يكشف تقرير لمعهد واشنطن تفاصيل القوة الصاروخية التي يزعم أنها تضررت إلى حد ما بعد الضربات المتبادلة بين إيران و"إسرائيل" في نيسان/ أبريل وتشرين الأول/ أكتوبر الماضيين.

ويزعم التقرير أنه في ضربة نيسان/أبريل، أطلقت إيران ما يُقدر بـ 110- 130 صاروخاً باليستياً؛ تعطل حوالي نصفها بعد الإطلاق، وتم اعتراض ما يقرب من النصف الآخر، بينما اخترق 7- 9 صواريخ، مسببة أضراراً طفيفة دون وقوع قتلى (تم أيضاً إطلاق 185 طائرة مسيّرة و6 صواريخ كروز؛ لكن جميعها أُسقطت أثناء مسارها).

وفي تشرين الأول/ أكتوبر، أطلقت إيران ما يُقدر بـ 200 صاروخ باليستي: حوالي 20 منها فشلت بعد الإطلاق؛ وأكثر من 30 صاروخاً أصابت "إسرائيل"، ما أدى إلى وقوع بعض الأضرار في "قاعدة نيفاتيم الجوية" وعدة مناطق سكنية؛ وتم تدمير عدد غير معروف من الصواريخ أثناء مسارها. وقُتل فلسطيني في الضفة الغربية بسبب حطام الصواريخ، وتوفي إسرائيلي بنوبة قلبية نتيجة للهجوم.


وتتميز القدرة الصاروخية الإيرانية، التي كان يُقدر عددها بأكثر من 3,000 صاروخ، بأنه يمكن وضعها في العمل خلال ساعات من تلقي الأمر وضرب أهداف على مسافات بعيدة. وإذا أُطلقت بأعداد كافية لاختراق الدفاعات المعادية، فقد يكون لها أيضاً تأثير مادي ومعنوي كبير. لكن ضربات نيسان/ أبريل وتشرين الأول/ أكتوبر أثارت الآن تساؤلات حول جدوى هذه المنظومة.

صواريخ محسّنة وتكتيكات مطورة
تتضمن الصواريخ الإيرانية بالفعل ميزات تصميم ربما تم إعدادها لمواجهة دفاعات العدو. وفي الواقع، تُظهر الهجمات التي وقعت في نيسان/ أبريل  وتشرين الأول/ أكتوبر اتجاهاً نحو الابتكار التقني والتكتيكي المستمر، الذي يتطلب استجابة مستمرة ومبتكرة.

على سبيل المثال، ووفقاً لتقييم نُشر عام 2010 من قبل "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية"، فإن بإمكان مركبات إعادة الدخول ثلاثية المخاريط المثبتة على بعض الصواريخ الإيرانية ("قيام-1/2"، "قدر"، "عماد"، "خرمشهر-2"، و"سجيل") تحقيق سرعات نهائية أكبر عبر تحسين الديناميكا الهوائية، ما يجعل اعتراضها أكثر صعوبة.

وتفتقر هياكل الطائرات لصواريخ "قيام-1" و"خرمشهر" إلى الزعانف الخلفية، ربما لتقليل مقطعها الراداري وجعل اكتشافها أكثر صعوبة. علاوة على ذلك، يتم صنع مركبات إعادة الدخول ثلاثية المخاريط (وفي بعض الحالات الهياكل) لبعض الصواريخ الإيرانية من مواد مركبة متقدمة قد تجعلها أيضاً أكثر صعوبة في الاكتشاف.

كما أن صواريخ "عماد"، و"خرمشهر-2/4"، وخيبر شكان-1/2"، و"فتاح-1/2" تحتوي على مركبات إعادة دخول قابلة للمناورة قد تمكّنها من تفادي أنظمة الاعتراض وتحقيق قدر أكبر من الدقة.

ويرجح التقرير أنه في المرحلة القادمة، ستعمل إيران على زيادة فعالية قوتها من الصواريخ الباليستية بوسائل مختلفة، بما في ذلك دقة أكبر، وتكتيكات متطوّرة، ووسائل (أدوات) اختراق محسّنة وتدابير مضادة، وتطوير مركبات إعادة دخول أسرع وأكثر تقدماً:

دقة أكبر: ستساعد هذه القدرة في جعل الصواريخ التي تخترق دفاعات العدو أكثر قدرة على الأرجح على ضرب أهدافها المقصودة.

وعلى الرغم من التحسن الكبير في دقة الصواريخ الإيرانية في السنوات الأخيرة، إلا أنها لم تحقق قدرتها "المزعومة" على الضرب ضمن عشرات الأمتار من هدفها على مسافات أطول.

وبإمكان إيران تحقيق دقة أكبر عبر دعم أنظمة الملاحة بالقصور الذاتي لصواريخها بمدخلات من مصادر أخرى. وتُستخدم أنظمة التوجيه المزدوجة بالفعل في أماكن أخرى - على سبيل المثال، يستخدم صاروخ "ترايدنت - 2 (D5)" الأمريكي الذي يُطلق من الغواصات نظام ملاحة بالقصور الذاتي مع نظام مرجعي نجمي.

تكتيكات متطوّرة:  بعد فشلها في إحداث أضرار جسيمة للقواعد العسكرية ومقار الاستخبارات بوابل من 100- 200 صاروخ، قد تحاول إيران إغراق دفاعات الصواريخ الإسرائيلية بوابل أكبر. ولكن هذا التكتيك من شأنه أن يستنفد مخزون النظام الصاروخي بسرعة كبيرة، في وقت لا يستطيع فيه النظام إعادة تعبئة مخزونه بسرعة بسبب الغارة الجوية الإسرائيلية في 26 تشرين الأول/ أكتوبر على منشآت إنتاج الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب.

علاوة على ذلك، فقد يتطلب المزيد من وابل الصواريخ أن تكمل إيران اعتمادها الأخير على الصواريخ التي تُطلق من قواعد تحت الأرض، ما قد يكشف عن مواقع بوابات الإطلاق غير المعروفة، ويسهل استهدافها في المستقبل. وقد تهاجم إيران أيضاً دفاعات العدو الصاروخية لتأمين الطريق لضربات لاحقة على أهداف استراتيجية (وهو تكتيك تزعم أنها استخدمته في تشرين الأول/أكتوبر).

أدوات اختراق محسّنة وتدابير مضادة: تشمل هذه الأدوات القش، أجهزة التشويش، والطُعوم لتحييد دفاعات العدو الصاروخية. ووفقاً لبعض التقارير استخدمت روسيا طُعوم من طراز "9B899" مع صواريخ "إس إس-26 إسكندر-إم" في أوكرانيا لتشويش وخداع رادارات العدو.

وإذا كانت إيران غير راضية عن أدوات الاختراق الخاصة بها، فقد تعمل موسكو (وربما كوريا الشمالية) على مساعدة النظام الإيراني على تحسينها أو تطوير أدوات جديدة. وفي الواقع، يُعرض نموذج أولي لمركبة إعادة دخول "غادر" مع حمولة، والتي أفادت بعض التقارير بأنها تتكون من أنواع مختلفة من الذخائر الفرعية وأدوات الاختراق في المعرض الدائم "للقوة الجوفضائية" التابعة "للحرس الثوري الإسلامي" في "جامعة عاشوراء للعلوم والتكنولوجيا الفضائية" في طهران. وادّعت تقارير إعلامية إيرانية أن مركبات إعادة دخول مملوءة بالطُعوم والذخائر الفرعية استُخدمت في الهجمات الأخيرة على "إسرائيل".

مركبات إعادة الدخول التي تفوق سرعة الصوت والقابلة للمناورة: حققت إيران تقدماً كبيراً في تطوير الصواريخ المزودة بمركبات إعادة الدخول القادرة على الحفاظ على سرعات تفوق سرعة الصوت وإجراء تصحيحات أثناء منتصف المسار أو مناورات تفادي في المرحلة النهائية من الطيران (باستخدام محركات الدفع الصاروخية أو الأسطح الديناميكية الهوائية المتحركة، على التوالي). وتشمل هذه الصواريخ "خرمشهر-4"، و "خيبر شكان-1/2"، و"فتاح-1/2".

وفي العام الماضي، كشف "الحرس الثوري الإيراني" عن ما وصفته وسائل الإعلام الإيرانية بأنه مركبة انزلاقية تفوق سرعة الصوت كمرحلة ثانية تعمل بالوقود السائل في الصاروخ الباليستي "فتاح-2"، والذي تدّعي طهران أنها استخدمته في هجوم تشرين الأول/ أكتوبر.


مركبات إعادة الدخول المتعددة المستهدفة بشكل مستقل (MIRVs)، إن استخدام صاروخ واحد لإطلاق عدة ذخائر ضد نقاط استهداف مختلفة، من شأنه أن يعقّد إلى حد كبير مهمة الدفاع ضد الهجمات الإيرانية. وعلى الرغم من أن طهران لم تطوّر بعد رأساً حربياً مزوداً بمركبات إعادة الدخول المتعددة، إلا أن صاروخ "أوريشنيك" الباليستي الروسي الجديد متوسط المدى قد أظهر هذه القدرة في أوكرانيا، ومن المرجح أن يلهم جهوداً مماثلة من جانب إيران.

إن الحاجة إلى تطوير المزيد من الوسائل المضادة للدفاعات الصاروخية الإسرائيلية والأمريكية تعني أن طهران قد تضطر إلى إعادة تركيب تعديلات على صواريخها لضمان فعاليتها. وقد تتطلب بعض هذه التعديلات تنازلات في التصميم يمكن أن تؤثر على أداء مركبات إعادة الدخول. علاوة على ذلك، فقد تتطلب بعض أدوات الاختراق معرفة عميقة بالدفاعات الإسرائيلية والأمريكية، التي لا تمتلكها إيران حالياً، على الرغم من أنها تعلمت بلا شك دروساً مهمة من تجربتها الأخيرة.

ويخلص التقرير إلى أنه من المرجح أن تخلق جهود إيران لاستعادة فعالية قوتها الصاروخية الباليستية تحديات جديدة للولايات المتحدة وحلفائها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية إيران صواريخ إيران صواريخ دفاع جوي المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصواریخ الإیرانیة دفاعات العدو تشرین الأول إعادة دخول

إقرأ أيضاً:

ارتفاع عدد المصابين إلى 27 جراء الضربة الصاروخية الإيرانية على إسرائيل

أفادت وسائل إعلام عبرية أن عدد المصابين جراء الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل ارتفع إلى 27، مع استمرار عمليات الإنقاذ في عدة مواقع بمدينة تل أبيب التي تعرضت لضربات مباشرة ضمن الموجة العشرين من الهجمات المعلنة من طهران.

وبحسب جيش الاحتلال الإسرائيلي، تم رصد إطلاق حوالي 35 صاروخًا من الأراضي الإيرانية باتجاه أهداف داخل إسرائيل، من بينها ما يُعتقد أنه صواريخ باليستية موجهة نحو جنوب البلاد، بما في ذلك منطقة ديمونا التي تضم مفاعلًا نوويًا حساسًا.

إيران: نحتفظ بحق الرد الكامل بعد الضربات الأميركية على منشآتنا النوويةإطلاق أكثر من 30 صاروخًا من إيران تجاه إسرائيلأخبار العالم | ترامب يعلن قصف منشآت فوردو ونطنز وأصفهان النووية في إيران.. ونتنياهو يؤكد أن الضربات الأمريكية ستغير التاريخإيران تطالب مجلس الأمن بعقد اجتماع طارئ بعد الهجوم الأمريكي على منشآتها النووية

وأكدت مصادر عسكرية أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية عملت على اعتراض الصواريخ، إلا أن تقارير أولية تشير إلى أن 10 مواقع أصيبت إصابات مباشرة، ما أدى إلى وقوع أضرار بشرية ومادية.

وفي أعقاب التصعيد، أعلنت سلطة المطارات الإسرائيلية إغلاق المجال الجوي بشكل كامل أمام جميع الرحلات القادمة والمغادرة، وسط حالة تأهب قصوى واستنفار أمني واسع.

من جهتها، كشفت صحيفة “إسرائيل اليوم” أن الهجمات الصاروخية الإيرانية استهدفت مواقع استراتيجية من بينها مطار بن غوريون، ومراكز أبحاث بيولوجية ولوجستية، إضافة إلى منشآت قيادة وسيطرة عسكرية.

كما نقلت الصحيفة عن مصادر في الجيش الإسرائيلي أن تحقيقًا قد فُتح حول انخفاض نسبة اعتراض الصواريخ في هذه الضربة الأخيرة، في ظل مخاوف من وجود خلل في أنظمة الدفاع الجوي أو تطور نوعي في القدرات الإيرانية الهجومية.

وقال متحدث باسم الحرس الثوري الإيراني إن هذه الموجة الصاروخية هي الـ20 ضمن حملة الرد الاستراتيجي، مؤكدًا أن "الضربة نُفذت بدقة عالية وأصابت أهدافًا حيوية داخل الكيان الصهيوني".

ولا تزال فرق الطوارئ والإغاثة تواصل عملها في مواقع متعددة، وسط مخاوف من وجود مزيد من العالقين تحت الأنقاض، فيما لم يصدر حتى الآن بيان رسمي عن عدد القتلى المحتملين.


وطالبت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، اليوم الأحد، بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، على خلفية الضربة العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد منشآت نووية داخل إيران.

وجاء الطلب الإيراني بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن مقاتلات بلاده نفذت "هجومًا ناجحًا للغاية" على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، ضمن عملية عسكرية تهدف إلى "تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم".

وفي رسالة رسمية وجهتها البعثة الإيرانية إلى مجلس الأمن الدولي، طالبت طهران بعقد اجتماع عاجل "حفاظًا على السلم والأمن الدوليين"، لبحث ما وصفته بـ"العمل العدواني السافر وغير القانوني"، داعية المجلس إلى "إدانته بأشد العبارات واتخاذ جميع التدابير اللازمة في إطار المسؤوليات الموكلة إليه بموجب ميثاق الأمم المتحدة".

وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منشور نشره عبر منصته "تروث سوشيال" أن "درة تاج البرنامج النووي الإيراني، فوردو، قد انتهت"، في إشارة إلى حجم الدمار الذي ألحقته الغارات بتلك المنشأة شديدة التحصين، الواقعة جنوب العاصمة طهران.

وفي تصريحات لاحقة خلال كلمة متلفزة، وجه ترامب تحذيرًا مباشرًا للقيادة الإيرانية، قائلًا: "إما أن يكون هناك سلام أو مأساة بالنسبة لإيران أكثر بكثير من التي شهدناها في الأيام الثمانية الماضية". واعتبر ترامب أن نجاح العملية العسكرية يمثل رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة في عمق إيران، مع الحفاظ على سلامة قواتها.

وأضاف ترامب: "جميع الطائرات في طريق العودة للوطن بسلام. نهنئ محاربينا الأمريكيين العظماء"، مشيدًا بكفاءة الجيش الأمريكي في تنفيذ العمليات المعقدة.

طباعة شارك الهجوم الصاروخي الإيراني إسرائيل تل أبيب جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف المفاعلات النووية الإيرانية

مقالات مشابهة

  • باحث في الشؤون الإيرانية: طهران لا تريد الحرب بل تبحث عن ضامن
  • تضارب الروايات حول الصواريخ التي أطلقتها إيران على قطر.. كم عددها وهل أصابت قاعدة العديد؟
  • أستاذ علوم سياسية: أمريكا لا تريد الدخول في حرب فى منطقة الشرق الأوسط
  • تقارير إعلامية: الصواريخ الأخيرة التي أطلقتها إيران استهدفت الجليل
  • شيخ الأزهر لـ أنجلينا أيخهورست: ما سرُّ القوة الشيطانية التي تُجهض أي قوى أخرى؟
  • بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟
  • الضربات الصاروخية الإيرانية تدمر أكثر من 240 مبناً في “إسرائيل”
  • ارتفاع عدد المصابين إلى 27 جراء الضربة الصاروخية الإيرانية على إسرائيل
  • إنزاجي: علينا مواجهة سالزبورج بنفس القوة التي كنا عليها أمام ريال مدريد
  • إسـرائيل تواصـل استهـداف «الترسانــة الصاروخيـــــــــــة الإيرانية» واغتيال القادة العسكريين