عصفوري الحزين

                                   

تصادقنا منذ سنوات، كان لقاؤنا السادسة صباح كل يوم، أستيقظ على شدوه علي شرفة غرفتي، أستيقظ مسرعة لأفتح شباك الغرفة. أجده يهز رأسه وذيله كأنه يلقي عليّ تحية كل يوم.. وينتقل في ود وأريحية بين أغصان أشجاري وزهوري التي أعتني بها في بلكونة غرفتي.

  هكذا نتقابل كل صباح، صيفاً وشتاءً.

وكأنه كان يعرف أن الدراسة تكون في فصل الشتاء فلا ينقطع عن هذه العادة يومياً.. لا ينتهي من الشدو إلا بفتحي لشباك الشرفة. كأنه يطمئن على استيقاظي من النوم..

وعلى غير العادة وأنا مستغرقة في النوم، استيقظت علي صوت نقرات ضعيفة على شباك غرفتي، مع صوت مبحوح واهن..

ركزت في الصوت الضعيف القادم، انتابني شعور بالخوف يدب في داخلي.. تركت فراشي مضطربة، أضأت الغرفة، اتجهت لفتح شرفة غرفتي ليلاً، وجدت عصفوري شكله غريب، كأنه لم ينم منذ أسابيع، ويتحرك حركات غريبة لم أعهدها فيه.. يا إلهي! ماذا حدث له؟ ولماذا يأتي في هذا التوقيت ليلاً، ولماذا يصدر هذا الصوت الحزين الذي لم أسمعه منه من قبل؟

أتأمله بهدوء كأنه فقد صديقاً أو عزيزاً لديه.

فجأة سمعت رنين تليفون بيتنا يدق بسرعة وصوته مرتفع على غير العادة.

صمتٌ يلفني من كل اتجاه!

سمعت صوت أمي ترد علي الهاتف ثم توقف فجأة. أعقبه صرخة دوت في أرجاء البيت كله.. بسرعة البرق كنت أمام أمي أسالها..؟

وجدت سماعة الهاتف وقعت من يدها 

ارتفع صوت بكائها وحركات غريبة من يديها، تحدثت مرددة:

والدك يا هند.. أبوكم.. أبوكم مات!

رفضت أذناي ما قالته أمي.

ولم أستطع قول شيء.

نظرت إلى أمي نافية ما قالته بيدي: 

- ماما.. ماذا تقولين؟ أرجوك..

غمرها البكاء، تجمع أخوتي حولها بعد خروجهم من غرفهم مسرعين على غير العادة..

يحضنون أمي، إلا أنا، لم أدرك ماذا تقول أو ماذا حدث..

فجأة تذكرت عصفوري الذي جاء بلا ميعاد حزيناً باكياً!

هل حقاً مات أبي؟ وهل عرف عصفوري بموت أبي؟ ومن أبلغه هذا الخبر الحزين؟!

وهل يغرد غداً؟ وهل يشدو للقلب الحزين؟!

 

أحمد محمود

المصدر: بوابة الوفد