أول تحرك عراقي للرد على انتهاك إسرائيل أجواءه وسيادته
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
بغداد – تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط مع تنفيذ إسرائيل، السبت الماضي، غارات جوية على أهداف ومواقع إيرانية، مما يهدد بإشعال فتيل حرب إقليمية ويرفع منسوب القلق الدولي على مستقبل الاستقرار في المنطقة.
وأثار الهجوم الإسرائيلي الأخير موجة من الغضب والاستنكار في بغداد نتيجة خرق الأجواء العراقية، حيث أعلنت الحكومة، أمس الاثنين، عن تقديم مذكرة احتجاج إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وإلى مجلس الأمن الدولي لإدانة "انتهاك إسرائيل أجواء العراق وسيادته".
وقال الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي -في بيان- إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه وزارة الخارجية بالتواصل مع الجانب الأميركي بشأن هذا الخرق، طبقا لبنود اتفاق الإطار الإستراتيجي الثنائي، والتزام الولايات المتحدة تجاه أمن العراق وسيادته.
من جانبه، أكد الخبير الأمني العراقي علي فضل الله الحاجة الملحة لتحرك العراق نحو تعزيز قدراته الدفاعية، لا سيما في ظل التطورات الأخيرة في المنطقة والعجز الدولي عن حماية سيادته.
وقال للجزيرة نت إن الأحداث المتسارعة في المنطقة، خاصة في فلسطين ولبنان وسوريا، كشفت عن هشاشة النظام الدولي وقصور المؤسسات الدولية في حماية الدول الأعضاء وضمان أمنها، مضيفا أن الاعتماد الكلي على هذه المؤسسات بات ممارسة "عقيمة" في ظل تزايد التحديات الأمنية.
وباعتقاده، فإن شكوى العراق ضد إسرائيل لدى الأمم المتحدة هي إجراء روتيني ولا تعد تصعيدية، "نتيجة لوهن تلك المؤسسات وعجزها عن ضبط إيقاع العلاقات الدولية وتحقيق الغرض الذي وُجدت من أجله في تحقيق السلم والأمن الدوليين".
وحذر الخبير فضل الله من أن استمرار العراق في الاعتماد على واشنطن وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وجميع الدول الغربية في توفير منظومات الدفاع الجوي، قد يعرض أمنه القومي للخطر، مشيرا إلى أن الأحداث الأخيرة أثبتت عدم جدية هذه الدول في حماية مصالح بغداد.
ودعا الحكومة العراقية إلى التحرك الفوري لتأمين منظومات دفاع جوي متطورة من دول "صديقة"، مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية، مؤكدا أن هذه المنظومات ستكون أكثر فعالية في حماية السيادة العراقية وضمان أمن أجوائه.
إجراء سليمأما الخبير القانوني علي التميمي فرحب برفع الحكومة العراقية شكوى إلى الأمم المتحدة ضد ما وصفته بـ"الخروقات الصارخة للسيادة العراقية".
وبرأيه، فإن هذه الخطوة هي إجراء قانوني سليم ويتماشى مع مبادئ القانون الدولي، خاصة أن ميثاق الأمم المتحدة يؤكد بشكل صريح احترام سيادة الدول وحصانتها. وأضاف للجزيرة نت أن "المواد 1، و2، و3، و18 من الميثاق تنص على احترام سيادة الدول، وأن أي انتهاك لها يعد تهديدا للسلم والأمن الدوليين".
وتوقع الخبير التميمي أن يتخذ مجلس الأمن القرارات المناسبة لحماية سيادة العراق ومحاسبة إسرائيل على هذه الانتهاكات، مشيرا إلى أن المواد من 39 إلى 51 من ميثاق الأمم المتحدة تمنح المجلس الصلاحية لاتخاذ إجراءات ضد الدول التي تهدد السلم والأمن الدوليين.
من جهته، دعا المحلل السياسي المقرب من فصائل المقاومة، رياض الوحيلي، إلى ربط الشكوى بمطالبة الولايات المتحدة بإنهاء وجودها العسكري في العراق. وأكد للجزيرة نت أن الخرق الإسرائيلي الأخير، الذي استهدف إيران، تم بتنسيق مع واشنطن، مما يمنح بغداد حق المطالبة بخروج القوات الأميركية، لافتا إلى أن هذا الخرق يمثل انتهاكا صارخا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين.
وأضاف أن طهران سترد على هذا "العدوان الصهيوني"، مستدركا بالقول إن هذا الرد يدخل ضمن ما يسمى الصبر الإستراتيجي لدى إيران باختيار زمانه ومكانه وطبيعته، وسيكون له تداعيات كبيرة ضمن سياسة الحرب النفسية على معنويات "العدو الإسرائيلي ومستوطنيه".
وشدد الوحيلي على أن العراق لن يقبل بهذا الاعتداء على سيادته، وسيتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية أراضيه وشعبه.
خطورةبدوره، حذر الخبير القانوني فيصل ريكان من خطورة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لسيادة العراق بمساعدة الولايات المتحدة الأميركية، وتحديدا خرق أجوائه.
وأكد للجزيرة نت أن هذه الانتهاكات تمثل تحديا صارخا للقانون الدولي، وأن العراق يتمتع بحق كامل في الدفاع عن سيادته الكاملة على سماء بلاده وأرضه ومياهه، وأنه يمتلك الأدوات القانونية الكافية لمواجهتها.
وبرأيه، يمكن للعراق اللجوء إلى مجلس الأمن لتقديم شكوى رسمية ضد إسرائيل -وهو ما حصل فعلا- وطلب فرض عقوبات دولية عليها وهو ما يدخل ضمن صلاحيات المجلس، مشيرا إلى أن هذه الخطوة من شأنها أن تضع تل أبيب أمام مسؤولياتها الدولية، وتجبرها على احترام سيادة الدول الأخرى.
وشدد ريكان على أن استمرار إسرائيل في انتهاك سيادة العراق يمثل تهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة، وأن المجتمع الدولي مطالب بالتدخل لوقف هذه الانتهاكات وحماية حقوق العراق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الأمم المتحدة سیادة العراق فی المنطقة للجزیرة نت إلى أن
إقرأ أيضاً:
العراق ينضم لنظام الترانزيت الدولي ويمهد لانطلاقة عبر طريق التنمية
بغداد- يعد انضمام العراق إلى نظام الترانزيت الدولي (تي آي آر) وتفعيل عمليات النقل الدولي بالتعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الطرقي (آي آر يو) خطوة إستراتيجية لدعم اقتصاد الدولة وتعزيز مكانتها التجارية.
ويهدف الإجراء إلى تنمية التجارة في الشرق الأوسط من خلال تفعيل مشروع طريق التنمية الذي سيربط جنوب العراق بشماله ويوفر ممرا تجاريا حيويا يربط آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي بتركيا وأوروبا.
ومن شأن انضمام العراق لنظام الترانزيت الدولي تقليل وقت النقل 80% وتكاليفه بنسبة 38%، وقد أظهرت التجارب الأولية إمكانية إنجاز الرحلات في أقل من أسبوع، مقارنة بأسابيع عدة عبر طرق الشحن البديلة، مما قد يفتح آفاقا جديدة للعراق في مجال اللوجستيات والتجارة الدولية.
ويتوقع مسؤول الترانزيت في الهيئة العامة للجمارك العراقية إيهاب طالب أن تعزز اتفاقية الترانزيت الدولية بشكل كبير مكانة العراق في قطاعي التجارة والنقل، وأن تساهم في زيادة الإيرادات، فضلا عن إمكانية تسهيل الإجراءات الجمركية في جميع المراكز الحدودية من خلالها.
واستقبلت الهيئة بعد تطبيق الاتفاقية مؤخرا رحلة ترانزيت من بولندا متجهة إلى الإمارات مرورا بالأراضي العراقية، وفق قول طالب للجزيرة نت، مشيرا إلى التنسيق الفعال مع الاتحاد الدولي للنقل الطرقي والجهات الحكومية.
إعلانوأضاف طالب أن العمليات التجريبية أظهرت إمكانية إتمام الرحلات في أقل من أسبوع مقارنة بحد أدنى 14 يوما عبر البحر الأحمر، أو 26 يوما في حال اضطرار السفن إلى تغيير مسارها حول أفريقيا (الأمر الذي يحدث منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 مع توسع دائرة حرب إسرائيل على قطاع غزة وتهديد جماعة الحوثي اليمنية السفن الإسرائيلية).
وأشار إلى أن اتفاقية الترانزيت الدولية تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة، وقد وقّع العراق عليها مع الاتحاد الدولي للنقل الطرقي، لافتا إلى أن الهيئة تعمل حاليا على تطبيق بنودها، حيث قامت سابقا برحلة تجريبية تكللت بالنجاح.
وقال طالب إن الموقع الإستراتيجي والحيوي للعراق في المنطقة يجعله مؤهلا بشكل كبير للاستفادة من هذه الاتفاقية التي ستلعب دورا مهما في تعزيز مكانته اللوجستية باعتباره طريقا حيويا للنقل على المستويين الإقليمي والعالمي، مشددا على أن هذه الاتفاقية ستكون نقلة نوعية في التصنيف الدولي للعراق بمجالي النقل واللوجستيات.
إجراءات الشحنوقال المهندس مهيمن عمار إبراهيم -من شعبة الترانزيت في هيئة الجمارك- إن عملية استقبال ومعالجة إحدى شحنات العبور الجمركي (الترانزيت) بالكامل تمت عبر المنصة الوطنية للترانزيت التي طورها المركز الوطني للبيانات في مجلس رئاسة الوزراء.
وأضاف إبراهيم للجزيرة نت "تمكنا من متابعة مسار الشحنة بدقة عبر نظام التتبع المتقدم المدمج في المنصة منذ لحظة دخولها الأراضي العراقية وحتى خروجها، مما يعكس كفاءة المنصة وقدرتها على توفير رؤية شاملة للعمليات".
وتابع "نحن ننتظر الآن استقبال المزيد من الشحنات القابلة للمعالجة من خلال هذه المنصة المتطورة، والتي ستساهم بشكل فعال في تسريع حركة البضائع وتسهيل التجارة العابرة"، متوقعا أن تفعيل نظام الترانزيت الدولي في العراق سيقلل وقت النقل بنسبة 80% والتكاليف بنسبة 38%، مما سيحقق فوائد اقتصادية كبيرة ويوفر فرص عمل جديدة.
إعلانوأشار إبراهيم إلى خطط وإجراءات تطويرية مستمرة تعمل عليها الهيئة لتعزيز نظام المتابعة وضمان نجاح التجربة، مشددا على أن ثمة خططا دائمة لنجاح هذه التجربة وإكمالها بأبسط صورة ممكنة، إذ ستكون هذه الشحنات مستمرة، مما يدعم جهود العراق في أن يصبح مركزا إقليميا للترانزيت.
بديل إستراتيجيبدوره، أكد عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي معين الكاظمي أن انضمام العراق إلى اتفاقية الترانزيت الدولية يمثل خطوة تمهيدية حاسمة لمشروع طريق التنمية.
وطريق التنمية مشروع عراقي ضخم أطلق في 27 مايو/أيار 2023 بتكلفة تقديرية تبلغ 17 مليار دولار، ويمتد بطول 1200 كيلومتر، ويبدأ من ميناء الفاو الكبير جنوبي العراق ويمر بمحافظات عدة وينتهي عند معبر فيش خابور شمالا على الحدود التركية، ويضم طريقا بريا وسككا حديدية مزدوجة، ويهدف إلى ربط آسيا بأوروبا عبر العراق.
وتوقع الكاظمي للجزيرة نت أن يجعل طريق التنمية التجارة العالمية يمر عبر ميناء الفاو الكبير، ثم عبر معبر فيش خابور إلى تركيا، وصولا إلى ميناء جيهان والموانئ الأخرى في بلغاريا والدول الأوروبية.
وأضاف أن "هذا الطريق سيكون إستراتيجيا موازيا لقناة السويس، مما سيوفر مردودات اقتصادية عالية للعراق، ويقلل اعتماده على النفط والاقتصاد الريعي".
وأشار إلى أن هذه الطرق والسكك الحديدية ستوفر فرصة لإنشاء مصانع بالاتفاق مع الصين ودول أخرى، مما سيمكّن التصنيع داخل العراق ووصول المنتجات إلى أوروبا، كما ستنشأ تجمعات سكانية على طول طريق التنمية.
من جانب آخر، أكد الكاظمي أن هذا المشروع "يحمل جوانب أمنية إستراتيجية على المستوى العالمي، فالعراق يجب أن يبقى مستقرا بعيدا عن الفوضى والاستهداف الأمني، وستكون مصالح دول العالم مرتبطة باستقراره، هذا هدف مهم وأساسي لا بد من تعزيزه أكثر فأكثر".