عقد الجامع الأزهر، حلقة جديدة من ملتقاه الأسبوع "الأزهر والقضايا المعاصرة" ، والتي جاءت هذا الأسبوع تحت عنوان: " التكافل الاجتماعي.. رؤية إسلامية"، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وحاضر في ملتقى هذا الأسبوع، الدكتور فياض حسين، وزير المالية الأسبق، وأستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، والدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي، والدكتور عبد المنعم فؤاد، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، والمشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري بالجامع الأزهر.

وقال الدكتور محمد عبد المالك: إن موضوع التكافل يُعتبر من الموضوعات المهمة، لأنه يتعلق بنعمة المال التي أنعم الله بها على عباده، فقد جعل الله المال مشروعًا من الحلال، ونهى عن اكتسابه بطرق محرمة مثل السرقة والربا والرشوة، لافتا إلى أن التكافل له صور عديدة، منها التكافل الخُلقي أو التعاوني، حيث يتعاون المجتمع على نشر الفضيلة والأخلاق الحميدة بينهم، كما قال الله تعالى: "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"، مضيفا : ومنها التكافل المادي الذي يكون بداخل الإنسان فيلزم نفسه بالطاعة ويجنبها المعصية، كما ورد في قوله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا".

وتابع نائب رئيس جامعة الأزهر: كما يتضمن التكافل الأسري مساعدة الأفراد لأسرهم، إذ قال ﷺ: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول"، وهناك أيضًا التكافل العام المالي، الذي يشمل المسلمين وغيرهم، ومن أفضل أنواع التكافل، كفالة اليتيم وإكرامه، كما قال تعالى: " وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ"، كذلك يتضمن سداد ديون الغارمين والإنفاق على المحتاجين، وصنوف الزكاة الثمانية التي ذكرها الله في قوله: " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ  ".

وأضاف د عبد المالك، أن الصحابة رضوان الله عليهم ضربوا أروع الأمثلة في التكافل والتضامن الاجتماعي، فمنهم من أنفق ثلث ماله ومنهم من أنفق نصف ماله وماله كله في سبيل الله، أمثال أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهم ، مما يدل على التكافل والوعي بحقوق الأفراد.

إصلاح النظام الاجتماعي

من جانبه ، قال الدكتور فياض حسين، إن الإسلام كان له السبق في تطبيق نظام التكافل الذي كانت له سمات خاصة، فبدأ بإصلاح العقيدة وإصلاح العقل، ثم انتقل إلى إصلاح النفس وتزكيتها، ثم إصلاح النظام الاجتماعي، فقد بين لنا النبي ﷺ أهمية التكافل الاجتماعي، حين آخى بين المهاجرين والأنصار كأداة فاعلة وسريعة لتحقيق التكافل الاجتماعي.

وأشار إلى أهمية التكافل الاجتماعي في النظم الاقتصادية، فالمجتمع الذي يوجد فيه تضامن اجتماعي، تعزز فيه القوة الاقتصادية، لأنه يخفف من النفقات والتوترات الاجتماعية، بينما يعزى تشرذم المجتمع وتفككه وانهياره إلى افتقاره للتكافل والتضامن الاجتماعي.

وبين وزير المالية الأسبق، أن التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية، تقوم على ثلاث قيم أساسية: القيمة المؤسِسة، وهي التكامل الاجتماعي بين أفراد المجتمع؛ والقيمة الحافزة، وتكون عن طريق العلم والتكنولوجيا؛ ثم القيمة التحقيقية، وهي الانطلاق إلى مجالات المجتمع، وأشار إلى أن هناك علاقة وثيقة بين التكافل والأمن، فإذا كثر الفقر والفاقة قل الأمن وعز الأمان.

وبين د.فياض، أن النظام الاقتصادي في الإسلام له نمط مختلف عن الأنظمة والقوانين الوضعية الأخرى التي لا تعرف إلا التأمين، فالإسلام راعى في نظامه التكافل عن طريق أدواته الدائمة والمستدامة التي تميز بها عن غيره، فمنها الواجبة مثل الزكاة المفروضة ونفقة الإنسان على أهله، ومنها التطوعية مثل الصدقات والأوقاف والنذور والكفارات، ولما علم الصحابة رضوان الله عليهم قيمة التطوعات والأعمال الخيرية، تباروا فيها جميعًا وتصدقوا بخير مالهم، عملاً بقوله تعالى{لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ }.

الإسلام والتكافل الاجتماعي

وفي ذات السياق، أوضح الدكتور عبد المنعم فؤاد، أن الإسلام أولى اهتمامًا كبيرًا للتكافل الاجتماعي، مشددًا على أهميته بين أفراد الأسرة والمجتمع بأسره، خاصة في الأوقات التي تتطلب التضامن والتكافل، وأكد على ضرورة نشر ثقافة المحبة والإخاء، لكي يتحد المجتمع ككتلة واحدة ويكون عونًا لبعضه البعض، مستشهدًا بقوله ﷺ "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وأكد د. فؤاد، أن التكافل قد تم تطبيقه عمليًا في المجتمعات الإسلامية منذ القدم، مشيرًا إلى أن النبي ﷺ قد آخى بين المهاجرين والأنصار عندما هاجر إلى المدينة، وقد تجلى ذلك في جميع الأوقات العصيبة التي مرت بها الأمة الإسلامية، لافتا إلى أن الإسلام يأمر بالتكافل والتعاون، كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، حيث إن التعاون على البر يجلب رضا الناس، والتعاون على التقوى يجلب رضا الله، والعبد الذي يجمع بين الاثنين ينال سعادة الدارين.

ودعا المشرف على الأروقة، إلى المسارعة في فعل الخيرات، مؤكدًا أن أبواب الخير مفتوحة للجميع، كما قال تعالى: { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ } وأشار إلى أن وسائل التكافل الاجتماعي، مثل الزكاة والتبرعات والصدقات، تميز الإسلام عن غيره، كما أنها تعد من الوسائل الأساسية لتحقيق الأمن والأمان في المجتمع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجامع الازهر التكافل الاجتماعي في الإسلام التکافل الاجتماعی کما قال إلى أن

إقرأ أيضاً:

ثبات غزة يقهر الطغيان ويغيظ العدى

سالم البادي "أبو معن"

بادئ ذي بدء نعرج على مفهوم الطغاة والطغيان في اللغة قبل أن نشرع في المقال.. ففي معاجم اللغة العربية: طَغَا، يَطْغُو، مصدر طَغْوٌ، طُغْوَانٌ .. وطَغَا الْحَاكِمُ: تَجَاوَزَ الْحَدَّ، تَجَبَّرَ، جَارَ... والطّاغُوتُ: الطاغي المعتدي، أو كثيرُ الطغيان.. والطّاغُوتُ: طاغية ظالم ومعتدٍ غاشم.

الطّاغُوتُ: كل ما عُبِدَ من دون الله، من الجن والإنس والأصنام في التنزيل العزيز: {فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوتِ ويُؤْمِنْ باللهِ فَقَدِ استمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى} (البقرة: ٢٥٦).

إذا الطاغوت أو الطاغية هو كل حاكمٍ متكبرٍ، متجبرٍ، متغطرسٍ، ديكتاتوري؛ يحكمُ الناسَ بالحديد والنار؛ ويفرض حكمَه على الناس بقوةِ السلاح، ويحكمُ الناسَ بالظلمِ، والاستبدادِ، والطغيانِ.

قال تعالى: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} (المائدة: ٦٠).

لقد حذرنا الله تعالى من الطغيان في أول آيات نزلت في الكتاب: {كلا إن الإنسان ليطغى*أن رآه استغنى*إن إلى ربك الرجعى} (العلق: ٨،٧،٦).

بالرغم من عاقبة الطغاة في الدنيا والآخرة كما وضحها لنا ديننا الإسلامي الحنيف وأثبتتها أحداث ونهاية الأمم التي خلت، تجد أن زماننا مليء بالدهماءِ، والغوغاءِ الخانعين الراضخين المنبطحين للطواغيت.. يمجدونهم، ويعظمونهم، ويطيعونهم في كل شيء، حتى لو أمروهم بدخول جُحرِ ضبٍ لدخلوه، أو أمروهم بقتل أنفسهم لقتلوا أنفسهم.

بل أشرُ وأخزى من ذلك! تجد أن هؤلاء الفئة يدافعون بكل قوةٍ وشراسةٍ عن الطغاة؛ بل ويتعاونون معهم؛ ويحبونهم، ويعشقون تقبيل أرجل طواغيتهم، ويعلنون الولاء الكلي لهم؛ بل ويتجسسون على أهلهم، وأقربائهم، وأصحابهم -الذين لا يزال لديهم مسحة من العزة والكرامة- فيصبحون طاغوتيين أكثرَ من الطاغوتِ.

ومن الأمورِ العجيبةِ والغريبةِ التي تجعلُ الإنسانَ محتارًا ومذهولًا، أن تُصبحَ الضحيةُ تعشقُ جلادَها؛ وتساعدَه وتعاونَه على سلخِ جلدِها؛ وهي ضاحكةٌ مستبشرةٌ!!!

ولو أن هؤلاء الخانعين رفضوا الانصياعَ لأوامر الطغاة، واستيقظت ضمائرهم، وأحسوا بحلاوة العزة والكرامة وشعروا بلذة الحرية من التذلل لعبيدٍ أمثالهم، وفروا من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد...لأبادوا الطواغيتَ، ومحقوهُم من الوجود، كما حصل مع المسلمين الأوائل، الذين استطاعوا بقوة العبادة لرب العالمين، أن يقتلوا طواغيت قريش، وطواغيت فارس والروم؛ ويحرروا العبيد من أسار العبودية لطواغيتهم.

بسبب أن الشعوب هم مصدرُ الطواغيت، فقد قال ابن خلدون في مقدمته المشهورة: «لو خيّروني بين زوال الطغاة أو زوال العبيد، لاخترت بلا تردّد زوال العبيد، لأنّ العبيد يصنعون الطواغيت ولا يبنون الأوطان».

لا يولد الطاغي طاغية من بطن أمه، ولكن الشعوب هي التي تصنع طغاتها بنفسها، وذلك بإطاعتهم العمياء، ومؤازرتهم على الظلم، والسكوت عن الحق، وغيرها من الأمور التي تحسسهم بأنهم جبابرة متسلطين.

وفي الحقيقة هم أقل ثقافة وعلما ومكانة من الآخرين، وربما يكونوا أشباه الرجال، والشعوب هي المسؤولة عن وضعهم في هذه المناصب وتسليمهم السلطة والقيادة.

أليست الشعوب هم من جعلوا من الخونة والعملاء أمناء ومسؤولين...؟؟ أليست الشعوب من جعلت من الأقزام عمالقة وزعماء...؟؟ أليست الشعوب من جعلت من المرتزقة والإرهابيين مقاما وشأنا...؟؟ ألا تعلم الشعوب بأن الطغاة المستبدين هم سبب هزيمتهم وذلهم وخنوعهم وتشردهم وتجويعهم وفقرهم.!! ألم تستوعب الشعوب الدروس والعبر وتصحو من غفلتها وسباتها العميق...؟؟

ما زالت الشعوب تصفق وتهتف للطغاة، والإعلام المزيف يقدس ويمجد لهم، ويكذب ويلفق الأكاذيب، ويزور الحقائق.

بيد أن الطاغية يُصنع له مجدا وتاريخا مزيفا عن طريق المتملقين والمتسلقين والمنتفعين والانتهازيين، ورجال باعوا مبادئهم وقيمهم وأخلاقهم، وخانوا أوطانهم وشعوبهم من أجل إرضاء الطاغية.

نرى في عالمنا المعاصر الطغاة راسخين على عروشهم، فإذا سقط أحدهم خلَّفه على الفور طاغية آخر أسوء منه.. وكأن الطغيان يعيد إنتاج نفسه.

منذ فجر التاريخ وهناك حكام وملوك طغاة جبارون، حاربوا دعاة الإصلاح وأهل الإيمان في كل ملة ودين، وقد كان الرسل وأتباعهم، أول من تعرض للمحاربة والعداوة من هؤلاء، ولكنهم صبروا على ذلك، وطال صبرهم، حتى ظن البعض منهم أن ملك هؤلاء الطغاة لن يزول أبدا، وأنه قد مكن لهم من أمر الدنيا، وقد مدَّ الله في طغيانهم حينا من الدهر {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (البقرة: ١٥]، حتى ازدادوا إثما، ثم انتقم منهم، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ومكن للرسل وأتباعهم في الأرض.

ل قد حمل القرآن الشعوب المسؤولية، فقد عاقب الله تعالى تلك الأمم بالقوارع، فأهلك قوم نوح بالطوفان، وعاد بريح صرصر في يوم نحس تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر، وثمود بالصيحة مشرقين وجعل عاليها حجارة من سجيل، وقوم شعيب أخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين، وأهلك فرعون وقومه بالغرق ومن قبل بالسنين ونقص الثمرات، وبالجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والرجز.

إلا أنه جلَّ وتعالى شرع بعد ذلك الجهاد لقتال أهل البغي والطغاة، وأمر بالتصدي لكل متكبر جبار، يعادي الحق وأهله.

يجب على الشعوب أن تقف عند استلهام الدروس والعبر والعظة من مصير هؤلاء الطغاة، والتصدي لهم بكل الوسائل المشروعة وترسيخها في نفوس وأذهان الاجيال.

 يقول الشاعر الخالد أبو القاسم الشابي: إذا الشعب يوما أراد الحياة .. فلا بد أن يستجيب القدر… ولا بد لليل أن ينجلي .. ولا بد للقيـد أن ينكسـر

ولا يفوتنا أن نذكر أحد طواغيت هذا العصر، تثبيتا لإخواننا المجاهدين في فلسطين وخاصة غزة، ألا وهو "شارون" الذي وصل به الحال أن يتعفن وهو حي، وتلك نهاية الطغاة وإن بدت نهاية متميزة تليق بتاريخه الدموي المشحون بالجرائم والمذابح، كانت كل حياته ملوثة بدماء الأبرياء، وسيرته مكتوبة بأنين الضحايا ودموع الثكلى وعذاب الأسرى، وصرخات المعذبين والمقهورين، وكانت أبشع جرائمه طحن عظام أطفال فلسطين، وتلك جريمة تميز بها شارون بين كل طغاة التاريخ، فاستحق من أجلها تلك النهاية المتميزة، حيث تحول جسده إلى صديد، وأيام حياته الأخيرة إلى ألم ربما تتضاءل أمامه آلام النمرود.

هكذا نرى عدو الله والإسلام "شارون"، سفاح صبرا وشاتيلا، وجزار جنين وقد جعله الله عبرة وعظة للعالمين، فمن جلطة في المخ إلى شلل تام في أطرافه كلها، بحيث لا يستطيع أن يحرك حتى جفون عينيه، وهو الذي قاد الجيوش واكتسح سيناء ولبنان وذبح الأسرى المصريين، وهو الذي كان يتحكم في مصير الدول، وكما سقط طغاة وجبارون سقطت أمم وأنظمة، ففي بضع سنوات من تاريخ الإنسانية سقطت أشهر النظم الديكتاتورية في العالم في الاتحاد السوفيتي وفي رومانيا وفي بولندا والمجر وصربيا وتشيكوسلوفاكيا وفي بلغاريا وألبانيا، فالباطل لن يدوم وإن طال بقاؤه حينا من الدهر.

وهذه هي "غزة" المحاصرة المجاهدة المقاومة الصابرة تضرب أروع الملاحم الأسطورية في الحروب، وتبرهن للعالم معنى الصمود والرباط والثبات والكفاح والجهاد من أجل الحرية.

وهنا مفارقة غريبة وكأن الزمان يعيد نفسه... فهذا الطاغية السفاح "نتنياهو" يصف شارون بأنه طاغية ومستبد في انتخابات حزب الليكود عام ٢٠٠٥م، وجاء "طوفان الأقصى" ليسقي الطاغية السفاح نتنياهو من نفس كأس "شارون" وكأنه يخلفه في طغيانه وجبروته وبشاعة حربه الصهيونية على قطاع غزة.

على مدار أكثر من ٢٢ شهرا وهذا الطاغية السفاح المستبد المجرم الفاسد " نتنياهو" المطلوب جنائيا من قبل محكمة جرائم الحرب العالمية، وقضايا فساد يقع في قعر الطغيان، والطغاة على أشكالها تقع".

هذا الطاغية المستبد المجرم "نتنياهو" يدخل التاريخ من أوسع أبوابه ويسجل اسمه في سجل أكبر مجرم وطاغية وظالم وفاسق وفاسد وقاتل وحارق الأطفال والنساء والشيوخ في عصرنا الحديث، ومطلوب للعدالة.

وإننا مؤمنون بالله عزوجل، وليس لدينا أدنى شك بأن نهاية "الطغاة والطغيان" حتمية طال الزمن أو قصر.

المجرم الطاغية "نتنياهو" لا يعلم من أين سيأتيه انتقام الله تعالى، فجنود الله تعالى كثيرة ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُو﴾ وأخذ الله تعالى أليم.

قال تعالى: ﴿فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (العنكبوت:٤٠)، وسينتقم الله من المجرمين الطغاة بعزَّته وجلاله: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} (السجدة:٢٢).

جرائم الصهاينة المحتلين الطغاة في "غزة" لن تمر مرور الكرام، وسيلقى كل مجرم وطاغية وظالم وعميل وخائن مصيره في الدنيا والآخرة، قال تعالى: }فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ{ (المعارج: 42).

أخيرا... ثبات أهل غزة لا يمكن تفسيره بأنه ثبات من عند أنفسهم؛ ولكنه تثبيت من الله تعالى لهم، أو كما قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} (محمد: ٨ - ١١).

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • ثبات غزة يقهر الطغيان ويغيظ العدى
  • حصل على 86%.. والدة القارئ الكفيف: فرحنا بابننا في رمضان عايزين غيرنا يفرح
  • الجامع الأزهر يعقد ندوة عن «الهجرة النبوية» ضمن فعاليات برنامج المرأة والأسرة
  • خطيب الجامع الأزهر: من علامات غضب الله على الإنسان ضياع عمره فيما لا يفيد
  • ربيع الغفير: موقف الأزهر ومصر تجاه فلسطين غير قابل للمزايدة
  • خطيب الجامع الأزهر: العبد سيسأل يوم القيامة عن عمره عامة وشبابه خاصة.. فيديو
  • خطيب الجامع الأزهر: الإسلام أولى الوقت والزمان عناية فائقة.. فيديو
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من رحاب الجامع الأزهر
  • من صور التمكين في السيرة النبوية
  • الإمام زيد وإحياء فريضة الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر