اعترف جنرال إيراني بارز بهزيمة طهران هزيمة منكرة في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي كان حليفا رئيسيا لها في المنطقة، حسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" وترجمته "عربي21".

وجاءت تصريحاته بعد أسابيع من محاولة المسؤولين الإيرانيين التقليل من خسارة سوريا وانهيار النظام الموالي لها والذي قاده بشار الأسد.

وقدم الجنرال الذي وصفته الصحيفة بالمهم رؤية صريحة حول الضربة التي تلقتها إيران ومنظورها العسكري في المستقبل.

وأشار التقرير إلى أن رؤية الجنرال تتناقض بشكل كبير مع الموقف الرسمي للجمهورية الإسلامية بشأن الانهيار السريع لنظام بشار الأسد.

وجاءت التصريحات المشار إليها في شريط صوتي لخطاب ألقاه الجنرال بهروز إسباطي الأسبوع الماضي بمسجد في طهران، وظهر يوم الإثنين في الإعلام الإيراني، وهي تصريحات تتناقض مع تصريحات وزير الخارجية والمسؤولين الآخرين في إيران.

وقال الجنرال إسباطي: "لا أعتقد أن خسارة سوريا أمر يجب أن نفتخر به". ونشر الشريط الصوتي على موقع تابع لجماعة عبدي ميديا في جنيف، وجاء فيه: "لقد هزمنا، وهزمنا بشكل سيء وتلقينا ضربة قوية وكانت صعبة".


وكشف إسباطي أن العلاقة مع الأسد كانت متوترة قبل أشهر من فراره، وقال إن الرئيس المخلوع رفض الاستماع لمطالب إيرانية متكررة والسماح للميليشيات التي تدعمها إيران فتح جبهة أخرى ضد إسرائيل من الأراضي السورية، وذلك في الفترة التي أعقبت 7 تشرين الأول/أكتوبر.

وقال إن إيران قدمت له خطة شاملة حول كيفية استخدام مصادرها العسكرية في سوريا لضرب إسرائيل. وهاجم الجنرال روسيا التي تعتبر من أكبر حلفاء سوريا بأنها ضللت طهران من خلال الزعم بأن المقاتلات الروسية تقوم بضرب مواقع المعارضة المسلحة، في الوقت التي كان تقوم فيه بإسقاط القنابل على سهول مفتوحة.

وقال إن روسيا قامت بإغلاق الرادار على الضربات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا، العام الماضي، مما سهل تنفيذ هذه العمليات.

وظلت إيران الحليف المهم لسوريا وعلى مدى عدة عقود. وتحولت في عهد بشار الأسد الذي قمع الثورة ضده إلى مركز قيادة وإمدادات لحلفائها في لبنان وتحكمت طهران بمطارات ومخازن أسلحة وأدارت قواعد لإنتاج المسيرات والصواريخ، وفقا للتقرير.

وفي الوقت الذي تسيطر فيه جماعات المعارضة على سوريا وتبحث عن تشكيل حكومة إئتلاف، فستحاول إيران البحث عن طرق لتجنيد متمردين بأي طريقة ممكنة كما  قال الجنرال، مضيفا "سنقوم بتفعيل كل الشبكات التي عملنا مع على مدى السنوات" و "سنفعل كل الطبقات الاجتماعية التي عاش رجالنا فيها على مدى السنوات. وسنكون ناشطين على منصات التواصل الإجتماعي ونستطيع إنشاء خلايا مقاومة".

وقال الجنرال الإيراني "الأن نستطيع العمل هناك كما نعمل في أي ساحة دولية وقد بدأنا".
وقد أدهشت تعليقات الجنرال الإيرانيين، إما بسبب ما ورد فيها من كلام صريح أو بسبب مكانة المتحدث. فهو قائد أعلى في القوات المسلحة الإيرانية، المظلة التي تضم الجيش والحرس الثوري، وله سجل من الأدوار البارزة بما في ذلك القائد العام لقسم الإنترنت في القوات المسلحة.

وأشرف في سوريا على العمليات العسكرية الإيرانية ونسق عن قرب مع الوزراء السوريين ومسؤولي الدفاع ومع الجنرالات الروس متجاوزا حتى القائد العام لفيلق القدس، الجنرال إسماعيل قاآني، الذي يشرف على شبكة الميليشيات الإقليمية المدعومة من إيران.

ونقلت الصحيفة عن مهدي رحمتي، المحلل البارز في طهران والخبير في الشؤون السورية، قوله في مقابلة هاتفية إن خطاب الجنرال إسباطي كان مهما لأنه أظهر أن بعض كبار المسؤولين لديهم الجرأة للخروج عن الدعاية الحكومية ويتحدثون بصراحة مع الجمهور.


وقال رحمتي إن "الجميع يتحدثون عن خطابه في اللقاءات ويتساءلون عن سبب حديثه عن هذه الأشياء، وبخاصة من على منبر عام" و "وقد قدم بوضوح ما حدث لإيران وأين تقف الآن. وبطريقة تحذر السياسة المحلية".

وأشار الجنرال إسباطي إلى أن انهيار نظام الأسد كان محتوما نظرا للفساد والقمع السياسي والضائقة الاقتصادية التي تواجه الناس، من انقطاع الكهرباء إلى الرواتب القليلة.

وأضاف أن الأسد تجاهل التحذيرات التي طالبته بالإصلاح. وعلق المحلل رحمتي أن مقارنة ما قاله الجنرال بالوضع الحالي في إيران لا يمكن تجاهله.

وعلى الرغم من تأكيدات الجنرال بشأن تفعيل الشبكات، فإنه لا يزال من غير الواضح ما الذي تستطيع إيران أن تفعله فعليا في سوريا، نظرا للمعارضة العامة والسياسية التي واجهتها في البلاد والتحديات التي تواجهها في الوصول إليها، إن برا أو جوا. وحذرت "إسرائيل" من أنها ستدمر أي جهود إيرانية تكتشفها على الأرض في سوريا.

وبينما تتمتع إيران بخبرة العمل في العراق بعد الغزو الأمريكي في عام 2003 ، بما في ذلك زرع الاضطرابات، فإن الجغرافيا والمشهد السياسي في سوريا يختلفان كثيرا، وهو ما يطرح المزيد من التحديات، وفقا للتقرير.

وقال عضو في الحرس الثوري قضى سنوات في العراق كإستراتيجي عسكري في مقابلة هاتفية، إن تعليقات الجنرال إسباطي حول تجنيد إيران للمتمردين طموحة وليست عملية في هذه المرحلة.

وأضاف أنه في حين اعترف الجنرال إسباطي بالهزيمة المنكرة، فإنه سعى أيضا إلى تعزيز الروح المعنوية وتهدئة المحافظين الذين يطالبون إيران بتحرك أقوى.

وقال المسؤول في الحرس الثوري، إن سياسة إيران لم تحسم بعد ولكن تم التوصل إلى إجماع في الاجتماعات التي حضرها حيث تمت مناقشة الاستراتيجية.

ولفت إلى أن إيران ستستفيد إذا انزلقت سوريا إلى الفوضى لأن إيران تعرف كيف تعمل وتضمن مصالحها في مشهد مضطرب. ويتمتع الحرس الثوري في إيران بسلطة تحديد السياسة الإقليمية وتجاوز وزارة الخارجية.

إلا أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي،  له الكلمة الأخيرة في الأمور الرئيسية للدولة. وقال في خطابين على الأقل منذ سقوط الأسد إن المقاومة لم تمت في سوريا، مضيفا أن شباب سوريا سيستعيدون بلادهم من "المتمردين"، الذين وصفهم بعملاء إسرائيل والولايات المتحدة.

وكان الرئيس مسعود بزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقجي أكثر ميلا إلى المصالحة، حيث قالا إنهما يفضلان الاستقرار في سوريا والعلاقات الدبلوماسية مع الحكومة الجديدة.

وشغل التوتر المحيط بهذه الآراء المتنافسة بشأن سوريا المسؤولين، لدرجة أنهم قاموا بحملة للتحكم بالأزمة.

وألقى كبار القادة العسكريين والخبراء المقربين من الحكومة خطابات وعقدوا جلسات أسئلة وأجوبة مع الجماهير في المساجد ومراكز المجتمع في العديد من المدن، وفقا لـ"نيويورك تايمز".

وألقى الجنرال إسباطي  خطابه، في 31 كانون الأول/ديسمبر أمام ضباط الجيش والمصلين في المسجد. وكان عنوان خطابه "الإجابة على الأسئلة حول انهيار سوريا".

وبدأت الجلسة عندما أخبر الجنرال إسباطي الحشد أنه غادر سوريا على متن آخر طائرة عسكرية إلى طهران في الليلة التي سبقت سقوط دمشق في أيدي المعارضة.

وانتهت الجلسة بإجابته على أسئلة من الحاضرين. وقدم تقييمه الأكثر جدية للقدرة العسكرية الإيرانية في محاربة إسرائيل والولايات المتحدة.


وعندما سئل عما إذا كانت إيران سترد على مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله على يد إسرائيل، أجاب بأن إيران ردت بالفعل، في إشارة إلى وابل الصواريخ الذي أرسلته في الخريف الماضي. وعندما سئل عما إذا كانت إيران تخطط لتنفيذ جولة ثالثة من الضربات المباشرة على إسرائيل، قال إن "الوضع" لا يمكنه تحمل وبشكل واقعي هجوما آخر على إسرائيل.

وعندما سئل عن سبب عدم إطلاق إيران صواريخ على القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، قال إن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى شن الولايات المتحدة هجمات انتقامية أكبر على إيران وحلفائها، مضيفا أن الصواريخ الإيرانية العادية - وليس المتقدمة - لا يمكنها اختراق أنظمة الدفاع الأمريكية المتقدمة.

وعلى الرغم من هذه التقييمات، قال الجنرال إسباطي إنه يريد أن يطمئن الجميع بعدم القلق، وأضاف أن إيران وحلفاءها ما يحتفظون باليد العليا على الأرض.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية إيراني سوريا الأسد روسيا إيران سوريا الأسد روسيا صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قال الجنرال بشار الأسد فی سوریا أن إیران قال إن

إقرأ أيضاً:

مصرف سوريا المركزي: لدينا خطة للاندماج في النظام العالمي فور إنهاء قانون قيصر

قال حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية إن إنهاء العمل بقانون قيصر الأميركي سيكون المحطة الأخيرة والأهم لتمهيد الطريق أمام دمج بلاده في النظام المصرفي العالمي.

وينتظر أن يصوت الكونغرس الأميركي اليوم الأربعاء على الصيغة النهائية لملحق إلغاء "قانون قيصر"، ليصبح قانونا تُرفع بموجبه العقوبات الأميركية عن سوريا بشكل نهائي ودائم قبل عيد الميلاد.

وترك هذا القانون -الذي تم تعليق العمل به منذ سقوط نظام بشار الأسد– أثرا سلبيا على معاملات دمشق المالية وقدرتها على إدارة الاحتياطات بعدما توقفت غالبية المصارف العالمية عن التعامل معها، كما قال في مقابلة حصرية مع الجزيرة.

وبسبب هذا القانون، لم يكن مصرف سوريا المركزي قادرا على القيام بمهام مثل طباعة العملة، وتحديد السياسة النقدية، وجلب السيولة، وهي أمور أكد حصرية الشروع في العمل عليها فور إنهاء العمل بعقوبات قيصر.

الاندماج في النظام العالمي

ولم تكن سوريا قادرة على الاستفادة من التكنولوجيا المالية العالمية بسبب عقوبات قيصر، التي وصف حصرية برفعها بالمعجزة، مؤكدا أن الاستفادة منها يتطلب وضع سياسات وأهداف مالية واضحة ومحددة.

وقال حاكم مصرف سوريا المركزي إن الحكومة وضعت خططا لتطوير النظام المالي والمصرفي فور رفع عقوبات قيصر، وإن المصرف تلقى تدريبات في وزارة الخزانة الأميركية وتباحث مع بنوك كبرى بشأن خطواته المستقبلية.

وتسعى دمشق بعد رفع العقوبات للاندماج في النظام المصرفي العالمي على نحو يجعلها قادرة على جلب السيولة والاستثمارات الخارجية، وقد وعدت دول مثل قطر والسعودية والإمارات وتركيا، بضخ استثمارات كبيرة في سوريا فور إنهاء العمل بقانون قيصر.

ووضع المصرف إستراتيجية مصرفية تمتد حتى 2030، وتقوم على مكافحة غسل الأموال، وتعديل السياسة النقدية لتعزيز الثقة في النظام المالي السوري من خلال تشريعات يجري العمل على وضعها، كما قال حصرية.

إعلان

وستعمل الحكومة -حسب المسؤول السوري- على دعم القطاع المصرفي حتى يتمكن من بناء ثقة عالمية، وتحديد سياسة نقدية تعزز جلب الاستثمارات والسيولة على نحو يساعد على تعزيز الاحتياطات، وتوفير مزيد من فرص العمل للسوريين.

وستكون دمشق قادرة على تصدير والنفط والغاز، وتحريك قطاع الاستيراد والتصدير، وجلب المعدات اللازمة لدعم القطاع الصناعي، وكلها أمور ظلت معطلة لسنوات بسبب قانون قيصر.

وفي العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تعليق العقوبات المفروضة على سوريا ضمن قانون قيصر لمدة 180 يوما.

وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أقر الكونغرس الأميركي قانون قيصر لمعاقبة أركان نظام الأسد على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين في سوريا.

ومن شأن إلغاء القانون أن يمهد الطريق لعودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، التي تأسست في مارس/آذار 2025.

وشكّلت العقوبات الأميركية عقبة كبيرة أمام انتعاش الاقتصاد السوري، ويُعتبر رفعها دليلا على نجاح الحكومة السورية الجديدة.

وفرض قانون قيصر لعام 2019 عقوبات واسعة النطاق على سوريا استهدفت أفرادا وشركات ومؤسسات مرتبطة بالأسد، الذي حكم سوريا بعد وفاة والده حافظ الأسد من عام 2000 حتى إطاحته في 2024.

وسُميت هذه العقوبات بالاسم الرمزي لمصور عسكري سوري سرب آلاف الصور المروعة التي توثق التعذيب وجرائم الحرب التي ارتكبها نظام بشار الأسد.

مقالات مشابهة

  • ضابط في جيش لحد يكشف عن علاقات سرية بين إسرائيل والمليشيات في لبنان
  • حفل زفاف في سوريا يتحول إلى مأساة كبرى في ريف درعا الغربي.. ماذا حدث؟
  • سوريا وفرنسا تطلبان من لبنان اعتقال مدير المخابرات الجوية السابق.. ماذا نعرف عن جميل حسن؟
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • منتخب المغرب أول المتأهلين للدور نصف النهائي ببطولة كأس العرب بالفوز على سوريا 1-0
  • نجل مفتي سوريا السابق يكشف تفاصيل اعتقال والده.. ماحقيقة إعدامه؟
  • إسرائيل تستعد لسيناريو هجمات عبر أذرع إيران وجنوب سوريا
  • سوريا تُحبط عملية تهريب مخدرات كبيرة.. قادمة من لبنان
  • ترامب يخاطب قادة أوروبا بـكلمات حادة وكييف تتحدث عن خطة معدلة لإنهاء الحرب
  • مصرف سوريا المركزي: لدينا خطة للاندماج في النظام العالمي فور إنهاء قانون قيصر