هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الخميس، مسجد أم الحيران، وهو آخر ما تبقى من القرية المسلوبة في النقب، بعد هدم منازلها.

جاء ذلك عقب اقتحام السلطات الإسرائيلية، فجر اليوم قرية أم الحيران مسلوبة الاعتراف والمهددة بالاقتلاع والتهجير في منطقة النقب داخل أراضي عام 1948.

ونقلا عن موقع "عرب 48"، قامت الشرطة الإسرائيلية بترهيب عائلات أم الحيران، واعتقلت 3 أشخاص، وهم: سليم أبو القيعان، وعطوة أبو القيعان، ورائد أبو القيعان".

وفي السياق، يواجه أهالي قريتي أم الحيران وراس جرابة و10 قرى أخرى في منطقة النقب، خطر الاقتلاع والتهجير في الأيام القريبة، إذ تسعى السلطات الإسرائيلية لتوطين يهود في بلدات ستقام على أنقاض القرى العربية هناك.

وأمهلت السلطات الإسرائيلية أهالي أم الحيران لإخلائها لغاية 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وذلك من أجل إقامة بلدة يهودية سيطلق عليها اسم (درور) على أنقاض قريتهم، فيما ستكون قرية راس جرابة حسب المخطط الإسرائيلي حارة ضمن نفوذ مدينة ديمونا.

ورفضت السلطات الإسرائيلية طلبات أهالي راس جرابة وأم الحيران أن يكونوا جزءا من المجمعات السكنية التي ستبنى على أنقاض بلداتهم، وطالبت الأهالي بإخلاء أم الحيران بشكل فوري من أجل بناء بلدة يهودية يسكنها اليهود فقط.

المصدر : عرب 48

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: السلطات الإسرائیلیة

إقرأ أيضاً:

أسطرة المقاومة في مواجهة عوالم الموت الإسرائيلية

يعتمد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كحال سائر المستعمرين والمحتلين، على أشكال متطورة ومتجددة من العنف بهدف إخضاع الشعب الفلسطيني الواقع تحت سيطرته وتشكيل وعي متواطئ معه، يقبل بالخضوع، بحسب خلاصة مستمدة من أعمال خبراء ومختصين في دراسات "ما بعد الاستعمار".

وترصد العديد من هذه الدراسات، مثل أعمال الطبيب الفرنسي فرانز فانون، والفيلسوف الكاميروني أشيل مبيمبي، وأستاذة الأدب في جامعة هارفارد "إيلين سكاري"، أشكال العنف الاستعماري وأهدافه، وإمكانات الشعوب المقهورة في التعامل معه، وما يسمى بتقنيات إدارة الألم فرديا وجماعيا.

وبحسب هذه الأعمال، فإن نجاح شعب ما في التحرر مرهون بقدرته على الانعتاق من القيود الفكرية التي يفرضها الاستعمار والصبر على الألم وتحويله إلى دافع لتشكيل هوية مناضلة وفعل مقاوم طويل الأمد.

نجاح أي شعب في التحرر مرهون بقدرته على الانعتاق من القيود الفكرية التي يفرضها الاستعمار والصبر على الألم (الفرنسية) الصدمة والترويع

ويسعى الاحتلال من خلال "الصدمة والترويع" إلى خلق قدر من الألم الهائل والمفاجئ على شكل موجات تهدف إلى تجاوز قدرة الشعب على التحمل، وتوجيه أثر هذا العنف إلى داخله، تفككا وتآكلا للثقة وهو ما يجعله جاهزا للخضوع ونبذ المقاومة.

وردا على ذلك، تسعى أي حركة تحرر إلى استيعاب عنف المستعمر من خلال إستراتيجيات، منها "أسطرة البطولة" وجعلها مدخلا لتجنيد الشعب في أعمال المقاومة، وتحقيق الإنجازات التي تقنع الشعب بجدوى المقاومة.

ويضاف لذلك توثيق جرائم الاحتلال وجعلها أساسا لنزع شرعيته الدولية، والسعي لإيقاع أكبر قدر من الألم المادي والمعنوي في الاحتلال، مع تركيز الأنظار إلى حجم ألم العدو.

مسعفون فلسطينيون يقومون بإجلاء الجرحى من موقع غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز) طبيعة الاستعمار

قدم الطبيب الفرنسي فانز فانون نظرية واسعة التأثير بشأن طبيعة الاستعمار وطرق مواجهته، وذلك من وحي معايشته لاستعمار بلاده للجزائر، حيث كان يعالج جرحى الفرنسيين والجزائريين ويتفكر في دلالات مشاهداته، ولاحقا ألهمت أفكاره العديد من حركات التحرر حول العالم، وحفزت أعمالا موافقة لها وأخرى معارضة.

إعلان

ويرى فانون في كتابه "معذبو الأرض" أن الاستعمار نظام عنيف يعيد تشكيل الإنسان المستعمَر ليصبح "شيئا" وليس إنسانا طبيعيا، إذ يصور ضحاياه كمصدر للشر، يجب تدميره أو تهذيبه.

وبناء عدواني بهذه الدرجة لا يمكن تفكيكه بلغة الإصلاح، بل يتطلب -وفقا لفانون- تحطيما جذريا باستخدام القوة. مؤكدا أن "اللقاء الأول بين المستعمِر والمستعمَر كان عنيفا، واستمرار العلاقة بينهما قائم على اللغة نفسها، إلا أن أحد أخطر آثار الاستعمار هو "التواطؤ النفسي"، حيث يبدأ المضطهَد في تبني نظرة المستعمِر إليه.

وفي مواجهة عنف الاحتلال تكون نقطة التحول هي احتضان الألم والمعاناة، والتوقف عن الهرب ومواجهة الاحتلال وجها لوجه، وحينها فإن "الشيء الذي تم استعماره يعود إنسانا في العملية نفسها التي يتحرر فيها"، وذلك عند مواجهة عنف الاحتلال بالعنف الذي يستحقه ويستدعيه.

وبحسب فانون، فـ"العنف قوة تطهير.. تحرر المستعمَر من عقدة النقص والخمول"، وتعيد له احترامه لذاته، وتمنحه شعورا بالسيادة والسيطرة بعد طول إخضاع واستضعاف.

وفي هذه العملية لا يمكن للفرد أن يتحرر وحده، بل وحدة الجماعة الثورية أمر أساسي، والقاعدة هي "نجاة الجميع أو لا أحد".

سياسات الموت

وذهب الفيلسوف الكاميروني، أشيل مبيمبي، أبعد من ذلك في وصف السلوك الاستعماري، مبتكرا مصطلح "سياسات الموت" الذي جعله عنوانا لكتابه بهذا الشأن، والذي يلحظ أن الاستعمار يفرض سيادة يكمن التعبير النهائي عنها في "تحديد من يجوز له أن يعيش ومن يجب عليه أن يموت".

ويلاحظ مبيمبي أن انتزاع الجسد والحياة في ظل الاستعمار لا يحصل "باعتبارهما مجرد أشياء تُحكم، بل بوصفهما ساحة لظهور سلطة السيد الحاكم".

وتشير "سياسات الموت" إلى الطرق المتعددة التي تستخدم فيها الأسلحة في عالمنا المعاصر، من أجل أقصى قدر من التدمير البشري، وبذلك فإن الحصار والحدود والمخيمات والسجون وساحات القتال تقوم بإنتاج "عوالم موت"، تكون فيها حياة الشعب المستعمر على حافة الموت بشكل مستمر.

إعلان

وفي الحرب الجارية في قطاع غزة يمكن ملاحظة تبني الاحتلال الإسرائيلي لإستراتيجية "عوالم الموت"، بدءا من حصار القطاع على مدار 17 عاما قبل الحرب، مرورا بتكثيف الموت والإصابة بين الفلسطينيين.

كما حوّل الاحتلال كل مناحي حياة الفلسطينيين إلى معاناة، كالحصول على المياه والغذاء والعلاج، وتدمير المساجد وتعطيل عملها في تعزيز الروح المعنوية، وإنهاك المجتمع من خلال إدخاله في متواليات من الأمل ثم اليأس، إذ تتناوب عليه أنباء الانفراج القريب التي يتلوها التصعيد والتهجير الداخلي، ويتم تحويل مراكز المساعدات إلى محطات للقتل كما حصل في العديد من المجازر على مدار الحرب.

حول الاحتلال الإسرائيلي كافة مناحي حياة الفلسطينيين إلى معاناة (أسوشييتد برس) إستراتيجيات إدارة الألم

درست أستاذة الأدب في جامعة هارفارد، إيلين سكاري، توظيف الألم كأداة سياسية في كتابها "الجسد المتألم.. صنع العالم وتفكيكه"، مشيرة إلى أن "النشاط المركزي في الحرب هو الإيذاء الجسدي، والهدف الأساسي منها هو التفوق في إلحاق الأذى بالطرف الآخر".

وذلك رغم أن "واقع الإيذاء الجسدي غالبا ما يكون غائبا عن الأوصاف الإستراتيجية والسياسية للحرب"، كما يظهر لدى مراجعة كتابات كلاوزفيتز وليدل هارت وتشرشل وسوكولوفسكي وغيرهم من منظري الحرب.

ففي الحرب "تحاول كل جهة أن تُحدث تفككا في الجهة الأخرى بجعل واقع الإيذاء نفسه هو القضية التي يُخاض النزاع حولها. ولا يكون النصر بالضرورة إلى جانب الطرف الذي يُلحق بخصمه أكبر قدر من الأذى من حيث الكمية المطلقة، بل إلى الطرف الذي ينجح في تفكيك عزيمة الطرف الآخر، سواء عزيمته على مواصلة الإيذاء أو على مواصلة تحمّله".

وتسلط سكاري الضوء على خاصية أساسية في الألم الجسدي، وهي الصعوبة البالغة للتعبير عنه ونقل الشعور به إلى الآخرين لتعظيم أثره النفسي، مما يستدعي البحث عن وسائل "تكسبه الصوت" بهدف التخفيف منه.

في الحالة الفلسطينية كان للأبعاد الدينية والروحية دور أساسي في استيعاب الألم والصدمات (وكالة الأناضول) التخفيف من الألم

وتتابع المدرسة في جامعة هارفارد أنه "كما أن التعذيب يتكوّن من أفعال تُضخم الطريقة التي يدمر بها الألم عالم الشخص وذاته وصوته، فإن الأفعال الأخرى التي تُعيد الصوت لا تكون مجرد إدانة للألم، بل تُصبح أيضا شكلا من التخفيف من الألم، بل انقلابا جزئيا على عملية التعذيب نفسها".

إعلان

وتقول "إن الاعتراف بالألم، ومحاولة التعبير عنه، تُعدّ شكلا من الامتداد الذاتي في العالم، بحيث يُمنح المتألم إمكانية استعادة صوته، ومن ثم استعادة إنسانيته".

ومن هذه الوسائل ضرورة الاعتراف بالألم، والتعبير عنه، وبناء شبكات التعاطف الاجتماعي مع المتألمين، إذ "إن التعاطف، حين يمنح الألم مكانا في العالم عبر اللغة، يقلل من قوة الألم ويقاوم قدرة الجسد -حين يتألم- على ابتلاع الشخص بالكامل".

وفي الحالة الفلسطينية، كان للأبعاد الدينية والروحية دور أساسي في استيعاب الألم والصدمات التي خلقها الاحتلال الإسرائيلي، إذ وفرت البنية العقائدية للمقاومة قدرا عاليا من الصلابة، ومكنتها من الاستمرار في العمل العسكري بدرجات متفاوتة على مدار 18 شهرا، رغم تقدير الاحتلال أنه قد قتل ما يزيد على 10 آلاف مقاتل، إضافة إلى الأعداد الهائلة من الشهداء والجرحى الذين يتركزون في أهالي المقاتلين ومحيطهم الاجتماعي.

ووفرت مفاهيم مثل الشهادة والصبر والاحتساب، وآيات القرآن من قبيل "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون" أساسا للتعبئة الشعبية، وهي نتاج ثقافة تعززت بشكل خاص مع صعود دور المقاومة الإسلامية وإدارتها قطاع غزة منذ العام 2006.

التمحور حول الألم

ويتضح مما سبق أن مقدار الألم في الحرب ليس محددا للهزيمة أو النصر بحد ذاته، بل كيفية التعامل معه هي الأمر الحاسم بهذا الشأن، فإذا ترافق الشعور بالألم بالمعنى وبالتضامن فمن الممكن أن يكون معزّزا للإرادة في وجه الاحتلال، أما حينما يسود خطاب "عبثية الألم" مترافقا مع التفكك الاجتماعي والسياسي فيكون الألم دافعا إلى الانهيار.

ويمكن لمركزية الألم في سياق الاستعمار أن تتخذ منحى إيجابيا أو سلبيا، وفقا لما تظهره الأعمال النظرية السابقة والتجارب العملية بهذا الشأن، إذ يمكن أن يكون الألم حافزا وأداة للتحرر حينما يحوّل إلى طاقة حشد وتعبئة، ويدار بروح جماعية صلبة، من خلال التضامن الاجتماعي والخطاب المقاوم، وحينما يعرّي العدو أخلاقيا ويقوض سرديته التي يقدم نفسه فيها مركزا للخير والحضارة.

إعلان

وبالمقابل، يعمل الاستعمار على إيصال الألم إلى مستوى لا يقدر المجتمع المستعمَر على تحمله بهدف تفكيك التضامن والروح المعنوية، ولتعزيز الشقاق الداخلي، مع الحرص على عدم إعطاء تنازلات يراها الواقعون تحت الاحتلال إنجازات تعزز صمودهم وثباتهم.

وهكذا، فإن مآل الحرب لا ينفك عن صراع الإرادة بين صنع الألم وإدارته لدى طرفي الصراع، بما يتطلب وضع الألم دائما في سياقه، وتوجيه رد الفعل عليه نحو الاحتلال، مع السعي الدائم إلى تقليل مقداره في سياق إدامة مقاومة الاحتلال وليس الاستسلام لإرادته.

مقالات مشابهة

  • أهالي ضحايا الهجرة غير الشرعية يتسلمون جثث ذويهم من مستشفى مطروح
  • الوداع يا بطل.. أهالي قرية خالد عبد العال يودعونه في الدقهلية.. وشقيقه: كان بيقف جنبنا بأي مشاكل.. وفرح ابنه كان 19 يونيو
  • ترك 3 بنات بدون مصدر رزق.. أهالي قرية البطل خالد عبد العال: محتاجين مصدر رزق لعياله
  • قوات الاحتلال تهدم عشرات المباني في مخيمي طولكرم ونور شمس
  • مفوض عام “الأونروا”: منع إسرائيل دخول الصحفيين الدوليين إلى قطاع غزة “حظر على نقل الحقيقة”
  • مفوض عام الأونروا: منع إسرائيل دخول الصحفيين الدوليين إلى قطاع غزة حظر على نقل الحقيقة
  • أسطرة المقاومة في مواجهة عوالم الموت الإسرائيلية
  • الأونروا: منع إسرائيل دخول الصحفيين إلى قطاع غزة حظر على نقل الحقيقة
  • الأونروا تنتقد منع الاحتلال للصحفيين الدوليين من دخول غزة
  • أهالي غزة يقيمون صلاة العيد على أنقاض المساجد المدمرة