هل هزم #الفكر_التكنولوجي المعولم.. #الايدلوجيا_العقائدية المتأسلمة في منطقتنا..؟.
ا.د #حسين_محادين*
(1)
علميا وفكريا ؛ قبل تسعينيات القرن الماضي وتحديدا في ظل الحرب الباردة ذات القطبين حينها بين كل من ؛ قطب الاتحاد السوفيتي وحلفائه من أصحاب الايدلوجية الماركسية “الصراعية”
والقطب الغربي الراسمالي اي”الوظيفي” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها لاسيما اسرائيل التوسعية في منطقتنا.


اقول؛ كان هناك نظام دولي يُسمى
ب “العالمية ” والذي كان يمنح نسبيا جُل دول العالم الجريئة فكريا مساحات مقبولة من الحرية والحركة لاقامة علاقات ثنائية مصلحية فيما بينها مع اي من القطبين او حلفائهما من الدول مثلا، الامر الذي تجلى حينها بامكانية الانتقال في العلاقات بين الدول ولو بالتدرج من المعسكر الغربي الراسمالي الربحي والمنحاز بالمطلق لاسرائيل؛ نحو المعسكر الاشتراكي وحلفائه حينها، كما فعل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر -كمثال – بخصوص اشهار رغبته في شراء الاسلحة الروسية وبالضد من امريكا لمحاربة المحتل الإسرائيلي كرأس حربة للغرب في فلسطين وما يعرف حاليا في إقليم الشرق الاوسط ، حيث تجلى ذلك بتحالفه الاكبر مع الروس لاحقا لبناء السد العالي وبالتالي قيام العدوان الثلاثي على مصر وغير ذلك من العلاقات الاقتصادية مع الروس .
اما بُعيد تسعينيات القرن الفارط، وتحديدا بعد هزيمة الاتحاد السوفيتي صاحب الايدلوجية الماركسية”الصراعية” الداعمة للمقاومة الفلسطينة وحركات التحرر في الدول النامية عموما.
أقول ؛ بُعيد تسعينيات القرن الماضي تسيّد وتوسع النظام الراسمالي الذي تعولم نتيجة لكل من:-
أ- تطويره لعلومه وأذرعه الفكرية والشركات المتعددة الجنسيات الاقتصادية وذات الربحية الجشعة بغض النظر عن شرعية الوسيلة لجنيه الارباح الهائلة واحتكاره للموارد الطبيعية والبشرية لصالحه.
ب- تطويره وتصديره للتكنولوجيا الغربية “الوظيفية” وبلغته الانجليزية التي حملها على الادوات والوسائط التكنولوجية المُصدرة للكون والتي اصبحت بالنتيجة اللغة الانجليزية الاولى عولميا.
لقد نجح هذا النظام بأن يقود ويطور نهجه وعناوينه وصولا الى سيادته للقطب الواحد تحت مظلة كونية في “الارض والفضاء” وهي ما يُعرف بالعولمة اللادينية والاي هي فكرا ودول وشرعية دولية وظيفية واتباع بالضد من أي ايدلوجية صراعية عقدية سواء اكانت دينية ام وضعية اي من وضع البشر لانها تؤمن جميعا بالحريات الفردية وحرية السوق ومراكمة الارباح اولا واخيرا ترجمة فكرية وميدانية للقاعدة الشهيرة لديهم “دعه يعمل دعه يمُر”. .
(2)
ترجمة لما سبق؛ لاحظنا كيف تمكنت دول الغرب المعولمة واعوانها لا سيما اسرائيل من تدمير كل بؤر الصراع مع المحتل الإسرائيلي خصوصا والاي ليست مع سيادة القطب الواحد للكون والمدعومة نسبيا من روسيا،ايران،الصين، او كوريا اي البلدان المؤدلجة”الشمولية” وذات الرؤى الصراعية والساعية لإمتلاك العلم النووي والعسكري باعتباره مهددا لاسرائيل التوسعية و المحتلة لفلسطين ضمنا -بعيدا عن التفاصيل حبا او كرها لهم – سواءً في العراق قبلا، أو ليبيا وسوريا، وحزب الله/ ايران في لبنان، والثوار الصامدين في غزة ، وحاليا الحوثيين في اليمن.
( 3)
اخيرا..
استنادا الى اطروحات علم اجتماع السياسة ومن خلال ملاحظاتي بالمعايشة لما يجري في الاقليم؛ يمكنني الاستنتاج علميا وعمليا -بعيدا عن التخوين او العواطف-أن ما نعيشه هذه الايام من هزائم
ووقائع موجعة ومتوالدة في اقليم الشرق الاوسط الذي -استُبدل عن مفهوم الوطن العربي المسلم التاريخي” فأتسع بقصدية هادفة ايضا؛ كي يشمل تركيا الفاعلة للآن في سوريا والتي كانت ايران”الايدلوجية/تصدير الثورة” محتلة لها قبل شهر ونصف، وهي نفسها ايران”النووية” التي تموضعت بعد ذبول وهزيمة حزب الله عسكريا وبمساعدة تكنولوجيا( البيجر) وتفجيراته عن بُعد ، فأيران”المسلمة الان داخل حدودها الجغرافية اذا ما استثنيا مؤقتا تدخلاتها المستمرة في العراق لآن رغم “سقوط مفهوم دول المقاومة/الممانِعة لدى ايران وغيرها عموما، الاواقع الذي دفعها وبالاكراه العولمي كي تتخلى عن حلفائها”الصراعيين” في لبنان وغزة والحوثيين في اليمن . ولعل الاهم التخلي عن تحرير فلسطين من اسرائيل والشيطان الامريكي الاكبر الذي يحميها كونه رأس الحربة الاقوى للعولمة في الاقليم،
وبالتالي الذي جرى بالتدرج وما يجري تباعا للآن من تغييرات خارجية توافقية عميقة بهدف اعادة تشكيل دول وموارد الاقليم ليواكب ويتكيف مع الرؤية العولمية بقيادة امريكا واسرائيل بالمطلق ، وما الصمت الروسي والايراني والصيني عما جرى ويجري الا دليلا مضافا على ذهب اليه هذا الرصد والتحليل في هذه العجالة المكثفة؛ ان هذه التغييرات والتوافقات مع دول كبرى اعضاء في مجلس الامن والاسرائيليين بالطبع انما يمثل-قبلنا ام لا- نجاحات متسارعة لصالح منظومة العولمة ومريدها كنهج مسيطر، فكرا واقتصادات غنية في اقليم الشرق الاوسط ودوله ؛ سواء ما جرى او ما هو جارِ في سوريا، لبنان، والعراق مرشحة له ايضا -كما تشير وسائل اعلام مؤثرة في العالم ـ وليس بعيدا عن واليمن وغزة،
وما تساؤل الرئيس الامريكي ترامب، المُغرض فكريا وتكنولوجيا وغير البريء مطلقا نحو العرب والمسلمين كأصحاب عقيدتين دينيتين “المسيحية والمسلمه” عندما قال جهارا ما معناه”لماذا اموال الحج حِكرا على الاشقاء في المملكة العربية السعودية..؟”.د وما دلالات ومآلات هذا التصريح عولميا، وهذا ليس غريبا عن رؤيته الفكرية وسطوته الاعلامية عبر وسائط التكنولوجيا معا، وهو الذي سبق أن منح رسميا مدينة القدس عاصمة لليهود المتصهيين، هذه القدس التي وصفها جلالة الملك عبدالله الثاني انها مفتاح الحرب والسلام في العالم.وهو الذي يرى ايضا بأن حدود ومساحة اسرائيل المحتلة صغيرة عليها.
باختصار كثيف يمكنني التنبيه، بان الذي يجري ومرشح للحدوث مستقبلا هو انتصار لتوسعية العولمية مقابل انحسار الكثافة والتأثيرات الدينية عموما في مسيرة الصراع الكوني على الارض و في السماء، تماشيا مع فلسفة العولمة وتشكيل الانسان الكوني الذي لا يؤمن ولا يتعامل ويزيد الانتاج الراسمالي في المحصلة الا عبر التكنولوجيا المتطورة ، اي مع العلم وتوظيفاته المحدثة فقط، وليس للمعتقدات اي دور في نجاحاته وان بقيت الاديان علاقة ايمانية بين الفرد ومعتقده دون ان يكون لها تأثير على مهاراته الانتاجية كمعيار وحيد لاستمرار تطوره ..فهل نحن مدركون..؟.
*قسم علم الاجتماع -جامعة مؤتة -الأردن.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

«إرث الخوارج في الفكر الديني المعاصر».. كتاب جديد للدكتور مصطفى الأفقهصي

أصدرت دار كنوز للنشر التوزيع، كتابا بعنوان «أبناءُ ذي الخُويصرة.. إرث الخوارج في الفكر الديني المعاصر»، للدكتور مصطفى الأفقهصي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية.

كتاب «أبناءُ ذي الخُويصرة.. إرث الخوارج في الفكر الديني المعاصر»

ويتضمن كتاب الدكتور مصطفى الأفقهصي، أفكار الجماعات الإسلامية المتطرفة، التي تنادي بأقوال منحرفة ومذاهب ضالة، باسم الدين وتحت راية الشرع الشريف، وقد حملت في بواطنها منهج أسلافهم من الخوارج، بل فاقوهم وزادوا عليهم، وذلك من خلال توليد فروع باتت أصولاً في هذا العصر، حيث انطلقوا من أصولهم القديمة، ثم انتشروا بأدوات وأفكار أشد خطرًا وأعظم ضررًا.

وربط المؤلف في كتابه، بين فكر تلك الجماعات الإسلامية المتطرفة وبين فكر الخوارج الأول، مع الإفاضة في بيان السمات المشتركة والأدوات المفترقة، بين خوارج العصر والخوارج الأول.

وتناول أيضًا، أهم الأسباب التي أدت إلى ظهور الخوارج في هذا العصر، ليميز الخبيث من الطيب عملاً بحديث: يحمل هذا العلم من كل خَلْفٍ عُدُولُهُ يُنفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين».

اقرأ أيضاً«جنون العالم السري للتجسس».. كتاب جديد لـ حنان أبو الضياء عن دار كنوز

قصور الثقافة تحتفل باليوبيل الذهبي لنقابة اتحاد كتاب مصر

فوز الكاتبة والروائية «سلوى بكر» بجائزة البريكس الأدبية في دورتها الأولى لعام 2025

مقالات مشابهة

  • هند الضاوي: نتنياهو "توكسيك" وماسبش حد في حاله حتى رئيس اسرائيل الحالي
  • «إرث الخوارج في الفكر الديني المعاصر».. كتاب جديد للدكتور مصطفى الأفقهصي
  • ما الذي يجري في محافظة حضرموت؟ وكيف تطور الأمر من فعالية استعراضية إلى الصدام المسلح؟
  • إدموند ألنبي .. الجنرال البريطاني الذي كتب تاريخنا المؤلم
  • شاهد.. ما الذي يجري في حضرموت؟ تفاصيل مؤامرة داخلية وخارجية
  • هكذا علق أردوغان على استهداف أوكرانيا ناقلات نفط روسية في المياه التركية
  • صمتٌ مريب… وازدواجية فاضحة: ما الذي يجري في أربيل؟
  • مأزق أمريكي في اليمن: حين يصبح التفوق التكنولوجي عبئًا استراتيجيًا
  • محافظ القاهرة يتفقد المركز التكنولوجي بعين شمس ويشدد على سرعة حل شكاوى المواطنين
  • بالصور.. محافظ القاهرة يتفقد المركز التكنولوجي النموذجي بعين شمس