الجزيرة:
2025-10-21@20:58:43 GMT

لماذا يصعد الذهب والأسهم معا على غير العادة؟

تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT

لماذا يصعد الذهب والأسهم معا على غير العادة؟

في مشهد مالي غير مألوف، يعيش الذهب والأسهم موجة ازدهار متزامنة تذكّر بفترتين متناقضتين في التاريخ الاقتصادي: عام 1979 حين كان التضخم جامحًا والاضطرابات الجيوسياسية على أشدّها، وعام 1999 الذي تميّز بهدوء نسبي وهيمنة فقاعة الإنترنت.

غير أنّ التفسير السائد لهذا الازدواج في الصعود، كما يرى تقرير فايننشال تايمز، أبعد بكثير من نظرية "التحوّط ضدّ المخاطر".

سيولة غير مسبوقة تغذي الارتفاع المزدوج

ويُرجع الكاتب روتشير شارما رئيس "روكفلر إنترناشونال" هذا الصعود المتوازي إلى فيض السيولة العالمي الناتج عن تريليونات الدولارات التي ضختها الحكومات والبنوك المركزية خلال الجائحة وبعدها.

وتبقي هذه الأموال -التي "ما زالت تتدفق في النظام المالي" الأسواقَ في حالة زخم مصطنع، وتدفع أسعار الأصول كافة من الأسهم إلى الذهب.

السيولة الزائدة تحوّلت إلى محرك خفي للأسواق العالمية (شترستوك)

ووفق التقرير، بلغ حجم الأموال التي يحتفظ بها الأميركيون في صناديق أسواق النقد 7.5 تريليونات دولار، أي ما يزيد بنحو 1.5 تريليون دولار عن المعدل التاريخي، في وقت لا تزال فيه معدلات الفائدة الإسمية أدنى من نمو الناتج المحلي الإسمي، مما يجعل السياسة النقدية "فضفاضة رغم التصريحات المتشددة للفدرالي".

عجز حكومي ضخم وميل متزايد للمخاطرة

وأشار التقرير إلى أنّ أميركا تقود العالم المتقدّم بأعلى عجز مالي، وهو ما يخلف فائضًا مقابلاً في القطاع الخاص، وفق معادلة "كاليكي-ليفي". كما تعزّز الثقة المفرطة في الدعم الحكومي والمركزي لدى المستثمرين شهيّتهم للمخاطرة، إذ أصبحوا مبرمجين على توقّع الإنقاذ بمجرد ظهور "بوادر أزمة" كما يقول شارما.

تريليونات الدولارات التي ضختها الحكومات والبنوك المركزية خلال الجائحة وبعدها ما زالت تتدفق في النظام المالي وأبقت الأسواق في حالة زخم مصطنع

وقد ساهمت هذه الثقة، مقرونة بتطوّر تطبيقات التداول المجانية وانتشار أدوات استثمارية عالية المخاطرة، في ضخ مزيد من السيولة بجميع زوايا السوق، مما جعل العلاقة بين الذهب والأسهم "تتحوّل من انعدام ارتباط تاريخي إلى صعود متزامن غير مسبوق".

صناديق الذهب المتداولة تتصدر المشهد

ويرى الكاتب أنّ "مركز الثقل في الطلب على الذهب تحوّل من البنوك المركزية إلى الصناديق المتداولة "إي تي إف إس" (ETFs)" إذ ارتفعت حصتها من إجمالي الطلب 9 أضعاف هذا العام لتصل إلى نحو 20%، مسجلة أعلى تدفقات فصلية في تاريخها خلال الربع الثالث من 2025.

صناديق الذهب المتداولة أصبحت القلب النابض للطلب العالمي (شترستوك)

ويضيف أنّ التفسيرات التقليدية حول "الخوف من تدهور الدولار" لم تعد كافية لتبرير أفضل أداء للذهب منذ عام 1979، لأن الدولار ظل مستقرًا خلال الأشهر الأخيرة بينما واصل الذهب ارتفاعه "البارابولي".

الازدهار المزدوج بين الذهب والأسهم ليس دليلاً على توازن الأسواق، بل علامة على وفرة نقدية خطيرة صنعت وهمًا بالحصانة من المخاطر

مفارقات بالأسواق وتجاهل الخطر

ويلفت تقرير فايننشال تايمز إلى أنّ مؤشرات السندات لا تعكس مخاوف تضخمية حقيقية، إذ تشير عوائدها طويلة الأجل إلى توقعات تضخم لا تتجاوز 2.5%. كما أنّ السلع الأخرى مثل الفضة والبلاتين ارتفعت، إلى جانب الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم التكنولوجية الخاسرة والصناديق الرافعة.

إعلان

ويحذّر شارما من أن "الفدرالي ما زال غافلًا عن تضخّم أسعار الأصول" مشيرًا إلى أنّ أي تسارع جديد في التضخم قد يدفع البنك المركزي إلى تشديد السياسة النقدية بشكل مفاجئ، مما سينهي هذه الحفلة المزدوجة بانهيار متزامن لكلٍّ من الذهب وأسهم الذكاء الاصطناعي.

ويؤكد التقرير أن الازدهار المزدوج بين الذهب والأسهم ليس دليلاً على توازن الأسواق، بل علامة على وفرة نقدية خطيرة صنعت وهمًا بالحصانة من المخاطر، ولكن الحقيقة أن السيولة الزائدة قد تكون الشرارة التي تفجّر "فقاعة الثراء السهل" في أي لحظة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الذهب والأسهم

إقرأ أيضاً:

لماذا لم تنتصر إسرائيل على حماس؟

ترجمة: أحمد شافعي -

بعد ما يقارب العام من القصف المستمر لغزة وتخريبها، تصر حكومة إسرائيل على أنها «عاقدة العزم على تحقيق نصرها الكامل»، حتى بعد توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في الأسبوع الماضي.

غير أن الحقائق الماثلة على الأرض تحكى قصة شديدة الاختلاف. فمن بين أطلال غزة، عاود الظهور ما يقدَّر بخمسة عشر ألفا من مقاتلي حماس، وأغلبهم كاملو التسلح، محاولين بالفعل إعادة تأكيد سيطرتهم. وتشير التقارير الواردة من القطاع إلى أن هؤلاء الرجال قد بدأوا في اصطياد من يشتبهون في تعاونهم - مع العدو - وإعدامهم في الشوارع. وهكذا، تكون حماس أبعد ما تكون عن الزوال، فقد نجت، ولم تنكسر، برغم أنها قد تكون دامية متشظية.

لا يجب أن يكون لهذه النتيجة وقع المفاجأة على أحد.

فقد حذر كل خبير ذي شأن في مكافحة الإرهاب منذ أمد بعيد من أنه لا يمكن تدمير حماس من خلال الوسائل العسكرية وحدها. لأن الجماعة ليست محض شبكة من المقاتلين أو الأنفاق، وإنما هي حركة سياسية وأيديولوجية راسخة عميقة الجذور في المجتمع الفلسطيني.

ومثلما تعلمت الولايات المتحدة الامريكية من تجربتها مع تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، فإنه من الممكن قتل القادة، وتفكيك البنية الأساسية، واحتلال الأرض، لكن ليس من الممكن قصف فكرة إلى أن تنتهي بددا.

لقد كان هدف الانتصار التام الذي أعلنته إسرائيل وهما طوال الوقت. من المؤكد أن هيكل القيادة في حماس قد ضعف، لكنه لا يزال يعمل على مستوى الخلايا والميلشيات.

وقد دمرت الحملة الإسرائيلية شعب غزة المدني، فقتلت عشرات الآلاف منه، وشردت ما يربو على المليون، وأحالت أحياء عن بكرة أبيها إلى ركام. غير أن الظروف الجوهرية التي تسببت في قيام حماس، من يأس وحرمان من الحقوق وافتقار إلى دولة، لا تزال قائمة. بل إنها في واقع الأمر ازدادت سوءا على سوء.

ومن المهم أن نتذكر كيف صعدت حماس إلى السلطة في المقام الأول. ففي السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، أصبحت السلطة الفلسطينية التابعة لجماعة فتح مرادفا للفساد والمحاباة وانعدام الكفاءة

. وبعد سنين من محادثات السلام الفاشلة، والانحدار الاقتصادي، والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي، فقد الفلسطينيون العاديون إيمانهم بقدرة السلطة الفلسطينية على توفير أبسط الخدمات الأساسية أو على تعبيد طريق ذي مصداقية إلى إقامة دولة. واستثمرت حماس هذا الشعور بخيبة الرجاء. فطرحت نفسها بديلا نظيفا منضبطا، وحركة مقاومة وعدالة اجتماعية.

حينما فازت حماس في انتخابات عام 2006 التشريعية، كان ذلك تصويتا احتجاجيا على ركود جماعة فتح، وليس إقرارا للتطرف الإسلامي. لكن حماس فور أن استتبت لها السلطة شرعت تتبع سيناريو الاستبدادية المألوف. فاستعملت القوة في تعزيز سيطرتها، وطردت الفصائل المنافسة لها من غزة، وألغت الانتخابات التالية، وأقامت دويلة ذات صبغة عسكرية شديدة. ووجّه قادتها موارد هائلة إلى إقامة الأنفاق، والصواريخ، والجيش النظامي لا إلى رفاهية الشعب الذي كانوا يحكمونه.

لكن ما يتعرض للتجاهل في كثير من الأحيان هو أن السياسة الإسرائيلية، وبخاصة في ظل حكم بنيامين نتنياهو، أسهمت بقوة في ترسيخ حماس. فعلى مدار سنين، انتهج نتنياهو استراتيجية عزل، متعمدًا إبقاء الفلسطينيين منقسمين بين غزة والضفة الغربية. فقد كان من شأن قيادة فلسطينية موحدة قادرة على التفاوض من أجل حل الدولتين أن تقوي موقف الدبلوماسية.

أما القيادة المنقسمة فجعلت المفاوضات مستحيلة. وعلى المستوى العملي، كان ذلك يعني التسامح الصامت مع دور حماس في غزة مع تقويض السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وكانت هذه الحسبة الملتوية ملائمة لأهداف سياسية قصيرة المدى لكنها كانت ذات أثر كارثي على المدى البعيد.

فمن خلال السماح لحماس بتعزيز سلطتها، ضمن نتنياهو بقاء الحركة الوطنية الفلسطينية على انقسامها وبقاء حل الدولتين مرجأ إلى أجل غير مسمى. وبذلك أصبح دور حماس المستمر ذريعة ملائمة للتقاعس، بينما مضت إسرائيل في توسيع مستوطناتها، وعمقت احتلالها، واجتنبت التسويات السياسية الصعبة.

تكمن المفارقة المأساوية في أن السياسة التي أريد بها تجميد عملية السلام قد انفجرت الآن على نحو كارثي.

فهجمة حماس في السابع من أكتوبر أحالت إحساس إسرائيل بالأمن إلى حطام، وأشعلت فتيل حرب مدمرة، وتسببت في انتكاسة لقضية السلام على مدى جيل. ومحاولة الحكومة الإسرائيلية لإلحاق الهزيمة بحماس من خلال القوة الطاغية تسببت بدلا من ذلك في تدمير غزة وبقيت أيديولوجية الجماعة كما هي لم يمسسها سوء.

وما من مخزون عميق من الحب لحماس لدى الشعب الذي تزعم أنها تمثله. بل إن كثيرا من الفلسطينيين خلافا لذلك يلومونها على إلحاقها الموت والخراب بعائلاتهم وأحيائهم. لكن في غياب بديل سياسي أو خريطة طريق ذات مصداقية للسلام، تبقى سردية الحركة قائمة. والتطرف يغذي اليأس، وغزة اليوم لا ينقصها شيء من هذا.

وليس السبيل الوحيد إلى إلحاق الهزيمة بحماس هو قوة السلاح وإنما قوة الأفكار. فحماس تزدهر على سردية مفادها أن العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق الكرامة لشعب بلا دولة. والطريق الأضمن للنيل من هذه السردية هو منح الفلسطينيين بديلا حقيقيا، وعرض خريطة طريق ذا مصداقية ودعم دولي للوصول إلى حل الدولتين.

وهذا يعني استرداد شرعية المؤسات السياسية الفلسطينية، وإعادة بناء غزة تحت إدارة تكنوقراطية متعددة الجنسيات، وتمكين القادة المعتدلين الملتزمين بالحكم لا بالاستشهاد.

ولا بد للمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والدول العربية المحورية أن يجعل مساعدات إعادة الإعمار مشروطة بتحقيق إصلاحات سياسية وجدول زمني واضح للانتخابات الفلسطينية.

ولا بد أن تدرك إسرائيل من جانبها بأن الأمن لا يتعزز بحصار أو احتلال دائمين. ولا يمكن أن يأتي إلا من خلال التعايش.

لقد أثبتت حملة إسرائيل ما يعلمه خبراء مكافحة التمرد منذ أمد بعيد وهو أنه يمكن إلحاق الهزيمة بجيش معاد، لكن ليس بأيديولوجية. ومن أجل إنهاء هذه الحرب على نحو ذي معنى، لا بد أن تركز إسرائيل وحلفاؤها على بناء الأمل بقدر أكبر من تركيزهم على تدمير الأنفاق.

فالمعركة ضد حماس لن تنتهي بالنصر من خلال أطلال غزة، وإنما من خلال قلوب وعقول الجيل القادم من الفلسطينيين، إذا ما حصلوا على شيء يستحق الإيمان به.

عظيم إبراهيم حاصل على وسام الإمبراطورية البريطانية، ومدير في معهد نيو لاينز للاستراتيجية والسياسات، ومؤلف كتاب «القرن الاستبدادي: نذير مستقبل ما بعد الليبرالية».

الترجمة عن صحيفة ذي ناشونال إنتريست

https://nationalinterest.org/blog/middle-east-watch/why-israel-has-not-defeated-hamas

مقالات مشابهة

  • تراجع أسعار الذهب في مصر والتوقعات المستقبلية
  • أسعار الذهب تعاود الصعود خلال التعاملات المسائية
  • آي صاغة: تراجع في أسعار الذهب محليا وعالميا بسبب جني الأرباح
  • بالتسعيرة الثالثة.. تراجع أسعار الذهب في الأسواق المحلية
  • هبوط جديد بأسعار الذهب في مصر مع تراجع الأسعار العالمية
  • ارتفاع جديد بأسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء
  • تعرف على أسعار الذهب اليوم.. بكام عيار 21
  • لماذا لم تنتصر إسرائيل على حماس؟
  • حسني بي: من لا يعتمد على التحول الرقمي بالتأكيد سيعاني من تقلبات الدولار ونقص السيولة