جلادون وضحايا.. لوموند حاورت جنودا إسرائيليين يعالجون من اضطراب ما بعد الصدمة
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن عديدا من المجندين، وجنود الاحتياط الإسرائيليين، والجهات الفاعلة في تدمير قطاع غزة الفلسطيني، يعانون اضطراب ما بعد الصدمة بعد أكثر من عام من الحرب، وقد تحدثت الصحيفة إلى اثنين منهم بعد علاجهم في مزرعة بالقرب من تل أبيب.
ووصفت الصحيفة الفرنسية -في تقرير بقلم إيزابيل ماندرو- المزرعة التي رُتب كل شيء فيها لاستقبال مريح يستهدف غرس شعور حميم من شأنه أن يجعل المصابين يستمتعون بالرفاهية، لولا وجود لافتة لشارع مزيف "شارع ما بعد الصدمة" ملصقة بين إصطبلات الخيول.
واستقبلت "مزرعة داني" هذه مئات الجنود الإسرائيليين العائدين من غزة، ممن أصيبوا بصدمة نفسية بسبب أطول وأعنف حرب تشنها إسرائيل على الإطلاق، وهم يحضرون عدة مرات في الأسبوع جلسات العلاج الجماعية والفردية، لمحاولة تحرير أنفسهم من الصور الكابوسية التي تطاردهم، حيث يأتي بعضهم من تلقاء نفسه، وبعضهم يرسله رؤساؤه.
وقال جنود إسرائيليون قاتلوا في غزة -لشبكة سي إن إن– إنهم شهدوا فظائع لا يستطيع العالم الخارجي فهمها حقا. وتقدم رواياتهم لمحة نادرة عن وحشية ما وصفه النقاد بـ"حرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السرمدية"، والخسائر غير الملموسة التي تلحق بالجنود المشاركين.
هل نحن وحوش في نظركم؟
يبدأ آدي (43 عاما)، الذي اشترط عدم ذكر اسمه الأخير، بالقول "نحن وحوش في نظركم أليس كذلك؟ وفي عديد من البلدان أيضا"، ثم يصف ظروف عمله في غزة، حيث كان يقود وحدة على الخط الأمامي مسؤولة عن فتح الطرق بالجرافات ومساعدة الدبابات، يقول "كان الأمر كما لو كنت في قفص تحت النار. إنهم (الفلسطينيون) ليس لديهم زي رسمي، ولا نعرف من هو العدو، وكان التوتر مرتفعا للغاية".
أصيب آدي بنيران صاروخية، وبعد أسبوعين أُعيد إلى خان يونس جنوب القطاع، حيث كان الجيش قد توغل للتو. "الخطر في كل مكان على محيط 360 درجة، لا يمكنك التعرف على أي شيء، واليقظة شديدة"، يتابع هذا المستثمر المالي في الحياة المدنية، وهو لا يتحدث عن الضحايا في غزة، وهم أكثر من 43 ألف قتيل منذ بداية الحرب، ولكنه يعبر عن العنف الذي كان شاهدا عليه وممثلا فيه.
يخضع الجنود للعلاج بتقنية "إي إم دي آر"، وذلك من خلال حركات العين للمساعدة في التغلب على التجارب المؤلمة غير المهضومة المسؤولة عن الأعراض المعوقة في كثير من الأحيان، مثل فقدان النوم والشهية، ونوبات الذعر، واليقظة المفرطة، وذكريات الماضي، والقلق المستمر والكوابيس.
ويخضع آدي الآن للعلاج بتقنية "إي إم دي آر"، وهي تقنية تم تطويرها في الولايات المتحدة في الثمانينيات وتعمل من خلال حركات العين للمساعدة في التغلب على التجارب المؤلمة غير المهضومة المسؤولة عن الأعراض المعوقة في كثير من الأحيان، مثل فقدان النوم والشهية، ونوبات الذعر، واليقظة المفرطة، وذكريات الماضي، والقلق المستمر والكوابيس.
وحسب مكتب إعادة الإدماج التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وما نقلته وسائل الإعلام الإلكترونية تايمز أوف إسرائيل، فإن حوالي 5200 جندي إسرائيلي أو 43% من الجرحى الذين يتم استقبالهم في مراكز إعادة التأهيل، يعانون من الإجهاد اللاحق للصدمة، وجاء في المقال أنه "يتوقع بحلول عام 2030 أن يتم علاج حوالي 100 ألف شخص، نصفهم على الأقل يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة".
وكانت صحيفة هآرتس قد حذرت، بعد 3 أشهر فقط من بدء الحرب، من أن أكثر من 1600 جندي ظهرت عليهم علامات الضيق بسبب القصف والإرهاق القتالي، ولكن الجيش الإسرائيلي قلل من هذه الظاهرة.
وتشير حالة جندي الاحتياط العسكري الإسرائيلي إليران مزراحي (40 عاما)، وهو أب لـ4 أطفال، إلى تأثير الحرب الكبير على الجنود، فقد ذهب إلى غزة بعد طوفان الأقصى، وعاد شخصا مختلفا، بعد إصابته باضطراب ما بعد الصدمة بسبب ما شهده من الحرب في القطاع، ثم أدى به الأمر إلى الانتحار قبل يومين من عودته إلى غزة مجددا.
الكراهية في انتظارك
وردا على السؤال هل يمكن أن نكون الجلاد والضحية في الوقت نفسه؟ يقول عيران هالبرين، أستاذ علم النفس في الجامعة العبرية في القدس، إن "الإجابة هي نعم بكل وضوح. كن حذرا، فالكراهية في انتظارك مع كثير من المشاعر المدمرة".
واليوم، يلاحظ وجود تنافر بالنسبة إلى الجنود العائدين من غزة، بين الصدمة التي تعرضوا لها، من ناحية، وحقيقة محاولة إعادة الاتصال بما يشبه الحياة الطبيعية، من ناحية أخرى.
آتون: الواقع أن الأمور تزداد سوءا.. الحرب التي لا تنتهي أبدا، وصفارات الإنذار التي تنطلق، والرهائن الذين لا يعودون، كل هذا يجعل الأمور صعبة للغاية
وتقول المحللة النفسية في تل أبيب ميراف روث إن "ضحايا السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لديهم الضوء الأخضر ليصبحوا جلادين، وهذا أمر خطير للغاية. ومع ذلك، تستمر إسرائيل كل يوم في خسارة المدنيين والجنود، دون أن ننسى الرهائن الذين ظلوا أسرى لدى حماس. إنها صدمة معقدة، لأنها تؤثر على المجتمع بأكمله. وقد هاجمت قدرتنا على التعاطف".
وتقول هذه المتخصصة إن الصدمة في صفوف الجيش ذات شقين، لأن "الضباط يشعرون بالذنب لعدم قدرتهم على منع ما حدث، وهو أقوى بين الجنود العائدين من غزة".
وتقول إفرات آتون، وهي رئيسة منظمة غير حكومية، "في الواقع الأمور تزداد سوءا. الحرب التي لا تنتهي أبدا، وصفارات الإنذار التي تنطلق، والرهائن الذين لا يعودون، كل هذا يجعل الأمور صعبة للغاية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات ما بعد الصدمة
إقرأ أيضاً:
الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلال الحرب
تعكس عمليات تفجير ناقلات الجند الإسرائيلية التي تقوم بها فصائل المقاومة قوة الأسلحة المستخدمة في هذه العمليات، وتشير إلى التركيز على أهداف يصعب تعويضها خلال الحرب، كما يقول الخبير العسكري العقيد حاتم الفلاحي.
وفي الساعات الـ24 الماضية، أعلنت فصائل المقاومة تدمير دبابات وناقلات جند وآليات إسرائيلية في عدة عمليات، كما نشرت صورا لتدمير آليات أخرى في وقت سابق من الشهر الجاري.
وأمس الثلاثاء، تمكنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- من تدمير ناقلة جند في خان يونس جنوب قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل ضابط و6 جنود، إلى جانب عدد آخر من الجرحى.
ووفقا لما قاله الفلاحي -في تحليل للجزيرة- فإن الناقلة التي دمرت من نوع "بوما"، يستخدمها سلاح الهندسة، وهي مدرعة بشكل كبير ومعدة لتمهيد الطرق للقطعات العسكرية وتفريغها من الألغام.
قطعات عالية التحصين
ويمكن لهذه المركبة حمل 8 جنود، مزودة بـ3 رشاشات خفيفة وأخرى ثقيلة إلى جانب هاون 60 ملم و20 صاروخا لتفجير الألغام، ولديها قدرة كبيرة على تحمل الضربات، مما يعني أن استهدافها قد يحيلها إلى كتلة نار، كما يقول الفلاحي.
وتشير هذه الخسائر إلى قدرة أسلحة القسام على الاختراق وإلحاق خسائر كبيرة في الآليات مما يؤدي إلى تدميرها أو إخراجها من الخدمة، كما أن استهداف جرافات "دي 9″، المضادة للرصاص يؤكد -وفق الخبير العسكري- تركيز المقاومة على القطعات الهندسية التي يصعب تعويضها خلال العمليات.
وتعني هذه العمليات وجود مشكلة لدى جيش الاحتلال في منع مقاتلي المقاومة من الوصول إلى هذه الأهداف بطريقة تحمل جرأة غير مسبوقة في المواجهات المباشرة، حسب الفلاحي، الذي أشار إلى أن أسلحة المقاومة المحلية تبدو مصممة لتدمير هذه الآليات عالية التكلفة.
كما أن استبدال الفرقة 252 بالفرقة 99 التابعة لاحتياط قيادة الجيش الإسرائيلي، تشير إلى حالة الإنهاك التي أصابت الفرقة التي سحبت أو الخسائر الكبيرة التي دفعت إلى سحبها من جبهة القتال، وفق الفلاحي، الذي قال إن عمليات التغيير في التماس لا تتم لهذه الأسباب.
إعلان