تونس بدون محكمة دستورية ومحلل: سعيد لا يحب أن يراقبه أحد
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
صوّت البرلمان التونسي مؤخرا على عدم تخصيص اعتمادات مالية للمحكمة الدستورية في موازنة 2025، في خطوة أثارت عدة تساؤلات في البلاد عن إمكانية تخلي تونس عن إحداث هذه المحكمة.
وتكتسي المحكمة الدستورية كهيئة قضائية مستقلة أهمية بالغة، إذ من ضمن اختصاصاتها مراقبة دستورية القوانين والمعاهدات فضلا على أنه في حال حصول شغور.
ورغم التنصيص عليها في دستور البلاد لسنة 2014 وإعادة ضبط تركيبتها واختصاصها في دستور 2022، إلا أنها ظلت محل سجال سياسي تزداد حدته مع كل أزمة سياسية تشهدها تونس.
في المقابل، أعادت خطوة عدم تخصيص اعتمادات مالية للمحكمة الدستورية في موازنة 2025 الجدل في الأوساط الحقوقية والسياسية بشأن دلالاتها وما إذا كانت تعكس رغبة في التخلي عن إحداث هذه المحكمة.
قرار تشكيل المحكمةتعليقا على هذا الموضوع، يرى أستاذ القانون الدستوري عبد الرزاق المختار أن عدم تخصيص اعتمادات مالية لتركيز المحكمة الدستورية في ميزانية الدولة لسنة 2025 لا يشكل عائقا ماليا أمام القدرة على إحداثها في العام القادم، إذ يمكن الحصول على اعتمادات من موازنة رئاسة الجمهورية.
ويقول المختار لـ"الحرة" إن خطوة البرلمان تؤشر إلى غياب الرغبة السياسية وعدم وجود نية قريبة لتركيز المحكمة الدستورية، فضلا عن غياب الحديث عنها في الخطاب السياسي في الأعوام الأخيرة.
ويلفت في السياق ذاته إلى أنه "ليس من المتفائلين كثيرا" بأن يغير تركيز المحكمة الدستورية من طبيعة المشهد العام في البلاد، بالنظر إلى أوجه الاختلاف بين ما كانت عليه في دستور 2014 وما أصبحت عليه في دستور 2022 من حيث التركيبة والمهام الموكولة إليها".
وفي الدستور التونسي الجديد لسنة 2022، تنص المادة 125 على أن المحكمة الدستورية هيئة قضائية مستقلة تتألف من تسعة أعضاء يتم تعيينهم بأمر من رئيس الجمهورية.
حسابات سياسيةمن جانبه، يعتبر أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية، صغير الزكراوي، أن "حسابات ضيقة" تحول دون الرغبة في إرساء المحكمة الدستورية في تونس، موضحا أن الرئيس التونسي قيس سعيد "لا يرغب في أن تراقبه أي جهة، وهي خطوة يسايره فيها البرلمان".
ويشير الزكراوي في حديثه لـ "الحرة" إلى أن رئاسة الجمهورية والبرلمان يخضعان إلى مراقبة المحكمة الدستورية في المراسيم والأوامر الرئاسية التي يتم إصدارها وكذلك مشاريع القوانين التي يتم عرضها والمصادقة عليها مؤكدا أن "لا أحد يرغب في مراقبة ما يقوم به".
وبخصوص أهمية إرساء المحكمة الدستورية، يشدد أستاذ القانون الدستوري على أن تركيزها يعتبر أولوية مطلقة على اعتبار أن رئيسها هو من ينوب عن رئيس البلاد في حالات الشغور التام، لافتا إلى أنه في الوضع الراهن عند أي شغور ستجد البلاد نفسها في فراغ رئاسي.
ويتفق الزكراوي مع الآراء التي تذهب إلى اعتبار المحكمة الدستورية "غير قادرة" على إحداث تغيير في منظومة الحكم الحالية، مؤكدا أن "تركيبتها الجديدة تتألف من قضاة في آخر مسارهم المهني ومجال اختصاصهم بعيد عن فقه القانون الدستوري".
في السياق ذاته، يقول الصحفي المختص في الشأن البرلماني، سرحان الشيخاوي، لـ"الحرة" إن ما كان يعطل تركيز المحكمة الدستورية في تونس هو التوازنات السياسية والمحاصصة التي ميزت عملية التصويت على المترشحين لعضويتها داخل البرلمان في فترة ما قبل 25 يوليو 2021.
ويوضح الشيخاوي أن التوافقات بين الكتل البرلمانية آنذاك "فشلت" لأنها لم تستطع استيعاب توجهات التصويت لعدد كبير من الكتل لتحصيل نسبة ثلثي نواب البرلمان المتألف من 2017 نائبا.
ويتابع بالقول "الآن لا يمكن الحديث عن تصويت النواب باعتبار التغير الحاصل في النص الدستوري الجديد وهو ما يجعل التأخر في تركيزها مسألة مثيرة للكثير من الأسئلة".
ولم تتمكن الكتل البرلمانية من انتخاب سوى عضو واحد في مارس 2018 من بين 4 أعضاء بسبب الخلافات والتجاذبات الحزبية، فيما رفض الرئيس قيس سعيد في 2021 ختم مشروع قانون يقر إدخال تعديلات على قانون المحكمة الدستورية.
سد المناصب الشاغرةوفي رده على الانتقادات الموجهة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد والبرلمان بعدم الرغبة في تركيز المحكمة الدستورية، يؤكد الأمين العام لحزب "مسار 25 جويلية/يوليو"، محمود بن مبروك، لـ"الحرة" أن السلطة الآن تركز على سد المناصب الشاغرة في الدوائر القضائية.
ويضيف أنه في حال توفرت الظروف والشروط الملائمة لإحداث هذه المحكمة فبإمكان الرئيس سعيد إصدار أمر رئاسي وإحداث ميزانية تكميلية للدولة توفر اعتمادات لتركيز هذه المؤسسة القضائية، مشددا على أن التنصيص عليها في دستور 2022 يعكس رغبة في إرسائها.
ويشير المتحدث إلى أن العهدة الرئاسية تمتد إلى 2029 ويمكن خلالها تركيز المحكمة الدستورية متى كانت الظروف ملائمة، وفق قوله.
جدير بالذكر أن ملف المحكمة الدستورية شغل الرأي العام في تونس عقب وفاة الرئيس السابق الباجي قايد السبسي في 25 يوليو 2019 حيث تعددت سيناريوهات ملء شغور منصب رئيس الجمهورية قبل أن يتم تعيين رئيس البرلمان حينها محمد الناصر رئيسا مؤقتا للبلاد.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المحکمة الدستوریة فی القانون الدستوری قیس سعید فی دستور فی تونس إلى أن على أن
إقرأ أيضاً:
اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة
في خطوة تعكس الجدية الكاملة لحزب الاتحاد في التعامل مع الاستحقاقات الوطنية المقبلة، شهدت محافظة سوهاج اليوم اجتماعًا طارئًا ضم قيادات الحزب، في مقدمتهم المستشار رضا صقر، رئيس الحزب، وعدد من قياداته البارزة، وذلك في إطار خطة الحزب للاستعداد الميداني والتنظيمي للمرحلة المقبلة.
استعداد للاستحقاقات الدستورية المقبلةوخلال الاجتماع، أكد المستشار رضا صقر أن المرحلة القادمة تتطلب التزامًا غير مسبوق وتنظيمًا دقيقًا في اختيار ممثلي الشعب تحت راية الحزب، مشددًا على أن الوطن يمر بتحديات جسيمة تتطلب نوابًا يمتلكون وعيًا سياسيًا واقتصاديًا، وإدراكًا عميقًا لقضايا الداخل والخارج.
ومن جانبه، شدد محمد الشورى، النائب الأول لرئيس الحزب وأمين التنظيم، على أن اختيار المرشحين سيخضع لمعايير صارمة، في مقدمتها الكفاءة والانتماء الحقيقي للدولة المصرية. وأكد أن كل مرشح يجب أن يدرك مسؤوليته تجاه المواطن والدولة، مشيرًا إلى أن زيارته لسوهاج جاءت بعد رحلة امتدت لأكثر من ست ساعات من القاهرة، بما يعكس التزام الحزب الحقيقي بدعم جنوب الصعيد وعلى رأسه محافظة سوهاج.
كما استعرض الدكتور كريم العمدة، رئيس اللجنة الاقتصادية بالأمانة المركزية، الرؤية الاقتصادية للحزب، مؤكدًا أن الاستحقاقات المقبلة تتطلب نوابًا قادرين على تقديم حلول عملية للتحديات الاقتصادية، وتبني سياسات تشريعية تنهض بالمجتمع وتدعم المواطن في ظل الأوضاع الراهنة.
وفي السياق ذاته، أكد عامر أبو زيد، أمين الحزب بمحافظة سوهاج، أن الأمانة في جاهزية تامة للتعامل مع المرحلة المقبلة، مع التركيز على دعم الشباب والمرأة، واختيار شخصيات ذات قبول شعبي وقدرة على تمثيل المواطنين بشرف وفاعلية. وأشار إلى الدعم المباشر الذي يقدمه الحزب لمرشحي الفردي في المحافظة، وعلى رأسهم عامر أبو زيد.
الاتحاد يستعد للانتخاباتوفي ختام الاجتماع، جدد حزب الاتحاد التزامه الكامل أمام الشعب المصري بأن يظل صوت المواطن وحصن الدولة، ساعيًا إلى تمثيل مشرّف يُعبّر عن هموم الناس، ويضع حلولًا واقعية تواكب متطلبات المجتمع والدولة.