المالية ثورة ديسمبر 2018 حرب دارفور حكومة الأمر الواقع رئيس وزراء بورتسودان هيكلة الاقتصاد السوداني وجدي كامل