الأنباء المتداولة خلال الأيام الماضية كانت تبشر المصريين عن قرب تدشين حزب سياسى جديد يخاوى الأحزاب السياسية القائمة على الساحة وقد يولد كبيرا ليكون كبيرهم، وقد يولد للوجاهة الاجتماعية وينتظر حتى يتم الإعلان عنه وقد يكون الإعلان قريباً أو متأخراً أو مجرد حجر أو بالون اختبار ألقى فى بحر الأحزاب السياسية لتحريكها وحلحلتها لتقوم بواجبها المطلوب منها نحو الوطن والمواطن بدلاً من حالة البيات الشتوى والوخم الصيفى والاستكنان وقت الربيع، وبدلاً من أن تستمر الأحزاب السياسية وهذا ينطبق على معظمها وليس جميعها مجرد يافطة فوق مبنى شبه مهجور أو مجرد مناصب تورث أو لشغل الوقت أو للسعى للحصول على مكاسب سياسية أو اجتماعية أو الوجود فى الصورة.
ظهور حزب سياسى جديد مستوفى الشروط القانونية التى تقبلها لجنة شئون الأحزاب السياسية لا تثريب عليه، فمن حق أى فريق من المواطنين تكوين الأحزاب السياسية بإخطار ينظمه القانون بشرط عدم مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفى أو جغرافى أو ممارسة نشاط معادٍ للديمقراطية، أو سرى أو ذى طابع عسكرى أو شبه عسكرى.
لجنة شئون الأحزاب الحالية والتى تشكلت فى ظل الدستور الحالى قضائية، مستقلة تماماً معصوبة العينين، تتمتع بالحياد التام، وساعد حيادها فى ظهور أكثر من مائة حزب موجودة على الساحة السياسية بدون عمل، على الأقل معظمها «لا يهش ولا بينش»، وتحولت إلى عدد فى الليمون ولا يستطيع أى مواطن مثقف معرفة اسم خمسة أحزاب منها على الأكثر، هذه التخمة لبّت رغبة المطالبين بحرية إنشاء الأحزاب والذين عانوا من حالة الإغلاق السياسى فى الماضى والتى أدت إلى سدة فى العمل السياسى كان وراءها الأنظمة المتتالية بعد ثورة 23 يوليو 1952، ووجود لجنة شئون الأحزاب التى كان يرأسها الأمين العام للحزب الوطنى فى ظل دستور 1971، هذه اللجنة كانت سياسية تقوم على المواءمة والملاءمة، وقبول أو رفض الأحزاب لأسباب غير موضوعية، وفق الأهواء تقوم بدور الخصم والحكم فى حالة تيبس فى الحياة السياسية والحزبية بسبب سيطرة الحزب الواحد وهو الحزب الوطنى الذى كان يرأسه رئيس الدولة بداية من أنور السادات حتى فترة حكم حسنى مبارك مما شكل خطراً على العمل السياسى وعلى تحرك الأحزاب الموجودة على الساحة والتى كان يتركها لها النظام الحاكم، ولكن دفع الجميع ثمن كل هذه المساوئ فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، اللتين قامتا بهدف بناء جمهورية جديدة على أساس الإرادة الشعبية والديمقراطية ومحاربة الفساد.
التربص بالحياة الحزبية لم يكن وليد مرحلة الحزب الوطنى ولا دستور 71، ولكن تم وضع خطته فى مجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952، والذى قرر حل الأحزاب السياسية وهو الخطأ الأكبر الذى ارتكبته الثورة، أصاب البلاد بالكوارث السياسية، وجعل إنجازات الثورة فى مهب الريح، خاصة مبدأ إقامة حياة ديمقراطية سليمة، ولكن بدلا من أن يحدث ذلك فقد ساد البلاد الحزب الواحد والفكر الواحد الذى أدى إلى اتخاذ سياسات وقرارات فردية دون مشاركة الجماهير، وكانت سبباً لمعاناة الشعب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً كما أدى إلى تجفيف ينابيع الحياة السياسية لأن الهدف كان هو الانفراد بالحكم ونظام الحزب الواحد وغياب الرأى الآخر وعدم الالتزام بتداول السلطة كما سيطر رأس المال وانتشر الفساد وانهارت المكاسب السياسية وسيطر رجال الحزب الواحد على كل مؤسسات الدولة وكان أعضاؤه فوق المساءلة.
فكرة التنظيم الواحد انهارت بعد هزيمة 1967، ولكن جرت محاولات لإحيائه بعد وفاة «عبدالناصر» ونجح السادات فى إقصاء مراكز القوى، وبعد انتصار السادس من أكتوبر 1973، جاءت فكرة المنابر ثم فكرة الأحزاب الثلاثة الوسط واليمين واليسار بهدف إقامة حياة ديمقراطية تقوم على التعددية، وكان أسوأ ما فى هذه التجربة هو قيادة رئيس الدولة «السادات» لأحد الأحزاب ثم تطور بعد ذلك إلى الحزب الوطنى الذى انتهج سياسات أدت إلى تهميش باقى الأحزاب فكانت جسدا بلا روح، وأحزابا بلا قاعدة جماهيرية.
التقطت الحياة الحزبية أنفاسها فى ظل دستور 2014 الحالى الذى جعل إنشاء الأحزاب مثل الماء والهواء، ولكن معظم الأحزاب التى نشأت ألهاها التكاثر، ثم التناحر على المناصب وعلى المكاسب، خاصة السياسية وأهملت دورها فى الشارع وأهملت التنافسية، أخذت مزايا الدستور فى المادة 74، التى سهلت عملية إنشاء الأحزاب الجديدة وتجاهلت المادة الخامسة من الدستور التى تؤكد أن النظام السياسى يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة. عملت الأحزاب على المظهر وهو إنشاء الحزب وتجاهلوا الجوهر وهو التنافس فيما بين الأحزاب للوصول إلى السلطة والحصول على الأغلبية البرلمانية وهو الهدف من إنشاء الأحزاب فى الدول الديمقراطية التى يتنافس فيها حزبان على الأكثر.
كما رأينا فى الولايات المتحدة الأمريكية على الرئاسة بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى وهناك أحزاب هامشية والأمثلة كثيرة فى الدول الديمقراطية.
أعود إلى حق الشخصيات المحترمة التى تفكر فى إنشاء حزب جديد فهذا حقهم، ولكن أدعوهم أيضاً إلى التفكير فى توفير إمكانياتهم للنهوض بالأحزاب الحالية فانضمام الكفاءات السياسية والاقتصادية إلى الأحزاب المعروفة على الساحة كفيل بالنهوض بهذه الأحزاب من عثراتها السياسية والمالية والتنظيمية، وأن يكون الهدف هو التنافس بين الأحزاب فى الانتخابات العامة وتخرج الأحزاب المتعثرة من السباق إما بإعادة معالجة أخطائها للدخول فى منافسات جديدة أو تجميد نفسها أو الاندماج فى أحزاب جديدة.
مصر وطن يستحق أن نلتف حوله، ونتكاتف مع قيادته فى هذه الظروف العالمية الصعبة، ولن يكون ذلك متاحاً إلا من خلال عقول تساعد فى البناء من خلال رأى قوى فى برلمان قوى وفى انتخابات يسودها المنافسة وأن يكون الهدف الأول هو الدفاع عن هذا الوطن، وعن مقدرات شعبه من خلال توفير حياة كريمة لشعب يعيش على أرض حرة، وأهلاً بالآراء الحرة البناءة فى وطن حر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب الأنباء المتداولة الأحزاب السياسية الأحزاب السیاسیة إنشاء الأحزاب الحزب الواحد على الساحة على أساس
إقرأ أيضاً:
هل يمكن خسارة الوزن بدون رياضة؟.. ولكن!
يعتقد أغلبنا أن خسارة الوزن مرتبطة بممارسة الرياضة، والتمارين بشكل دوري، وذلك حتي نحصل على وزن مثالي.
كيف يمكن خسارة الوزن بدون ممارسة الرياضة؟وأكد الدكتور معتز القيعي، أخصائي التغذية العلاجية والرياضية واللياقة البدنية، أن خسارة الوزن لا تتطلب بالضرورة ممارسة التمارين الرياضية.
وأوضح القيعي في تصريح خاص لموقع “صدى البلد” الإخباري، أن العامل الحاسم في فقدان الوزن هو تحقيق عجز في السعرات الحرارية.
وقال القيعي: "كلما كان الشخص يتناول سعرات حرارية أقل مما يستهلكه جسمه يوميًا، فسيبدأ الجسم في حرق الدهون كمصدر بديل للطاقة، حتى في غياب الرياضة."
وأوضح القيعي، عددًا من الخطوات التي يمكن من خلالها خسارة الوزن بدون ممارسة الرياضة، أبرزها:
ـ التحكم في السعرات:
عبر تقليل كميات الطعام تدريجيًا، استخدام أطباق صغيرة، وتجنب تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفاز أو استخدام الهاتف.
ـ اتباع نظام منخفض الكربوهيدرات مع الصيام المتقطع:
حيث يقلل من الشهية بشكل طبيعي ويساعد الجسم على الدخول في حالة حرق الدهون.
ـ التركيز على البروتين والألياف:
فالبروتين يعزز الإحساس بالشبع لفترة أطول، بينما تسهم الألياف في تحسين الهضم وتنظيف الجهاز الهضمي.
ـ الابتعاد عن السكر والنشويات:
لما لها من تأثير في رفع الأنسولين وتخزين الدهون، خاصة في منطقة البطن.
ـ شرب كميات كافية من المياه:
للمساعدة في تقليل الشعور الكاذب بالجوع، وينصح بشرب كوب ماء قبل كل وجبة.
ـ الاهتمام بالنوم الجيد:
من 7 إلى 9 ساعات يوميًا، حيث أن قلة النوم تؤثر على هرمونات الجوع والشبع.
ـ إدارة التوتر:
لأن التوتر يرفع مستوى الكورتيزول في الجسم، مما يعزز من تخزين الدهون.
لكن.. ماذا عن الرياضة؟
رغم إمكانية خسارة الوزن بدونها، شدد د. القيعي على أن “ممارسة الرياضة تظل ضرورية للحفاظ على الكتلة العضلية، ومنع الترهلات، ورفع معدل الحرق.”
وأوضح القيعي، أن العضلات تحرق سعرات حرارية حتى أثناء الراحة، مما يجعل النشاط البدني عاملاً مهمًا في ثبات الوزن بعد فقدانه.
وأضاف القيعي، إلى أن: "الرياضة لا تساهم فقط في تحسين شكل الجسم، بل لها دور كبير في تحسين الحالة المزاجية من خلال إفراز الإندورفين، كما تعزز صحة القلب والدورة الدموية، وتحسن جودة النوم والتركيز."
واختتم القيعي بقوله: “لو الشخص مش قادر يمارس تمارين رياضية منتظمة، أنصحه على الأقل بالمشي اليومي أو أي حركة بسيطة تعزز النشاط العام وتحافظ على الصحة.”