قالت دار الإفتاء المصرية، إن شَدَّ الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعموم الأنبياء والصالحين والأقارب من أفضل الأعمال، وأَجَلِّ القربات المُوصلة إلى ذي الجلال، ومشروعيتُها محلُّ إجماعٍ بين علماء الأمة؛ لأنه الوسيلة الوحيدة لتحصيل المستحب وهو الزيارة، والقول بأنه حرام قولٌ باطلٌ لا يُعوَّل عليه ولا يُلتفَتُ إليه.

وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما حكم زيارة قبور الأنبياء والصالحين؟ أن الحق الذي لا مِرْيةَ فيه هو أنَّ السفر لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعموم الأنبياء والأولياء من أفضل الأعمال، وأَجَلِّ القربات المُوصلة إلى ذي الجلال، ومشروعيتُها محلُّ إجماعٍ بين علماء الأمة.

وقد ألَّف في مشروعية ذلك جماعة من أهل العلم؛ كالتقيّ السبكي في "شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام"، وابن حجر الهيتمي في "الجوهر المنظّم في زيارة القبر النبوي المكرم"، وتلميذه الفاكهي في "حسن الاستشارة في آداب الزيارة".

وتابعت: ممَّا يدلّ على مشروعية الزيارة النبوية بما في ذلك السفر إليها قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 64]، فهذه الآية عامة تشمل حالة الحياة وحالة الوفاة، وتشمل كذلك السفر وعدمه، وتخصيصُها بحالةٍ دون غيرها تخصيصٌ بلا مُخَصِّص، فلا يُقبل، والعموم فيها مستفادٌ من وقوع الفعل في سياق الشرط، والقاعدة المقررة في الأصـول: "أن الفعل إذا وقع في سياق الشرط كان عامًّا"؛ لأن الفعل في معنى النكرة لتضمنه مصدرًا مُنكَّرًا، والنكرة الواقعة في سياق النفي أو الشرط تكون للعموم وضعًا.

وقد ورد في الزيارة النبوية وإفرادها بالقصد أحاديث كثيرة: منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» رواه الدارقطني في "سننه"، وفي رواية: «مَنْ جَاءَنِي زَائِرًا لَا يَعْلَمُهُ حَاجَةً إِلَّا زِيَارَتِي كَانَ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أَكُونَ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وفي رواية: «مَنْ زَارَ قَبْرِي بَعْدَ مَوْتِي كَانَ كَمَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي» رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وهي أحاديثُ لها طرقٌ كثيرة يقوِّي بعضُها بعضًا، وصحَّحها كثيرٌ من الحفاظ: كابن خزيمة، وابن السكن، والقاضي عياض، والتقي السبكي، والعراقي، وغيرهم.

وأكدت دار الإفتاء أن دعوى أن نيّة السفر إلى زيارة قبور الأنبياء والصالحين مثل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وغيره بدعة، وأنَّ هذه زيارة غير شرعية، كلام مبتدع ليس عليه دليل صحيح، ولا يُؤَيّده معقول صريح، بل هو مذهب خالف به صاحبه ما تتابعت عليه الأمة سلفًا وخلفًا من تعظيم النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وأنّ حرمته في حياته البرزخية كحرمته في حياته الدنيوية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية علماء الأمة أفضل الأعمال زيارة قبر النبي قبور الأنبياء والصالحين زيارة قبور الأنبياء صلى الله علیه وآله وسلم الأنبیاء والصالحین دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

هل يجوز سجود الشكر دون وضوء وفي غير اتجاه القبلة؟ .. دار الإفتاء تجيب

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، مفاده: "هل يصح أداء سجدة الشكر من غير وضوء؟".

وأجابت قائلة: هناك آراء فقهية معتبرة تجيز ذلك، وإن كان من الأفضل للمسلم أن يكون على طهارة، مستقبلاً القبلة عند أداء سجدة الشكر.

وفي هذا السياق، بيّن الدكتور مجدي عاشور، المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن سجدة الشكر مشروعة عند تحقق نعمة أو اندفاع بلاء، وهي ليست بدعة كما يظن البعض، بل هي وسيلة للتعبير عن الامتنان لله- تعالى- على فضله وإنعامه.

دار الإفتاء أكدت في فتوى سابقة جواز السجود للشكر دون طهارة، استنادًا إلى مذهب المالكية وعدد من العلماء الآخرين، وأوضحت أن الأفضلية تظل في أن يكون المسلم متوضئًا، متوجهًا إلى القبلة، وينوي السجود ويكبر ثم يهوي ساجدًا، ويختم بالسَّلام.

الفتوى أشارت إلى أن من فاجأته نعمة أو خبر سار، وتعذر عليه الوضوء أو الاستعداد الكامل للصلاة، فلا حرج عليه أن يسجد لله شكرًا على حاله، حتى لو لم يكن على طهارة أو لم يتوجه إلى القبلة، مستندة إلى آراء من أجاز ذلك من العلماء.

هل يجوز سجود المرأة على حجابها في الصلاة؟.. أمين الإفتاء يوضحما حكم سجود التلاوة بغير وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب

ومن الأمثلة العملية على ذلك، ما ورد في سؤال أحد لاعبي كرة القدم، حيث أوضح أنه يسجد شكرًا عند إحراز هدف خلال المباراة، وقد لا يكون متوضئًا في تلك اللحظة، متسائلًا عن مدى مشروعية هذا السجود. فجاءت الإجابة بأن هذا الفعل جائز ما دام نابعا من الشكر لله على نعمة أو دفع ضرر.

دار الإفتاء استشهدت في فتواها بآيات من القرآن الكريم تحث على الشكر، منها قوله- تعالى-: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون} [البقرة: 152]، وأيضًا: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم} [النساء: 147]، و{لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7].

شروط سجدة الشكر

فيما يتعلق بشروط سجدة الشكر، أوضحت دار الإفتاء أن هناك من يشترط لها ما يُشترط لصلاة النوافل، من طهارة وستر للعورة واستقبال للقبلة، على اعتبار أنها سجود لله يقصد به التقرب، وله تكبير وسلام، مما يجعله أشبه بالصلاة.

غير أن هناك رأيًا آخر – ذكرته الدار – يذهب إلى عدم اشتراط هذه الأمور، استنادًا إلى فعل الصحابة رضوان الله عليهم، الذين كانوا يسجدون للشكر فور سماعهم خبرا مفرحا، دون أن يُروى أن النبي ﷺ أمرهم بالوضوء أو استقبال القبلة.

كما فرّق العلماء بين سجود الشكر والصلاة من حيث الأحكام، فالقراءة والركوع غير موجودين في سجود الشكر، كما أنه لا يشترط فيه المصافة، ويجوز للمنفرد أن يسجد خلف إمام يقرأ، وهو ما لا يتفق مع أحكام الصلاة.

وخَلُصَت دار الإفتاء في فتواها إلى أن جمهور العلماء يُوجبون الطهارة لسجدة الشكر، في حين يذهب جمع من الفقهاء المعتبرين إلى عدم اشتراطها، ما يمنح المسلم سعة في الأمر، لا سيما إذا باغتته النعمة أو زال عنه البلاء فجأة.

طباعة شارك دار الإفتاء سجدة الشكر القبلة سجود الشكر اتجاه القبلة الطهارة

مقالات مشابهة

  • هل تجوز الصلاة بـ الفانلة الحمالات بسبب الحر الشديد؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم سجود السهو في صلاة السنة.. الإفتاء تجيب
  • حكم قراءة سورة يس بنية قضاء الحاجة وتيسير الأمور.. الإفتاء توضح
  • أديت صلاة العصر جهرا بالخطأ فهل يجب الإعادة؟ | الإفتاء تجيب
  • حكم ختام الصلاة جهرا عقب صلاة الجمعة
  • ما يقال من الذكر والدعاء عند شدة الحر.. اللهم أجرنا من النار
  • هل يجوز سجود الشكر دون وضوء وفي غير اتجاه القبلة؟ .. دار الإفتاء تجيب
  • هل تأخير الصلاة عن وقتها بسبب العمل عليه إثم؟.. الإفتاء تجيب
  • لقاء تحضيري في حجة تدشينا للاحتفاء بذكرى يوم الولاية
  • هل يجب على الحاج المبيت بمكة بعد طواف الوداع؟.. الإفتاء تجيب