حزب المصريين: مشروع إحياء صناعة الغزل والنسيج يوفر آلاف فرص العمل المباشرة
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
أثنى الدكتور خالد مهدي، أمين لجنة الصناعة بحزب ”المصريين“، على تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال زيارته الأخيرة لمصانع غزل المحلة الكبرى، والتي أكد خلالها التزام الدولة المصرية بإعادة إحياء صناعة الغزل والنسيج، موضحًا أن هذه الخطوة تمثل أحد أعمدة التنمية الصناعية المستدامة التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها، مشيرًا إلى أن المشروع العملاق الذي أعلن عنه رئيس الوزراء يُعدّ نموذجًا رائدًا في تطوير الصناعة المصرية والاستفادة من مواردها الطبيعية.
وأكد ”مهدي“ خلال بيان اليوم السبت، أن تصريحات الدكتور مدبولي عن اكتمال المرحلة الأولى من المشروع، ضمن مراحله الثلاثة، بتكلفة إجمالية تتجاوز 56 مليار جنيه، تعكس رؤية القيادة السياسية في تحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص استثمارية، مشيدًا بتوجيه الدولة لإنشاء "مصنع غزل 1" بالمحلة الكبرى، الذي يُعد أكبر مصنع في العالم، حيث يوفر العملة الصعبة عبر زيادة التصدير ويعزز تنافسية المنتجات المصرية عالميًا.
وأضاف أمين لجنة الصناعة بحزب ”المصريين“ أن هذا المشروع لا يهدف فقط إلى إنعاش صناعة الغزل والنسيج، بل يمثل استثمارًا مباشرًا في القطن المصري، الذي يتمتع بسمعة عالمية لكونه من أجود أنواع القطن في العالم، مؤكدًا أن استغلال القطن المصري في هذا المشروع يعزز القيمة المضافة للمنتج الوطني ويعيد لمصر مكانتها في الأسواق العالمية.
وأشار إلى أن هذا المشروع سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد الوطني، حيث سيُسهم في خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما يدعم استراتيجية الدولة لتقليل نسب البطالة وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، كما سيساعد في تقليل الاعتماد على الواردات وزيادة الصادرات، ما يدعم ميزان المدفوعات المصري.
وأوضح الدكتور ”مهدي“ أن حزب ”المصريين“ يدعم هذه الجهود الوطنية الرامية إلى تطوير القطاع الصناعي، ويدعو إلى مواصلة العمل على تحسين البنية التحتية وتوفير البيئة المناسبة للاستثمار في قطاع النسيج، مؤكدًا على أهمية دعم الأبحاث والتطوير في هذا القطاع لضمان استدامة الإنتاجية وجودة المنتجات.
واختتم: هذا المشروع يمثل نموذجًا يحتذى به في إعادة إحياء الصناعات الوطنية الكبرى، ويجب على كافة القوى السياسية والأحزاب إلى التكاتف لدعم جهود الدولة في هذا المجال، بما يحقق رؤية مصر 2030 نحو تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مجلس الوزراء الدولة المصرية المحلة الكبرى المزيد هذا المشروع
إقرأ أيضاً:
بين الوعد والتنفيذ: الفساد يبتلع مشاريع مصر الكبرى
عندما نُعلن أن مصر حصلت على 30 نقطة فقط من 100 في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، أي على بُعد درجتين من "قاع الفساد الشديد"، فإن هذا الرقم ليس مجرد إحصاء بارد، بل مرآة تشوّه صورة الدولة أمام نفسها أولا، ثم أمام العالم. موقع مصر في المرتبة 130 من بين 180 دولة ليس "هفوة ظرفية"، بل نتيجة تراكم سنوات من ممارسات جعلت المال العام عرضة للنهش، والمشروعات القومية عرضة للاختلاس.
لكن هذا الواقع لا يُعبّر فقط عن قيمة مالية أو عن ترتيب دولي، إنه يتعدى ذلك إلى خسارة ثقة المواطن في مؤسسات لم تصب درعا من الشفافية، وإلى تلاشي فكرة "الدولة كمنظومة منضبطة" لصالح "الدولة كسوق للمنافع".
أرقام 2025.. أكثر من مجرد بيانات
تقارير عام 2025 تشير إلى أن واقع الفساد ليس نظرية، بل وقائع تُسجل شهريا. ففي آذار/مارس 2025 سجّلت 62 حادثة فساد في قطاعات متنوعة، وفي حزيران/يونيو 71، ثم قفز الرقم إلى 84 حادثة في آب/أغسطس.
كل حادثة فساد، حتى لو كانت "صغيرة"، تحمل معها آثارا على الخدمات العامة، وعلى بيئة الاستثمار، وعلى العدالة الاجتماعية، وعلى الثقة في المستقبل.
الفساد والمشروعات العامة.. مثال "ممشى مصر"
الطريف -أو المؤلم- أن كثيرا من ملفات الفساد اليوم مرتبطة بمشروعات يُفترض أنها "رموز تقدم"؛ من بنى تحتية ضخمة إلى مشروعات إسكانية، وخدمات عامة تبدو للوهلة الأولى "لراحة المواطن".
لكن الأداء الفعلي غالبا ما يكشف أن هذه المشروعات ما هي إلا واجهة لإعادة توزيع النفوذ وإعادة تدوير الأموال. ليست مصادفة أن يتحول مشروع يُروّج له كمرفق عام إلى منطقة تجارية مغلقة، بخدمات مدفوعة، وبعوائد لا تصل إلى الدولة كما ينبغي.
وهنا يبرز تناقض صارخ بين وعد التنوير والتنمية وواقع الاستغلال والهدر. في قلب هذه القضية يبرز مشروع "ممشى مصر السياحي"، الذي أعلن عنه كرمز للتنمية والخدمات العامة، إلا أن التحقيقات النيابية كشفت عن هدر نحو 650 مليون جنيه، نتيجة عقود ومناقصات غير شفافة، ومبالغ صُرفت لمقاولين وموردين دون رقابة فعلية، فيما بقيت أجزاء المشروع غير مكتملة.
القضية هنا ليست مجرد اختلاس مالي، بل انعكاس لنمط مؤسسي يتيح استغلال المشروعات الوطنية لتحقيق مكاسب شخصية. هذا النمط يكرر نفسه في مشاريع أخرى، ما يؤكد أن المشكلة أكبر من فضيحة واحدة، وأنها تتعلق بنظام إدارة الدولة نفسه، حيث تتداخل السياسة والاقتصاد لأجل مصالح محددة، على حساب المواطن والمصلحة العامة.
لماذا تستمر دورة الفساد؟
الفساد في مصر أو أي بلد لا ينتصر فقط لأن هناك فاسدين، بل لأن هناك نظاما يبقي المنافذ مشرعة أمامهم. من غياب رقابة حقيقية، إلى غموض في صفقات المشروعات، إلى ضعف مشاركة المجتمع المدني، وإلى تضارب المصالح بين الجهات المختلفة. كل ذلك جعل الفساد ليس مجرد شذوذ، بل أسلوبا نظاميا، يتوارث بين العهود، يتكيف مع الأسماء، وينمو في الظل.
عندما يُهدر المال العام لا يُضيع فقط جنيهات، بل يُهدر مستقبل أجيال. المدارس تُبنى، لكن تُدار بفوضى، المستشفيات تُفتتح، لكن الخدمات تُركن للتعاقدات الهامشية الخاصة، البنية التحتية تُعلن، لكنها لسكان محدودين.
والأكثر مراوغة أن هذا الهدر يُلبس ثوب "التنمية"، ويُسوّق على أنه "منجز". بذلك، نعيش في دولة منجزات معلقة -مشاريع لكن غير مؤتمنة- تنمو في رؤوس العابرين من دون أن تثمر خيرا للمجتمع.
ماذا لو.. اعتمدنا الشفافية كمبدأ لا كخيار؟
ماذا لو أُخضعت كل مشروعات الدولة، خاصة القومية، لمراجعة عامة بعقود مكشوفة وموازنة مفتوحة ومراقبة شعبية؟ ماذا لو فرضنا أن كل جنيه يُصرف يُسجّل، إلى أين ذهب؟ لمن؟ وفق أي معايير؟ ماذا لو أصبح "التحقيق في الفساد" ليس موسميا، بل مؤسَّسا؟ ليس فقط لمعاقبة الفاسدين، بل لمنع الفساد أساسا؟
الإجابة ليست سهلة، لكنها ضرورية لأنها تعني إعادة بناء ثقة، وإعادة بناء وطن.
انعكاس سياسي: الفساد ليس مسؤولية فرد بل نظام
ما نشهده اليوم ليس "جريمة فردية" بل خطة ممنهجة لإدارة الدولة كما تُدار شركة ضخمة، حيث الأرباح هي المعيار، ولا أحد يسأل عن الخسائر سوى المواطن. حين تتداخل السياسة والاقتصاد بعمق، ويُمنع ضابط الحساب من الوصول إلى الحسابات، تصبح الدولة مجرد واجهة، والسلطة محطة لتصفية مصالح خاصة.
لهذا لا يكفي كشف فضيحة هنا أو هناك، بل إن ما يحدث يعطي انطباعا بأن الفساد في هذه الحالة أداة سلطة. في مواجهة الفساد، لا تكفي مجرد التحقيقات العاجلة أو كشف الفضائح المتفرقة. المطلوب بناء آليات عملية وشفافة تجعل كل خطوة في إدارة المال العام مرئية وواضحة أمام المواطن. بداية، يجب أن يصبح حق الحصول على المعلومات قاعدة ثابتة، بحيث تُتاح جميع العقود والمشروعات العامة للمتابعة والمراجعة، بعيدا عن أي غموض أو إخفاء.
إلى جانب ذلك، من الضروري إنشاء آلية رقابة مستقلة لا تتبع أي جهة تنفيذية أو وزارية، يقودها المجتمع المدني والصحافة الحرة، لتكون صوتا حيا للمساءلة والمحاسبة. وفي نفس السياق، يجب توفير حماية قانونية للمبلغين عن الفساد، لضمان أن يتحرك أي شخص يكتشف سوء إدارة أو اختلاس دون خوف من الانتقام أو التضييق.
كما يجب تعزيز الشفافية في العقود والمناقصات، من خلال نشر نتائج العطاءات، وكشف أسماء المستفيدين، والعوائد المتحققة، بالإضافة إلى بنود الصيانة والتشغيل، كي يصبح كل مشروع عام محل متابعة دقيقة.
وفي النهاية، لا بد من إعادة تقييم المشروعات الكبرى بشكل مستمر، ليس فقط على أساس التكلفة أو الجدوى الاقتصادية، بل أيضا وفق معايير اجتماعية وبيئية، لضمان أن تصب هذه المشروعات في خدمة المصلحة العامة وتحافظ على حقوق المواطنين.
هل نستعيد الأمان أولا؟
الفساد لا يهدم فقط مرفقا، بل يهدم الثقة، والعلاقات، والمستقبل. إذا أردنا دولة، يجب أن نبنيها على الصدق أولا؛ الشفافية يجب أن تصبح مبدأ لا مجرد كلمة.
السكوت عن الفساد خيانة للمواطن والدولة معا، وإعادة بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع، بين المرفق العام والمواطن، ضرورة لا تحتمل التأجيل. فالوطــن، في أعمق معانيه، ليس مجرد أرض أو مؤسسات، بل وعد بعدالة تُحترم ومصلحة تُدار بشرف.