أعلن مكتب أبوظبي للاستثمار، توقيع اتفاقية شراكة مع شركة “بارتانا”، المتخصصة في مجال تطوير التقنيات المناخية المبتكرة وإحدى الشركات الناشئة في Hub71، منظومة التكنولوجيا العالمية في أبوظبي، بهدف تأسيس مقرها الإقليمي وتأسيس منشأة تصنيع أسمنت متطورة في أبوظبي .
وسيساهم هذا التعاون في ترسيخ مكانة أبوظبي مركزا إقليميا رائدا في تصنيع مواد البناء منخفضة الكربون، بما يعزز جهود أبوظبي في مجال الاستدامة.


تدعم الاتفاقية، التي تم توقيعها ضمن فعاليات النسخة الافتتاحية من “أسبوع أبوظبي للأعمال” الذي اختتمت أعماله، خطط “بارتانا” في خفض البصمة الكربونية لقطاع الأسمنت والخرسانة العالمي، والذي تبلغ قيمته نحو 400 مليار دولار ويساهم فيما يقرب من 9% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالميًا.
وتعد أساليب التصنيع التقليدية من بين أكثر العوامل المؤثرة في تفاقم تحديات التغير المناخي.
وفي إطار الاتفاقية، ستنتج بارتانا أرصدة كربون معتمدة من “فيرا”، الهيئة المتخصصة في معايير تعويض الكربون، مما يدعم جهود الحد من انبعاثات الكربون ويسهم في تحقيق أهداف أبوظبي المناخية.
وطورت شركة “بارتانا” حلًا مبتكرًا وقابلًا للتطبيق على مستوى واسع سيسهم في إعادة صياغة قطاع صناعة الخرسانة.
ويعتمد ابتكار “بارتانا” الجديد على استبدال مادة “الكلنكر الأسمنتي”، التي تحتوي على كميات كبيرة من الكربون، بمركبات المغنيسيوم المستخرجة من المحلول الملحي الناتج عن عملية تحلية المياه، لتساهم في تعزيز الاستفادة من عمليات تحلية المياه عبر تحويل نواتجها إلى مادة أساسية في تصنيع منتج تنافسي من حيث التكلفة، والمساهمة في خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن عملية تصنيع الاسمنت.
وبموجب الاتفاقية، ستقوم منشأة “بارتانا” في أبوظبي بتحويل المحاليل الملحية من النفايات إلى أسمنت مما يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ويساهم في امتصاصها من الغلاف الجوي، مما يحول الخرسانة إلى مادة قادرة على احتجاز الكربون.
ويتوافق أسمنت “بارتانا” مع معايير البناء الدولية، ويمكن استخدامه في الخرسانة المدعمة بالفولاذ. وقد أظهر أسمنت “بارتانا” كفاءة وفاعلية عالية عند مزجه بالمياه المالحة. وستنتج منشأة “بارتانا” الجديدة في أبوظبي ما يصل إلى 3 ملايين طن من الأسمنت سنويًا، بما يعادل 10% من سوق الأسمنت في دولة الإمارات، مع خطط لتعزيز انتاجها والتوسع في جميع أنحاء الدولة وخارجها.
وبفضل تقنيتها المبتكرة، سيساهم إنتاج “بارتانا” السنوي الحالي في خفض انبعاثات الكربون بما يصل إلى 7,98 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، وهو ما يعادل التأثير الإيجابي الذي تحققه غابات بورنيو الاستوائية المطيرة.
وستكون المنشأة الجديدة في أبوظبي، المقر الرئيسي والإقليمي لشركة “بارتانا”، وسيتم تأسيسها وفق نموذج يمكّنها من منح الامتياز الحصري لهذه التقنية لجميع أنحاء العالم، بما يتيح إمكانية تبنيها سريعًا في مواقع أخرى.
ومن خلال الاستفادة من البنية التحتية المتقدمة في أبوظبي، وموارد المياه المالحة الهائلة، وشبكة مكتب أبوظبي للاستثمار التي تضم العديد من الأطراف المعنية بهذا القطاع، وقربها من الأسواق الإقليمية، ستساهم الشراكة الجديدة في الارتقاء بمعايير استدامة صناعة الأسمنت والخرسانة في المنطقة.
وقال سعادة بدر سليم سلطان العلماء، مدير عام مكتب أبوظبي للاستثمار،بهذه المناسبة، إن الابتكار يعد ركيزة أساسية من ركائز التحول الاقتصادي في أبوظبي ومن خلال الشراكات الإستراتيجية مع شركات رائدة مثل “بارتانا”، نؤكد أن تحقيق النمو الاقتصادي لا يتعارض مع تبني أعلى معايير المسؤولية البيئية، لافتا إلى أن هذا التعاون يعكس التزام المكتب الراسخ بريادة صناعات المستقبل، وتسريع الابتكار الصناعي.
وتعد “بارتانا”، التي شارك في تأسيسها “ريك فوكس”، الحائز على بطولة الدوري الأميركي للمحترفين في كرة السلة ثلاث مرات، من الشركات الداعمة لجهود مكافحة تغير المناخ، وقد حظيت بدعم أبوظبي من خلال مشاركتها في منظومة التكنولوجيا المناخية في Hub71.
وقال ريك فوكس، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “بارتانا”، إن أبوظبي تعد الوجهة المثالية لتوسيع نطاق أعمال الشركة، والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للجميع، مضيفا أن دعم مكتب أبوظبي للاستثمار سيمكن الشركة من نشر حلولها المبتكرة عالميًا، وإثبات أن قطاع الإنشاءات المستدام يمكنه أن يساهم في تحقيق أرباح عالية للشركات التي ترغب في تبني مبادئ الاستدامة في هذا القطاع.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

علماء يبتكرون بطاريات تتنفس ثاني أكسيد الكربون

أعلن فريق من الباحثين من جامعة سيري البريطانية عن خطوة مهمة نحو عالم أكثر استدامة تتمثل بنجاحهم في تطوير نموذج أولي مُحسّن لبطارية "ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون".

يقول دانيال كوماندور الحائز على الزمالة البحثية في كلية الكيمياء والهندسة الكيميائية، والمتخصص في توليد الطاقة المستدامة وتخزينها "لقد انطلقنا نحو ابتكار تقنية بطاريات صديقة للبيئة، إذ تمكنّا من تحسين بطارية (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) فهي لا تخزن الطاقة وحسب وإنما تختزن ثاني أكسيد الكربون أثناء ذلك".

نموذج أولي لبطارية الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون (جامعة سيري) سر المُحفِّز الفعّال

يشرح كوماندور المشارك بإعداد الدراسة في تصريحات حصرية للجزيرة نت "لطالما عانت بطاريات (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) من مشكلة في عكس ناتج التفاعل بين الليثيوم وثاني أكسيد الكربون المٌنتج لكربونات الليثيوم. ويحتاج عكسه (أي عكس مسار التفاعل) إلى محفز فعّال، وهو مادة كيميائية تخفض حاجز طاقة التفاعل العكسي".

وعلى عكس البطاريات التقليدية مثل (ليثيوم-أيون) تعتمد بطاريات (ليثيوم-ثاني أكسيد الكربون) على تفاعل كيميائي بين الليثيوم وغاز ثاني أكسيد الكربون لتكوين مُركب يُعرف باسم كربونات الليثيوم، وخلال هذا التفاعل تنطلق الطاقة اللازمة أو الكهرباء. وفي المقابل يُحتجز ثاني أكسيد الكربون من الجو داخل البطارية، أي أن البطارية كأنها "تتنفس" ثاني أكسيد الكربون أثناء تشغيلها.

إعلان

وتمثل عملية إعادة الشحن ضرورة لا غنى عنها للبطاريات من أجل تحقيق انتشار تجاري، لكن إعادة تحويل كربونات الليثيوم الناتجة إلى مكوناتها الأساسية عند إعادة شحن البطارية وقفت عائقًا منيعًا لفترة، لأنها تتطلب طاقة عالية.

بحسب الدراسة -التي نشرها الفريق في دورية "أدفانسد ساينس"- فالتفاعل الكيميائي صعب العكس يشبه صعود تل بالدراجة، بينما يعمل المحفز الفعّال في الكيمياء على تسطيح هذا التل، مما يسهل الوصول إلى القمة والاستمرار بسلاسة، أي يسهل من إمكانية سير التفاعل إلى الخلف مرة أخرى.

وقد نجح الباحثون في استبدال المحفزات المكلفة بمادة رخيصة نسبيًا تُدعى "فوسفوموليبدات السيزيوم" وتقدم خصائص تركيبية وكيميائية استثنائية.

ويقول كوماندور "إن فوسفوموليبدات السيزيوم أقل تكلفة، وتعمل كمحفز جيد لأن جزء الفوسفوموليبدات يُشكل سطحًا مثاليًا لتثبيت المتفاعلات عليه، أما السيزيوم فيُساهم في تثبيت البنية لدورات تشغيل طويلة المدى".

نجاح البطارية في إضاءة مصباح صغير (جامعة سيري) بطارية تتنفس السموم

بفضل استخدام هذا المحفز الجديد حافظت البطارية الجديدة على كفاءتها لأكثر من 100 دورة شحن وتفريغ، وهو رقم كبير نسبيًا لبطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون التي عادةً ما تنهار بعد عشرات الدورات فقط. كما تمكّن الفريق من مراقبة التفاعل العكسي بدقة عبر تقنيات تصوير متقدمة.

ويعلق كوماندور "كان من اللافت رؤية مدى فعالية المُحفز في عكس تراكم كربونات الليثيوم بعد إعادة الشحن. ولاحظنا هذا بعد أن شحنّا البطارية ثم فتحناها لفحص القطب تحت المجهر الإلكتروني. لقد نجح في إزالة معظم ناتج التفريغ، مما يُظهر أن التفاعل سار عكسيًا بدرجة عالية".

وقد أظهرت النماذج الحاسوبية أن الطاقة اللازمة لتثبيت جزيئات ثاني أكسيد الكربون على سطح المحفز كانت أقل من تلك المرتبطة بالبلاتين، مما يدل على جودة سطح المحفز الجديد وقدرته على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتهيئته للتفاعل.

إعلان تحدي البطارية النظيفة

رغم النتائج الواعدة، يؤكد الفريق البحثي أن ثمة خطوات كثيرة قبل الوصول إلى منتج تجاري يُباع في الأسواق. وأبرز هذه التحديات تتعلق بظروف التشغيل الواقعية، ويشرح كوماندور "تكلفة المحفز كانت حاجزًا مهمًا يعوق التسويق التجاري، لكن التحدي الأكبر يكمن في اختبار البطاريات عند ضغط جزئي أقل لثاني أكسيد الكربون. فقد اختبرنا الخلايا عند ثاني أكسيد الكربون بضغط 1 بار، وهو ضغط مثالي".

والخطوة التالية هي معرفة ما إذا كانت ستعمل البطارية بشكل جيد عند 0.1 بار، حينها ستتمكن من التقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من عوادم السيارات أو المصانع على سبيل المثال. أما عند 0.0004 بار فسيُمكن استخدامها لالتقاط ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء في أي مكان.

وتأتي إحدى الخطط المستقبلية للفريق البحثي في استبدال عنصر السيزيوم بعناصر أقل تكلفة، مما يُساهم في خفض الكلفة الإجمالية للبطارية دون التأثير على كفاءتها. ويضيف كوماندور "تجف الخلايا أيضًا لأنها مفتوحة، لذا نحتاج إلى تصميم أغلفة تسمح بدخول ثاني أكسيد الكربون دون أن يجف الإلكتروليت (الضروري في مكونات البطارية لإنتاج الطاقة والذي يؤدي جفافه إلى انهيار البطارية)".

وبعيدًا عن كوكبنا، يمكن أن يكون لبطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون دور محوري في مهمات الفضاء طويلة المدى، خاصة على كوكب كالمريخ، حيث يُشكل غاز ثاني أكسيد الكربون نسبة 95% من غلافه الجوي، مما يجعله بيئة مثالية لهذه البطاريات.

إن ابتكار بطاريات الليثيوم-ثاني أكسيد الكربون ليس مجرد تطوير تقني، بل يمثل قفزة نوعية في ربط الحلول البيئية بتقنيات تخزين الطاقة. إنها معادلة مثالية لعالم يعاني من أزمات المناخ والطاقة في نفس الوقت.

مقالات مشابهة

  • علماء يبتكرون بطاريات تتنفس ثاني أكسيد الكربون
  • لدعم الرعاية الصحية.. تعاون جديد بين جامعة كفر الشيخ وأمانة المراكز الطبية المتخصصة
  • بروتوكول تعاون بين جامعة كفر الشيخ والمراكز الطبية المتخصصة.. صور
  • 7 دول تستفيد من برنامج لخفض انبعاثات الصناعة
  • “العالمية القابضة” تطلق “آر آي كيو” لإعادة التأمين في أبوظبي
  • تقنيات التخفي في الطائرات والمسيّرات الحديثة: سباق العلم والتكنولوجيا
  • نتنياهو: بعد اغتيال نصر الله وكسر المحور الإيراني تقدمت طهران نحو تصنيع سلاح نووي
  • تعاون بين «موانئ أبوظبي» و«أسري» لتطوير قطاع الخدمات البحرية في البحرين
  • ايران: الوثائق التي حصلنا عليها تكشف تعاون مدير الوكالة الذرية مع اسرائيل
  • المعهد القومي لعلوم البحار: تعاون مشترك لتوظيف الذكاء الاصطناعي في حماية السواحل ومواجهة تغيرات المناخ"