وقف إطلاق النار يقترب.. ما تكلفة الحرب على لبنان وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
قد يتوقف قريبا إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله في لبنان بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.
وفيما يلي بعض الجوانب الرئيسية من تكلفة الصراع الذي احتدم بشدة منذ شهرين حين شنت إسرائيل هجوما على الجماعة اللبنانية المدعومة من إيران، بحسب ما ذكره تقرير لوكالة رويترز.
حصيلة القتلى والجرحى
قالت وزارة الصحة اللبنانية إنه حتى 24 نوفمبر قُتل 3768 وجُرح 15699 شخصا على الأقل في لبنان منذ أكتوبر2023.
ولم يتضح بعد عدد القتلى في صفوف حزب الله. وكانت الجماعة قد أعلنت عن مقتل نحو 500 من مقاتليها في المعارك حتى اللحظة التي شنت فيها إسرائيل هجومها في سبتمبر، لكنها توقفت عن إعلان ذلك منذئذ.
ويقول معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية، إن جماعة حزب الله خسرت 2450 فردا إجمالا.
وقتلت غارات حزب الله 45 مدنيا في شمال إسرائيل وهضبة الجولان المحتلة.
وقالت السلطات الإسرائيلية إن 73 جنديا إسرائيليا على الأقل قتلوا في شمال إسرائيل، وهضبة الجولان وفي معارك بجنوب لبنان.
الدمار
قال تقرير للبنك الدولي إن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان تقدر بنحو 2.8 مليار دولار مع تدمير أكثر من 99 ألف وحدة سكنية جزئيا أو كليا.
وقال مختبر المدن بيروت التابع للجامعة الأميركية إن الضربات الجوية الإسرائيلية هدمت 262 مبنى على الأقل في الضاحية الجنوبية لبيروت وحدها، معقل حزب الله.
وألحق الجيش الإسرائيلي أيضا أضرارا واسعة النطاق في قرى وبلدات في سهل البقاع وجنوب لبنان، وهما منطقتان يسيطر عليهما حزب الله.
وقدر تقرير البنك الدولي الأضرار التي لحقت بالزراعة بنحو 124 مليون دولار وخسائر تزيد على 1.1 مليار دولار، بسبب فوات الحصاد نتيجة تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين.
وتقدر السلطات الإسرائيلية الأضرار التي لحقت بالممتلكات في إسرائيل بنحو مليار شيكل (273 مليون دولار) على الأقل، مع تضرر أو تدمير آلاف المنازل والمزارع والشركات.
ووقع القسط الأكبر من الأضرار في إسرائيل في المناطق المتاخمة للحدود اللبنانية التي تعرضت لقصف صاروخي من حزب الله.
وتقول السلطات الإسرائيلية إن نحو 55 ألف فدان من الغابات والمحميات الطبيعية والحدائق والأراضي المفتوحة في شمال إسرائيل وهضبة الجولان تعرضت للحرق منذ بداية الحرب.
نزوح
قالت المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 886 ألف شخص نزحوا داخل لبنان حتى 18 نوفمبر. وأظهرت بيانات المفوضية أن أكثر من 540 ألف شخص فروا من لبنان إلى سوريا منذ بدء الحرب.
وفي إسرائيل، تم إخلاء نحو 60 ألف شخص من منازلهم في الشمال.
التأثير الاقتصادي
قدم البنك الدولي في تقرير صدر في 14 نوفمبر تقديرا أوليا للأضرار والخسائر التي لحقت بلبنان بنحو 8.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن ينكمش الإنتاج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان بنحو 5.7 بالمئة في عام 2024، مقارنة بتقديرات النمو قبل الصراع البالغة 0.9 بالمئة.
وتكبد قطاع الزراعة خسائر تجاوزت 1.1 مليار دولار خلال الأشهر الاثني عشر الماضية بسبب تدمير المحاصيل والثروة الحيوانية ونزوح المزارعين، خاصة في المناطق الجنوبية. وقال البنك الدولي إن قطاعي السياحة والضيافة، المساهمين الرئيسيين في الاقتصاد اللبناني، كانا الأكثر تضررا بخسائر بلغت 1.1 مليار دولار.
وفي إسرائيل، فاقم الصراع مع حزب الله التأثير الاقتصادي للحرب في قطاع غزة مما أدى إلى ضغط على المالية العامة
وارتفع العجز في الميزانية إلى نحو ثمانية بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مما دفع وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى إلى خفض تصنيف إسرائيل هذا العام.
وفاقم الصراع الاضطرابات في سلاسل التوريد حتى صعد التضخم إلى 3.5 بالمئة متخطيا النطاق المستهدف للبنك المركزي بين واحد وثلاثة بالمئة. وأبقى البنك المركزي نتيجة لهذا على أسعار فائدة مرتفعة لكبح التضخم فظلت أسعار الرهن العقاري مرتفعة وتفاقمت الضغوط على الأسر.
وانتعش الاقتصاد الإسرائيلي في الربع الثالث إلى حد ما عن الربع الثاني الضعيف لينمو بنحو 3.8 بالمئة على أساس سنوي وفقا للتقديرات الأولية للحكومة.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات إسرائيل بنان إسرائيل لبنان إسرائيل حزب الله إسرائيل بنان إسرائيل اقتصاد ملیار دولار فی إسرائیل على الأقل التی لحقت حزب الله أکثر من
إقرأ أيضاً:
هل انتهت حرب الـ 12 يومًا بين إيران وإسرائيل؟
في منعطف غير متوقع أعاد خلط الأوراق في واحدة من أكثر مناطق العالم توتراً، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليزف للعالم "بشرى" وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بعد 12 يومًا من حرب كادت أن تنفجر في عمق الشرق الأوسط، لا سيما مع توجيه إيران ضربة غير مسبوقة لقاعدة "العديد" الأميركية في قطر.
من شفير الهاوية إلى طاولة التهدئةجاء إعلان ترامب بعد تصعيد عسكري اعتقد كثيرون أنه سيكون الشرارة لحرب إقليمية واسعة. إلا أن الرئيس الأميركي باغت الجميع بإعلانه توصّل الطرفين إلى اتفاق كامل على وقف إطلاق النار، قائلاً: "كانت حربًا يمكن أن تدمر الشرق الأوسط، لكنها لم تفعل، ولن تفعل أبدًا!"، مضيفًا بعباراته المعتادة: "بارك الله إسرائيل، وبارك الله إيران، وبارك الله الشرق الأوسط، وبارك الله الولايات المتحدة الأميركية، وبارك الله العالم".
تنسيق وتفاهمات مبكرةورغم أن تفاصيل الاتفاق بقيت طي الكتمان، إلا أن مؤشرات كثيرة ظهرت تباعًا، تشير إلى أن الأمور جرت بتنسيق محكم. فقد كشف موقع "واللا" العبري، وكذلك صحيفة "نيويورك تايمز"، أن طهران نسّقت مسبقًا هجومها على قاعدة العديد مع قطر، وأن الولايات المتحدة كانت على علم بذلك.
ترامب نفسه أكّد هذه الرواية في منشور على منصته "تروث سوشيال"، شاكراً إيران على "إبلاغنا مسبقًا"، ما أتاح اتخاذ الاحتياطات الكفيلة بمنع وقوع إصابات. ووصف الرد الإيراني بـ"الضعيف للغاية"، معتبراً أنه جاء كرد رمزي على الضربة الأميركية التي دمّرت منشآت نووية إيرانية مطلع الأسبوع الجاري.
ضربة أنهت أحلام إيران النوويةنائب الرئيس الأميركي جي دي فانس بدوره شدّد على أن إيران لم تعد قادرة على تصنيع سلاح نووي بالمعدات المتوفرة لديها بعد الضربة الأميركية، مضيفًا أن طهران إن حاولت مجددًا في المستقبل فستواجه الجيش الأميركي مرة أخرى.
حرب أم "مسرحية محسوبة"؟يرى مراقبون أن الضربة الإيرانية لقاعدة العديد لم تكن تصعيدًا مفتوحًا بقدر ما كانت "ضربة لحفظ ماء الوجه"، تمهّد لطريق دبلوماسي نحو التهدئة، خاصة في ظل تقارير متزامنة من موقعي "أكسيوس" و"واللا" تؤكد أن ترامب يسعى لإنهاء الحرب، وقد أبلغ بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما نقل "واللا" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله: "نريد اتفاقًا الآن، لا مزيد من الحروب".
من الرابح من الاتفاق؟تحوّل وقف إطلاق النار إلى فرصة ثمينة لجميع الأطراف، وإن تفاوتت نسب المكاسب:
الولايات المتحدة: أظهرت تفوقها العسكري وجاهزيتها الحاسمة من خلال استهداف منشآت نووية إيرانية بدقة عالية، ما أعاد ضبط معادلة الردع في المنطقة.
إسرائيل: خرجت منتشية بما اعتبرته "إزالة تهديد وجودي"، ما يمنحها فترة لالتقاط الأنفاس بعد شهور طويلة من القتال متعدد الجبهات.
إيران: وعلى الرغم من الخسائر الفادحة، فإن الاتفاق منحها مخرجًا مشرّفًا من أزمة كادت أن تعصف بنظامها، لا سيما في ظل الاختراقات الأمنية التي كشفتها الجولة الأخيرة من المواجهة، والعقوبات الاقتصادية الخانقة التي ترزح تحتها منذ سنوات.
الشرق الأوسط والعالم: تنفّست عواصم عديدة الصعداء، بعد أن كانت الحرب الإيرانية الإسرائيلية تنذر بشلل اقتصادي وتوتر سياسي في المنطقة والعالم. الاتحاد الأوروبي عبر وزراء خارجيته دعا صراحة للعودة إلى الدبلوماسية ووقف التصعيد.
لماذا لا تنتهي حرب غزة؟التطور الدراماتيكي في ملف إيران وإسرائيل أعاد إلى الواجهة تساؤلات مشروعة حول الأسباب الحقيقية التي تحول دون إنهاء الحرب في قطاع غزة، المستمرة منذ أواخر عام 2023، رغم الضغوط الدولية المتزايدة ومبادرات الوساطة المتعددة.
فهل تفتقد حرب غزة إلى الإرادة السياسية ذاتها؟ أم أن غياب أطراف فاعلة بحجم إيران وإسرائيل في المعادلة الداخلية للقطاع يجعل من الصراع أكثر استعصاءً على الحل؟ أسئلة مفتوحة تنتظر إجابات، في وقت تبدو فيه "نوافذ التهدئة" نادرة في سماء المنطقة.
شرارة الحرب أُخمدت.. ولكن هل أُطفئت جذورها؟كشف الدكتور محمد محمود مهران أستاذ القانون الدولي، عن تداعيات خطيرة قد تشهدها المنطقة عقب استهداف إيران لقاعدة العديد الأمريكية في قطر، وخرقها المزعوم لوقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً، مؤكداً أن المنطقة تقف أمام مفترق طرق حاسم.
وقال مهران في حديث خاص لـ"صدى البلد"، إن استهداف إيران لقاعدة العديد يمثل تطوراً نوعياً في طبيعة الصراع، إذ انتقلت طهران من سياسة الاستهداف غير المباشر عبر وكلائها في المنطقة إلى المواجهة المباشرة مع القوات الأمريكية، مشدداً على أن هذا التحول الاستراتيجي في السلوك الإيراني ينذر بمرحلة جديدة من الصراع قد تتجاوز حدود الضربات المحدودة.
وأضاف الخبير القانوني، أن الموقف الحالي يمثل أخطر أزمة تشهدها المنطقة منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، خاصة مع وجود تهديدات إيرانية واضحة باستهداف المزيد من القواعد الأمريكية في المنطقة والرد الإسرائيلي المرتقب على خرق وقف إطلاق النار.
وحول تساؤلات ما إذا كانت الحرب قد انتهت فعلياً بعد إعلان ترامب، أوضح الدكتور مهران أن الحديث عن نهاية الصراع سابق لأوانه تماماً في ظل استمرار التصعيد الميداني، مشيراً إلى أن ما نشهده الآن هو فترة هدوء مؤقتة تسبق عاصفة أكبر، خاصة مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي أن خرق وقف إطلاق النار سيكون له ثمن وعقاب.
ثلاثة سيناريوهات محتملة للأيام المقبلةورصد الخبير، ثلاثة سيناريوهات محتملة للأيام المقبلة، الأول وهو سيناريو الحرب الشاملة، حيث تتصاعد المواجهات لتشمل ضربات إسرائيلية مباشرة للأراضي الإيرانية تستهدف منشآت نووية ومراكز قيادة، مقابل هجمات إيرانية واسعة على إسرائيل وقد تكون علي القواعد الأمريكية في المنطقة، مما قد يؤدي إلى تدخل حزب الله وفصائل المقاومة في العراق وسوريا واليمن، محولاً المنطقة بأسرها إلى ساحة حرب مفتوحة.
أما السيناريو الثاني فهو المواجهة المحدودة، حيث يتم تبادل ضربات محسوبة بين الطرفين دون الوصول إلى حرب شاملة، مع استمرار الوساطات الإقليمية والدولية لاحتواء الموقف، وهو ما يراه مهران السيناريو الأرجح في المرحلة الراهنة، استناداً إلى الخبرة التاريخية في إدارة الأزمات بين القوى الكبرى.
وعن السيناريو الثالث التهدئة والمفاوضات، أوضح مهران أنه رغم استبعاده في الوقت الحالي، إلا أن الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية الدولية قد تدفع جميع الأطراف إلى طاولة المفاوضات، خاصة مع ارتفاع تكلفة الحرب وتداعياتها على الاقتصاد العالمي المتعثر أصلاً.
وفيما يتعلق بالموقف القانوني، شدد أستاذ القانون الدولي على أن استهداف إيران لقاعدة العديد قد يمثل انتهاكاً واضحاً للسيادة القطرية بموجب المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن إيران تستند في موقفها إلى حق الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة 51 من الميثاق، في مواجهة التهديدات الإسرائيلية والأمريكية المستمرة، مشير أيضا الي أن مفهوم السيادة يثير العديد من الإشكاليات خاصة في ظل تواجد قواعد أجنبية علي الأراضي القطرية.
عدم ثقة من إيران في اتفاق وقف إطلاق الناروحول أسباب عدم ثقة إيران في اتفاق وقف إطلاق النار، أرجع مهران ذلك إلى تجارب تاريخية مريرة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018 رغم التزام طهران بكافة بنوده، والاغتيال الأمريكي للجنرال قاسم سليماني على الأراضي العراقية في ينايرعام 2020، مما خلق فجوة ثقة يصعب تجاوزها، وبعد خيانة امريكا المفاوضات الأخيرة بشأن الاتفاق النووى، وفترة الاسبوعين للتفكير في دخول الحرب.
وعن تأثيرات الأزمة الراهنة على المنطقة العربية، حذر عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي من أن الدول العربية المضيفة للقواعد الأمريكية باتت أهدافاً محتملة في أي صراع مقبل، ما يضعها في موقف بالغ الحرج، داعياً هذه الدول إلى اتخاذ موقف أكثر استقلالية يضمن حماية أمنها الوطني بعيداً عن توريطها في صراعات خارجية.
هذا وأكد مهران على أن الخروج من الأزمة الراهنة يتطلب مبادرة دولية واسعة النطاق ترعاها قوى مؤثرة ومحايدة، تهدف إلى وضع ضمانات حقيقية لأمن جميع دول المنطقة، وتؤسس لنظام أمني إقليمي مستقر قائم على مبادئ القانون الدولي واحترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مشددا أيضا علي ضرورة الوصول لحل في القضية الفلسطينية لأن الانتهاكات الإسرائيلية هي السبب الرئيسي في كل ما يحدث.
وشدد أيضا الدكتور مهران على أن استمرار الوضع الراهن وسياسات فرض الأمر الواقع بالقوة لن تؤدي سوى إلى مزيد من عدم الاستقرار وتقويض أسس النظام الدولي بأكمله، محذراً من أن أي مواجهة شاملة في المنطقة لن تقتصر تداعياتها على أطراف الصراع فقط، بل ستطال العالم بأسره اقتصادياً وأمنياً وسياسياً.