شمسان بوست / متابعات:


توجّهت أروى العوبلي إلى أحد محال بيع الذهب بمدينة تعز، جنوب غرب اليمن، كي تبيع خاتم زواجها من أجل شراء كيس من الدقيق لأسرتها، بعد أن عجزت الأسرة عن توفير قوتها، نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

تقول أروى لـ”العربي الجديد”: “تزوجت قبل 23 عاماً، وكانت الأوضاع المعيشية متحسنة، ولدي الكثير من الذهب الذي ورثته عن والدتي، بالإضافة إلى ما جرى شراؤه خلال زواجي وفي سنوات زواجي الأولى، ومع بدء الحرب توقف زوجي عن العمل، والتحق بقوات الجيش، وتعرّض لإصابة جعلته مقعداً داخل البيت، فساءت ظروفنا في ظل غلاء الأسعار، وانقطاع الرواتب، وانعدام الدخل، وتدهور صرف الريال الذي صار بلا قيمة”.


تضيف: “لدينا ستة أطفال داخل البيت، ولدينا التزامات متزايدة، وهذا اضطرني لبيع جزء من ذهبي بين الحين والآخر لتوفير احتياجاتنا المعيشية، وقد بعت كل ذهبي خلال السنوات الماضية، ولم يبق معي إلا دبلة الزواج التي بعتها اليوم من أجل شراء كيس دقيق”.

في محل الذهب المجاور كانت مسك العروسي، تفاوض أيضاً صاحب المحل لبيع خاتم، بينما تقول إن “الندم راودها عندما علمت بالسعر الذي اقترحه التاجر للشراء، وكذلك لقيمة هذا الخاتم معنوياً كونه هدية من المرحوم والدها حين عاد من الحج قبل 41 عاماً”.

تقول مسك العروسي لـ”العربي الجديد”: “طول عمري وأنا أحافظ على هذا الخاتم الذي له مكانة كبيرة لدي، لكن الحاجة اضطرتني لبيعه كي أوفر لابني مبلغاً من أجل السفر للعمل في السعودية، فولدي خريج جامعة منذ سبع سنوات ولم يجد عملاً، وبالأخير قرر السفر، ولا يوجد لدينا مبلغ مالي لشراء الفيزا، ولا خيار لدينا إلا بيع الذهب”.

وخلال فترة الحرب التي تشهدها اليمن منذ عشر سنوات اضطرت مئات الآلاف من النساء اليمنيات لبيع مقتنياتهن من الحلي والذهب من أجل مواجهة الأوضاع المعيشية الصعبة، خاصة في ظل انقطاع رواتب الموظفين، وانعدام فرص العمل، وتدني القيمة الشرائية للريال اليمني، والارتفاع الجنوني لأسعار السلع الأساسية. وفي الفترة ما بين 2015 إلى ديسمبر/كانون الأول 2024 تدهور سعر صرف العملة المحلية في مناطق سيطرة الحوثيين بنسبة 250%، وفي مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً بنسبة 960% وهو ما انعكس سلباً على الوضع المعيشي للسكان، وساهم في أن اليمن بات يشهد أسوأ كارثة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة.

وتزداد الأوضاع المعيشية تدهوراً مع انخفاض الرواتب، وانخفاض قيمتها مقابل الدولار، بالتوازي مع انهيار سعر الصرف، حيث تصرف الرواتب في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، بينما في مناطق سيطرة الحوثيين فيوجد 800 ألف موظف حكومي لا يستلمون الرواتب منذ سبتمبر/ أيلول 2016. ووفقاً للوائح التي تحدد الأجور في اليمن، يبلغ راتب وكيل الوزارة في الدرجة الأولى نحو 103.9 آلاف ريال (ما يعادل 50.62 دولاراً)، بينما يبلغ الراتب في أدنى الدرجات الوظيفية نحو 31.3 ألف ريال (حوالي 15.28 دولاراً).

يقول عبد الرحمن الدبعي، بائع ذهب، لـ”العربي الجديد” إن نشاط بيع الذهب تعرض أيضاً لانتكاسة كبيرة، حيث اضطرت معظم الأسر اليمنية لبيع مقتنياتها لتغطية احتياجاتها في مواجهة الوضع المعيشي، بينما قلّت نسبة من يقومون بشراء الذهب بشكل كبير، بالإضافة إلى أن تدهور الوضع الأمني تسبب في ركود تجارة الذهب.

ويضيف الدبعي: “صار من النادر جداً أن يأتي زبون للمحل لشراء الذهب، فحوالي أكثر من 80% يأتون لبيع مقتنياتهم، وتفاجأنا بأن فترة الحرب جعلت الأسر تبيع بعض المقتنيات الذهبية القديمة والنادرة تحت ضغط الحاجة، والملاحظ أن النساء اللائي يأتين إلينا لشراء ذهب وهن قلة، يشترين أشياء بسيطة كالخواتم أو الحلق، لدرجة أن غالبية المحلات لم تعد تبيع أحزمة وبدلات وأطقم كبيرة الحجم، لأنه صار من النادر جداً وجود مشتر لها، وبالمجمل لم تعد تجارة الذهب مجدية لنا كتجار كما كانت قبل الحرب”.

ويبلغ سعر جنيه الذهب في مناطق سيطرة الحوثيين 307 آلاف ريال للشراء، و312 ألف ريال للبيع، فيما سعر الغرام عيار 21 يبلغ 38 ألف ريال للشراء، و40 ألف ريال للبيع، (الدولار يساوي 534 ريالاً في مناطق سيطرة الحوثيين). بينما يبلغ سعر جنيه الذهب في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية نحو 1.2 مليون ريال للشراء و1.22 مليوناً للبيع، فيما سعر الغرام عيار 21 يبلغ 151 ألف ريال للشراء، و161 ألف ريال للبيع، حيث يقدر سعر الدولار بحوالي 2054 ريالاً.

وظلت احتياطيات الذهب في اليمن دون تغيير عند 1.56 طن في الربع الأول من عام 2024 مقارنة بـ 1.56 طن في الربع الأخير من 2023. وبلغت الاحتياطيات في المتوسط 1.56 طن في الفترة من 2000 حتى 2024، حيث وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 1.6 طن في الربع الأول من عام 2021 وأدنى مستوى قياسي لها عند 1.56 طن في الربع الثاني من عام 2000. وتفيد البيانات الأممية بأن حوالي 80% من اليمنيين باتوا تحت خط الفقر في عام 2021، وأن حوالي 19 مليوناً منهم يعانون من سوء التغذية، ليرتفع هذا العدد إلى 23 مليوناً في 2022، قبل أن ينخفض إلى 21.3 مليوناً في 2023.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: فی مناطق سیطرة الحوثیین ریال للشراء طن فی الربع ألف ریال من أجل

إقرأ أيضاً:

كيف نفذت القسام كمينا مركبا بمنطقة تحت سيطرة جيش الاحتلال؟

قال الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي إن الكمين المركب -الذي بثه الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) شرقي خان يونس (جنوبي قطاع غزة)- نفذ بعد تخطيط كامل استند إلى عمل استخباراتي دقيق.

وأوضح الفلاحي -في تحليله المشهد العسكري بغزة- أن الكمين وقع في منطقة تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، مستدلا بعدم ارتداء الجنود خوذات الرأس أو الدروع للحماية.

ووفق الخبير العسكري، فإن العملية تظهر كمينا مركبا ضد القوات الإسرائيلية جرى التخطيط له بعناية شديدة، مما يعني أن فصائل المقاومة ترصد تنقل جيش الاحتلال بشكل دقيق في هذه المنطقة.

وبثت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- كمينا مركبا ضد قوات إسرائيلية ببلدة القرارة شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع.

واستدرج مقاتلو القسام جنود الاحتلال إلى عين نفق مفخخة بعد استخدام تكتيك "عواء الذئب"، قبل تفجيرها بالقوة الإسرائيلية والإطباق عليها من المسافة صفر.

ووفق الفيديو، فقد استدرج مقاتلو القسام قوات الإنقاذ وفجروا عبوتين مضادتين للأفراد بها، ثم فجروا 3 مبانٍ تحصّنت بها قوات الاحتلال، وذلك بعد عملية رصد دقيقة لتقدم الآليات الإسرائيلية نحو منطقة الكمين.

إعلان

ويعطي هذا الكمين -حسب الخبير العسكري- صورة عن المعارك التي تجري في قطاع غزة بين المقاومة وجيش الاحتلال، وتتركز في منطقتي الشمال وخان يونس جنوبا.

وبشأن استخدام كتائب القسام تكتيك "عواء الذئب"، قال الفلاحي إن استدراج القوات والآليات العسكرية يتم إما بالنار أو الحركة أو الصوت، في وقت لا تزال فيه شبكة الأنفاق تشكل أهم التحديات والمشاكل لجيش الاحتلال، خاصة أن جزءا كبيرا منها لا يزال فاعلا.

وأعرب عن قناعته بأن عملية التوغل لا تزال محدودة في شرقي خان يونس والمناطق التي طالب جيش الاحتلال بإخلائها الفترة الماضية.

وأشار الفلاحي إلى أن بلدة القرارة كانت أيضا المنطقة الرئيسية في الهجوم البري الإسرائيلي الأول على خان يونس في ديسمبر/كانون الأول 2023.

أخطاء متكررة

وحسب الخبير العسكري، فإن جيش الاحتلال لا يزال يتكبد خسائر بشرية في صفوفه بعد مرور 600 يوم على الحرب، ولا يزال يقع في الأخطاء ذاتها أمام فصائل المقاومة.

وأرجع الفلاحي السبب إلى اختلاف المنطقة الجغرافية التي يعمل فيها جيش الاحتلال، واختلاف القوات المشاركة، إذ لم يخضع جميعها لنفس العمليات في مناطق أخرى.

كما أن ترتيبات فصائل المقاومة في حرب العصابات يتم إخفاؤها وتمويهها بشكل لا يمكن الاستدلال إليها، إضافة إلى براعة المقاومين في عمليات التفخيخ، وقلة خبرة جيش الاحتلال في حرب المدن والعصابات.

ويبرز أيضا تطور فصائل المقاومة في عملية المواجهة والتصدي، مما يضيف زخما كبيرا لعملياتها ضد القوات والآليات الإسرائيلية.

وبشأن دلالات اسم "حجارة داود"، قال الخبير العسكري إن فصائل المقاومة دأبت على الرد على أسماء عمليات إسرائيل العسكرية استنادا إلى أحداث تاريخية، بإطلاق أسماء تؤكد على التصدي والمواجهة.

وميدانيا، قال الخبير العسكري إن مرحلة "عربات جدعون" دخلت مرحلتها الثالثة بعد القصف الجوي المكثف، ثم توغل محدود للقطاعات البرية متزامن مع قصف مكثف للوصول إلى مناطق معينة لتضييق المساحة على المقاومة.

إعلان

وترتكز المرحلة الثالثة من العملية العسكرية الإسرائيلية -وفق الفلاحي- على الاجتياح والسيطرة، مما يقتضي فصل المدنيين أولا عن فصائل المقاومة حسب الخطة الإسرائيلية والتدرج في قضم الأراضي.

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: أميركا تخسر تفوقها الصناعي العسكري بينما تتقدم الصين بثبات
  • كيف نفذت القسام كمينا مركبا بمنطقة تحت سيطرة جيش الاحتلال؟
  • بالفيديو .. لحظة إخلاء آخر طائرة يمنية في مطار صنعاء من الركاب قبل استهدافها بغارة إسرائيلية
  • التحضير لمشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر لتلبية احتياجات مركب توسيالي
  • البابا تواضروس يرسم أساقفة جدد لتلبية الاحتياجات الرعوية
  • خبير أرصاد يحذر من أمطار غزيرة وسيول في عدة محافظات يمنية
  • عدن على حافة الانهيار وتحذيرات من موت جماعي بسبب تدهور الأوضاع المعيشية 
  • نيويورك تايمز: نتنياهو يهدد بضرب منشآت إيران النووية بينما يسعى ترامب لصفقة
  • مصادر يمنية: غارات جوية إسرائيلية على مطار صنعاء
  • سوريا.. رئيس منظمة الإنقاذ يكشف لـCNN كيف تختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد عن مناطق المعارضة وكيف ستزدهر البلاد؟