لجريدة عمان:
2025-08-14@13:15:55 GMT

اللحظة .. الحاضرة الهاربة

تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT

توصف لقطة آلة التصوير لأي صورة بأنها اللحظة الهاربة؛ ذلك لأنها لن تتكرر بنفس تفاصيلها التي أخذت بها في تلك اللحظة، وخاصة للصور المتحركة، وغير الثابتة، وما ينطبق على هذا المعنى بالنسبة للصورة، فإن الفكرة ذاتها تذهب إلى حيث اللحظة الزمنية التي تتقاطر عليها الأحداث من كل حدب وصوب، فما هي إلا تلك لحظتها الزمنية الحاضرة فقط، فما إن تجاوزت ثانيتها إلا وتتشكل أحداث أخرى، وتتخذ مواقف أخرى، وتتغير قناعات أخرى، وأتصور من هنا تأتي مقولة: «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك» والقطع هنا ليس ذلك الفهم التجريدي أو الفيزيائي للمعنى، وإنما يذهب إلى معنى استغلال الفرص، واستثمار اللحظة، فالرهان يبقى على ذات اللحظة، وضرورة عدم التفريط فيها.

ولذلك كثير من الناس يخسرون لحظتهم الراهنة، ويندبون حالهم، وتسمعهم يرددون: «يا ليت وافقت»، «يا ليت استغليت العرض»، «يا ليت بعت، أو شريت» وغيرها من الألفاظ التي يندم فيها كثير من الناس من عدم التوافق مع ظروف لحظتهم تلك قبل أن تهرب من بين أيديهم، فالهروب هنا معناه ضياع الفرصة، ومعناه عدم تكرار ما كان موجودا قبل قليل، فمتى ينفض السامر، تخلُ الساحة من مباهج صورها الاحتفالية، وأصفها بالاحتفالية لأنه متاح فيها أن تستعرض الكثير مما هو مرغب فيه للأطراف الحاضرين، وللمقاربة تذهب الفكرة إلى أبعد من ذلك، فإن الحياة -عموما- بمقاييسها المادية هي صورة احتفالية بامتياز، وما يذهب إلى النقيض يبقى أقل في العدد والتأثير، وبالتالي فمتى استغل العمر البيولوجي للإنسان الفرد في كثير من المتاح في هذه الحياة، يعتبر ذلك لحظة ذهبية ليس يسيرا تكرارها، ومن يفرط في هذه اللحظة الذهبية أو تلك يخسر الكثير، ويبقى التعويض صعب جدا إن لم يكن مستحيلا، ولذلك قيل أيضا: «لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد» لأن ما تستطيع إنجازه اليوم بظروفك المتاحة من الصحة، والفرص المواتية، وتوفر سبل الإنجاز، قد لا يتحقق ذلك لك غدًا، وبالتالي فسوف تسقط نفسك من حيث لا تدري في «اللحظة.. الحاضرة الهاربة» وهذه الصورة في مجملها متاحة للجميع، وليست لها خصوصية، أو ظروف خاصة لكل فرد على حدة، نعم، قد يبدو بعض ما نطمح إليه صعب التحقيق في الوقت الذي نريده، ولكن عندما نملك ما نستطيع تملكه لماذا يؤخرنا جانب التلكؤ والانتظار، والبحث عن خيارات نعتقد أنها الأفضل؟

«اللحظة.. الحاضرة الهاربة» يمكن أن نقول عنها مشروع فردي، أو اجتماعي، أو حتى مشروع دولة، لمَ لا؟ فكثير ما يتاح للدول كما هو الحال للأفراد الفرص الذهبية، ولكن لأن هناك بيروقراطية في اتخاذ القرار، تولي الفرص الذهبية دبرها باحثة عمّن يستغل فرصتها المتاحة، ولذلك تجد كثيرا من الأنظمة - في مجالات السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة - تخسر مشاريع مهمة، بعوائد أكثر أهمية؛ لأن صاحب القرار في صورها تلك ليست عنده القدرة على استشراف أفق المستقبل، فلا يزال متموضعًا عند سننه التقليدية التي تخيم عليها الكثير من الصور النمطية، ومعروف عن الأثر السلبي التي تعكسه تموضعات الصور النمطية على الفكر الإنساني بشكل عام، حيث تحد من قدرته على التحرر، والبحث عن سبل ومخارج ومنافذ ذات أفق أكثر حداثة، وأكثر جرأة، وأكثر مغامرة، ولذلك فالإدارات التقليدية في كل شيء لا تقدم مكسبا تنمويا يشار إليه بالبنان، حيث تبقى تكرر ما كان عليه من كان قبلها وكفى.

يلتحم التطور -غالبا- بالحياة الحاضرة المتجددة، التي يصل فيه مستوى التفاعل نسبا عاليا جدا، حيث تكون فيه الرهانات لما يتجاوز نسبة الـ(90%) ومن يتمكن من أن يحجز له مساحة في هذه النسبة فهي البطولة بامتياز، وهنا لن يكون للحظات الحاضرة فرصة للهروب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟

تساءل جنرال إسرائيلي عن أسباب عدم هزيمة حركة حماس في قطاع غزة، رغم الضربات المتتالية التي تلقتها الحركة على مدار 22 شهرا من الحرب الدموية.

وقال اللواء بقوات الاحتياط غيرشون هكوهين في مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم"، إنه يلوح سؤال: "كيف لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟"، منوها إلى أن النقاش الأخير بين رئيس الأركان ورئيس الوزراء، يتلخص في معضلة بين مسارين محتملين للعمل في المعركة القادمة.

وأوضح هكوهين أن "المسار الأول يهدف إلى احتلال قطاع غزة بالكامل في خطوة سريعة، والمسار الثاني يقترح تطويق مراكز قوة حماس"، مضيفة أنه "عند مناقشة المسارين، نرى هناك مزايد وعيوب لكل منهما، ولا يضمنان نهاية سريعة للحرب".

وتابع: "في خضم هذا الحديث فإنّ السؤال الذي يظهر هو كيف لم تهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟"، مؤكدا أن "القول بأن ليس لديها ما تخسره هو تفسير مجتزأ. أما التفسير الأعمق فيتطلب النظر إلى قوة الإيمان الإسلامي التي تُحرك حماس".

وأردف قائلا: "مع أننا نُدرك البُعد الروحي الذي يُحرك الأعداء، إلا أننا في تصورنا للحرب، وفي تفكيرنا في طريق النصر ضدهم، نجد صعوبة في ربط البُعد المادي للأعداء ببُعدهم الروحي. يُظهر جيش الدفاع الإسرائيلي كفاءةً في كل ما يتعلق بالعمليات في البُعد المادي. لكن النظر إلى البُعدين معًا، في كيفية تشكيلهما حاليًا لروح الحرب لدى الأعداء من حولهم، يُمكن أن يُفسر كيف ولماذا كانت غزة، ولا تزال، نقطة ارتكاز الحرب الإقليمية بأكملها".



ولفت إلى أنه "رغم رحيل القائد الذي أشعل فتيل الحرب الإقليمية، إلا أن روحه تُحرّك قوى الجهاد في جميع المجالات. أشاد زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، في خطابٍ له قبيل ذكرى عاشوراء الشيعية في الخامس من يوليو/تموز، بموقف حماس البطولي قائلاً: "في غزة، تتجلّى كربلاء جيلنا". يُصبح مثال حماس في التضحية في غزة مصدر إلهامٍ لإرث التضحية - إرث أتباع الإمام الحسين".

ورأى أنه "من الواضح تمامًا أن قيادة حماس، التي تمسكت بمواصلة الحرب رغم صعوبة الوضع في غزة وحالة السكان، لا ترى في وضعهم "تفعيلًا لآلية تدمير ذاتي". في قوة الإيمان الجهادي وواجب التضحية، ثمة تفسير لكل المعاناة والدمار المحيط بهم. بالنسبة لهم، يُقصد اختبار الإيمان في مثل هذه الأوقات تحديدًا، في القدرة على تحمل المعاناة بصبر وانتظار الخلاص".

وتابع: "ما يعزز آمالهم في النصر هو الصورة المعاكسة لأصوات الضيق التي ترتفع من المجتمع الإسرائيلي"، معتبرا أنه "في مثل هذا الوضع الحربي، يتضح البعد الذي يتجاوز الأبعاد المادية للحرب. وبما أن تصور أعدائنا للحرب كجهاد يجمع جميع الأبعاد المادية والروحية، فلا بد لنا من التعمق ليس فقط في تقويض أصولها المادية، وهو ما يتفوق فيه جيش الدفاع الإسرائيلي، بل أيضًا في الإضرار المتعمد بالأساس الروحي للعدو".

وختم قائلا: "بالطبع، هذه دعوة لتغيير عقليتنا، ليس فقط في نظرتنا للحرب، بل أيضًا في إدراكنا لبعد الوعي فيها. هنا يكمن مجال عمل لم يتعمق فيه قادة دولة إسرائيل لأجيال، ولكنه أصبح الآن ضروريًا"، على حد قوله.

مقالات مشابهة

  • وداعًا مؤرخ اللحظة الإنسانية.. وفاة الأديب المصري صنع الله إبراهيم
  • 5 أطعمة التي تلعب دورًا هامًا في مكافحة السرطان
  • قتل الشاهد.. الجريمة التي تُضاعف جريمة الحرب
  • سر لم يُكشف من قبل.. قصة عبد الغفور البرعي التي غيرت حياة نور الشريف
  • شاهد - التحولات التي أحدثها القرار اليمني في 19 مايو على موازين القوة البحرية
  • عادة تبدو بريئة.. لكنّ الاعتذار عن الحضور في اللحظة الأخيرة قد يضرّ بصداقاتك
  • One UI 8 قائمة هواتف سامسونج التي ستحصل على تحديث
  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • أنس.. الكلمة التي أرعبت الرصاصة
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟