أن يدعي الشخص، الموضوعية والواقعية فإنه يفترض به أن يسمي الأمور بمسمياتها، فالأبيض يجب أن يبقى في حديثه أبيض ولو تلوث بالسواد، والأسود أسود ولو حاول البعض تزيينه بالبياض، وأن يظل بعض مثيري الشفقة، يصورون القوات المسلحة اليمنية والخروج الشعبي المليوني كل أسبوع وكأنهم خارجون عن القانون أو الإجماع بسبب أنهم يواجهون أمريكا، فذلك ليس أكثر من مرض مزمن استفحل في الشخص حتى لم يعد يرى ولا يدرك طبيعة الألوان أمامه.
فاليمن بموقفه مع الشعب الفلسطيني كان بكل القواميس أكثر إنسانية وأكثر أخلاقا وأكثر شهامة من آخرين خانعين، وإعلان الوقوف مع فلسطين ليس عن فائض ترف وإنما عن استشعار بهذا الوجع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني المظلوم وهو يعاني من بطش وجبروت منتهكي القيم الإنسانية، أمريكا وإسرائيل والغرب الاستعماري، فضلا عن كون هؤلاء المعتدين هم عصابات بمسمى دول، حديثة النشأة أصلا، تأسست على الإجرام وعلى الحقد والكُره للإسلام والمسلمين، إذ يأتوننا بأسلحتهم ودمويتهم، ثم ينظّمون لنا الفعاليات والندوات حول نشر السلام ونبذ الكراهية.
لا يمكن بأي حال الاقتناع بأن أمريكا والغرب والكيان الصهيوني الأرعن، يمكن أن يحملوا سلاما للعرب والمسلمين وهم منذ ظهروا على وجه الخارطة تأسسوا على ثقافة الإبادة لمواطني الشرق الأوسط والسيطرة على مقدراتهم لتغذيهم خزائنهم بالأموال المنهوبة.
ولا يمكن بأي حال التنازل عن مبدأ المواجهة لقوى الظلم والجبروت حين يتعرض ظلمهم وجبروتهم لحاضرنا ومستقبلنا، كما لم يعُد واردا القبول باستمرار هذه الاستهانة والاستضعاف، وهُم- كما يقول قائد الثورة- «النموذج الذي يمثل الشر والإجرام والنموذج الظلامي المفسد»، ولم يعُد واردا القبول بعناوينهم المخادعة وهم يتلونون كالأفاعي فيسحرون أعين الناس برقيهم وحضارتهم، والأصل أن الرقي يكون بحسن التعايش ونبذ الكراهية وضبط النفس عن نهب ثروات الآخرين لو كانوا يعقلون.
هؤلاء البعض الذين بدأنا بهم الحديث، أدمنوا امتهان الذات واستضعافها، وباتوا ينظرون إلى كل ما لا يتوافق مع المصلحة الأمريكية بأنه نموذج للتخلف عن الركب الحضاري، ولا يرون في المقابل حجم الشر الذي تكيله أمريكا ضد العرب والمسلمين، وتبقى القضية الفلسطينية المقياس الصارخ الذي لا يغادر أي مقاربة لاستيعاب الحقيقة الأمريكية المنحرفة والخارجة عن الأخلاق والملوثة بكل المفاسد التي ترفضها الفطرة البشرية قبل أن ينزلها الله سبحانه كتشريع ناظم لحياة البشر.
يعلم هؤلاء ويرون حجم الجرائم الصهيونية التي يتبرأ منها حتى الشيطان نفسه، والخميس أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أوامر اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن المُقال يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزّة، كما رفضت الغرفة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية، الطعون التي تقدمت بها “إسرائيل”، ومن فوره خرج البنتاجون الأمريكي ليعلن رفضه قرار الجنائية الدولية، ويقول: «ليس لدينا تقييم قانوني حول الإجراءات «الإسرائيلية» في غزة لكننا نرفض قرار الجنائية الدولية»، فيما أعلن البيت الأبيض بوضوح معارضته «بشدة مشروع قرار تقدم به مشرعون في مجلس الشيوخ بشأن حظر بيع أسلحة لـ”إسرائيل”.. والأربعاء استخدمت واشنطن وللمرة الخامسة، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ضد مشروع قرار يطالب بوقف «فوري وغير مشروط ودائم» لإطلاق النار في غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية، بشكل كامل، من القطاع، وبهذه الأفاعيل تثبت أمريكا أنها صاحبة مبدأ لا حياد عنه، أساسه أن «إسرائيل» فوق كل اعتبار ولو داست في سبيل ذلك كل القيم والتشريعات والإجماع العالمي، بينما الأتباع رضوا بأن يهجروا مبادئهم وقيمهم من أجل «مزاج» واشنطن.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بريطانيا تهدد الجنائية الدولية بالانسحاب وقطع التمويل بسبب نتنياهو
زعم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن الحكومة البريطانية هددت بقطع التمويل عن المحكمة الجنائية الدولية والانسحاب من نظام روما الأساسي الذي أنشأها، إذا مضت قدمًا في خططها لإصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
مقاضاة نتنياهووقدّم كريم خان هذا الادعاء في مذكرة قدمها للمحكمة دفاعًا عن قراره بمقاضاة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بسحب ما أفادت به صحيفة الجارديان البريطانية.
ولم يذكر خان اسم الشخص الذي وجّه التهديدات، مكتفيًا بالقول إن المكالمة التي جرت في 23 أبريل 2024 كانت مع مسؤول بريطاني، إلا أن التقارير أشارت إلى أن المتصل ربما كان وزير الخارجية البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون.
وقال خان إن المسؤول جادل بأن إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو ويواف جالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، إجراء غير متناسب.
كما زعم خان أنه في أبريل 2024، حذّره مسؤول أمريكي من عواقب وخيمة في حال إصداره مذكرات التوقيف، لكن خان - في مواجهة دعوات للتأجيل - أصرّ خلال المكالمة على أنه لم تكن هناك أي إشارة إلى استعداد الحكومة الإسرائيلية للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية أو تغيير سلوكها.
ادّعى أنه في مكالمة أخرى بتاريخ 1 مايو، حذره السيناتور الأمريكي ليندسي جراهام من أن إصدار أوامر اعتقال يعني أن حماس قد تُقدم على قتل الرهائن الإسرائيليين.
اتهام كريم خان بسوء السلوك الجنسيوقال خان إنه علم لأول مرة بادعاءات سوء السلوك الجنسي الموجهة ضده في 2 مايو.
وأضاف أنه في 6 مايو، كشف طرف ثالث أن شخصًا ما، دون موافقة الضحية المزعومة، قدّم شكوى بشأن سلوكه إلى هيئة الرقابة الداخلية التابعة للمحكمة.
وعندما صرّحت الضحية بأنها لا ترغب في متابعة التحقيق، أُغلقت القضية إلى أن بدأ حساب مجهول على منصة "إكس" بإعادة فتح الادعاءات في أكتوبر، على حد قوله.
ويسعى خان في مرافعته إلى تصويره على أنه تصرف بحيادية تامة طوال الوقت، ولم يسعَ لتحقيق مصالحه الشخصية وقال إن خطة إصدار أمر الاعتقال سبقت الادعاءات الموجهة ضده.
وأضاف أنه من الخطأ أن يعتمد مقدمو الطلب على تكهنات من تقارير إعلامية مختارة للترويج لمزاعم لا أساس لها من الصحة بوجود أسباب للتنحي، مؤكدًا أن تحضيره للقضية كان دقيقًا للغاية.
من المعلوم أن خان أصرّ على إرسال ردٍّ كاملٍ وحاسمٍ من 22 صفحة على طلب إسرائيل بإلغاء مذكرات التوقيف، وذلك بعد اطلاعه على ما اعتبره ردًّا مُعتدلًا نسبيًا كان قد صيغ في البداية.