#سواليف

#التغييرات_الجيوسياسية في #الشرق_الأوسط بين المد والجزر

د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولي

منذ بداية الأحداث الجيوسياسية في المنطقة والتحولات كبرى في سوريا في اسقاط نظام بشار الاسد   كان “محور المقاومة” يشكل أحد الأعمدة الرئيسية في الاستراتيجيات الإقليمية لمواجهة النفوذ الغربي والصهيوني.

هذا المحور، الذي جمع مجموعة من الدول والفصائل المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، كان بمثابة حجر الزاوية في استراتيجية إيران لتوسيع نفوذها في المنطقة. إلا أن هذا المحور بدأ يشهد تغيرات كبيرة، حيث توالت العوامل التي ساهمت في استنزافه.

مقالات ذات صلة 13 ألف طالب استُشهدوا و 490 مدرسة وجامعة دمرت منذ بداية العدوان على غزة والضفة 2024/12/31

في البداية، كانت لبنان وسوريا والعراق واليمن تشكل نقاط قوة لهذا المحور. لبنان، بوجود حزب الله، كان يمثل نقطة محورية في المواجهة مع إسرائيل، بينما كانت سوريا مركزًا لتمركز القوى الإيرانية والفصائل التابعة لها. أما العراق فقد شهد تدخلات إيرانية مكثفة من خلال دعم فصائل الحشد الشعبي. لكن اليوم، يبدو أن العديد من هذه الجبهات قد توقفت أو على الأقل تراجعت قوتها.

في لبنان، تراجع الدور الفعّال للمقاومة بشكل كبير نتيجة للأزمات الداخلية والخارجية، حيث تتزايد الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها حزب الله. هذه الأزمات جعلت من الصعب الحفاظ على استمرارية دعم المقاومة اللبنانية في وجه التحديات المتزايدة.

أما في العراق، فقد شهدت الساحة السياسية والعسكرية تطورات كبيرة بعد الانسحاب العسكري الأمريكي وتغيير الأولويات الإقليمية. إذ تبين أن الدعم الإيراني في العراق لم يعد كما كان في السابق، وهو ما جعل محور المقاومة العراقي يواجه صعوبات جمّة. على الرغم من استمرار بعض المجموعات المسلحة، فإن تأثير إيران على الساحة العراقية بدأ يتراجع بشكل ملحوظ.

في سوريا كان  الدعم الكبير الذي تقدمه إيران للنظام السوري في مواجهة الثورة كبير جدا  فإن الوضع الداخلي المعقد وصراعات القوى الدولية والإقليمية قد جعلت من الصعب الحفاظ على مستوى الدعم العسكري والتواجد الإيراني كما كان في السابق إلى تقييد قدرة إيران على تعزيز نفوذها في المنطقة، خاصة بعد انهيار النظام في دمشق.

في اليمن، ورغم استمرار دعم إيران للحوثيين، يظل الوضع هناك مختلفًا. يُعتبر اليمن جبهة مهمة للمقاومة، لكن الصراع الطويل مع التحالف العربي جعل هذه الجبهة بعيدة عن الأنظار الدولية. الفوضى المستمرة في البلاد تمنع تحقيق أي مكاسب استراتيجية حاسمة.

هذه التغيرات في سياق “محور المقاومة” تطرح تساؤلات حيوية حول كيفية تأثير ذلك على القضايا الأهم في المنطقة، القضية الفلسطينية. منذ توقف الدعم اللبناني والعراقي، باتت غزة تمثل الجبهة الأساسية التي تعتمد عليها فصائل المقاومة الفلسطينية. لكن، مع تراجع الدعم العسكري والمالي من هذه الجبهات، كيف ستتمكن غزة من الصمود أمام الضغوط المتزايدة؟

الورقة الفلسطينية الآن في موقف صعب للغاية، حيث تواجه تحديات اقتصادية وعسكرية متزايدة في ظل تراجع الدعم الخارجي. بعد الانهيار المحتمل لجبهات المقاومة في لبنان والعراق وسوريا، أصبح من الواضح أن غزة، رغم قوتها وصمودها، ستواجه ضغطًا هائلًا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. التحديات الكبرى تشمل النقص في الموارد والدعم اللوجستي، فضلاً عن عدم وضوح الاتجاهات المستقبلية لهذه المقاومة في غياب الدعم الكافي من محور المقاومة الذي كان يعتمد عليه الفلسطينيون.

إيران، التي لا تزال تسعى للحفاظ على نفوذها في المنطقة، قد تجد نفسها مضطرة لتطوير استراتيجيات جديدة لمساندة غزة بشكل غير تقليدي. أما الدول الأخرى في محور المقاومة، فقد تجد صعوبة في تقديم الدعم الفعّال في ظل الوضع الإقليمي المتأزم.

ختامًا مبادرة السلام العربية لعام 2002 تمثل إطاراً مهماً لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال منح الاعتراف العربي بإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. ومع ذلك، فإن هذه المبادرة تواجه صعوبات كبيرة في ظل التطورات الراهنة، حيث تشهد العديد من الدول العربية خطوات نحو التطبيع مع إسرائيل، مما قد يؤثر سلبًا على الدعم العربي لقضية فلسطين. في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن أن تظل فكرة “الأرض مقابل السلام” قائمة، أم أنها ستختفي في ظل الظروف المتغيرة؟يُعتبر “محور المقاومة” اليوم في مرحلة تحول حرجة. رغم توقف الجبهات الأساسية مثل لبنان والعراق وسوريا  إلا أن القضية الفلسطينية قد تظل محور التركيز.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الشرق الأوسط محور المقاومة فی المنطقة

إقرأ أيضاً:

عودة الجيش الأمريكي إلى حروب الشرق الأوسط

تمثل الضربات الأمريكية للمواقع النووية في إيران منعطفا استثنائيا بالنسبة لجيش كان يفترض أن يتجاوز عقدين من الحروب الطويلة في الشرق الأوسط، فجاءت هذه الضربات لتعيد الولايات المتحدة إلى حالة التأهب للحرب.

في جميع أنحاء المنطقة -التي يتمركز فيها أكثر من أربعين ألف جندي أمريكي في قواعد وسفن حربية- جاءت الضربات نذيرا بفترة تأهب قصوى؛ حيث استعد البنتاجون لرد شبه مؤكد من إيران.

كان الرئيس ترامب قد أعلن عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن ضرب ثلاثة مواقع إيرانية من بينها منشأة فوردو الجبلية. ومن المعتقد أن القنابل المستعملة في الضربات تتضمن «قنابل خارقة للتحصينات» مصممة لتحطيم المخابئ العميقة في جوف الأرض، أو الأسلحة المدفونة بحرص في منشآت عالية الحماية.

وقد صرح مسؤول أمريكي مشترطا عدم الإفصاح عن هويته لتعلق تصريحاته بمعلومات مخابراتية سرية أنه تم إسقاط عدة قنابل خارقة للتحصينات زنة الواحدة منها ثلاثون ألف طن على فوردو، وأن تقديرات الأضرار المبدئية أشارت إلى أن المنشأة «باتت في ذمة الماضي».

ومن المرجح أن تثير هذه الضربات -سواء أنجحت أم لم تنجح- ردا ضاريا. فقد تعهدت طهران بضرب قواعد أمريكية في الشرق الأوسط. وأكدت وكالات المخابرات الأمريكية قبل وقوع الضربة أن إيران سوف تتخذ خطوات لتوسيع الحرب، وضرب قوات أمريكية في المنطقة.

وقال مسؤولون أمريكيون ـ مشترطين عدم الإفصاح عن هويتهم لتعلق تصريحاتهم بمعلومات مخابراتية ـ: إن ضربات المواقع الثلاثة اكتملت. وقال المسؤول: إنه ليس من المتوقع القيام بضربات تالية، وإن كان القادة مستعدين للرد على أي انتقام إيراني.

وقال مسؤول أمريكي: إن ستا من قاذفات بي تو أسقطت اثنتي عشرة قنبلة خارقة للتحصينات على فوردو، وإن غواصات تابعة للبحرية أطلقت ثلاثين من صواريخ كروز على نطنز وأصفهان. وقال المسؤول: إن طائرة من طراز بي تو أسقطت قنبلتين خارقتين للتحصينات على نطنز. وتمثل الضربات ذروة سنين من التخطيط من جانب القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن العمليات في المنطقة، وذلك على الرغم من أنه لم يتوقع غير القليلين تنفيذ هذه الخطط على هذا النحو المباغت، بعد أكثر من أسبوع على بدء إسرائيل هجماتها على إيران.

وقد جاء الرد الإيراني على الضربات الإسرائيلية متمثلا في وابل من صواريخها، وكذلك بعروض لاستئناف المفاوضات المتعلقة ببرنامجها النووي.

وقد أقامت إيران منشأة طرد مركزي في فوردو للحيلولة دون تعرضها للهجوم. وفي عام 1981 قامت إسرائيل باستعمال طائرات إف 15 وإف 16 في قصف منشأة نووية على مقربة من بغداد في سياق سعيها لإيقاف العراق عن حيازة أسلحة نووية. وقد أوقفت تلك الضربة عمليا برنامج التسلح العراقي. وكانت تلك المنشأة مقامة على سطح الأرض.

في ضرباتها لإيران؛ ضربت إسرائيل المواقع النووية المقامة على سطح الأرض، لكنها لم تضرب فوردو. فالولايات المتحدة هي وحدها التي تمتلك قنبلة GBU-57 الهائلة الخارقة، وهذا هو الاسم الرسمي للقنبلة اللازمة للوصول إلى الموقع. وقد رفضت إدارات أمريكية سابقة إعطاء تلك القنبلة لإسرائيل. فضلا عن أن القوات الجوية الإسرائيلية لا تمتلك الطائرات الحربية اللازمة لحملها.

تتكون هذه القنابل من عبوات حديدية سميكة، وتحتوي على كمية من المتفجرات أقل مما تحتويه القنابل المماثلة لها في الحجم والتي تستعمل لأغراض عامة. غير أن العبوة الثقيلة للقنبلة تتيح للذخيرة أن تبقى سالمة وهي تندفع عبر الأرض أو الصخر أو الخرسانة قبل أن تنفجر.

تمتلك إيران سبلا عديدة للرد، منها الأصول البحرية، وغيرها من القدرات التي قد تلزمها لإغلاق مضيق هرمز، وهذه خطوة قد تعوق أي سفن تابعة للبحرية الأمريكية في الخليج العربي؛ وفق ما قاله مسؤولون أمريكيون. وقد هدد مسؤولون إيرانيون بتلغيم المضيق في حال انضمام الولايات المتحدة إلى إسرائيل في هجومها على إيران.

ويربط مضيق هرمز ـ وهو ممر مائي يبلغ طوله تسعون ميلا ـ بين الخليج العربي والمحيط، ويمثل مسارا مهما للشحن؛ إذ يمر فيه ربع نفط العالم، و20% من الغاز الطبيعي المسال. ومن شأن تلغيم هذا المسار أن يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الوقود.

وفي الأيام القليلة الماضية بدأت كاسحات ألغام أمريكية، وسفن أخرى تابعة للبحرية في التفرق؛ تجنبا لأي هجوم.

كان ترامب في ولايته الأولى قد أذن بضربة بالمسيرات أدت إلى مقتل جنرال إيراني رفيع المستوى في بغداد. وردت إيران بوابل من الصواريخ أطلقته على القوات الأمريكية في العراق، ما أدى إلى تعرض نحو مائة وعشرة من الجنود لإصابات دماغية، فضلا عن إصابة غير مقصودة لطائرة ركاب أوكرانية ما أدى إلى مقتل جميع من كانوا على متنها بلغ عددهم مائة وستة وسبعين شخصا.

لن تحتاج إيران إلى الكثير من الاستعداد لمهاجمة قواعد الولايات المتحدة الجوية والبحرية في المنطقة. فالجيش الإيراني لديه قواعد صواريخ في نطاق يسهل منه ضرب دول مجاورة.

وواقع الأمر أن إيران ـ مثلما قال مسؤولون أمريكيون في الأيام السابقة ـ قد أعدت صواريخ ومعدات عسكرية أخرى؛ لضرب القواعد الأمريكية في المنطقة.

واستباقا لهذه الضربة قامت القوات الأمريكية خلال الأيام الأخيرة بتحصين الدفاعات الجوية. ففي يوم السبت صرح مسؤولون أمريكيون أن طائرات مقاتلة إضافية من طراز إف 22 وإف 16 وإف 35 تابعة للقوات الجوية الأمريكية قد خرجت من الولايات المتحدة، وتجاوزت قواعد في أوروبا، وتمركزت في الشرق الأوسط، وسوف يتبعها المزيد.

وقد بعثت الولايات المتحدة فعليا قرابة ثلاثين طائرة تزويد بالوقود إلى أوروبا يمكن استعمالها في مساعدة مقاتلات حماية القواعد الأمريكية.

فضلا عن ذلك تبحر في بحر العرب الآن حاملة الطائرات الأمريكية كارل فينسون وعلى متنها ستون طائرة منها مقاتلات من طراز إف 35. وألغت حاملة طائرات أخرى هي نيميتز رحلة إلى ميناء في فيتنام في الأيام القليلة الماضية لتسارع إلى المنطقة، ومن المتوقع وصولها خلال الأيام القادمة؛ حسبما قال مسؤولون أمريكيون.

هيلين كوبر مراسلة في البنتاجون

إريك شميت مراسل الأمن الوطني

جوليان إي بارنز يكتب في شؤون وكالات المخابرات الأمريكية والأمن الدولي

مقالات مشابهة

  • واشنطن تحذر رعاياها في الشرق الأوسط وتقلص بعثتيها في لبنان والعراق
  • حدث ليلا| إطلاق موجة صواريخ جديدة من إيران باتجاه إسرائيل…القمر يقترب من الأرض الليلة ويتسبب في زيادة المد والجزر.. الزمالك يتفاوض مع لاعب إفريقي
  • القوات والقواعد الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط
  • القمر يقترب من الأرض الليلة ويتسبب في زيادة المد والجزر
  • عودة الجيش الأمريكي إلى حروب الشرق الأوسط
  • نواب: مصر صوت الحكمة في الشرق الأوسط.. وتحذيراتها من التصعيد ضد إيران تجسد مسؤولية الكبار
  • لماذا على الشرق الأوسط عدم السماح بانتصار إسرائيل؟
  • استعراض قوة في الشرق الأوسط.. هل اقتربت أمريكا من ضرب إيران؟| باحث سياسي يجيب
  • حرب إيران وخطر بلقنة الشرق الأوسط
  • الكرملين: التوتر في الشرق الأوسط يشكل خطرًا على العالم أجمع