المشاط: المؤتمر الحضري العالمي فرصة للعمل على بناء مدن أكثر استدامة ومرونة
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، الكلمة الرئيسية، في جلسة خاصة بعنوان "الحكمة وراء الحضارات"، وذلك خلال فعاليات المُنتدى الحضري العالمي الذي تستضيفه القاهرة خلال الفترة من 4-8 نوفمبر الحالي، وذلك بمشاركة الدكتور ميشال ملينار، الأمين العام المساعد والمدير التنفيذي بالنيابة لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل)، و يوريكو كويكي، محافظ العاصمة اليابانية طوكيو، والدكتور إسماعيل سراج الدين، العالم المصري ومدير مكتبة الإسكندرية السابق، و منير مانيه، مدير البنية التحتية وتحسين المخيمات بالأونروا، و جوتي هوساجراهار، نائب مدير مركز التراث العالمي باليونيسكو، الدكتور يوسف دياب، أستاذ التخطيط والهندسة الحضرية المستدامة بجامعة جوستاف ايفل، وأدار الجلسة تشيكا أودواه، مخرجة أفلام وثائقية.
وفي كلمتها في الجلسة؛ أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أن استضافة مصر للمؤتمر الحضري العالمي يعد انعكاس حقيقي للاهتمام المتزايد من جميع أنحاء العالم ليس فقط في مجال تطوير المدن، ولكن أيضًا في أهمية ربط هذا التطوير بمفاهيم الاستدامة، التي أصبحت اليوم قضية محورية في جميع النقاشات والقرارات التي تُتخذ بشأن المستقبل الحضري، مشيرة إلى أن المؤتمر يعد فُرصة لتبادل الخبرات، والعمل معًا من أجل بناء مدن أكثر استدامة ومرونة وقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية.
أشارت «المشاط»، إلى تجربة طوكيو اليابانية في تطوير المدن المستدامة والتي تعد مثالاً يُحتذى به في جميع أنحاء العالم، لافتة إلى جهود طوكيو في تحويل نفسها إلى مدينة تتمتع بكفاءة عالية في استخدام الموارد مع الحفاظ على البيئة، معربة عن تطلعها للتعاون المستقبلي مع طوكيو في تطوير المدن المصرية بما يتماشى مع أفضل المعايير العالمية في مجال الاستدامة.
وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إن شغلها منصب وزيرة للسياحة سابقًا، منحها الفرصة للتعرف عن كثب على أحد أهم القطاعات الاقتصادية في مصر، مشيرة إلى أنه عندما نتحدث عن السياحة في مصر، فإننا لا يمكن أن نفصل هذا القطاع عن الآثار المصرية العريقة التي تحتل مكانة بارزة على مستوى العالم، فمصر واحدة من أكبر دول العالم التي تمتلك أكبر عدد من الآثار التاريخية، وهي ليست مجرد معالم سياحية، بل هي مصدر مهم للفهم العميق عن كيفية بناء وتطوير المدن في الماضي، فهذه الآثار تمثل نموذجًا حقيقيًا على كيفية استخدام الموارد الطبيعية المتاحة بشكل فعال ومستدام.
تابعت الدكتورة رانيا المشاط، أن الاستدامة ليست مجرد هدف بيئي، بل هي ثقافة ونمط حياة يجب أن يتواجد في جميع جوانب الحياة المدنية، مؤكدة أهمية التعلم من الحضارات القديمة كيف كانت تدمج الاستدامة في جميع مجالات الحياة من العمارة إلى إدارة الموارد، والتجارة، والتعليم، والزراعة، والنقل.
وفي ذات السياق؛ أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي إلى مشروع المتحف المصري الكبير والذي يعد مثال حي على دمج الاستدامة مع التراث الثقافي، فالمشروع كان بداية لشراكة دولية قوية، حيث شاركت الحكومة اليابانية بشكل رئيسي في تمويله، ومن خلال هذا التعاون الدولي، أصبح المتحف ليس فقط معلمًا ثقافيًا، بل نموذجًا للتنمية المستدامة في جميع جوانب بنائه وتشغيله، حيث تم تصميم المتحف وفقًا لأعلى المعايير البيئية، كما حصل على شهادة EDGE من مؤسسة التمويل الدولية (IFC) بفضل التزام المتحف بالممارسات البيئية المستدامة، كأول متحف أخضر فى أفريقيا والشرق الأوسط.
أضافت أن بين أبرز معالم الاستدامة في المتحف هو استخدام تقنيات حديثة للحد من استهلاك الطاقة، وتعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، مشيرة إلى الموقع الاستراتيجي للمتحف في منطقة الجيزة والذي يوفر فرصة كبيرة للتنمية المستدامة في المنطقة المحيطة به، فقد ساعد المتحف في خلق بنية تحتية متطورة تشمل الطرق والمرافق العامة التي تسهم في تحسين مستوى الحياة في المنطقة، وتسهيل حركة السياح والزوار إلى المعالم السياحية الأخرى في القاهرة، وهذا ما يعكس التفاعل المتكامل بين الثقافة والتنمية الحضرية، حيث تسهم مشاريع مثل المتحف المصري الكبير في تحسين الحياة الحضرية ورفع مستوى الخدمات العامة.
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، إن قطاع السياحة في مصر لا يقتصر فقط على جذب الزوار الدوليين، بل يساهم أيضًا بشكل كبير في الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل في العديد من القطاعات، فلكل وظيفة مباشرة في السياحة، هناك أربعة وظائف غير مباشرة تُخلق في قطاعات أخرى مثل النقل، والفنادق، والمطاعم، والتجزئة. وتوضح هذه الأرقام أهمية السياحة كداعم رئيسي للاقتصاد المصري.
وفي ختام كلمتها، أكدت الدكتورة رانيا المشاط أن المنتدى الحضري العالمي يعتبر فرصة لنا جميعًا لتبادل الأفكار والخبرات حول كيفية بناء مدن مستقبلية تلبي احتياجات الأجيال القادمة، وتتعامل مع التحديات البيئية، وتعزز من قدرة المجتمعات على التكيف مع الظروف المتغيرة، وإن الحكمة التي قدمتها لنا الحضارات القديمة هي مصدر إلهام دائم، ويجب أن نعمل جميعًا معًا لنستفيد منها في تطوير مدننا الحديثة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتورة رانيا المشاط برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات مال واعمال اخبار مصر المنتدي الحضري العالمي الدکتورة رانیا المشاط الحضری العالمی تطویر المدن فی جمیع
إقرأ أيضاً:
النمل الأبيض يغزو جميع أنحاء العالم عبر القوارب والسفن
في الماضي كان عبور أعداد صغيرة من النمل الأبيض المحيطات أمرا يحدث بالصدفة مرة كل مليون سنة عبر جزيرة منفصلة أو شجرة سابحة، أما الآن فقد يحدث هذا الأمر كل عام.
وذكرت دراسة حديثة نشرت في مجلة "إنسيكت ساينس" أن النمل الأبيض يصعب انتشاره بطرق طبيعية، ولكن ذلك الانتشار يتم عن طريق البشر الذين ينقلون الأنواع المدمرة الغازية من النمل الأبيض دون قصد على متن السفن والقوارب الحديثة إلى جميع أنحاء العالم، أي أن البشر يساعدون النمل دون قصد على "غزو العالم".
وفي تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني يقول نان ياو سو أستاذ علم الحشرات في مركز فورت لودرديل بجامعة فلوريدا إن "الإنسان قد ساعد على انتشار النمل الأبيض في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة".
ويضيف ياو سو أنه على سبيل المثال تم إدخال النمل الأبيض الفورموزي الجوفي وموطنه الأصلي جنوب الصين إلى ناغازاكي في أوائل القرن الـ17، وتم هذا على الأرجح عن طريق تطفل النمل على السفن الصينية التي كانت في تجارة مع اليابان.
ويقول ياو سو إنه في ذلك الوقت كانت ناغازاكي الميناء الوحيد المفتوح أمام الصين للتجارة، وعُثر على هذا النوع من النمل في هاواي في أواخر القرن الـ19، وانتقل على الأرجح عن طريق تجارة خشب الصندل.
كما انتقل النمل إلى حوض بناء السفن البحري في نيو أورلينز بعد الحرب العالمية الثانية، ويضيف ياو سو "لقد رأينا العديد من اليخوت الخاصة الموبوءة بالنمل الأبيض ترسو في فورت لودرديل، وساهمت هذه اليخوت في انتشار النمل الأبيض الفورموزي الجوفي بفعل الإنسان في سبعينيات القرن الـ20، والنمل الأبيض الآسيوي الجوفي في تسعينيات القرن نفسه".
إعلانويضيف ياو سو إنه قام بتقدير التكلفة السنوية الناجمة عن أضرار النمل الأبيض بنحو 40 مليار دولار استنادا إلى أرقام مبيعات المبيدات الحشرية لعام 2010.
ويقول ياو سو إنه نظرا لغياب الحجر الصحي على كل سفينة تدخل الموانئ فإنه لا توجد طريقة فعالة لمنع الانتشار، وحتى لو طبقنا الحجر الصحي فلا توجد طريقة فعالة واقتصادية لفحص وكشف إصابات النمل الأبيض في أي سفينة، وإذا وجدنا سفينة مصابة فإن التبخير سيقضي على النمل الأبيض ولكنه مكلف أيضا.
ووفقا للدراسة، فإن القوارب الخاصة والقوارب الترفيهية هي أفضل وسيلة لانتشار النمل الأبيض عبر العالم، واستخدمت الدراسة للتوصل إلى هذه النتائج مزيجا من المسوحات الميدانية والتحليل الجيني والبيانات التاريخية.
وبمجرد أن تستقر الإصابة في قارب يمكن أن تنتشر بسهولة إلى الشاطئ، ويمكن للنمل الأبيض الذي غالبا ما يكون محمولا في مستعمرات خفية على متن القوارب أن ينتشر إلى مناطق ساحلية أخرى، خاصة عندما ينجذب النمل الأبيض الطائر إلى أضواء المدينة.
وبمجرد أن تستقر المستعمرات على اليابسة وتصل إلى مرحلة النضج فإنها تنتج أفرادا مجنحين لهم قدرة على الطيران وينتشرون على مسافات قصيرة ويؤسسون مستعمرات جديدة في مواقع تعشيش مواتية في قوارب ومناطق حضارية أخرى.
وتُعرف جنوب فلوريدا بأنها عاصمة اليخوت في العالم، وعلى مر العقود استقرت العديد من أنواع النمل الأبيض الغازية في هذه المنطقة التي تكثر فيها أعداد القوارب، وبمجرد إصابة القارب يمكن أن تنتقل هذه الأنواع من النمل الأبيض إلى ولاية أخرى أو إلى أي مكان حول العالم.
وتؤكد الدراسة أنه بمجرد أن ينشئ النمل الأبيض مستعمرة في منطقة جديدة فإن هذه المستعمرة غالبا ما تظل دون أن تكتشف لسنوات، فدورة تكاثرها البطيئة وخصائصها البيولوجية الغامضة تجعلان الضرر ينتشر بهدوء حتى يصبح جسيما، مما يجعل جهود القضاء على هذه المستعمرات صعبة، وغالبا ما تكون متأخرة جدا.
إعلانورغم أن معظم النمل الأبيض يعيش في موطنه الأصلي ولا يستطيع النمو في البيئات الحضرية فإن الأنواع المسؤولة عن معظم الأضرار مثل النمل الأبيض التايواني والآسيوي الجوفي ونمل الخشب الجاف في غرب الهند قد تكيفت مع المناخات الحضرية.
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول الدكتور رضا عبد المنصف أحمد أستاذ ورئيس قسم الحشرات في جامعة كفر الشيخ إن البشر يمكن أن يلعبوا دورا كبيرا في نقل النمل الأبيض عن طريق نقل البضائع والمواد الملوثة به من منطقة إلى أخرى، وأيضا باستخدام الحاويات والصناديق الخشبية الملوثة به، وعن طريق نقل النباتات والتربة الملوثة به.
ويضيف أن النمل الأبيض يمكن أن يسبب ضررا اقتصاديا كبيرا في قطاع الزراعة، حيث يهاجم المحاصيل والمنتجات الزراعية، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة في الإنتاج.
كما يسبب أضرارا للبنية التحتية، حيث يهاجم الهياكل الخشبية والمباني، مما يؤدي إلى تدهورها وزيادة تكاليف الصيانة ويسبب مشاكل تجارية، حيث يؤدي نقله لمناطق جديدة إلى فرض قيود على التجارة وزيادة تكاليف المكافحة.
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول الدكتور كريم محمد موسى أستاذ علم الحشرات المساعد في جامعة كفر الشيخ والباحث الزائر بجامعة كيوشو اليابانية إن النمل الأبيض يعتبر من الحشرات الاجتماعية التي تتغذى أساسا على المواد النباتية المتحللة، وله دور محوري مهم في تدوير العناصر الغذائية وتحليل المواد العضوية داخل النظم البيئية.
ومع ذلك، فإن انتشاره غير المنضبط -والذي غالبا ما يتم تسهيله من خلال التوسع الحضري والنقل البحري والممارسات الزراعية- يشكل تهديدا كبيرا للبنية التحتية والتنوع الحيوي.
وأسهمت الأنشطة البشرية في تسريع انتشار هذه الحشرات عبر مناطق متعددة حول العالم، فالبشر ليسوا مجرد مساهمين ثانويين، بل هم العامل الحاسم في تسريع انتشار النمل الأبيض عبر مختلف الأنشطة البشرية.
إعلان نصائح الخبراءويضيف موسى أنه بالإضافة إلى الانتشار العالمي للنمل الأبيض فإن له وجودا أيضا في المنطقة العربية، ويعتبر السودان من أكثر الدول العربية تأثرا به، وسجلت هناك إصابات في المنازل والمخازن والمرافق العامة، خاصة في المناطق الريفية الصحراوية، وقد أُبلغ عن تدمير مخازن الحبوب والبيوت المبنية من الطين في ولايات مثل كردفان ودارفور.
كذلك، تم توثيق وجود أنواع عدة من النمل الأبيض في المملكة العربية السعودية بمناطق الجنوب مثل جازان وأبها، والوسطى مثل القصيم والرياض، أما في مصر فالنمل الأبيض يمثل آفة منزلية وزراعية بمحافظات صعيد مصر مثل الأقصر وأسوان.
وللحد من انتقال النمل الأبيض عبر القوارب والسفن، يقول عبد المنصف "يجب فحص البضائع والمواد المنقولة واستخدام حاويات نقل آمنة، وتطبيق معايير دولية لفحص وتفتيش البضائع والمواد التي يتم نقلها، وتدريب العاملين في مجال النقل والتجارة على كيفية التعرف على النمل الأبيض والتعامل معه".
وإلى جانب ذلك، يوصي عبد المنصف باستخدام المبيدات الحشرية، ومن خلال تطبيق هذه الإجراءات يمكن الحد من انتقال النمل الأبيض عبر القوارب والسفن وتقليل الأضرار الاقتصادية التي يسببها.