زكية تطلب الطلاق بعد 13 سنة زواج.. حماتها ساعدتها في الانفصال
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
عقارب الساعة تشير إلى التاسعة صباحًا، تقف زكية بجوار قاعة محكمة الأسرة، تراقب المارة بعينيها المرهقتين، تسأل كل امرأة تخرج من الجلسة عن طريقة التعامل وطبيعة الأسئلة بالداخل، بينما تطمئنها حماتها الثمانينية بأن هناك من سيأخذ حقها، فالله عدل والقضاء عادل، وعندما جاء دورها للدخول إلى القاضي، حسب رقم الدعوى المعلقة على الحائط، قرر الزوج أن يمارس عادته المفضلة وتغيب عن الحضور ليضيف سطرًا جديدًا إلى سجل عدم المسؤولية، كما وصفته.
فشلت زكية، صاحبة الثلاثة والثلاثين عامًا، في إنقاذ زواجها واستنفدت كل الحلول الودية، فقررت اللجوء إلى القضاء لتحويل زيجتها إلى مجرد رقم في سجل الدعاوى، للتخلص من حياة مليئة بالهم والعناء، كما وصفتها في حديثها مع «الوطن»، التي التقت بها أمام قاعة المداولة. تروي أنها أجلت القرار لسنوات طويلة إكرامًا لحماتها، لكنها تفاجأت بأن الحما هي من حددت موعدًا مع المحامي واصطحبتها بنفسها لبدء إجراءات الطلاق من ابنها، الذي أهمل عشرتها وأساء إليها منذ الليلة الأولى من زواجهما.
كانت كلماتها صادمة للنساء المنتظرات أمام القاعة، فبعضهن رددن: «طول عمرنا نسمع ونقول إن الحما عما»، وجلسن يتبادلن الأسى ويهنئن زكية على حماتها، ولكن بنبرة ساخرة، قالت زكية: «المشاكل بدأت تظهر وقت الخطوبة، لكن الحب كان مخليني معمية وفاكرة إنه بعد الزواج هيتغير عشاني زي ما كان بيوعدني. أهلي اعترضوا على الجواز منه لأنه كان بيخلف وعوده، وبعد ما كانت الخطوبة سنة بقيت ثلاث سنين، وبعدها قالي إننا هنعيش في نفس البيت مع أهله، ناس كتير نصحوني بعدم الزواج، لكني أصررت لأني كنت أحبه، وقررت أنهم يكونوا عائلتي الثانية».
جاءت زكية منذ خمسة أسابيع للمطالبة بالانفصال عن زوجها، بعد أن قضت معه ثلاثة عشر عامًا من المرارة والذل، لكنها تفاجأت بطردها وطفليها من منزل الزوجية، وهو منزل عائلته الذي خدمته لسنوات، لتكتشف أنه يريد طلاقها دون أن يمنحها أيًا من حقوقها.
تحدثت زكية بمرارة ودموع متقطعة عن تفاصيل قاسية دفعتها للجوء إلى محكمة الأسرة، دون ندم على قرارها: «كنت عايشة مع أهله، عشرة أشخاص في شقة واحدة، وبعد خمس سنين من التعب، بدأت أبني أوضتين وصالة كشقة صغيرة عشان يكون لعيالي باب مقفول عليهم، وبدأت أفرشها على مهل وكنت بقول أحسن من مفيش. هو كان بيصرف يوميته على المخدرات والقهوة وأصحاب السوء، ولما عملت الشقة قالي إنها هتعمل مشاكل مع أهله، لكنهم ما اعترضوش».
منذ أن دخلت زكية منزل عائلة زوجها، والجميع يضايقونها ويدبرون المكائد لها، وخاصة شقيقته الكبرى وزوجة شقيقه، اللتين كانتا سببًا رئيسيًا في مشاجراتها مع زوجها، وكانت تغادر المنزل غاضبة باستمرار خلال السنة الأولى للزواج؛ حتى جاء اليوم الذي اكتشفت فيه إصابة حماتها بالسرطان، تزامنًا مع حملها الأول، وبدأت تعتني بها وترافقها إلى المستشفى، وفي خضم ذلك فقدت جنينها الأول في الشهر السابع، لكنها احتسبت الأمر عند الله، إذ كانت ترى قسوة أبنائها على والدتهم خلال مرضها.
تدخلت عائشة، صاحبة الثلاثة والثمانين عامًا، والدة الزوج، قائلة: «طول عمرها شايلاني، خلفت أربعة أولاد وخمس بنات، وما فيش واحد منهم فكر يشيلني يوم، حتى لما المرض أكل صحتي وعافيتي وقعدت على كرسي متحرك، هي اللي كانت شايلاني، وما حدش خدمني غيرها، وأنا مبقتش قادرة أتحمل اللي ابني بيعمله فيها، وحقها تتطلق وتاخذ حقوقها». تلك الكلمات كانت الدافع وراء لجوء زكية لمحكمة الأسرة، بعد أن تخلى الجميع عنها، ورغم رفضها الطلاق طيلة السنوات السابقة حتى لا تترك حماتها وحيدة دون رعاية في هذا السن.
ظلت الزوجة المكلومة تخفي رغبتها في الانفصال لسنوات، وبين العمل ورعاية طفليها ومراعاة حماتها، كانت تقضي يومها محملة بمرارة الاختيار الخاطئ. لكن بمساعدة والدة زوجها، تمكنت أخيرًا من اللجوء لمحكمة الأسرة بالكيت كات وأقامت دعوى طلاق للضرر، حملت رقم 3782 أحوال شخصية، وستتابع مطالباتها بحقوقها ونفقاتها، بالإضافة إلى نفقة طفليهما ووالدته.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: محكمة الأسرة طلاق للضرر خلافات زوجية طلب الطلاق
إقرأ أيضاً:
الزوجة الناشز والنفقة.. ما لها وما عليها وفقًا للقانون
في الوقت الذي تشهد فيه محاكم الأسرة بمصر تكدسًا كبيرًا في قضايا النفقة بأنواعها؛ يبقى الخلط بين حقوق الزوجة وواجباتها– خاصة في حالة ما يُعرف بـ"النشوز"– من أكثر الإشكاليات التي تسبب لبسًا قانونيًا واجتماعيًا بين الأزواج، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى نزاعات مطولة أمام القضاء.
القانون رقم 25 لسنة 1920، والمعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، يحدد بوضوح أن نفقة الزوجة تشمل الغذاء، الكسوة، السكن، الخدمات الصحية، وهي مستحقة لها؛ بمجرد العقد الشرعي الصحيح حتى لو لم يتم الدخول، طالما لم تكن الزوجة "ناشزًا".
يشير المصطلح إلى امتناع الزوجة عن طاعة زوجها أو تركها منزل الزوجية دون مسوغ قانوني.
وفي هذه الحالة، يمكن للزوج إقامة دعوى قضائية لإثبات نشوزها، وإذا ما ثبت ذلك بحكم نهائي؛ تسقط نفقتها اعتبارًا من تاريخ تركها المنزل أو رفضها الطاعة.
في المقابل، ينص القانون على منح المطلقة طلاقًا بائنًا دون رضاها نفقة متعة، تُحتسب غالبًا على أساس نفقة عامين، وتُعتبر تعويضًا أدبيًا وماديًا عن الطلاق، غير أن هذا الحق يسقط في حالتين رئيسيتين:
- إذا طلبت الزوجة الطلاق بنفسها.
- إذا ثبت أن الطلاق جاء نتيجة خطأ جسيم من طرفها، مثل الإساءة الجسدية المتكررة أو خيانة زوجية مثبتة قضائيًا.
نفقة الأطفال لا ترتبط بخلافات الزوجين
في حالة وجود أبناء؛ فالقانون لا يترك أي مساحة للجدل: النفقة واجبة على الأب بصرف النظر عن نشوز الأم أو انفصال الزوجين.
وتشمل هذه النفقة احتياجات الحياة الأساسية للأطفال، من طعام وملبس وسكن، وحتى التعليم والعلاج، وتستمر حتى بلوغ الذكر أو زواج الأنثى.
وفي النهاية، تظل معادلة الحقوق والواجبات مرهونة بتطبيق القانون بروح العدالة، وبفهم واضح من الأزواج لموقعهم القانوني داخل العلاقة الزوجية، بما يضمن ألا تتحول الحقوق المشروعة إلى أدوات للابتزاز أو التهرب من المسؤوليات.