نظمت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حلقة نقاشية على منصتها للشباب على الفيسبوك، تم خلالها التطرق للعملية السياسية التي أعلنت عنها نائبة الممثل الخاص للأمين العام، ستيفاني خوري، خلال إحاطتها الأخيرة لمجلس الأمن.

وتم خلال حلقة النقاش، “تقديم العملية السياسية التأكيد على المبادئ الناظمة لها، وفي مقدمتها الحفاظ على الاستقرار في البلاد، والتشديد على الملكية الليبية من خلال البناء على الأطر التشريعية والسياسية القائمة، والمساعدة على توحيد المؤسسات الوطنية وإضفاء الشرعية عليها، كما تم توضيح المرجعية السياسية التي تستند إليها العملية والتي أوضحها قرار مجلس الأمن 2755 رقم لسنة 2024 والمتمثلة في الاتفاق السياسي الليبي، وخارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، وقوانين 6+6 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.

كما تم خلال الحلقة النقاشية التفاعلية “استعراض العناصر التي تمثل جوهر المبادرة السياسية الجديدة التي تهدف إلى حلحلة الوضع القائم وإنهاء الانقسام والسير بالبلاد نحو الانتخابات، ويتعلق الأمر بتشكيل لجنة استشارية سيوكل إليها معالجة كل القضايا التي تعيق إجراء الانتخابات، وفي مقدمتها القضايا المختلف بشأنها سياسياً في القوانين الانتخابية”.

ووفق البعثة، “كما سيكون من مهام اللجنة، وضع معايير وضمانات تؤطر عمل الحكومة القادمة، وركزت الحلقة النقاشية كذلك على الحوار المهيكل، وهو أحد أهم العناصر في العملية السياسية، كونه سيشكل منبرا يسمح بمشاركة شاملة لكافة مكونات المجتمع الليبي، ومعالجة كافة القضايا الجوهرية المتسببة في الصراع بما في ذلك أسس بناء الدولة وآليات التوزيع العادل للموارد وغيرها من القضايا بعيدة المدى، أما بقية عناصر العملية السياسية، فتتناول الإصلاحات الاقتصادية التي تحتاجها ليبيا، وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، ودعم مسار المصالحة الوطنية بالتنسيق والتعاون مع الاتحاد الإفريقي”.

وركزت أسئلة المشاركين، على “مهام اللجنة ومعايير تشكيلها والمدة الزمنية التي ستستغرقها أعمالها”.

وفي هذا الصدد، “تم التأكيد على أن عدد أعضاء اللجنة الاستشارية لن يتجاوز في حده الأقصى 30 عضوا، مع نسبة مشاركة للنساء لا تقل عن 30 بالمئة، وستكون مهمة اللجنة محددة في الوقت ومحصورة في إيجاد مقترحات لتجاوز العقبات التي تحول دون إجراء الانتخابات، بما في ذلك النقاط الخلافية في قوانين 6+6، ووضع خارطة طريق تصل بالبلاد إلى محطة الانتخابات للسماح لليبيين باختيار ممثليهم وتجديد شرعية مؤسساتهم. كما تم خلال هذه الجلسة التفاعلية التذكير بما أكدت عليه البعثة في أكثر من مناسبة من أن اللجنة الاستشارية لن تكون بديلا عن المؤسسات الحالية، كما أنها ستكون استشارية، وليست جسما لاتخاذ القرار، ما يمنحها مساحة كبيرة في وضع المقترحات والتصورات والخيارات الممكنة لحل الإشكاليات القائمة”.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: استقرار ليبيا العملية السياسية في ليبيا بعثة الأمم المتحدة في ليبيا العملیة السیاسیة تم خلال

إقرأ أيضاً:

مخاطر إهمال القضايا الكبرى في عالم غارق بالصراعات

 

من الطبيعي أن تنشغل الحكومات، والدوائر الفكرية، ووسائل الإعلام، بل وجميع الأفراد بدرجات متفاوتة، بالمشهد الدولي الحافل بالتحولات، ومن أبرزها الحروب التجارية الراهنة، وساحات التنافس والصراع المفتوحة في أوكرانيا وقطاع غزة ودول أخرى في الشرق الأوسط، فضلاً عن التوترات التي كادت أن تتصاعد إلى مواجهة هائلة بين الهند وباكستان. بيد أن المشكلة الكبرى تكمن في أن هذا الانشغال، على الرغم من كونه مفهوماً؛ يؤدي إلى تجاهل العديد من الملفات والتحديات التي تمس مستقبل البشرية، بل وتهدد بقاء العالم واستقراره بدرجات متفاوتة.

ويمكن القول إن هناك أربعة مجالات كبرى تستدعي تفكيراً عميقاً واستعداداً مدروساً للتعامل معها؛ اثنان منها واضحان وهما التغير المناخي، وتدهور مستويات التنمية وارتفاع معدلات الفقر، وآخران ذوا طبيعة مختلفة ويتمثلان في تنظيم وسائل التواصل الاجتماعي، والارتباك العالمي وأزمة النموذج الغربي السائد. وإذا كان المجال الخاص بمنصات التواصل الاجتماعي يُشكل قوة هائلة ومضافة للتطور البشرى، فإنه أيضاً يحمل في طياته تحديات وتساؤلات تستدعي فهماً عميقاً وتنظيماً دقيقاً لاستكمال منافعه الضخمة التي ستعود على العالم.

التغير المناخي:

ربما يكون هذا المجال، إلى جانب ارتفاع مستويات الفقر، الأكثر تعبيراً عن انعكاسات انشغال النظام الدولي بتحولاته وصراعاته الممتدة، والتي يعود معظمها إلى العقد الماضي على الأقل. وبحسب تقرير حالة المناخ العالمي، الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في مارس 2025؛ فإن 2024 هو أول عام تتجاوز فيه حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية مقارنةً بمتوسط درجات الحرارة في فترة ما قبل الثورة الصناعية؛ مما يجعله العام الأكثر دفئاً على الإطلاق، ليتوج عقداً من الحرارة غير المسبوقة التي تغذيها الأنشطة البشرية. كذلك، بلغ ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى مستوياته خلال الـ800 ألف سنة الماضية، كما تسجل السنوات العشر الأخيرة ارتفاعاً مستمراً في درجة حرارة المحيطات.

وحسب نفس التقرير، فإنه بالإضافة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، أسهمت عوامل أخرى في هذه القفزات غير المتوقعة في درجات الحرارة، بما في ذلك التغيرات في الدورة الشمسية، وثوران بركاني هائل. كما يستمر ذوبان الأجزاء المتجمدة من سطح الأرض، المعروفة باسم الغلاف الجليدي. وأشار التقرير كذلك إلى أن نصف دول العالم فقط تمتلك أنظمة إنذار مبكر لرصد التغيرات المناخية؛ وهو ما يعكس فجوة خطرة في الاستعداد لمواجهة هذه الظاهرة.

وكان الإنجاز الكبير الذي حققه العالم في اتفاقية باريس لعام 2015 بانضمام الولايات المتحدة إليها، قد بدا هشاً بعدما انسحبت منها واشنطن مرتين خلال ولايتي الرئيس دونالد ترامب الأولى والثانية. كما جاء قرار إلغاء وكالة المساعدات الأمريكية، ليضيف نتائج بالغة السلبية على تمويل العديد من مشروعات المناخ والاقتصاد الأخضر، التي كانت الولايات المتحدة الداعم الرئيسي لها في دول الجنوب، بالرغم من تذبذب موقفها تاريخياً من هذه القضية. وألقى الموقف الأمريكي بالكثير من الظلال على مواقف الدول المتقدمة، ولا سيّما تلك المترددة بشأن قضية تغير المناخ، كما هدد التقدم الذي أحرزته مؤتمرات الأمم المتحدة للتغير المناخي سواء في مصر (كوب27)، أم دولة الإمارات (كوب28)، أم أذربيجان (كوب29).

وفي المجمل، ثمة حالة من الضبابية الواضحة بشأن مستقبل قضية تغير المناخ؛ نظراً لتراجع الالتزام الأمريكي، وكذلك الارتباك الدولي الواسع بسبب اندلاع الحروب سواء العسكرية أم التجارية في مناطق عدة حول العالم.

ارتفاع معدلات الفقر:

تشير التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة وكذلك البنك الدولي، إلى أن ثمة تباطؤاً ملحوظاً في الحد من الفقر؛ حيث لا يوجد أي تحسن في هذا الصدد، مع وجود نحو 700 مليون شخص في العالم يعيشون على أقل من 65 دولاراً شهرياً. كما أن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون الفقر الحاد، وتُرجع هذه التقارير الدولية أسباب ارتفاع الفقر إلى عدة أسباب، تتراوح ما بين التغير المناخي، واندلاع الحروب والنزاعات، وفشل خطط التنمية الاقتصادية.

وفي الواقع، يُضاف كل يوم مشهد جديد إلى سلسلة الصراعات الممتدة في عدد من دول الجنوب، وهي صراعات ناجمة بدرجة كبيرة عن الصراع الدولي والتنافس على النفوذ السياسي والاقتصادي. وتُؤدي هذه النزاعات إلى تفاقم ظاهرة ارتفاع معدلات الفقر، وتجعل من معالجتها أمراً أكثر صعوبة. وتكفي نظرة على حجم الدمار في كل من غزة، واليمن، وسوريا، وغيرها، لتقدم أدلة واضحة على التحديات الإنسانية المتراكمة، خاصةً على مستويات الصحة، والغذاء، والبنية التحتية الأساسية. وإذا أضفنا إلى ذلك حالة الارتباك ونقص التمويل التي تعاني منها العديد من المنظمات الدولية، ولا سيّما بعد تراجع حجم المساعدات الأمريكية، يتضح أن أزمة الفقر وتدهور مستويات المعيشة والصحة والتعليم تتفاقم، وتحتاج إلى تكاليف أكبر وجهود دولية مكثفة لمعالجتها بشكل فعّال.

وسائل التواصل الاجتماعي:

عندما قامت منصتا “تويتر” (إكس حالياً)، وجوجل، بفرض عقوبات على الرئيس ترامب عقب أحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير 2021، والتي أسس بسببها ترامب منصته الخاصة “تروث سوشيال” (Truth Social)، ثم تحالفه لاحقاً مع رموز مواقع التواصل الاجتماعي وانضمامهم إليه في حملته الانتخابية العام الماضي؛ فقد أدى ذلك إلى تعميق أزمة وسائل التواصل الاجتماعي. وتتضح ملامح هذه الأزمة في عدة مظاهر، ومنها الموقف من القضية الفلسطينية، والإشكاليات المرتبطة بسيطرة هذه المنصات على تدفق المعلومات ومضامينها، حيث تمارس أدواراً معتمدة على رقابتها الذاتية، وعلاقة غامضة بسلطات وجهات أمريكية لا يفصح عن تفاصيلها؛ ومن ثم فهي تُمثل تحدياً ضخماً ربما قد لا يلفت الانتباه في وسط حالة السيولة والفوضى العالمية.

وما هو ظاهر للعيان أن هناك لجاناً تصفها منصات التواصل الاجتماعي بأنها محايدة لمراجعة سياسات النشر، وتتخذ قرارات بما في ذلك حظر رئيس سابق للولايات المتحدة، أو منع النشر في قضايا مثل تلك التي تعتبرها “معاداة السامية”. وبطبيعة الحال، فإننا أمام سلطة ضخمة تسيطر على فضاء معلوماتي هائل؛ لكنها ليست قضائية، فضلاً عن كونها متركزة في الولايات المتحدة، وهو ما يثير التساؤل عن مدى حياديتها. وفي الوقت الذي يلهث فيه العالم خلف أزماته المتعددة، فإنه لا يجد وقتاً لالتقاط الأنفاس، أو حتى لطرح فكرة تنظيم هذا المرفق الدولي المهم، وإخضاعه لقواعد رقابية دولية محايدة، خاصةً في ضوء ضخامته، حيث أصبحت قيمته المادية تفوق اقتصاديات الكثير من دول العالم. وحتى لو تدخل القضاء لضبط توجهات وسائل التواصل الاجتماعي مثلما حدث في دول مثل فرنسا، فإن هذا لا يغير من حقيقة أن العديد من هذه المنصات خاضعة جزئياً لسيطرة دولة واحدة هي الولايات المتحدة، فيما تخضع منصات أخرى لدول منافسة مثل الصين.

نحن إذن أمام ظاهرة بالغة الأهمية وتستحق وقفة من البشرية، حيث يتجاوز تأثيرها حدود الحياة اليومية للناس، إلى التأثير في ساحات الصراع حول العالم. ومع ذلك، لا تزال هذه القضية خارج أولويات المجتمع الدولي، في ظل حالة الانشغال والارتباك التي يشهدها العالم.

أزمة النموذج الغربي:

يمكن القول إن الظواهر الاجتماعية والسياسية العديدة التي يعرفها العالم ارتباطاً بالتحولات الراهنة في النظام الدولي، واتساع الصراعات ومشاهد القتل والدمار حول العالم التي أصبحت يومية، وصعود اليمين المتطرف في العالم الغربي، وتراجع العولمة، وتخبط منظومة الأمم المتحدة وعجزها عن التصدي الفعال لهذه الأزمات؛ كل هذا أدى إلى حالة من عدم اليقين في العالم، زادتها الأدوار المعقدة التي تقوم بها وسائل التواصل الاجتماعي؛ مما نتج عنه الكثير من التساؤلات حول مدى فعالية النموذج الغربي الراهن.

وربما لم يشهد العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، تساؤلات مماثلة لما هو مطروح الآن حول شكل النظم السياسية ومستقبل الديمقراطية، وخاصةً أن العالم الغربي لم يعد يملك القدرة على الترويج لنموذجه في ظل صعود اليمين الشعبوي والعنصرية، وإخفاق مؤسسات الحوكمة الدولية وعلى رأسها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، لتضع مستقبل هذه المؤسسات في حالة ترقب وغموض.

كما أنه لا يغيب عن أي مراقب أن حالة الانشغال بالصراعات السياسية والعسكرية والاقتصادية في العالم، لا تترك الكثير من الوقت للتفكير في مناقشة هذه الأسئلة الصعبة، بالرغم من أنها وثيقة الصلة بقدرة العالم على مواجهة التحديات المختلفة.

وفي النهاية هذه بعض القضايا الكبرى التي كان يجب أن تتركز فيها طاقات البشرية لإيجاد حلول ومعالجات لها، ولكن العالم يبدو غارقاً في جبهات صراع متعددة، وتهديدات بحروب عسكرية وتجارية مستمرة، لا تعطي فرصة للتوقف والتحسب لاهتمامات مستقبلية ضرورية.
” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


مقالات مشابهة

  • مخاطر إهمال القضايا الكبرى في عالم غارق بالصراعات
  • مجلس التعاون الخليجي يكشف عن تحركات سعودية وعمانية لإحياء العملية السياسية في اليمن ويشدد على انخراط الحوثيين .. عاجل
  • "الوزاري الخليجي" يدعو لوقف إطلاق النار بغزة ويرحب بالجهود الرامية لإحياء العملية السياسية في اليمن
  • اعتماد القوائم الأولية لانتخابات المجالس البلدية.. والأمم المتحدة ترحب
  • بعثة الأمم المتحدة للدعم ترحب بنشر قوائم الناخبين الأولية
  • تيته تبحث مع قادة الأحزاب السياسية جهود معالجة الوضع المضطرب في طرابلس
  • حزب صوت الشعب يدعو لاعتصامات سلمية أمام بعثة الأمم المتحدة: العودة للشعب هي الحل الوحيد
  • تيته تبحث مع ممثلي الأحزاب الليبية مستقبل العملية السياسية
  • «تيته» تدعو إلى ضمان سلامة المتظاهرين وتسريع العملية السياسية في ليبيا
  • “الليبي للدراسات”: اللجنة الاستشارية لا تملك أي صلاحيات لفرض الحل في ليبيا