تقرير: الحروب والتوترات الإقليمية تعزز مبيعات كبار مصنعي الأسلحة
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
عززت مبيعات كبار مصنعي الأسلحة في العالم السنة الماضية على خلفية الحربين في أوكرانيا وقطاع غزة والتوترات في آسيا، مع زيادات ملحوظة للشركات المصنعة في روسيا والشرق الأوسط، وفق ما أفاد معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) في تقرير نشر الاثنين.
وبلغ إجمالي مبيعات الأسلحة والخدمات العسكرية لأكبر مئة شركة أسلحة في العالم 632 مليار دولار العام الماضي، بزيادة 4,2%، وفقا لتقرير سيبري.
وكانت هذه الأرقام تراجعت عام 2022 بسبب عدم قدرة هذه الشركات العالمية العملاقة على تلبية الزيادة في الطلب، لكن التقرير لفت إلى أن العديد منها تمكن من إنعاش إنتاجه في عام 2023.
وفي دليل على هذه الزيادة الكبيرة في الطلب، حققت كل من هذه الشركات المئة منفردة ولأول مرة عائدات تزيد عن مليار دولار العام الماضي.
وقال لورنزو سكارازاتو، الباحث قي برنامج سيبري حول الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة، في بيان « كانت هناك زيادة ملحوظة في مبيعات الأسلحة عام 2023، ويتوقع أن يستمر هذا الاتجاه عام 2024 ».
وأضاف أن مبيعات أكبر 100 مجموعة في العالم « لا تعكس بصورة كاملة حتى الآن حجم الطلب » مشيرا إلى أن « عددا كبيرا من الشركات باشرت حملات توظيف، ما يدل على تفاؤلها بالمستقبل ».
وأوضح معهد سيبري أن الشركات المنتجة الأصغر حجما كانت أكثر فاعلية في تلبية هذا الطلب الجديد المرتبط بالحربين في غزة وأوكرانيا والتوترات المتزايدة في شرق آسيا وبرامج إعادة التسلح في مناطق أخرى.
وقال نان تيان، مدير برنامج الإنفاق العسكري، لوكالة فرانس برس، إن « عددا منها متخصص في مكون واحد أو يبني أنظمة تتطلب سلسلة توريد واحدة »، ما يتيح لهذه الشركات الاستجابة في سرعة أكبر.
وسجلت المجموعات الأميركية، المنتجة الرائدة في العالم، ارتفاعا في المبيعات بنسبة 2,5% عام 2023، ولا تزال تمثل نصف عائدات الأسلحة في العالم، مع إدراج 41 شركة أميركية على لائحة الشركات المئة الأكبر.
في المقابل، سجلت لوكهيد مارتن (-1,6%) وRTX (رايثيون تكنولوجيز سابقا، -1.3%)، أكبر مجموعتين للأسلحة في العالم، انخفاضا في المبيعات.
وقال تيان إنهما « غالبا ما تعتمدان على سلاسل توريد معقدة ومتعددة المستويات، ما يجعلهما عرضة لتحديات سلسلة التوريد التي استمرت في عام 2023 ».
أما أوروبا التي تعد 27 مجموعة مصنعة للأسلحة، فلم تسجل سوى زيادة بنسبة 0,2% في مبيعاتها العام الماضي، ما يشير إلى واقع مزدوج.
فالمجموعات الأوروبية التي لا تزال تصنع أنظمة أسلحة معقدة كانت لا تزال تعمل العام الماضي على عقود سابقة، ما لا يعكس تدفق الطلبات المسجل منذ ذلك الحين.
وسجلت مجموعات أخرى في المقابل « زيادة ملحوظة في إيراداتها، مدعومة بطلب على ارتباط بالحرب في أوكرانيا » ولا سيما بالنسبة إلى الذخائر والمدفعية والدفاعات الجوية والأنظمة الأرضية، بحسب تقرير سيبري.
وتكشف الأرقام المتعلقة بروسيا، ولو أنها غير كاملة، مفاعيل اقتصاد موجه بشكل كبير إلى الحرب.
وتظهر مبيعات المجموعتين الروسيتين المدرجتين في القائمة زيادة بنسبة 40%، ناتجة بصورة أساسية عن زيادة مبيعات مجموعة « روستيك » العامة بنسبة 49%، وفق التقرير.
وفي الشرق الأوسط، سجلت شركات إنتاج الأسلحة زيادة بنسبة 18% في مبيعاتها، على خلفية الحرب في أوكرانيا والأشهر الأولى من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة منذ أكتوبر2023.
وحققت الشركات الإسرائيلية الثلاث المدرجة في التصنيف إيرادات قياسية بلغت 13,6 مليار دولار بزيادة 15%، فيما ارتفعت مبيعات المجموعات الثلاث المتمركزة في تركيا مثل شركة بايكار لإنتاج المسيرات، بنسبة 24% على خلفية الحرب في أوكرانيا وتصميم تركيا على تطوير دفاعاتها.
أما في آسيا، فتظهر إعادة التسليح المعممة بصورة خاصة من خلال زيادة مبيعات الشركات الكورية الجنوبية الأربع بنسبة 39%، والشركات اليابانية الخمس بنسبة 35%، والشركات الصينية التسع التي تباطأت زيادة مبيعاتها إلى 0,7% على خلفية « التباطؤ الاقتصادي ».
كلمات دلالية أسلحة أوكرانيا المغرب حرب سلاح شركات غزة مبيعاتالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أسلحة أوكرانيا المغرب حرب سلاح شركات غزة مبيعات العام الماضی فی أوکرانیا فی العالم على خلفیة عام 2023
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط على صفيح ساخن
أنيسة الهوتية
الشرق الأوسط ليس مُجرد جغرافيا؛ بل هو مسرح ملتهب لتاريخ طويل من الحروب، والصراعات، والتنافس على السلطة والثروات. منذ فجر الحضارة، وهذه الأرض لا تهدأ، وكأنها قد كُتبت عليها الفوضى بمداد النفط والدم.
هنا، اندلعت أولى الحروب في التاريخ بين الممالك السومرية والأكادية، ومرّت جيوش الفرس والرومان، ثم الفتوحات الإسلامية، فالحملات الصليبية، فالحروب العثمانية الصفوية، فالاستعمار الأوروبي، حتى وصلنا إلى الحروب الحديثة.
في القرن العشرين وحده، شهدت المنطقة أكثر من 30 حربًا كبرى، منها:
النكبة الفلسطينية (1948)، ثم النكسة (1967)، وحرب أكتوبر (1973)، وسلسلة من الحروب الإسرائيلية على غزة، خلفت مجتمعة أكثر من 400,000 قتيل وملايين اللاجئين. الحرب العراقية الإيرانية (1980–1988)، استمرت 8 سنوات، وأودت بحياة نحو مليون شخص. غزو العراق للكويت (1990)، وما تبعه من حرب الخليج، ثم الغزو الأمريكي للعراق (2003)، الذي خلّف أكثر من 650,000 قتيل حتى عام 2011.4 - الحرب الأهلية اللبنانية (1975–1990)، أسفرت عن 150,000 قتيل.
الحرب الأهلية السورية (منذ 2011)، قتلت ما لا يقل عن 500,000 إنسان، وهجّرت أكثر من نصف الشعب. الحرب في اليمن، دخلت عامها العاشر، وأنتجت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية، مع أكثر من 370,000 قتيل.إضافة إلى نزاعات في السودان، ليبيا، أفغانستان، والاحتلال المستمر في فلسطين.
هذا الصفيح الساخن تغذّيه عوامل متشابكة: جغرافيًا، تتحكم المنطقة بمضائق بحرية حيوية وتربض على أكبر احتياطي نفطي في العالم. تاريخيًا، هي مهد الديانات السماوية، ومركز تقاطع حضارات قديمة. سياسيًا، أصبحت ملعبًا لصراعات إقليمية ودولية، حيث تتحارب القوى الكبرى بالوكالة على أراضٍ لا تخصها.
والنفط، بدلًا من أن يكون نعمة، أصبح لعنة، وكلما اشتد الصراع على الموارد، ازداد نزيف الدم.
أما الدين، فقد استُخدم كثيرًا كذريعة للحروب الطائفية والسياسية. ما يفترض أن يكون وسيلة للوحدة والسلام، تحوّل إلى أداة للتمزيق، من خلال تأجيج الصراع السني الشيعي، واستغلال الخطاب الديني لتبرير العنف.
لكن خلف كل هذه المعادلات، يظل الضحايا هم الشعوب.. هم الأطفال الذين ماتوا جوعًا أو تحت الأنقاض، والنساء اللاتي شُرّدن، والملايين الذين وُلدوا لاجئين، وكأن الحرب قدرهم الأبدي.
الشرق الأوسط سيبقى على صفيح ساخن ما دامت العدالة غائبة، والثروات محل صراع، والقرارات مرهونة بقوى لا ترى في الإنسان سوى رقم في معادلة سياسية، ولعل السلام الحقيقي يبدأ حين يُعاد للإنسان حقه في الحياة، لا الموت.
على حكماء العالم أن يهبوا لنجدة الإنسانية، ونزع فتيل الحرب التي توشك أن تأكل الأخضر واليابس، وعندئذٍ لن تستطيع قوة- كائنة من تكون- مواجهة التداعيات الخطيرة، ولن تنعم دولة في العالم بالأمن والأمان، الذي ربما كان البعض يتندر به، لكنه أصبح اليوم نقطة ارتكاز أساسية، وحجر الزاوية في حياة ملايين البشر، إن لم يكن المليارات. والحديث عن السلام لن يكون من خلال التهديد بالقوة العسكرية الغاشمة، ولكن من خلال أولًا: وقف أي عمل عسكري عدواني، وثانيًا: إتاحة المجال أمام الدبلوماسية لطرح الحلول، وثالثًا: إبرام اتفاقيات مُلزمة للجميع، دون استثناء، لإحلال السلام، ورابعًا: عودة الحقوق لأصحابها وإقامة العدل في الأرض. وغير ذلك فلا أفق مطلقًا أمام سلام حقيقي تنعم به شعوب المنطقة التي تكتوي بنيران الحروب منذ عقود طويلة، وتحلم باليوم التي تجد فيه نفسها ودولها تعيش في أمن وسلام واستقرار.
رابط مختصر