تحركات دبلوماسية وضغوط دولية لوقف التصعيد في غزة وتحقيق هدنة إنسانية
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
يعاني قطاع غزة منذ سنوات طويلة من ظروف إنسانية قاسية نتيجة للحصار المستمر والصراعات المتكررة الحصار الذي تفرضه إسرائيل، مما أدى إلى شلّ معظم الجوانب الاقتصادية والاجتماعية في القطاع من نقص المواد الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود.
ويعكس الوضع في قطاع غزة مأساة إنسانية تحتاج إلى اهتمام عاجل من المجتمع الدولي للضغط من أجل تحسين الأوضاع ورفع الحصار لتوفير حياة كريمة للسكان وتحقيق السلام المستدام.
من جانبه، أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن دعوة مصر لوقف إطلاق النار المؤقت في غزة تتوافق مع القانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف التي تحث على حماية المدنيين في النزاعات، مشيرا إلى أن الدور المصري يُعتبر نموذجًا للدبلوماسية المسؤولة التي تضع الأولوية للمصالح الإنسانية.
وأوضح مهران لـ “صدى البلد”، أن الموقف المصري يستند إلى مواد قانونية ثابتة، منها المادة 15 من اتفاقية جنيف الأولى، التي تسمح بإنشاء مناطق محايدة لحماية المدنيين، والمادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تلزم الأطراف بتمرير المساعدات الإنسانية، وبيّن أن الهدنة المؤقتة تتيح فرصة لإدخال المساعدات وإجلاء المصابين وتهيئة الظروف لمفاوضات سياسية.
كما أشاد بالدور المصري المحوري كوسيط إقليمي موثوق وخبير في الأزمات الإقليمية، مؤكدًا أن مصر، بصفتها عضوًا في المجتمع الدولي، ملتزمة بمسؤولياتها وفق اتفاقيات جنيف لدعم القضية الفلسطينية
وصرّح السفير أسامة عبد الخالق، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بضرورة تضافر الجهود لوقف محاولات إسرائيل إجهاض حل الدولتين، مؤكداً أن مصر ستواصل دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، جاء هذا خلال تقديمه لبيان مصر في جلسة نقاش مفتوحة بمجلس الأمن حول الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وأضاف عبد الخالق، أن إسرائيل تسببت في مقتل أكثر من 42 ألف شخص في قطاع غزة وشردت المدنيين قسرياً عدة مرات، مشدداً على ضرورة إقرار مجلس الأمن هدنة مؤقتة وتسهيل دخول المساعدات إلى القطاع، ودعا المجلس لتبني قرار ملزم وفق الفصل السابع لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على غزة ولبنان.
الإبادة الجماعية في غزةوفي سياق متصل، قال نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، إن مواصلة ما وصفه بـ "الإبادة الجماعية" التي تمارسها سلطات الاحتلال، وأدت إلى استشهاد أكثر من 90 فلسطينياً في شمال قطاع غزة، تتحمل الإدارة الأمريكية مسؤوليتها بسبب دعمها المستمر للاحتلال، مضيفا أن هذا الدعم يتيح للاحتلال ارتكاب المزيد من المجازر، داعياً الإدارة الأمريكية للضغط على إسرائيل للامتثال لقرارات الشرعية الدولية ووقف العدوان.
وحذر أبو ردينة، من أن غياب المحاسبة الدولية يضع المنطقة على حافة انفجار شامل، مؤكداً أن الحل العادل للقضية الفلسطينية، بما يشمل قضيتي القدس واللاجئين، هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار، والتاريخ لن يغفر لمن تواطأ مع الجرائم الإسرائيلية.
من جهة أخرى، أعلنت حركة "حماس" استعدادها للنظر في أي مقترحات تضع حداً لمعاناة الفلسطينيين في غزة وتوقف إطلاق النار بشكل دائم، موضحة في بيان أنها استجابت لمبادرات الوسطاء لبحث مقترحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وأكدت أنها ستواصل اللقاءات لتحقيق هذه الأهداف.
وأشار سامي أبو زهري، القيادي البارز في "حماس"، إلى أن أي اتفاق يجب أن يشمل انسحاباً كاملاً للاحتلال من القطاع، ورفع الحصار، وتقديم الإغاثة والدعم، وإعادة إعمار غزة، إضافة إلى إنجاز صفقة شاملة لتبادل الأسرى.
وفيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية، حذر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من أزمة غذائية وشيكة في غزة، حيث يتوقع أن يعاني أكثر من 90% من السكان من انعدام حاد في الأمن الغذائي بحلول نوفمبر، وتدمير المصانع والأراضي الزراعية أدى إلى انهيار شبه تام في أنظمة الغذاء، مما يجعل المتاجر والأسواق شبه فارغة، ودعا إلى فتح المزيد من المعابر لتسهيل وصول الإمدادات.
وأكد البرنامج أن لديه 94 ألف طن من المواد الغذائية، تكفي لإطعام مليون شخص لمدة أربعة أشهر، وجاهزة للتوجه إلى غزة، مشدداً على ضرورة تأمين مسارات العبور.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة قطاع غزة الأمم المتحدة إسرائيل مجلس الأمن حماس الأسرى قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
القاهرة تتحرك.. اعترافات دولية بفلسطين تهز إسرائيل وتفتح باب مرحلة محفوفة بالمخاطر
في ظل تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، تبدو الأجواء مهيأة لانعطافة سياسية كبرى قد تغيّر ملامح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ففي الوقت الذي تتسارع فيه جهود مصر الدبلوماسية لوقف الحرب على غزة وفتح ممرات المساعدات الإنسانية، تلوح في الأفق موجة غير مسبوقة من الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، ما قد يشكّل ضغطًا هائلًا على حكومة الاحتلال ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة، لكن محفوفة بالمخاطر.
الجهود المصرية.. سباق مع الزمن لوقف النزيفأكد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، أن الأولوية المصرية حاليًا هي الوقف الفوري لإطلاق النار وضمان تدفق المساعدات إلى غزة دون عوائق. وفي مؤتمر صحفي مشترك مع وزير خارجية كوت ديفوار، شدد عبد العاطي على رفض القاهرة القاطع لأي خطط إسرائيلية لتوسيع العمليات العسكرية أو السيطرة الكاملة على القطاع المكتظ بالسكان.
وأشار الوزير إلى أن مصر تخطط بعد وقف الحرب لعقد "مؤتمر القاهرة الدولي"، بهدف إطلاق مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يضع أساسًا لعملية سياسية حقيقية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية في إطار زمني محدد. ولم يستبعد إمكانية نشر قوات دولية في غزة لتأمين المرحلة الانتقالية وتمكين السلطة الفلسطينية من إدارة القطاع.
سبتمبر.. شهر الحسم في الأمم المتحدةعلى الصعيد الدولي، تتجه الأنظار إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، حيث يُتوقع أن تُعلن دول غربية كبرى من بينها فرنسا، بريطانيا، كندا، وأستراليا اعترافها رسميًا بدولة فلسطين. خطوة وصفها محللون بأنها "زلزال سياسي" قد يغير ميزان القوى في الصراع، لكنها في المقابل قد تدفع إسرائيل لردود فعل أكثر عنفًا، خاصة في غزة.
تحول سياسي يضيق الخناق على تل أبيبيرى اللواء محمد حمد، الخبير الاستراتيجي، أن دخول دول ثقيلة الوزن مثل فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا إلى دائرة الاعتراف بفلسطين، يعني أن إسرائيل تخسر تدريجيًا أحد أهم أسلحتها.. الغطاء السياسي الغربي. ويضيف أن هذا التحول سيضع حكومة نتنياهو أمام ضغوط متزايدة لوقف العدوان على غزة، والجلوس إلى طاولة المفاوضات نحو حل الدولتين. لكن، وكما جرت العادة، ستحاول تل أبيب التحايل لإفراغ هذه الاعترافات من مضمونها الفعلي.
خطة إسرائيل.. تكتيك مزدوج لامتصاص الصدمةيتوقع حمد أن ترد إسرائيل بخطة ذات مسارين:
تصعيد ميداني محدود في غزة لإرسال رسالة بأن "الواقع على الأرض" لا تحدده قرارات الأمم المتحدة.
تكثيف الاستيطان في الضفة الغربية لفرض أمر واقع يمنع قيام دولة فلسطينية موحدة جغرافيًا.
محاولة فصل غزة عن المشهد السياسي الفلسطيني عبر الدفع نحو إدارة محلية أو إقليمية بديلة، مع إحكام الحصار الاقتصادي والأمني.
غزة.. قلب المعركة الساخنغزة، كما يؤكد حمد، ستظل محور الصراع. فإسرائيل تدرك أن أي اعتراف دولي بدولة فلسطينية دون السيطرة الكاملة على القطاع، يعني نشوء كيان سياسي خارج شروطها الأمنية. لذلك، قد تشهد المرحلة المقبلة عمليات عسكرية أوسع أو إعادة احتلال جزئي لمناطق استراتيجية داخل غزة.
فرصة فلسطينية محفوفة بالمخاطرمن الجانب الفلسطيني، يرى حمد أن هذه الاعترافات تمثل فرصة تاريخية لتعزيز الموقف السياسي، لكنها قد تتحول إلى فخ إذا لم تُحسن إدارتها. فبعض الدول المعترفة، مثل كندا وبريطانيا، قد تضع شروطًا مسبقة، أبرزها إقصاء حماس ونزع سلاح الفصائل، ما قد يثير خلافات داخلية تهدد وحدة الصف.
بين الأمل والخطر
ما بين المساعي المصرية المكثفة والزخم الدولي المتصاعد، يقف المشهد الفلسطيني على أعتاب لحظة فارقة قد تُدخل الصراع مرحلة جديدة. لكن الطريق مليء بالعراقيل، وإسرائيل التي تشعر بالخسارة قد تلجأ لخيارات أكثر تشددًا. وفي ظل هذا التوازن الهش، تبقى وحدة الصف الفلسطيني والدعم العربي والدولي الحاسم، المفتاح الوحيد لتحويل هذه اللحظة من فرصة عابرة إلى إنجاز تاريخي راسخ.