الحراك الدبلوماسي التركي في إفريقيا: أفق جديد للوساطة والتعاون
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
تشهد القارة الإفريقية نشاطًا دبلوماسيًا متزايدًا من قبل الدولة التركية في السنوات الأخيرة، مدفوعًا برؤية استراتيجية تعكس طموحاتها في تعزيز دورها كوسيط إقليمي ودولي مؤثر. يأتي هذا النشاط ضمن إطار السعي التركي لتعزيز نفوذها في القارة من خلال مبادرات سياسية واقتصادية وأمنية شاملة.
الوساطة التركية في إفريقيا: نموذج الصومال وإثيوبيا أبرز الأمثلة على جهود الوساطة التركية تجلت مؤخرًا في التوصل إلى اتفاق تاريخي بين الصومال وإثيوبيا بوساطة مباشرة من الرئيس رجب طيب أردوغان.
بفضل الجهود التركية، توصل الطرفان إلى تفاهمات جديدة تشمل تأمين وصول إثيوبيا إلى البحر عبر الأراضي الصومالية، بما يحقق مكاسب مشتركة للطرفين. يعكس هذا الاتفاق ليس فقط أهمية الوساطة التركية، بل أيضًا قدرتها على استخدام قوتها الناعمة لتحقيق الاستقرار في المناطق المضطربة.
الوساطة التركية بين السودان والإمارات
إلى جانب دورها في القرن الإفريقي، تنشط تركيا في ملف الوساطة بين السودان والإمارات، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع الجانبين. ترتبط أهمية هذا الدور بمحاولات التهدئة بين دول المنطقة التي تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية معقدة. تحاول أنقرة تعزيز التعاون الإقليمي بما يخدم مصالحها ومصالح الأطراف الأخرى.
الأبعاد الاستراتيجية للنفوذ التركي في إفريقيا
1. التنمية والأمن: تعتبر تركيا من أبرز الدول المساهمة في تدريب قوات الأمن الصومالية، بالإضافة إلى تقديم مساعدات تنموية لدول القارة. يدعم هذا الدور التعاون طويل الأمد في بناء القدرات والبنية التحتية.
2. التجارة والاقتصاد: توفر القارة الإفريقية فرصًا اقتصادية هائلة. وتسعى تركيا إلى استغلال هذه الفرص من خلال تعزيز التبادل التجاري والاستثمارات في القطاعات الحيوية، كالبنية التحتية والطاقة والزراعة.
3. العلاقات الثنائية: تتمتع تركيا بعلاقات وطيدة مع دول مثل الصومال وإثيوبيا، مما يعزز دورها كوسيط موثوق. تسعى أنقرة إلى تحويل هذه العلاقات إلى منصات تعاون إقليمي أوسع.
تحديات الوساطة التركية
رغم النجاحات التي حققتها تركيا، تواجهها تحديات عديدة أبرزها المنافسة الدولية والإقليمية من قوى كبرى كالصين والولايات المتحدة، بالإضافة إلى التوترات المحلية داخل الدول الإفريقية. ومع ذلك، يظل نجاحها في تقريب وجهات النظر بين الصومال وإثيوبيا دليلاً على قدرتها على تجاوز هذه التحديات.
يشير الحراك الدبلوماسي التركي في إفريقيا إلى تحول نوعي في توجهاتها الخارجية، حيث أصبحت القارة الإفريقية ساحة رئيسية لاستراتيجيات أنقرة. إن نجاح تركيا في لعب دور الوسيط الفاعل يعزز مكانتها الدولية ويتيح فرصًا جديدة للتعاون والسلام في القارة. بهذا، تتحول الوساطة التركية إلى نموذج يمكن تكراره في مناطق أخرى من العالم.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الصومال وإثیوبیا الوساطة الترکیة فی إفریقیا
إقرأ أيضاً:
مباحثات أمريكية متواصلة مع أرض الصومال لاستقبال مهجّرين من غزة
سلطت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية الضوء على المباحثات بين الإدارة الأمريكية، وما يسمى بـ"جمهورية أرض الصومال"، لاستيعاب أعداد من الفلسطينيين المهجرين من قطاع غزة.
وقالت الصحيفة، إن "أرض الصومال"، التي أعلنت استقلالها عن الصومال عام ١٩٩١، عرضت على الولايات المتحدة قاعدة عسكرية عند مدخل البحر الأحمر، وتوقيع اتفاقيات لبيع معادن استراتيجية، في إطار جهودها لنيل الاعتراف الدولي كدولة مستقلة.
وفي إطار خطة ترامب تهجير سكان قطاع غزة ونقلهم في دول أخرى، تواصل ممثلون أمريكيون مع إدارة أرض الصومال لطلب قبول فلسطينيين من القطاع.
وأفاد مصدر أمريكي مطلع على المحادثات مع رئاسة أرض الصومال أن المناقشات تناولت أيضا اتفاقًا محتملًا للاعتراف بالدولة القائمة مقابل إنشاء قاعدة عسكرية قرب ميناء بربرة على ساحل البحر الأحمر.
ويُجري رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله ، الذي تولى منصبه عام ٢٠٢٤، مفاوضات مع مسؤولين أمريكيين بشأن التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد ومكافحة الإرهاب.
وصرح في مقابلة صحفية بأنه أجرى محادثات مع السفارة الأمريكية في الصومال ووزارة الدفاع الأمريكية، حيث زار السفير الأمريكي المنطقة عدة مرات في الأشهر الأخيرة، وزارها مسؤولون دفاعيون في كانون الأول/ ديسمبر.
وموقع أرض الصومال الاستراتيجي يجعلها مهمة للولايات المتحدة، لا سيما في ظل الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن مرتبطة بـ"إسرائيل" والولايات المتحدة ودول تدعم الحرب في غزة.
وتدير الإمارات العربية المتحدة، حليفة الولايات المتحدة، ميناءً في مدينة بربرة في أرض الصومال، وتسيطر على قاعدة جوية عسكرية قريبة.
ورغم أن المنطقة لا تُنتج الليثيوم حاليًا، إلا أنها منحت سابقًا ترخيصًا لشركةٍ سعوديةٍ لاستكشاف خام هذا المعدن. إضافةً إلى ذلك، تحتوي المنطقة على رواسب من القصدير والأحجار الكريمة والجبس ومواد الأسمنت والذهب.
كما أعرب عن استعداده لاستضافة قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، مع أنه أشار إلى أن الأمر لا يزال قيد النقاش. وأكد أن سبيل الاعتراف الدولي يكمن في التعاون مع المجتمع الدولي في مجالات الأمن والتجارة ومكافحة الإرهاب والقرصنة ومنع الهجرة غير الشرعية.
في المقابل، أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أنها لا تتفاوض بشكل جدي مع ممثلي أرض الصومال للاعتراف بالدولة، وأن السياسة الأمريكية الرسمية تعترف بسيادة الصومال وسلامة أراضيه، بما في ذلك أرض الصومال.
كما أكدت الحكومة الصومالية على سياستها القائمة على مبدأ "الصومال الواحد" ومعارضتها لأي اعتراف باستقلال الإقليم.
رغم ذلك، يُقدّم رئيس أرض الصومال فرصًا تجاريةً جاذبةً للولايات المتحدة. وقد أعلن استعداده لعرض صفقةٍ لبيع معادنَ أساسية، بما فيها الليثيوم، حتى دون الاعتراف الرسمي بالمنطقة كدولةٍ مستقلة.