معجزة قرآنية تتكشف بعد 1450 عامًا.. الآية 69 من سورة النحل
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
منذ أكثر من 1450 عامًا، نزلت سورة النحل، وهي واحدة من السور التي تحمل في آياتها دلائل إعجازية تستدعي التدبر والتفكر، من بين 128 آية، تأتي الآية 69 التي تسلط الضوء على نعمة عظيمة، هي عسل النحل، إذ يقول الله تعالى:﴿ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (سورة النحل: 69).
في زمن نزول القرآن الكريم، كان عسل النحل معروفًا كغذاء مفيد، كان بعض الناس يمزجونه بالماء للشرب أو يستخدمونه كحلوى طبيعية، ومع ذلك، لم يكن لديهم معرفة علمية عميقة حول خصائصه العلاجية، ولمدة قرون، بقي العسل مجرد غذاء يتمتع بمذاق حلو وقيمة غذائية عالية.
الطب الحديث يكشف السرمع تطور الطب الحديث، بدأت الأبحاث تكشف النقاب عن أسرار هذا الشراب المختلف ألوانه.
تبين أن العسل ليس مجرد غذاء، بل هو من أقوى العلاجات الطبيعية التي عرفها الإنسان.
من أبرز استخداماته العلاجية المكتشفة:علاج الحروق والجروح:يمتلك العسل خصائص مضادة للبكتيريا تساعد في تسريع شفاء الجروح والحروق، حيث يعمل كطبقة واقية تقلل من العدوى وتعزز تجديد الأنسجة.
التئام القرح:
يلعب العسل دورًا فعّالًا في علاج قرح القدم السكرية والجروح المزمنة، وهو ما جعله خيارًا طبيًا متقدمًا في هذا المجال.
علاج الجيوب الأنفية:
كشفت الأبحاث أن استنشاق محلول العسل يساهم في تخفيف التهابات الجيوب الأنفية بفضل خصائصه المضادة للميكروبات.
محاربة الدمامل:
يحتوي العسل على مركبات طبيعية مضادة للالتهابات، تجعله خيارًا آمنًا وفعّالًا لعلاج الدمامل وإزالة السموم.معجزة علمية وإيمانية
إن ما ذكره القرآن الكريم منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام عن كون العسل "فيه شفاء للناس"، بات اليوم حقيقة علمية مثبتة. هذا الإعجاز لم يكن ليُدركه الإنسان وقت نزول الآية، لكنه اليوم شاهد على دقة كلام الله وتطابقه مع ما اكتشفه العلم الحديث.
دعوة للتأمل والتفكرتختتم الآية بالإشارة إلى أن هذه الحقائق هي "آية لقوم يتفكرون". فالعسل ليس مجرد منتج طبيعي، بل هو هدية من الخالق تحمل في طياتها بركات ومعجزات تدعونا إلى التأمل في عظمة الخالق وقدرته.
مع كل تقدم علمي يُثبت إعجازًا جديدًا في القرآن، يجب علينا أن ندرك أن هذا الكتاب العظيم ليس فقط هداية للبشرية في أمور الدين، بل دليل شامل يحمل إشارات علمية تشهد على مصداقيته في كل زمان ومكان.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النحل سورة النحل العسل عسل النحل معجزة القران الكريم
إقرأ أيضاً:
جزء عم .. مشاهد من يوم القيامة
عند مراجعتنا لسور جزء عم التي حفظناها في مقتبل العمر في مدارس تعليم القرآن والمراكز الصيفية، نحاول الآن قراءتها والتأمل في معانيها بعين مختلفة، فذلك الحفظ الذي تلقيناه في الصغر كان حفظا تراكميا، لا يعنى كثيرا بالتأمل في الموضوعات والمعاني والدلالات، وبحكم الألفة والعادة في قراءتها منذ الطفولة، غابت عنا كثير من الإشارات العميقة التي تحتاج إلى إعادة نظر وتمعن وتفكر، فهذا الجزء، الذي معظم سوره مكية باستثناء سورة النصر المدنية التي تتحدث عن فتح مكة، يتسم بسمات السور المكية، حيث يركّز على قضايا التوحيد، والإيمان بالبعث والنشور، وتصوير مشاهد يوم القيامة وما فيه من أهوال، وتخلو سوره من الأحكام والتشريعات الفقهية، إذ تركز على بناء العقيدة وترسيخ الإيمان في القلوب.
وعند مراجعة هذه السور بهذه الطريقة الفاحصة تجد أن الكثير منها تبرز مشاهد مروعة ليوم القيامة فهذه المشاهد القرآنية ترسم بداية النهاية لهذا العالم، وتبثّ في النفس رعدة الخشية من يوم لا مفر منه، في صور مرعبة تتبدل فيها أحوال الكون وتتغير في وصف دقيق يجعلك مشدوها وأنت تعيد تلك المشاهد في مخيلتك من احتراق البحار وانشقاق السماء وانتثار الكواكب ودك الأرض.
ولو تتبعنا هذه المشاهد وفق أحداث يوم القيامة الواردة في هذا الجزء من آيات تمتاز بالقصر وقوة الأسلوب وإيقاعها المؤثر والموجز، لترسم لنا ملامح ذلك اليوم العظيم، فيبدأ بحدث كوني يتجاوز كل ما عرفناه من ظواهر طبيعية، «إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا» فنحن نعرف زلازل الدنيا التي نشاهدها على التلفاز، ولكن تلك الزلازل لا تساوي شيئا أمام الزلزال العظيم، فهي الزلزلة المصيرية، حيث تفقد الأرض ثباتها الذي طالما اعتاده الإنسان، وتمتزج فيه كل عناصرها بزلزلة تهز كل ذرة وكل حجر وكل روح، وتخرج الأرض كل ما فيها من أثقال، أي الأموات والأعمال، وكل ما احتوته طوال عمرها، الإنسان الذي كان يعيش على هذه الأرض يستغرب ويتساءل ويقول: ما لها؟ وهذا السؤال تعبير عن دهشة الإنسان من تغير كلي في واقعه، فقد غفل عن الحقائق طوال حياته، والآن يرى بأم عينيه هذا اليوم المخيف.
وتذهب سورة الانفطار لتصوير زاوية أخرى من أهوال يوم القيامة فبعد هذا الاهتزاز الأرضي، تبدأ السماء بالانفطار فيقول ربنا تبارك وتعالى: «إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)» فيصور لنا القرآن الكريم أن هذه السماء الزرقاء الجميلة سوف تنشق وتتمزق والكواكب سوف تتناثر ويختل فلكها، وأن البحار تصبح نارا مستعرة، وتخرج الجثث من القبور في مشهد صادم مروع، وقد فصلت سورة التكوير تلك المشاهد البصرية الكونية، وبما أنها كانت تخاطب كفار قريش فأرادت أن تربط أحوالهم بتلك المشاهد الكونية التي ستكون يوم القيامة فقال تعالى: «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» أي أُزيل ضياؤها وطُويت كأنها كرة، وهذا أول مشهد يدل على انتهاء العالم، حيث تغيب الشمس ويطفأ نورها، وقال جل وعلا: «وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ» أي تساقطت، وزال ضياؤها، بعد أن كانت منضبطة في مواقعها، «وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ» أي زلزلت وزحزحت من أماكنها، وصارت كالعهن المنفوش، فتتلاشى هيبة الأرض وثقلها، وقال تعالى: «وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ» والعشار هي النوق الحوامل في الشهر العاشر، وهي أعزّ ما يملك في الجاهلية فإذا تُركت ولم يُبال بها، دلّ على هول الحدث الذي صرف الأنظار عن أغلى ما يعتنى به، وهو تقريب صورة هول الموقف مع مراعاة أحوال المخاطبين وبيئاتهم، فذكر لهم النوق، وأكمل ربنا وصفه فقال: «وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ» أي جمعت من كل مكان، وخرجت من مخابئها مذعورة، كأنها تساق إلى المحشر، ثم أتى إلى وصف تحول الشيء إلى نقيضه من شدة تبدل الأحوال فقال: «وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ» قال المفسرون: إنها أُضرمت نارا، وهو مشهد مائي ناري يدل على الهيجان الكوني العام، وقال ربنا: «وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ» أي قرنت كل نفس بما يناسبها، الصالح مع الصالح، والفاجر مع الفاجر، ثم يعود القرآن لمخاطبة كفار قريش مرة أخرى، وتذكيرهم بأقبح أفعالهم وأنهم سيحاسبون عليها فقال عز وجل: «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ» فهذه صورة من صور الظلم البشري، حين كانت البنت تدفن حية في الجاهلية، وفي يوم القيامة تسأل تلك البريئة ليظهر ظلم قاتلها، ويكمل وصف أحداث ذلك اليوم فيقول: «وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ» أي كشفت كتب الأعمال، وبدأ الحساب، وكل إنسان يواجه سجله مفتوحا، «وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ» أي كشفت وأزيلت كما يكشط الجلد عن الذبيحة، وهو منظر رهيب لنهاية السقف المحفوظ الذي طالما آوى البشرية.
في حين لو أتينا إلى سورة النازعات نجد أنها تركز على المشاهد السمعية ليوم القيامة القائمة على النفختين في الصور فقال تعالى: «يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)» فالراجفة تشير إلى الزلزلة الأولى الكبرى، وهي النفخة الأولى في الصور، التي بها تبدأ أهوال القيامة، حيث تضطرب الأرض، وتقلب الجبال، وتتفكك البنى الكونية الراسخة، «تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ» وهي النفخة الثانية، التي تعيد الخلق من قبورهم ليقفوا للحساب، وتسمى بالرادفة لأنها تأتي مباشرة بعد الأولى، وتدفع الخلق إلى المحشر، وتكون أعظم هولًا من الأولى لأنها بداية اللقاء مع المصير الأبدي.
ومن المشاهد السمعية لأهوال يوم القيامة التي في جزء عم، نجدها في سورة عبس قال تعالى: «فَإِذَا جَاءَتِ ٱلصَّآخَّةُ» والصاخّة كما يقول المفسرون اسم من أسماء يوم القيامة، مشتق من الصَّخّ، أي: الصوت الشديد البالغ الذي يُصمّ الآذان من شدّته، ويقع على الخلق فجأة، فيفزعهم، ويجعلهم في ذهول مطبق، وهو صوت النفخة الثانية في الصور عند البعث، أو ما يتبعها من أهوال العرض على الله، وتعبر الصاخة عن صدمة الحقيقة، حين تنكشف القيامة بكل رعبها، فيصير الإنسان في حال من لا يملك حيلة، ولا يرجع إلى أحد، ولا يفكر في سواه.
وفي مشهد من أعظم مشاهد العظمة والرهبة ما ورد في سورة النبأ في قوله تعالى: «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا» والروح هو جبريل عليه السلام، عظيم الملائكة وسيدهم، ويذكر وحده تمييزا لمقامه ومكانته، والملائكة يصطفون في مشهد مهيب، صفًا بعد صف، منتظرين أمر الله، والكل في سكون، لا أحد يجرؤ أن ينطق، فلا يسمع في ذلك اليوم صوت إلا بإذن الرحمن، ولا يقال إلا حق خالص، فهو الصمت المطلق بعد ضجيج الحياة، وهو صمت المخلوقات أمام خالقها، لا صوت إلا لصوت الحق، ولا كلام إلا لمن سمح له الله، وفيه بيان لرهبة الموقف، وتمام العدل، وأن ميزان القول في ذلك اليوم ليس بكثرة الكلام بل بصوابه، وأن الصواب لا يقال إلا بإذن، وكأن اللسان لا يطلق إلا بعد أن يشهد الله له بالصحة، فما أحوجنا اليوم إلى تأمل تلك المشاهد والاستعداد لها بالعمل الصالح والتقرب إلى الله لكي تحصل لنا النجاة.