إيران تسعى لمحادثات مع أوروبا وسط قلق غربي متزايد.. الخوف من العقوبات بسبب البرنامج النووي أبرز الأسباب.. والدعم العسكري لروسيا والحلفاء الإقليميين على الطاولة
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تستعد إيران لعقد محادثات مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا في أعقاب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا يُدين نقص الشفافية الإيرانية وانتهاكاتها للاتفاق النووي لعام 2015.
القرار، الصادر في 21 نوفمبر، أكّد شكوك الوكالة في الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني، مما قد يمهد الطريق لتفعيل آلية "سناب باك" التي تعيد فرض جميع العقوبات الأممية التي كانت قائمة قبل الاتفاق.
استعداد إيران للمحادثات
رغم إعلان وزارة الخارجية الإيرانية جاهزيتها للتفاوض، يبقى السؤال حول مدى استعدادها لتقديم تنازلات في قضايا رئيسية تشمل: برنامجها النووي، دعمها للقوات الوكيلة في المنطقة، ودورها العسكري في الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
البرنامج النووي.. أولوية للمحادثات
البرنامج النووي الإيراني يظل محور الاهتمام الدولي، لكنّه ليس التحدي الوحيد في المفاوضات. تشمل الملفات الأخرى دعم إيران لميليشياتها الإقليمية، توترات مع إسرائيل، تدخلاتها في الحرب الأوكرانية، تطوير الصواريخ، اتهامات بالتورط في عمليات إرهابية عابرة للحدود، وانتهاكات حقوق الإنسان.
قلق غربي من دعم إيران لحلفائها الإقليميين
رغم الضربات الإسرائيلية الأخيرة على جماعات مثل "حماس" و"حزب الله"، فإن إيران تستمر في تقديم الدعم المالي واللوجستي لتعويض خسائرهما. كما تواصل إيران الترويج لرؤية "محور المقاومة" المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة.
المخاوف الأوروبية من دور إيران في الحرب الأوكرانية
يتزايد القلق الأوروبي بشأن تورط إيران في دعم روسيا عسكريًا، خاصةً مع تأثير الحرب على استقرار القارة الأوروبية. هذه الأزمة تشكل تحديًا إضافيًا لأوروبا التي تحاول التوفيق بين دعم أوكرانيا وضغوط اقتصادية داخلية.
برنامج الصواريخ الإيراني.. تهديد قائم
تواصل إيران استعراض قدراتها الصاروخية بعيدة المدى، ما يثير قلق الدول الأوروبية رغم محدودية فعاليتها في مواجهة الدفاعات الإسرائيلية. الاستخدام المتكرر للصواريخ ضد أهداف مدنية في السعودية والعراق يزيد من هذا القلق.
حقوق الإنسان.. ورقة ضغط غربية
تتصاعد الانتقادات الغربية لانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، خاصةً بعد الانتخابات الرئاسية في يونيو 2024، التي شهدت مقاطعة واسعة من الإيرانيين. ومع استمرار الاحتجاجات المحلية وتصاعد الضغوط الدولية، تبدو حقوق الإنسان قضية مركزية في أي مفاوضات مقبلة.
النظرة المستقبلية
تبدو المحادثات القادمة بين إيران والدول الأوروبية حاسمة في تحديد مسار العلاقات الدولية، في ظل تصاعد التوترات بشأن الملفات النووية والإقليمية والإنسانية. ومع ذلك، يبقى نجاحها مرهونًا بمدى استعداد إيران لتقديم تنازلات ملموسة تواجه بها المخاوف الدولية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: المملكة المتحدة إيران وزارة الخارجية الإيرانية حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
«إنذار» لرابطة حقوق الإنسان التونسية؟
أحد أبرز مكتسبات المجتمع السياسي والمدني في تونس يبدو مهدّدا هذه الأيام. لا أحد يدري بعد المدى الذي يمكن أن يصل إليه هذا التهديد، وما إذا كانت خطورته تكمن في أنه تهديد من داخلها أم من خارجها، أم من كليهما.
«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» التي حصلت على تأشيرتها القانونية في مثل هذا الشهر من عام 1977، وكان مؤسسوها الأوائل من التيار الديمقراطي والليبرالي للحزب الحاكم الذي تركوه، مع وجوه أخرى من تيارات سياسية مختلفة، قومية ويسارية ومستقلة، هي أول جمعية من نوعها تظهر بإفريقيا والبلاد العربية وتتمثل أهدافها في «الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية الفردية والعامة المنصوص عليها بالدستور التونسي وقوانين البلاد وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية».
ما استدعى الحديث عن وجود مثل هذا التهديد هو ما حصل في اجتماع أخير لإحدى هيئاتها القيادية حين اقتحمت مجموعة من العناصر النسائية المنتمية للرابطة وهن «في حالة من الهيجان وتوزيع التهم على الحاضرين من الشتائم والتخوين» وفق ما أعلنه رئيسها المحامي بسام الطريفي الذي ربط ما حصل بما قامت به الرابطة من «فضح الانتهاكات التي تقوم بها السلطة» حيث أن هؤلاء «لم يرق لهن خطاب الرابطة الواضح والدقيق في رفض هذه الانتهاكات والتشهير بها».
لا فائدة في الدخول في تفاصيل ما حدث، وخاصة هؤلاء الذين قاموا بما قاموا به، فمثل هذه الصراعات ليست جديدة وقد شهدتها الرابطة في منعطفات عدة زمن حكم الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين علي، اشتد فيها القمع والتعذيب والمحاكمات السياسية. المختلف هذه المرة أنها تجري في أجواء لم تعرفها بهذا الشكل زمن هذين الرئيسين إذ حدثت تلك الصراعات السابقة بين أنصار الحكم ومنتقديه، سواء داخل هيئات الرابطة نفسها أو خارجها، وفي البلاد «كوابح» قادرة على منع انزلاق الأمور إلى نقطة اللاعودة، وهو ما لم يعد موجودا اليوم.
البلاد تعاني تصحّرا سياسيا مخيفا وضمورا رهيبا في دور منظمات المجتمع المدني، كما أن السلطة لم تعد في وارد أن تستمع إلى أحد سوى لصدى صوتها يتردد كانت هناك وقتها مجموعة من الأحزاب السياسية القادرة على دعم الرابطة والوقوف معها في وجه ما تتعرّض له من حملات إعلامية وتضييقات أمنية، وكان «الاتحاد العام التونسي للشغل» (نقابة العمال) في معظم المراحل، قويا ومهابا وقادرا على المقاومة، وكانت هناك نخبة سياسية محترمة وازنة تتمثل في شخصيات تحظى بالإشعاع والاحترام قادرة ليس فقط على التضامن مع الرابطة وانتقاد محاصرتها وتشويهها، وإنما أيضا على لعب دور الساعي لتخفيف حدة الاحتقان واجتراح حلول لعديد الأزمات التي عرفتها العلاقة بين السلطة والرابطة.
لا شيء من هذا ظل على حاله. هذه المرة، يأتي ما يمكن اعتباره إنذارا من السلطة إلى الرابطة، ولو عبر طرف من داخلها، والبلاد تعاني تصحّرا سياسيا مخيفا وضمورا رهيبا في دور منظمات المجتمع المدني، كما أن السلطة لم تعد في وارد أن تستمع إلى أحد سوى لصدى صوتها يتردد. لقد انزعجت السلطة، على ما يبدو، مما أعلنته الرابطة و«المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» عن اعتزامهما تنظيم «المؤتمر الوطني للحقوق والحريات ومن أجل الدولة الديمقراطية» آخر هذا الشهر والذي «سيكون مفتوحا في اجتماعاته التحضيرية لكافة الفاعلين من أجل بلورة أرضية عمل مشتركة للمرحلة القادمة».
ويبدو أن ما أزعج السلطة أكثر من غيره أن هدف هذه المبادرة، كما أعلن الطرفان هو «تجميع قوى المعارضة والتفكير في إيجاد آليات عمل جماعية ومتضامنة ودائمة من أجل الدفاع عن الحقوق والحريات والمطالبة بإطلاق سراح كافة المساجين والموقوفين وإلغاء القوانين والتشريعات القاتلة للحريات، ورفع التضييقات على الإعلام والصحافيين ونشاط الجمعيات والأحزاب السياسية المعارضة».
لم يخل عمل الرابطة في السنوات الماضية، كما لم تخل مواقف وتصريحات بعض قيادييها، من مواقف غير موفّقة خاصة في تقدير ما قام به الرئيس قيس سعيّد منذ انقلابه على الدستور في يوليو/ تموز 2025 ومجمل النظام السياسي بعد ذلك، بسبب تغليب البعد السياسي على الحقوقي والقانوني، وبسبب سيطرة عقلية المناكفة في العلاقة مع الخصوم السياسيين على حساب الاعتبارات ذات العلاقة بالدفاع السامي عن حقوق الإنسان، حتى وإن كان هذا الإنسان من ألد هؤلاء الخصوم السياسيين أو العقائديين.
ورغم مرور الرابطة بمراحل صعود ونزول طوال العقود الماضية، ورغم ما كان يُلام عليها من سيطرة ألوان سياسية معيّنة على هياكلها، واختلاف وزن من تداولوا على تحمل المسؤوليات القيادية فيها، فقد ظل التحديان الأبرز أمامها، كما كانا دائما، هما من جهة إدارة التجاذبات بين تيارات سياسية مختلفة داخلها، ومن جهة أخرى محاولة النأي بها عن الصراعات السياسية خارجها، مع ضرورة إعطاء الأولوية دائما لقيم حقوق الإنسان التي يفترض أن تنتصر للحرية والقانون والعدالة بغض النظر عن اللون السياسي لمن يتعرض إلى المظالم، اتفقنا معه أم اختلفنا، وهو ما نجحت فيه الرابطة أحيانا وفشلت فيه في أحيان أخرى.
(القدس العربي)