الموت يغيب الشاعر والمسرحي هاشم صديق
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
هاشم صديق شاعر سوداني بارز متعدد المواهب فهو أيضا كاتب مسرحي وكاتب درامي تلفزيوني وإذاعي وناقد وأكاديمي وصحفي اشتهر بتأليفه لأوبريت ملحمة قصة ثورة وهي أول وأكبر عمل غنائي استعراضي في السودان
التغيير: القاهرة
فجع السودانيون مساء السبت برحيل الشاعر والصحفي والمسرحي الاديب هاشم صديق بعد معاناة طويلة من وعكات صحية متوالية، وأسلم صديق الروح إلى بارئها بدولة الامارات التي أجلي أليها مستشفيا.
وفي سبتمبر من العام الماضي حمل هاشم صديق على عربة كارو لإجلائه من امدرمان ليتلقى العلاج، وهي الصورة التي تداولها السودانيون بحزن كبير.
بروفايل
هاشم صديق شاعر سوداني بارز متعدد المواهب فهو أيضا كاتب مسرحي وكاتب درامي تلفزيوني وإذاعي وناقد وأكاديمي وصحفي اشتهر بتأليفه لأوبريت ملحمة قصة ثورة وهي أول وأكبر عمل غنائي استعراضي في السودان.
الميلاد والنشأة
ولد هاشم صديق في حي شرق، بمدينة أم درمان بالسودان في عام 1957، وأبوه هو صديق الملك علي، وأمه هي آمنة بنت محمد طاهر.
التعليم
التحق هاشم أولا بروضة الأستاذة امال حسن مختار في مسقط رأسه قبل أن يبدأ تعليمه الأولي بمدرسة أبو عنجة الأولية في أم درمان ثم انتقل إلى مدارس الأحفاد ودرس بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح ونال درجة البكالوريوس في النقد المسرحي من الدرجة الأولي في عام 1974 م.
وتتلمذ هاشم صديق على يد اساتذة في مجال المسرح والتمثيل أمثال إسماعيل خورشيد والسر أحمد قدور والفاضل سعيد ومحمود سراج والطاهر شبيكة وغيرهم وسافر إلى الخارج ليدرس التمثيل والإخراج بمدرسة التمثيل ايست 15 في اسيكس بالمملكة المتحدة في عام 1976م. عمل بعد تخرجه استاذاً محاضراً واستاذا مشاركاً بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح بالسودان حتى عام 1995م وكان من انجازاته في تلك الفترة انشاء مكتبة المسرح السوداني بشقيها المقروء والمسموع.
بداياته الفنية ومشواره
ظهرت بوادر مواهب هاشم وشغفه بالتمثيل والشعر منذ صباه وقبل دخوله المدرسة وتم اختياره من ضمن أطفال الروضة التي تم الحاقه بها من قبل والديه للاشتراك في برنامج «ركن الأطفال» بالإذاعة السودانية في أم درمان حيث قام بلعب دور الابن مع الممثل حسن عبد المجيد الذي مثل دورالأب.
وعقب ثورة 21 اكتوبر 1964 بالسودان التي أطاحت بحكم الرئيس إبراهيم عبود أبدى الشاب هاشم نشاطاً غير عادي في الآداب وفنون الموسيقى وذلك من خلال انتمائه لفرع اتحاد شباب السودان بحي بانت حيث قام بتنظيم فعاليات ثقافية مكثفة في التمثيل والشعر والموسيقي والدراما وفي تلك الفترة ألف أول مسرحية له عنوانها «قصة شهيد» وتولى بنفسه مهمة اخراجها أيضا.
وبعد ذلك توالت أعماله في الشعر والمسرح وكانت أول قصيدة له رأت النور هي قصيدة «النهاية» ( في يوم غريب )، وأول مسلسل إذاعي كان بعنوان «قطار الهّم» الذي قُدِم في ثلاثين حلقة في الموسم الإذاعي الرمضاني للدراما. وكانت «أجراس الماضي» أول تمثيلية تلفزيونية ألفها ومسرحية «أحلام الزمان» أولى مسرحياته.
نشاطه السياسي
مارس هاشم صديق العمل الصحفي وعمل في عدة صحف سودانية. وقد أُستُدعي مرات عديدة إلى مكاتب الأجهزة الأمنية ونيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة في عهدي الرئيس جعفر نميري وحكومة الإنقاذ برئاسة عمر البشير وتعرض للاعتقال بسبب بعض أعماله الأدبية التي كانت تراها الحكومتان مناوئة لنظاميهما، فضلاً عن إتهامه بميول شيوعية تحاربها الحكومتان. ومن أعماله المحظورة آنذاك مسلسل «الحراز والمطر» وتم اعتقاله عند بثه لفترة شهر إبان حكومة نميري عام 1979، ومسلسل «الحاجز» في عام 1984م الذي تم إيقاف بثه أولا ثم قُصَت منه أجزاء من قبل الرقابة على الإعلام، وبرنامج «دراما 90 – 1993م» الذي تم إيقافه من قبل أجهزة السلطة وأخيراً مسرحية «نبتة حبيبتي» التي تم إيقافها بعد يومين فقط من عرضها بحجة أنها ضد نظام الرئيس نميري وتم تكوين لجنة لتقييمها برئاسة بونا ملوال وزير الدولة للثقافة والإعلام آنذاك ضمت في عضويتها ممثلا لجهاز أمن الدولة. وأوصت اللجنة بالسماح بعرض المسرحية «لأن استـمرارها أقل ضرراً من وقفها»
أوبريت ملحمة الثورة
أول عمل شعري كبير وناجح ظهر به هاشم صديق وذاع صيته فيه هو ملحمة الثورة أو ملحمة قصة ثورة، كما تسمى أحيانا، وقد كتب صديق نصوصها وهو لا يزال صغيراَ في سنه لم يتجاوز العشرين، وتعد الملحمة التي قام بتلحينها الفنان محمد الأمين أول تجربة ناجحة في فن الغناء الموسيقي الكورالي بالسودان خاصة بعد أن لاقت قبولاً كبيراً لدى المستمع السوداني حتى صارت بمثابة تراث وطني ساد الساحة الفنية بالسودان لردح من الزمن. ورغم أن صديق يقول بأنه تجاوز ما اسماه «محطة ومرحلة الملحمة منذ فترة طويلة» إلا أنه لم يقدم أي عمل بحجمها ولم يكرر التجربة ولذلك ظلت أوبريت قصة ثورة خطوة يتيمة لم تلحقها خطوات مماثلة.
وتتميز الملحمة ببساطة وسلاسة نصوصها وضخامة معانيها وجزالة الموسيقى المصاحبة لها. وفيها يروي الشاعر يوميات الثورة انطلاقاً من خلفية الإستبداد السياسي الذي وصفه بالليل الظالم الطويل وهتافات الشارع وحشود الجامعة التي انطلقت منها شرارة الثورة وشهدائها ومن بينهم أحمد القرشي طه و عبد الحفيظ نصار.
إنتاجه الأدبي والفني
المسلسلات الإذاعية (1973- 2001)
قطار الهم
الحراز والمطر
الحاجز
الديناصور
الخروج عن النهر
حزن الحقائب والرصيف
البرامج الإذاعية (1967-1993)
فنان مسرحي علي كرسي الاعتراف
مسرحية وقضية
الأعمال التلفزيونية
دراما أجراس الماضي
دراما الحواجز
دراما موعد منتصف الليل
مسلسل طائر الشفق الغريب
الأعمال المسرحية (1972-1998)
أحلام الزمان (حائزة علي جائزة الدولة لأحسن نص مسرحي للموسم المسرحي 1972 م – 1973م).
نبتة حبيبتي (حائزة علي جائزة النص المسرحي للموسم المسرحي عام 1973م – 1974)
وجه الضحك المحظور
الأعمال الشعرية (1975-2007)
كلام للحلوة
الزمن والرحلة
جواب مسجل للبد
أذن الآذآن
الوجع الخرافي
الغريب والبحر
اجترار
هذا المساء
ميلاد
إنتظري
أنا شُفت يا بت في المنام
علي باب الخروج
المجموعة الشعرية الكاملة الأولى
الوسومالمسرح السوداني ثورة اكتوبر قصة ثورة هاشم صديق
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: المسرح السوداني ثورة اكتوبر قصة ثورة هاشم صديق
إقرأ أيضاً:
يوسف عبد المنان يكتب: شطحات الحكيم
كان محمد مختار ولد أحمد الصوفي، الغارق في فلسفة محيي الدين بن عربي، يحدّث الناس في مدينة واذيبو بموريتانيا كل عام عن رؤاه المنامية. يدّعي حيناً أنه إلتقى الرسول ﷺ، وأحياناً يزعم أن أبا هريرة حدّثه بكذا وكذا. حتى نهضت جماعة سلفية فقطعت رأسه، بدعوى أنه رجل فتنة يتقول على السلف الصالح بمزاعم لا يسندها دليل من كتاب أو سنة.
وللإمام أبي حامد الغزالي شطحات في التصوف جعلت البعض يتهمه بالجنون واختلال العقل، فيما تم تكفير نصر حامد أبو زيد من قبل فقهاء الأزهر الشريف بعد صدور كتابه الشهير “التفسير التأويلي للقرآن الكريم”، بحجة أنه متخصص في اللغة العربية وليس له دراية بعلم التفسير.
واليوم، يخرج علينا محمد هاشم الحكيم بزوبعة جديدة، يثير بها الغبار في عاصفة البحر، مدعياً رؤيا منامية رأى فيها الرسول ﷺ يأمره أن يبلغ الفريق البرهان بالتفاوض مع قوات الدعم السريع لإنهاء الحرب في السودان.
لكن الرؤى المنامية – كما هو معلوم في الشرع – لا يُحتج بها في الأحكام، ولا يُعتد بها بعد وفاة الرسول ﷺ. فلم نسمع أن أحداً من العشرة المبشرين بالجنة حدثنا عن رؤيا من هذا النوع، رغم أنهم كانوا أولى بها، خصوصاً بعد وفاة النبي واندلاع حروب الردة التي خاضها الخليفة أبو بكر الصديق.
واليوم، تُنسب الرؤى إلى شيوخ أمثال محمد هاشم الحكيم، الذي نُشرت له صور مع سفراء “شياطين العرب” – ممن أشعلوا فتيل حرب آل دقلو – مما يضعه في موضع الاتهام بمولاة طرف على حساب آخر. وليته لم يوالِ الفئة الباغية، التي أجمعت أغلب فتاوى أهل العلم في السودان على بغيها.
ولو سُلّم برؤية الشيخ المنامية، فغداً سيخرج شيخ آخر من زريبة البرعي، وثالث من الكريدة، وكل منهم يدّعي أن الرسول حدّثه في المنام عن أمور مشتبهات. ولأصبح السودان دولة تُحكم من شيوخ المنامات، حتى وإن خالفت صحيح الحديث أو نصوص القرآن القطعية.
ثم كيف للشيخ أن يتيقّن أن من رأى في المنام هو الرسول ﷺ؟ أليس من المحتمل أن من تمثل له كان شيطاناً أو حتى أحد شخوص السياسة؟ ربما كان عبد الله حمدوك أو خالد سلك، تمثّل له بهيئة بشر سوي!
وفي هذا السياق، لا ننسى ما أبدع فيه الدكتور أحمد الطيب زين العابدين في روايته “دروب قرماش”، حيث قرّب صورة الصراع بين أهل الظاهر والباطن في حبكة روائية بارعة. فقد روى قصة الفكي “قرماش” الذي ادّعى علاج الناس وجلب المطر ودفع الشر عنهم، فتبعه جمع من أهل القرى المحيطة بالجنينة. ثم جاء رجل خطب فيهم وشكك في صدق الفكي، وطلب منه أن يجريا اختباراً أمام الناس: أن يُذبح ثور، ويُعطى كل واحد منهما قدحاً من اللحم، ويحمي كلٌّ قدحه بطريقته.
الفكي كتب محاياته، والرجل دسّ في جيبه روث مرفعين (ضبع)، ووضع قدحه في غرب القرية، بينما وضع الفكي قدحه شرقها. وفي الصباح هجمت الكلاب على قدح الفكي وأتت عليه، بينما لم تقترب من قدح الرجل الآخر بسبب الرائحة الكريهة. فطُرد الفكي قرماش من القرية، وأفصح الرجل للناس عن حيلته حتى لا يظنوا فيه كرامة أو كرامات.
وعليه، فإن على الأخ محمد هاشم الحكيم أن يعلن للناس من يقف وراء هذه المزاعم المنامية. فربما يأتي غداً من يقول إنه رأى الرسول ﷺ، وأمره بأن تُعقد مفاوضات في المنامة، أو أن يُصدر إعلان مبادئ جديد أوحاه له الرسول في منامه. وهكذا، يصبح مستقبل السودان مرتهناً لأحلام ومزاعم لا حجة فيها ولا يقين.
يوسف عبد المنان
إنضم لقناة النيلين على واتساب