الزراعة الشتوية رافد حيوي للأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
الناصري: تزداد المحاصيل المنتجة محليًا يساهم في استقرار الأسعار
الهنائي: الزراعة الشتوية تمثل فرصة كبيرة لتعزيز الإنتاج المحلي
الهدابي: ضرورة إيقاف استيراد بعض المنتجات عندما تكون التغطية المحلية كافية
تُعد الزراعة الشتوية في سلطنة عمان موسمًا حيويًا يحمل في طياته فرصًا كبيرة لتعزيز الأمن الغذائي وزيادة الاكتفاء الذاتي.
يركز هذا التقرير على أهمية الزراعة الشتوية بصفتها رافدا رئيسيا للاقتصاد العماني، ويستعرض الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تحققها، مع التأكيد على دورها في تحقيق الاستدامة الزراعية.
تنوع المحاصيل
وقال المهندس يونس بن علي الناصري، رئيس قسم النخيل والإنتاج النباتي بمحافظة الظاهرة: إن هناك تنوعًا كبيرًا في المحاصيل الشتوية، أهمها القمح والشعير والشوفان، بالإضافة إلى الفول والبازلاء، المعروفة محليًا بـ"الباقل والغرغر"، كما تُزرع البطاطا الحلوة، التي تُعرف محليًا (بالفندال)، والبصل والثوم، حيث يتم تخزين هذه المحاصيل طوال العام لضمان توافرها في الأسواق.
وأشار الناصري إلى زراعة الورقيات مثل الملفوف والخس والفجل والجرجير، بالإضافة إلى البقدونس والبقل، وتضم قائمة المحاصيل أيضًا القرعيات مثل الكوسة والخيار العماني والخارجي، بالإضافة إلى الطماطم والفلفل بمختلف أنواعه، وقد دخلت مؤخرًا محاصيل جديدة مثل الشمندر والكرفس واللفت والجزر والبروكلي والزهرة والسبانخ، مما يعكس تطور الزراعة الشتوية في سلطنة عمان وتنوعها لتلبية احتياجات السوق المحلية.
كما تناول الناصري الظروف المناخية التي تؤثر على الزراعة الموسمية الشتوية في سلطنة عمان. وأوضح أن سلطنة عمان كونها تقع ضمن المناطق شبه الجافة، تتعرض لتغيرات مناخية كبيرة مثل الجفاف وقلة الأمطار، أو حتى كثرتها في فصل الشتاء، كما أن التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة وزيادة الرطوبة والغبار تؤثر بشكل مباشر على المحاصيل المزروعة، مما قد ينعكس على الإنتاجية ويساهم في انتشار بعض الآفات والأمراض. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي الأمطار الغزيرة إلى غرق بعض المزروعات، مما يمثل تحديًا إضافيًا للمزارعين.
أما فيما يتعلق بالفوائد الاقتصادية للزراعة الشتوية، أكد الناصري أنها تُساهم في زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي للمزارعين والمجتمع بشكل عام، كما تحقق الزراعة الشتوية دخلاً جيدًا للمزارعين، وتلعب دورًا فعالًا في تعزيز الأمن الغذائي لسلطنة عمان؛ فعندما تزداد المحاصيل المنتجة محليًا، ينخفض الاعتماد على الاستيراد، مما يساهم في استقرار الأسعار ويعزز الاقتصاد المحلي.
كما أشار الناصري إلى أهمية الوعي بأهمية الزراعة المستدامة وتبني الممارسات الحديثة في الزراعة، مما يساعد على تحسين الإنتاجية وتقليل التأثيرات السلبية الناجمة عن التغيرات المناخية، في هذا السياق، فإن الاستثمار في التقنيات الحديثة وطرق الزراعة المبتكرة يعد خطوة أساسية نحو تحقيق مستقبل زراعي أفضل في سلطنة عمان.
التحديات المناخية
من جانب آخر قال المهندس سالم بن محمد الهنائي، رئيس قسم التنمية الزراعية بعبري: إن موسم الزراعة الشتوية في سلطنة عمان يعد سهلًا وبسيطًا، حيث تُزرع جميع المحاصيل الشتوية فيه، ومن أبرز ميزاته أنه لا يتطلب تكاليف تبريد في البيوت المحمية، مما يجعل الزراعة أكثر سهولة وفعالية للمزارعين.
وأشار الهنائي إلى أن الموسم الشتوي يُعد فترة خصبة للمزارع، حيث تنمو النباتات بشكل جيد ولا تحتاج إلى ري مفرط، ويحتاج المزارعون فقط إلى متابعة مستمرة فيما يتعلق بالتسميد ورصد الآفات، التي تميل إلى الازدياد خلال هذا الموسم، ومن بين الآفات التي يجب مراقبتها، تبرز الفطريات والحشرات والعناكب، التي يمكن أن تؤثر سلبًا على المحاصيل إذا لم تتم السيطرة عليها.
وفي سياق حديثه عن الفوائد الاقتصادية للزراعة الشتوية، أكد الهنائي أنها توفر فرص عمل للمزارعين وتُعزز من دخلهم، مما يُساهم في تحسين مستوى المعيشة، كما تُساعد هذه الزراعة في تقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يسهم في استقرار الأسعار ويعزز الاقتصاد المحلي.
وأشار الهنائي إلى أهمية التعليم والتدريب للمزارعين حول أفضل الممارسات الزراعية، مشددًا على ضرورة استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة، مثل نظم الري المتطورة واستخدام الأسمدة العضوية؛ لتحسين الإنتاجية وجودة المحاصيل.
وأكد الهنائي على أهمية تبني الممارسات الزراعية الجيدة خلال هذا الموسم، مشددًا على ضرورة التعاون بين المزارعين والجهات المعنية لتحقيق أفضل النتائج في الزراعة الشتوية، ورغم التحديات المناخية التي قد تواجه الزراعة، فإن الزراعة الشتوية تمثل فرصة كبيرة لتعزيز الإنتاج المحلي وضمان الاستدامة الزراعية في سلطنة عمان.
حدائق المنازل
من جانبه تحدث المزارع رامي الهدابي، المهتم بالزراعة، مركزا على أهمية هذا الموسم وخصائصه، قائلا: إن الزراعة الشتوية حاليًا في أوج نشاطها، حيث يبدأ المزارعون في تشكيل الشتلات وزراعة البذور، وتُعد هذه الفترة ذروة الزراعة، حيث تُزرع حوالي 90% من المحاصيل الشتوية، مثل الخيار والطماطم والباذنجان والفلفل الحار والكوسة والذرة الشامية، بالإضافة إلى البطاطا والفندال، كما يُمكن زراعة شتلات الحمضيات مثل المانجو في المزارع والحدائق المنزلية.
وأكد الهدابي أن مناخ سلطنة عمان خلال فصل الشتاء يعد مثاليًا لنمو هذه المحاصيل؛ إذ يساعد الطقس المعتدل على تحقيق إنتاجية عالية. بالمقابل، يشير إلى أن فصل الصيف يؤثر سلبًا على الزراعة بسبب درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية في بعض المناطق، مما قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج.
وأوضح ان الزراعة الشتوية تُعد مصدر دخل إضافي للمزارعين، حيث تساهم في تنويع المحاصيل وزيادة فرص البيع، ويعتبر الهدابي أن وجود زراعة شتوية في حدائق المنازل يعزز من ترابط الأسرة، حيث تشجع على التعاون بين أفراد العائلة في الزراعة والقطف والإنتاج، كما أن هذا التعاون يسهم أيضًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي، مما يقلل الاعتماد على المنتجات الزراعية المستوردة.
كما تناول الهدابي تدخل الجهات الحكومية في تنظيم استيراد المنتجات الزراعية وفقًا لاحتياجات السوق، وطالب باتخاذ خطوات لإيقاف استيراد بعض المنتجات عندما تكون التغطية المحلية كافية، حيث إن هذا الإجراء يهدف إلى حماية المنتج المحلي وتجنب تأثير الاستيراد على الأسعار، مما يساهم في استقرار دخل المزارعين.
علاوة على ذلك، يُبرز الهدابي فوائد الزراعة الموسمية في تعزيز الأمن الغذائي للأسرة والمجتمع ككل، ويشدد على أهمية التقنيات الحديثة المستخدمة في الزراعة، مثل نظم الري المتطورة والزراعة المائية، التي تمثل خطوات إيجابية في تحسين جودة الإنتاج فالآن التكنولوجيا الحديثة متوفرة وتساعد المزارعين على تحقيق نتائج أفضل وتلبية احتياجات السوق المتزايدة.
كما أكد أن الزراعة الشتوية في سلطنة عمان تُعد رافدًا مهمًا للاقتصاد المحلي، وتساهم في تعزيز الاستدامة وتحقيق الأمن الغذائي، مما يجعلها محور اهتمام للمزارعين والمختصين على حد سواء.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التقنیات الحدیثة استقرار الأسعار الأمن الغذائی الاعتماد على بالإضافة إلى هذا الموسم فی الزراعة فی استقرار على أهمیة محلی ا التی ت
إقرأ أيضاً:
24 عاما على تأسيس العدالة والتنمية التركي.. إنجازات وتحديات
أنقرة- يوم 14 أغسطس/آب 2001، وفي مناخ سياسي محتدم عقب إغلاق حزب الفضيلة الإسلامي وسلسلة قرارات حظر استهدفت أحزابا محافظة في التسعينيات، أعلن رجب طيب أردوغان (رئيس بلدية إسطنبول السابق والممنوع حينها من العمل السياسي) -مع عبد الله غل وبولنت أرنتش- تأسيس حزب "العدالة والتنمية".
وقدّم الحزب نفسه كتيار ديمقراطي محافظ يجمع التيارات المحافظة والإصلاحية، واضعا هدف تجاوز إرث عدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية الحادة لعام 2001.
وبإجماع المؤسسين، انتُخب أردوغان أول رئيس للحزب رغم منعه من الترشح، ليحقق الحزب بأول انتخابات له في نوفمبر/تشرين الثاني 2002 فوزا بـ34% من الأصوات وحصد ثلثي مقاعد البرلمان، في سابقة لم تعرفها تركيا منذ أكثر من عقد.
وبعد رفع الحظر عنه مطلع 2003، تولى أردوغان رئاسة الحكومة في مارس/آذار، لتبدأ حقبة حكم متصلة جعلت من الحزب الأطول بقاء في السلطة منذ بدء التعددية الحزبية عام 1946.
إنجازات واستقرارمنذ توليه السلطة، رسَّخ العدالة والتنمية استقرارا سياسيا بتركيا، بعد عقود من الحكومات الائتلافية الهشة، متصدرا جميع الانتخابات العامة منذ 2002، ومشكلا 4 حكومات متتالية حتى 2015، قبل أن يقود التحول للنظام الرئاسي عبر استفتاء 2017 بنسبة تأييد 51.4%، مانحا أردوغان صلاحيات واسعة مع احتفاظه برئاسته الحزبية، وكان أردوغان قد فاز عام 2014 كأول رئيس يُنتخب مباشرة بنسبة 52%.
وسياسيا، عزَّز "العدالة والتنمية" نفوذ المؤسسات المدنية على حساب العسكر، عبر إصلاحات متوافقة مع معايير الاتحاد الأوروبي، ومحاكمات للانقلابيين، وأقر باستفتاء 2010 تعديلات أعادت هيكلة المجلس الأعلى للقضاء وألغت الحصانة عن منفذي انقلاب 1980.
واقتصاديا، نجح الحزب بخفض التضخم من أكثر من 70% في التسعينيات إلى خانة الآحاد بحلول 2004، وحذف 6 أصفار من العملة المحلية (الليرة) عام 2005، وحقق متوسط نمو 7.2% بين عامي 2002 و2007، فارتفع الناتج المحلي من 415 مليار دولار عام 2002 إلى أكثر من تريليون عام 2024، وتضاعف دخل الفرد، وسدد ديون صندوق النقد الدولي البالغة 23.5 مليار دولار بحلول 2013.
واجتماعيا، أطلق العدالة والتنمية برنامجا واسعا للتنمية البشرية وتحسين الخدمات أحدث تحولات جذرية بقطاعات التعليم والصحة والإسكان، فارتفع عدد الجامعات من 76 جامعة عام 2002 إلى أكثر من 200 جامعة بحلول 2020، وتضاعف عدد طلابها من 1.6 إلى 8.4 ملايين طالب.
إعلانوفي قطاع الصحة، شمل برنامج التحول الصحي بناء مئات المستشفيات والمراكز الطبية، وتعميم التأمين الصحي شبه الشامل، وإنشاء مستشفيات "المدينة الطبية" بمعايير عالمية. كما بنت إدارة تطوير الإسكان منذ 2003 نحو 850 ألف وحدة سكنية لمحدودي الدخل، وأطلقت مشاريع تجديد حضري واسعة.
وشهدت الحريات الاجتماعية تحولا مفصليا، إذ رفع الحزب عام 2013 الحظر عن ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة والمدارس، منهيا سياسة امتدت قرابة 90 عاما، وعزَّز حقوق الأقليات الثقافية عبر السماح بالبث الإعلامي والتعليم بلغات مثل الكردية.
وتكنولوجيا، دشَّنت تركيا عام 2022 أول سيارة كهربائية محلية "توغ" وحققت نهضة غير مسبوقة في الصناعات الدفاعية، انتقلت بها من مستورد للسلاح إلى أحد أبرز المصدّرين بين الدول النامية.
وارتفع حجم مشاريع الصناعات الدفاعية من 5.5 مليارات دولار عام 2002 إلى 75 مليارا عام 2023، وشمل التصنيع الطائرات المسيّرة والمروحيات والسفن الحربية والصواريخ. وارتفعت صادرات الدفاع من 248 مليون دولار عام 2002 إلى 7.15 مليارات عام 2024، مما أكَّد استقلالية القرار العسكري ورسَّخ موقع تركيا كقوة إقليمية صاعدة.
ومنذ توليه الحكم، انتهج "العدالة والتنمية "سياسة خارجية نشطة ومتعددة المسارات، بدأت بشعار "صفر مشاكل مع الجيران" والسعي للانضمام للاتحاد الأوروبي، مما أطلق إصلاحات عزَّزت المعايير الديمقراطية وجذبت الاستثمارات.
لكن تحولات الربيع العربي أحدثت توترا مع أنظمة عربية، خاصة مصر وسوريا. ورغم ذلك، واصلت أنقرة سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين، لتصبح أكبر مستضيف لهم في العالم بأكثر من 4 ملايين لاجئ، معظمهم من سوريا، مع تقديم مساعدات جعلتها بمقدمة الدول من حيث نسبة المساعدات إلى الناتج القومي.
ووسعَّت أنقرة نفوذها عبر افتتاح عشرات السفارات -خاصة في أفريقيا- وتعزيز حضورها الثقافي والتنموي، كما تحولت في العقد الثاني إلى سياسة أكثر استقلالية أثارت أحيانا تحفظ حلفائها في الناتو، أبرزها شراء منظومة "إس-400" عام 2019، مع موازنة التعاون مع موسكو ودعم المعارضة السورية وشن عمليات عسكرية لحماية أمنها القومي.
كما رسَّخت تركيا شراكتها مع أذربيجان خلال حرب قره باغ 2020، وقادت وساطات إنسانية مثل اتفاق ممر الحبوب بين روسيا وأوكرانيا عام 2022.
ورغم فترات التوتر مع الغرب، نجح "العدالة والتنمية" خلال السنوات الأخيرة بإعادة ترميم العلاقات الإقليمية، سيما مع دول الخليج ومصر، وإسرائيل قبل أن تتوتر مجددا بسبب حربها الأخيرة على قطاع غزة– وذلك عبر تبادل الزيارات وعودة السفراء وتوسيع الشراكات الاقتصادية، مع تثبيت الحضور التركي بالمحافل الدولية.
وبذلك، صاغت حكومات "العدالة والتنمية" سياسة خارجية ديناميكية توازن بين تعدد المحاور والحفاظ على استقلال القرار، جاعلة من تركيا فاعلا إقليميا لا يمكن تجاوزه.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، كانت تركيا أولى الدول التي سارعت لمد الجسور مع دمشق، فأعادت مباشرة افتتاح سفارتها، وأعقب ذلك لقاءات دبلوماسية ورسمية بين البلدين.
وعلى مدى أكثر من عقدين في السلطة، أجرى "العدالة والتنمية" تحولات تنظيمية مكَّنته من التكيف مع متطلبات الحكم، مع بقاء القيادة بيد أردوغان، باستثناء الفترة 2014-2017 حين تولى أحمد داود أوغلو ثم بن علي يلدرم رئاسة الحزب، قبل أن يعود أردوغان بعد تعديل دستوري ألغى شرط حياد رئيس الجمهورية.
إعلانورغم الانضباط التنظيمي، شهد الحزب انشقاقات محدودة شملت شخصيات مؤسسة وقيادات بارزة، مثل عبد الله غل، وداود أوغلو، وعلي باباجان، لكنها لم تُحدث اختراقا في قاعدته الشعبية، إذ احتفظ الحزب بكتلته الناخبة الأساسية، وظل المظلة الأوسع لتيار اليمين المحافظ والقومي، خاصة بعد تحالفه مع حزب الحركة القومية.
وشكلت الانتخابات البرلمانية عام 2015 نقطة تحول في بناء التحالفات، إذ دفع الاستقطاب السياسي الحزب لتأسيس "تحالف الشعب" مع الحركة القومية عام 2018، مما أتاح له الحفاظ على الأغلبية البرلمانية وترسيخ الخطاب القومي في سياساته. ولاحقا، وسَّع التحالف بضم أحزاب أصغر مثل "الوحدة الكبرى" و"الرفاه الجديد" لزيادة الحضور الانتخابي في مواجهة تكتلات المعارضة.
واعتمد "العدالة والتنمية" سياسة تجديد الكوادر، فشهد المؤتمران السابع عام 2021 والثامن عام 2024 تغييرات واسعة، وتوّج الأخير في فبراير/شباط 2025 بإعادة انتخاب أردوغان للمرة التاسعة وزيادة أعضاء اللجنة التنفيذية المركزية واستحداث مناصب جديدة، مع استقطاب شخصيات لافتة مثل النجم المعتزل مسعود أوزيل لتعزيز جاذبيته لدى الشباب.
تحديات واختبارات
رغم سجل النجاحات الطويل، واجه "العدالة والتنمية" منذ 2018 تحديات كبرى شكلت اختبارات صعبة لقدراته على الصمود:
اقتصاديا، دخلت الليرة بمسار تراجعي حاد أفقدها جزءا كبيرا من قيمتها، وارتفع التضخم إلى نحو 48.6% مطلع 2022 قبل أن يتجاوز 85% في خريف العام نفسه، وهو الأعلى منذ 24 عاما، مما انعكس مباشرة على تكاليف المعيشة وأثقل كاهل المواطنين. سياسياً، تصاعد الاستقطاب منذ احتجاجات "غيزي بارك" عام 2013، وتعمّق بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو/تموز 2016 التي أعقبها تفكيك واسع لشبكة "غولن" شمل اعتقال وفصل عشرات آلاف الموظفين والعسكريين، في خطوة بررتها الحكومة بالحفاظ على الأمن القومي وتطهير مؤسسات الدولة. خارجياً، ظل ملف الانضمام للاتحاد الأوروبي مجمدا بفعل تحفظات أوروبية على سجل أنقرة الحقوقي، لكن الروابط مع الغرب لم تصل للقطيعة، إذ حافظت تركيا على تعاونها في إطار الناتو وعلاقاتها التجارية مع أوروبا، مع توسيع شراكاتها شرقا، خاصة مع روسيا والصين. انتخابيا، تعرض الحزب في السنوات الأخيرة لهزات انتخابية غير مسبوقة، فبعد سيطرته لسنوات على كبرى البلديات، خسر في انتخابات 2019 رئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة لصالح المعارضة.وفي انتخابات مارس/آذار 2024، مُني الحزب بأسوأ نتيجة له منذ تأسيسه، إذ حل ثانيا بنسبة 35.5% من الأصوات، خلف حزب الشعب الجمهوري الذي نال 37.8%، وخسر 15 ولاية إضافية ليحتفظ برئاسة 24 ولاية فقط.
وعلى مستوى الكوارث الطبيعية، كان زلزال فبراير/شباط 2023 أحد أعقد الاختبارات، إذ أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص في 11 ولاية، وأثار انتقادات حادة بشأن ضعف تطبيق معايير البناء المقاوم للزلازل، رغم تحرك الحكومة السريع وتخصيص مليارات لإعادة الإعمار، وهو ما دفع الرئيس أردوغان للتعهد بالمحاسبة وبناء مدن أكثر أمانا.