علق الإعلامي أحمد موسى، على شائعات هدم مقابر العبور، قائلا: قنوات الإخوان روجت الفيديو وقالت إن الجثث متناثرة بين الأنقاض والكلاب تنهش فيها.
 

وأوضح الإعلامي أحمد موسى خلال تقديمه برنامج على مسئوليتي، المذاع على قناة صدى البلد، أن تحري الدقة تتبين الحقيقة، متابعا: الحقيقة تتمثل في وجود نخل وأشجار وخشب في أكفان على أنها جثث.


 

وأكمل؛ الأشجار والخشب توحي بأن هناك هدم مقابر، موضحا أن الفيديو يعيد إلى الأذهان الفبركة التي تمت في رابعة، موضحا أن جماعة الإخوان الإرهابية تعمل على هدم الدولة بصورة مستمرة، معقبا: عايزين يهدوا البلد.

وشدد على أن الجماعة تسعى وتواصل بث الشائعات لإثارة الرأي العام، ولذلك يجب علينا التفرقة بين الحقيقة والأكاذيب، متابعا: أفراد التنظيم قلوبهم سوداء ويسعون دائما إلى تدمير ونشر حالة من القلق داخل نفوس المواطنين.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أحمد موسى الإعلامي أحمد موسى العبور المزيد المزيد

إقرأ أيضاً:

شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري:‬‮الإخوان ‬‭ ‬وطريق‭ ‬الألف ميل‭

- الجماعة استهدفت منذ البداية الوصول إلى كرسى الحكم

- مبارك فتح الطريق أمام الجماعة منعًا للصدام

- مرشد الجماعة وصف مبارك بالأب وقال لسنا ضد تولي جمال مبارك الحكم

هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم في أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودي بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتي.

أروى هذه الشهادات التي ينشرها بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.

كانت حقبة السبعينيات هي حقبة الانقلاب على المشروع القومي الناصري بكل تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت مصر عُرضةً لتغيرات وتحولات تتناقض مع السياسات التحررية، فجاءت هذه الحقبة الجديدة لتؤسس لمرحلة مناقضة وصولًا لتعميم ثقافة الاستهلاك بديلًا لسياسة العمل والإنتاج.

تغير التحالفات وشنِّ الحروب ضد التيارات القومية

وشهدت تلك الفترة تحولات كبرى أدت إلى تغير التحالفات وشنِّ الحروب ضد التيارات القومية والوطنية، وتبع ذلك صعودٌ للتيار الإسلامي، حيث أفرج الرئيس أنور السادات عن المحكوم عليهم في قضايا الانتماء لجماعة الإخوان، وتحالف معهم منذ العام ، 1971 وارتد عن المشروع القومي، ليقضى على الإرث الناصري بأكمله ويفتح الطريق واسعًا أمام تغلغل تيارات الإسلام السياسي والجماعات التكفيرية داخل الأوساط المجتمعية التي وجدت في هذه التيارات ملاذًا للهروب بعيدًا عن الواقع المتأزم الذى عاشته البلاد في تلك الحقبة.

تيارات الإسلام السياسي

لقد كان الطريق الذى سلكته جماعة الإخوان وتيارات الإسلام السياسي الأخرى يهدف منذ البداية إلى الوصول لكراسي الحكم واعتلاء الدولة، ومن ثم بدأت هذه التيارات في التغلغل داخل الأحزاب المختلفة والتحالف مع بعضها في الانتخابات النقابية والبرلمانية، وصولًا إلى تحقيق تواجد فعلى يمكِّنها من صناعة القرار فيها، كما سعت هذه التيارات إلى التغلغل داخل المؤسسات الدينية الرسمية:

- الأزهر

- المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

-دار الإفتاء

- الأوقاف

-مؤسسات أخرى

وبدأت تسعى نحو تفسيرٍ أكثر تشددًا للدين، وتُصدر الفتاوى التي تتصادم مع صحيحه، وتنشئ مراكز متوازية مع المؤسسات الدينية الأخرى، كما توسعت إلى منافستها وشككت في الأحكام والفتاوى والمواقف الصادرة عنها، وكل ذلك كان بهدف إفقاد الناس ثقتَها بهذه المؤسسات التي ظلت تمثل المرجعية الأساس للمسلمين في كل شئونهم على مدى قرون عديدة من الزمان.

كانت فلسفة الرئيس السادات تقوم على الاستعانة بهذه التيارات -صاحبة الشعبية الكبيرة فى هذا الوقت- لمواجهة التيارات القومية واليسارية التى كانت تناصبه العداء بسبب مواقفه المعادية لمشروع الحقبة الناصرية ورؤيته المختلفة لقضايا الواقع الوطنى والقومى على السواء.

الرئيس السادات جماعة الإخوان

لقد نجحت جماعة الإخوان في استثمار هذه الأجواء وما تلاها من قوانين الانفتاح الاقتصادي في بناء قاعدة دعوية وتنظيمية واقتصادية كبيرة، حيث تنامت قاعدة التنظيم وبدأ التحرك بشكل شبه علني في العديد من المحافظات مخترقًا العديد من النقابات والجامعات، مما دفع مكتبَ الإرشاد إلى أن يُطلق على هذه الفترة «عصر التأسيس الثاني».

لقد ظل الحال هكذا، حتى جاءت اتفاقية كامب ديفيد، وتصاعدت الخلافات الحادة بين جماعة الإخوان والرئيس السادات، الذى لقى مصرعه على يد بعض المتشددين في السادس من أكتوبر 1981 في أعقاب حملات الاعتقال التي شهدتها البلاد في سبتمبر من العام نفسه، والتي شملت أعدادًا كبيرة من المعارضين، من بينهم المرشد العام للجماعة عمر التلمساني والعديد من أعضاء مكتب الإرشاد والقيادات الإخوانية الأخرى في كافة المحافظات.

جماعة الإخوان

وجاءت فترة حكم الرئيس حسنى مبارك لتشهد إفراجًا عن أعداد كبيرة من المعتقلين من بينهم المرشد العام للجماعة عمر التلمساني في الدفعة الثانية للمفرَج عنهم في 27 نوفمبر ، 198، مما شكل تطورًا مهمًا في العلاقة بين الجماعة والحكم الجديد في مصر.

صفحة جديدة

وفى أعقاب ذلك بدأتِ الجماعة فتح صفحة جديدة في إطار علاقتها مع الدولة ونظامها، قابلها النظام بالسماح لها بخوض انتخابات مجلس الشعب عام 1984م على قائمة حزب الوفد، وهى الانتخابات التي حصلت فيها الجماعة على سبعة مقاعد في هذا الوقت، كما خاضت الجماعة الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 1987 وتمكنوا خلالها من حصد (36) مقعدًا بعد تحالفها مع حزبَي العمل والأحرار الاشتراكيَيْن.

وتراوحت العلاقة بين نظام مبارك وجماعة الإخوان بين المرونة والتصعيد، ففى الوقت الذى سمح فيه النظام للجماعة بممارسة بعض أنشطتها والمشاركة فى الانتخابات النقابية والبرلمانية، لم يتردد فى توجيه العديد من الضربات لبعض عناصرها الحركية، حيث أحال العديد من قيادات الجماعة للمحاكمات العسكرية فى هذا الوقت، كما تم اعتقال (1700) من عناصر الجماعة فى نوفمبر (1995) فى أعقاب الاتهامات التى حمَّلت فيها الجماعة النظامَ بالمسئوليةَ عن تزوير الانتخابات البرلمانية.

وجاءت انتخابات2005 لتمثل عودةً قويةً لجماعة الإخوان، حيث تمكنت الجماعة من الفوز بـ(88) مقعدًا فى انتخابات مجلس الشعب، مما أثار قلق الأجهزة الأمنية التى وجَّهت ضربةً قويةً للجماعة فيما سُمى بقضية «سلسبيل» عام 2006 .

الانتخابات النقابية والبرلمانية

وبالرغم من محاولات التضييق المستمرة التى كان يقوم بها نظام الرئيس مبارك ضد جماعة الإخوان بعد هذا الفوز الكبير، فإن الجماعة لم تتوقف عن التغلغل داخل العديد من منظمات المجتمع المدنى وتحديدًا النقابات والجامعات.

وقد نجحتِ الجماعة فى إيجاد قاعدة كبيرة لها داخل نوادى التدريس فى الجامعات المصرية، وتحديدًا فى جامعة الأزهر وفروعها المختلفة، علاوة على وجود أعداد كبيرة منهم داخل مؤسسات الأزهر الأخرى.

وكان التيار القطبي، الذى يتبنى مقولات سيد قطب، هم الفئةَ الغالبةَ بين كوادر الإخوان داخل جامعة الأزهر، حيث أعلن نحو مائة من إخوان الجامعة استقلالَهم عن جماعة الإخوان (الأم) تحت قيادة مسؤولها ( محمد رشدي الفترة من (1986-1996).

طلاب جامعة الأزهر

وفى شهر أكتوبر من عام (2006) نظَّم عدد من طلاب جامعة الأزهر مهرجانًا مسرحيًا قدموا خلاله عرضًا لفنون القتال، بعدها تم القبض على (140)، من بينهم: خيرت الشاطر النائب الثاني للجماعة في هذا الوقت ود.محمد على بشر عضو مكتب الإرشاد ورجل الأعمال البارز حسن مالك وغيرهم، حيث تمت إحالتهم جميعًا إلى المحاكمة العسكرية، وصدرت ضدهم أحكام متعددة بالسجن.

ومنذ هذا الوقت بدأ الخلاف العلنى بين تيارين أساسيين داخل الجماعة تيار يستند إلى الأطروحات التي تضمنها كتاب المرشد الأسبق حسن الهضيبي (دعاة لا قضاة) الذى فنَّد فيه أطروحات سيد قطب، والتيار الآخر الذى يؤمن بهذه الأفكار وأطلق على نفسه «التيار القطبي» وهو يضم العديد من القيادات العليا للجماعة.

أطروحة سيد قطب- على فكرتين أساسيتين:

الأولى: هى الحكم على المجتمع المعاصر بالجاهلية، باعتبار أنها حالة موضوعية يُحكم بها على المجتمعات إذا ظهرت أماراتها، وتوافرت خصائصها، وليست مرحلة زمنية مؤقتة خاصة فى تاريخ العرب قبل البعثة النبوية، ومن ثم لا يمكن تكرارها.

وقد عبَّر سيد قطب عن تلك الفكرة في أكثر من موضع في كتابه (معالم في الطريق)، حيث قال: «نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم، كلُّ ما حولنا جاهلية.. .تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم. حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية أو تفكيرًا إسلاميًا هو كذلك من صنع هذه الجاهلية».

وقد حدَّد سيد قطب موقفَه الرافض رفضًا قاطعًا لفكرة التصالح أو التسامح مع مجتمع الجاهلية أو الولاء له، حيث قال: : «لا بد لنا من التخلص من ضغط المجتمع الجاهلي، والتصورات الجاهلية والتقاليد الجاهلية، والقيادة الجاهلية.. .ليست مهمتنا أن نصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلى، ولا أن ندين له بالولاء.. إن مهمتنا أن نغيِّر من أنفسنا أولًا لنغير هذا المجتمع أخيرًا».

وقال أيضًا: «إن أولى الخطوات إلى طريقنا هى أن نستعلى على هذا المجتمع الجاهلى، وقيمه، وتصوراته، وألا نعدل فى قيمنا وتصوراتنا قليلًا أو كثيرًا لنلتقى معه فى منتصف الطريق.. .كلَّا، إننا وإياه على مفرق الطريق، وحين نسايره خطوة واحدة، فإننا نفقد المنهج كله، ونفقد الطريق».

أما الفكرة الثانية فى أطروحة سيد قطب فقد تمثلت فى فكرة «الحاكمية»، وهى الفكرة التى ارتبطت باسمه جنبًا إلى جنب مع أبى الأعلى المودودى، وتعنى تلك الفكرة: رد الحق فى الحكم والتشريع لله عز وجل، حيث لا ينازعه فى ذلك الحق أحدٌ من البشر، وفى ذلك يقول سيد قطب: «ينبغى أن يكون مفهومًا لأصحاب الدعوة الإسلامية أنهم حين يدعون الناس لإعادة نشر هذا الدين، يجب أن يدعوهم أولًا إلى اعتناق العقيدة، حتى لو كانوا يدَّعون أنفسَهم مسلمين، وتشهد لهم شهادات الميلاد بأنهم مسلمون، يجب أن يعلِّموهم أولًا: أن الإسلام أولًا إقرار عقيدة لا إله إلا الله فى بُعدها الحقيقى، وهو ردّ الحاكمية لله فى أمرهم كله، وطرد المعتدين على سلطان الله بادعاء هذا الحق لأنفسهم.. إقرارها فى ضمائرهم وشعائرهم، وإقرارها فى أوضاعهم وواقعهم».

وقد طالب سيد قطب فى كتابه )معالم فى الطريق) بالافتراق عن ذلك المجتمع والاستعلاء عليه بالإيمان، وأكد أهمية دور«الفئة أو الطليعة المؤمنة» التى سيناط بها مهمة تغيير المجتمع ونقله من موقع الجاهلية إلى موقع الإسلام كسبيل لتطبيق قاعدة الحاكمية، حيث يقول فى هذا الشأن:» ومن ثمَّ لم يكن بدٌّ من أن تتمثل القاعدة النظرية للإسلام أى: العقيدة فى مجتمع عضوى حركى منذ اللحظة الأولى.. .لم يكن بدٌّ من أن ينشأ مجتمع عضوى حركى، غير التجمع الجاهلى، منفصل ومستقل عن التجمع العضوى الحركى الجاهلى، الذى يستهدف الإسلام إلغاءه».

سيد قطب

لقد كان لتلك الأفكار المتشددة أثرُها على كوادر جماعة الإخوان وعناصرها المختلفة فى هذه الفترة، حيث انتقلت بهم من موقع المعارضة لأنظمة الدولة وقوانينها إلى خندق الحكم عليها بالكفر، وتبنت محاولة تغيير الواقع بالسلاح.

اختراق النقابات

كان واضحًا أنه ومنذ عودة الجماعة إلى نشاطها فى بداية السبعينيات قد جرى التركيزُ على مجتمع الطبقة الوسطى وتحديدًا داخل النقابات المهنية، وكان العمل التنظيمى داخل تلك النقابات قد جاء بهدف استغلال «بعض القطاعات المتاحة لتحقيق نقاط انتشار، سواء على الصعيد الفكرى، أو السياسى، أو المجتمعى، حيث شهدت فترة الثمانينيات تطورًا كبيرًا فى الفكر السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، وكانتِ النقابات المهنية أولى ثمارها ونتاجَ هذا التطور».

لقد توجَّهتِ الجماعة إلى الانخراط فى صفوف العمل النقابى بقوة، باعتبار أن ذلك يمثل نقطةً بديلةً تسعى من خلالها إلى فرض انتشارها ووجودها السياسى والمجتمعى ومحاولة تجاوز القيود السياسية التى فرضها النظام عليها، مما دفعها إلى التوجه نحو هذه المؤسسات بهدف إنشاء قواعد بديلة تكتسب الجماعة من خلالها شرعيةً قانونيةً وشعبيةً، تمكَّنها من فرض سياسة الأمر الواقع على النظام الحاكم.

ولم تعترضِ السلطة السياسية فى هذا الوقت على مشاركة الإخوان فى العمل النقابى وتولى قيادة العديد من النقابات الهامة مثل نقابة المحامين والمهندسين والأطباء والصيادلة.. .إلخ، ذلك أن النظام رأى أن الأوضاع الراهنة وما يواجهه من تحديات من الحركات الإسلامية التى تستخدم القوة تستدعى إبداء قدر من المرونة فى التعامل مع جماعة الإخوان الرافضة للعمل المسلح فى هذا الوقت، كما أن مشاركتهم فى العمل النقابى من شأنها أن تدفع إلى استيعابهم والسيطرة عليهم وإبعادهم عن تيارات العنف المسلح التى نفَّذتِ العديد من الأعمال الإرهابية ضد الدولة حقبتى الثمانينيات والتسعينيات تحديدًا.

وفى المقابل نجح التيار الإخوانى داخل النقابات التى جرى استهدافُها فى إقامة العديد من شبكات الخدمات من القروض إلى إيجاد فرص العمل، إلى إقامة المساكن، وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية لصالح الأعضاء، مما أعطاهم زخمًا قويًا داخل العمل النقابى، وحقق لهم المزيد من النجاحات فى الدورات الأخرى.

التيار الإخوانى

وعلى سبيل المثال فقد حصل (الإخوان) فى نقابة الأطباء على سبعة مقاعد فى مجلس النقابة فى مجلس عام 1984 من إجمالي 25 مقعدًا وبعد فترة من الوقت سيطر الإخوان على مجلس النقابة بأغلبية (20) مقعدًا فى انتخابات 1990.

وفى انتخابات النقابات الأخرى حقق «الإخوان» فوزًا ساحقًا فى مجالسها المركزية والفرعية، وكانوا فى أغلب الأحيان يتركون منصب النقيب دون منافسة مباشرة من كوادرهم ويكتفون بالسيطرة على الأغلبية الكاسحة داخل مجالس النقابات، حتى لا يُضطروا إلى الدخول فى مواجهة مباشرة مع النظام الحاكم.

وقد أثار الفوز الساحق لأعضاء الجماعة فى العديد من هذه النقابات قلقَ النظام، فاضطُر إلى مراجعة استراتيجيته تجاه جماعة الإخوان، فسعى إلى محاولة تقليص نفوذها فى العديد من النقابات إلا أنه لم يحقق النجاح المتوقع، مما اضطره إلى محاولة الدفع بعناصره للتغلغل تدريجيًا وانتزاع العديد من المقاعد من جماعة الإخوان، إلا أن الجماعة سرعان ما كانت تعود إلى مواقعها التى فقدتها بقوة.

تجفيف المنابع

وكان لهذا النفوذ المتنامى أثرُه فى لجوء النظام إلى السعى نحو تجفيف منابع الأخونة والتطرف، فأصدر قرارًا فى هذا الوقت بضمِّ جميع المساجد إلى وزارة الأوقاف، كما تم إدخال تعديلات على قانون الجمعيات الأهلية (القانون رقم 32 لعام 1964م) كى يعطى صلاحيات أوسع لوزارة الشؤون الاجتماعية، فيما يخص مسألة إنشاء وتأسيس الجمعيات غير الحكومية، والعضوية فى مجالس إداراتها، وذلك من أجل ضمان السيطرة على النقابات، والجمعيات الخيرية «الإخوانية» التى تقدم خدمات متنوعة للجمهور.

وقد أصدر مجلس الشعب القانون رقم (155) لعام (1993م) لمواجهة سيطرة جماعة الإخوان على العديد من هذه النقابات بعد العجز عن حسم الانتخابات لصالح التيارات الأخرى، مما أدى إلى تجميد نشاط ثمانى/عشر نقابة مهنية فى هذا الوقت نتيجة امتناع اللجنة القضائية التى أوكل إليها القانون مهمة إجراء الانتخابات عن تحديد مواعيد لإجراء الانتخابات فى هذه النقابات، وهى: أطباء الأسنان، البيطريين، الصيادلة، المحامين، التجاريين، الزراعيين، المهندسين، التطبيقيين، المعلمين، الرياضيين.

لقد ظل الإخوان يمارسون لعبة اختراق النقابات دون كلل أو ملل، بل إنهم سعوا إلى تسييسها، خاصة بعد الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى مطلع (2011) بعدم دستورية القانون (100) لسنة (1993) الخاص بالنقابات المهنية، وذلك بإعلان إجراء الانتخابات فى عدد من هذه النقابات التى تسيطر عليها الجماعة. غير أننا بدأنا نشهد بعد ذلك اكتساحها لغالبية مجالس النقابات التى أُجريت فيها الانتخابات فى هذا الوقت.

وهكذا نجحت الجماعة التى مضت سريعًا فى السيطرة على العديد من النقابات ومنظمات المجتمع المدنى الأخرى، مما أثار حالةً شديدةً من القلق والانزعاج لدى الأوساط الحاكمة فى هذا الوقت، حتى بدا النظام عاجزًا عن المواجهة ومستسلمًا لزحف الجماعة وسيطرتها على هذه المنظمات النقابية واختراقها للعديد من الأحزاب القائمة، وسط التفاف شعبى وجماهيرى كبير حولها.

الحضور السياسى لجماعة الإخوان

لقد تعاظم الحضور السياسى لجماعة الإخوان فى هذه الفترة بما أنتج تطورات واضحة على مستوى الخطاب أو الممارسة بحيث صارت تمثل تهديدًا لخطاب التخويف الذى كان سائدًا فى السابق، إلى جانب ما حدث من تغير لافت لدى بعض الدوائر السياسية المؤثرة فى الغرب، وأصبحت أكثر قبولًا من ذى قبل للتعامل مع الحركات الإسلامية السياسية المعتدلة مثل الإخوان، سعيًا لإدماجها فى بنية النظم السياسية فى بلدانها.

لقد كانت الساحة السياسية مؤهلة فى هذا الوقت لخطاب «إخوانى» مختلف يتناغم مع حمى التغيير التى اجتاحت البلاد، فكانت لخطة صعود نادرة للتيار الإصلاحى عززت مواقعه داخل الحياة السياسية المصرية، وقد بدأ التيار المحافظ داخل الجماعة متغاضيًا عن هذه التطورات التى طرأت على الخطاب طالما كانت قادرة على أن تكسب للجماعة مناطق نفوذ جديدة وجمهورًا كان بعيدًا عنها لسنوات طوال، خاصة أن هذا التيار المحافظ كان متأكدًا أن لديه امكانية التحكم فى مسار هذه الأفكار الإصلاحية، فسعى إلى تصديرها للخارج دون أن يخاطر بنزولها إلى قواعد التنظيم الذى يتحكم المحافظون فى مفاصلة الرئيسية وأقنية التكوين والتثقيف داخله، ناهيك عن أن هذه الأفكار ساعدت على نحو ما فى تبيض وجه الإخوان فى قضايا شائكة ظلت على الدوام مصدرًا للجدل بين أجنحة الجماعة وتوجهاتها المختلفة مثل الموقف من المرأة والأقباط وما يتصل بمسألة المشاركة السياسية.

من هنا ثار الجدل الداخلي حول إمكانية تحول الجماعة إلى حزب سياسي يمكنه الانخراط في الحياة السياسية خاصة بعد أن أصبحت القوة السياسية المعارضة الأولى بعد تحقيق الفوز الكاسح في برلمان 2005.

صياغة برنامج سياسي

لقد تكلل هذا الجدل في السعي إلى صياغة برنامج سياسي للحزب المرتقب في عام 2007 بعد أن مهد التيار الإصلاحي لإمكانية القبول بهذا الحزب داخليا وخارجيًا، غير أن هذا الجدل انتهى في نهاية الأمر إلى تدخل التيار المحافظ وفرض سطوته مجددًا لصياغة برنامج الحزب خاصة فيما يتعلق بشأن حقوق الترشيح الخاصة بالمرأة والأقباط والإشراف الديني على أعمال الهيئة التشريعية.

وقد انعكس ذلك بشكل واضح في الانتخابات التنظيمية الداخلية التي جرت في منتصف العام 2008 إذا ظهرت النتائج تراجعا للتيار الإصلاحي وصعودًا للتيار المحافظ الذى تصدر انتخابات مجلس شورى الجماعة، كما جرى تصعيد خمسة من رموز هذا التيار كأعضاء جدد في مكتب الإرشاد، وهم: سعد الحسيني ومحيى حامد ومحمد عبد الرحمن وسعد الكتاتني وأسامة نصر.

واستمر الحال هكذا، حتى أسفرت انتخابات ديسمبر 2009 عن خروج عدد من أهم الرموز الإصلاحية من مكتب الإرشاد في مقدمتهم محمد حبيب ود.عبد المنعم أبو الفتوح، بينما جرى انتخاب د.محمد بديع مرشدًا ثامنا لجماعة الإخوان المسلمين في يناير 2010، وهو من أبرز رموز التيار القطبي المحافظ.

وهكذا وضح أن مشروع التمكين الذى تم ضبط وثائقه الكاملة فيما عرف باسم قضية «سلسبيل» عام 1992 كشف بوضوح أن هناك دولة موازية تجرى تمكينها من التغلغل فى كافة مفاصل الدولة القائمة، ويعمل على إدارتها فى الخفاء وأكثر من 800 ألف ما بين كوادر الجماعة والأنصار والمحبين منتشرين فى كافة أنحاء البلاد.

ومع تصاعد دور الجماعة وعلاقاتها الخارجية وتحديدًا مع الإدارة الأمريكية ودول الغرب أدرك الرئيس حسنى مبارك أن حكمه بات في خطر، وأن سيطرة الإخوان على العديد من تنظيمات المجتمع المدني وتغلغلها في الشارع من شأنه أن يجعل منها بديلًا لنظام الحكم القائم.

وينشر موقع «الجمهور» يوم «الجمعة» من كل أسبوع، شهادة الكاتب والبرلماني مصطفى بكري، عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها، خلال فترات حكم الرئيس السادات والرئيس مبارك والمشير طنطاوي ومرسي والرئيس السيسي.

مصطفى بكري يوجه رسالة لمن يظنون أن هناك خلافًا بين مصر والسعودية

مصطفى بكري يكشف سبب رفض الرئيس السيسي تلقي مكالمة من رئيس وزراء بريطانيا

مصطفى بكري: أمن واستقرار مصر كان السبب وراء استبعاد المصريين من الممنوعين من دخول أمريكا

مقالات مشابهة

  • برلماني: ثورة 30 يونيو أنقذت الدولة المصرية من مخطط الإخوان لتفكيك الوطن
  • شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري:‬‮الإخوان ‬‭ ‬وطريق‭ ‬الألف ميل‭
  • أحمد موسي يحذر من مخطط إضعاف الجامعة العربية.. لا تختلقوا قصة ومعارك وهمية
  • عيد الأضحى يُنعش استغلال سيارات الدولة لقضاء العطلة وسط صمت حكومي
  • إعادة إجراءات محاكمة 12 متهما بـ«أحداث المنصة».. في هذا الموعد
  • محافظ الغربية: حملات إزالة التعديات مستمرة خلال عطلة العيد
  • زيزو يشارك جمهوره بصورة جديدة بزي الأهلي
  • حكاية عِبره.. تعليق مثير من أحمد موسى على صفقة انتقال زيزو للأهلي
  • دنيا المصري تهنئ جمهورها بعيد الأضحى بصورة بالذكاء الاصطناعي
  • بيان جديد وعاجل من مجلس الأمن.. دعوة خاصة لجماعة الحوثي الإرهابية ورسائل داعمة للوحدة