واشنطن.. إجراءات أمنية غير مسبوقة قبل مراسم تنصيب ترامب
تاريخ النشر: 20th, January 2025 GMT
تشهد واشنطن إجراءات أمنية غير مسبوقة بمشاركة أكثر من خمسة وعشرين الف فرد من الشرطة وثمانية آلاف من قوات الحرس الوطني، حيث تم انشاء سياج أمني بطول 40 كيلومتر لمنع أي محاولات تسلل إلى منطقة تنصيب الرئيس المنتخب.
ويؤدي ترامب اليمين الدستورية ليبدأ رسميا فترة ولايته الثانية في البيت الأبيض، كما يمثل ذلك الحدث انتقال السلطة الرئاسية رسميا من إدارة بايدن إلى إدارة ترامب.
وينص التعديل العشرون في الدستور الأمريكي على أنّ فترة ولاية الرئيس التي تبلغ 4 سنوات تنتهي عند ظهر يوم 20 يناير والذي يوافق اليوم الاثنين، ويتم تنصيب الرئيس المنتخب بعد ذلك بفترة وجيزة، على أن يكون عنوان مراسم حفل تنصيب ترامب هذا العام هو ديمقراطيتنا الدائمة وعد دستوري.
و من المقرر أن تبدأ المراسم في نحو الساعة 11:30 بتوقيت واشنطن 4:30 مساء بتوقيت القاهرة، حيث كان مقررا أن تبدأ الإجراءات على الجبهة الغربية لمبنى الكابيتول، لكن ترامب قرر نقل الحفل إلى داخل الكابيتول بسبب درجات الحرارة المنخفضة المتوقعة في واشنطن العاصمة يوم التنصيب.
وبحسب ما جاء في وكالة الأنباء العالمية رويترز، إنّ واشنطن استعدت لحفل تنصيب ترامب، وسط سياج مؤقت أسود طويل على امتداد 48 كيلومترا، ونشر 25 ألف ضابط إنفاذ قانون، ونقاط تفتيش أمنية لفحص مئات الآلاف من المتفرجين.
وتتضمن أحداث التنصيب الذي سيكون على درجات مبنى الكونجرس الأمريكي، ثم الموكب إلى الكابيتول، ثم مراسم أداء نائب الرئيس لليمين، ثم خطاب التنصيب، ثم الرحيل الشرفي للرئيس المنتهية ولايته ونائبته، ثم حفل التوقيع الذي يوقع خلاله الرئيس الجديد على الترشيحات والمذكرات والأوامر التنفيذية، وأخيرا حفل غذاء يقيمه الكونجرس في الكابيتول.
إيران ومخاوف العودة الصارمة
عودة ترامب إلى البيت الأبيض تثير مخاوف إقليمية، خاصة في إيران. ويقول بويد: "الإيرانيون يشعرون بالقلق من عودة ترامب بسبب صرامته بالمقارنة مع إدارة بايدن"، مشيرًا إلى أن استراتيجية ترامب تعتمد على الضغط الاقتصادي المباشر، بينما فضّلت إدارة بايدن نهجا أكثر دبلوماسية.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
إسرائيل الكبرى: المجازفة الأكبر!
في مجرى جموح التطرّف وحرب الإبادة الشاملة و«استشعار» وإشهار دور رسولي (مخلّص!) وكابوس محاكمة الرّشى، باشر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، معلناً ومتفاخراً، بإنشاء «إسرائيل التوراتية»! غداة «طوفان الأقصى»، وبعد أن تسابق قادة الأطلسي - عدا عن اتصالات سرّية من قبل قادة دول عربية! - في الحضور إلى تل أبيب، للدعم والحثّ على الردّ، بكّر نتنياهو، في إعلان توعّد فيه بأنه «سيعيد رسم» خرائط الشرق الأوسط!
ومنذ ذلك التاريخ، باتت الممارسات والإعلانات والمواقف البالغة التطرّف لشركائه في السلطة، هي البوصلة الفعلية الموجِّهة لعمل الحكومة ولقراراتها حيال مجمل المعركة/الحرب التي لا تزال مفتوحة، منذ أكثر من سنتين، رغم ما تخلّلها من مناورات/ اتفاقات هشّة لوقف إطلاق النار، توجّتها «خطة ترامب» التي تتجاوز غزة وفلسطين إلى كامل المدى العربي والشرق أوسطي.
على أن تحويل الردّ على عملية «طوفان الأقصى» إلى معركة شاملة هو ما وجّه نشاط الحكومة العنصرية الفاشية الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو، بينما كانت الولايات المتحدة شريكة ومنخرطة منذ اللحظات الأولى: التبرير بـ«الدفاع عن النفس». أمّا الدعم الشامل، السياسي والديبلوماسي والاستخباراتي والعسكري والمالي، فكان، واستمرّ، في تصاعد متواصل، ليبلغ ذروته مع تسلّم دونالد ترامب، مقاليد السلطة في واشنطن، منذ مطلع السنة الحالية. وفي تلك المرحلة، حصل العدوان على الجمهورية الإيرانية، علماً أنّ واشنطن كانت شريكة مباشرة في المعركة منذ المحاولة الفاشلة لكسر الحصار اليمني العنيد، وصولاً إلى قصف المفاعل النووي الإيراني، بعدما لم تتمكّن إسرائيل من القيام بذلك.
قبل ذلك وبعده، عمدت إلى تحريك الأساطيل واعتراض صواريخ الردّ الإيراني، والإمعان في تبرير وتغطية حرب الإبادة والتجويع والتدمير ومحاولة التهجير الشاملة...، وصولاً إلى دخول ترامب مباشرة على الخط، عبر مشروع نقل سكان غزة إلى مصر ومواطني «الضفة الغربية» إلى الأردن، وتحويل الأولى، بعد استكمال تدميرها وتهجير أهلها، إلى مرفق سياحي مملوك من ترامب شخصياً!!
أمّا في لبنان، فتعاظم الدعم الأميركي، بعد بدء الهجوم الإسرائيلي، بوتيرة متصاعدة في الحقول كافة، بما فيها تنسيق عمليات الاغتيال، وذروتها تمثّلت في اغتيال السيد حسن نصر الله، بقرار أميركي وإسرائيلي مشترك، اتُّخذ في «البيت الأبيض» بوجود نتنياهو زائراً ومنسّقاً. تُوِّج هذا المسار بتنسيق الانقلاب في سوريا بإدارة أميركية، ما وفّر للعدو الإسرائيلي مكسباً استراتيجياً واندفاعة سريعة في إعلان المباشرة بتنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى». تبديد وتشتيت الجيش السوري وتدمير قدراته، من كل نوع، كان بداية تلك الاندفاعة المستمرة: تقدّماً، وتحريضاً على الفتنة، وإذلالاً للسلطة الجديدة المستسلمة! وتبلور، في السياق، شعارٌ موحّد: «نزع السلاح»، «التوسّع»، «إقامة مناطق آمنة» وخالية من أي تهديد: في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا. وبذلك، تصبح دول «الطوق» مفتوحة: ما بين مطبِّع موقّع لمعاهدات واتفاقيات مخلّة كمصر والأردن والسلطة الفلسطينية، وآخرين معرّضين للعدوان تحت شعار إزالة أي تهديد لأمن إسرائيل!
إلى ذلك، فإنّ ملفات إيران واليمن والعراق، لا تزال مفتوحة بالضغوط السياسية والأمنية والمالية وغيرها، والتي تمارسها واشنطن بشكل خاص. وفي هذا السياق، تتجدّد الضغوط الأميركية على المملكة السعودية خصوصاً من أجل الانضمام الفوري إلى الاتفاقات التطبيعية «الإبراهيمية». هذا ما تميّزت به الزيارة الأخيرة لوليّ العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن، حيث طولِب بالانضمام فوراً إلى المطبّعين، وبالتخلّي عن مجرد فكرة ومشروع الدولة الفلسطينية التي حاول أن يستظلّها في أثناء حرب الإبادة للتغطية على تخلّفه وفريقه عن دعم الشعب الفلسطيني.
«خطة ترامب» التي أشارت (بعد تعديلها وكشرط لإقرارها في مجلس الأمن أخيراً) إشارةً خجولةً إلى مسار يؤدّي إلى قيام دولة فلسطينية، لا تملك أي صدقية في ظروف تواصل الإجرام الصهيوني المدعوم من واشنطن. ويتمثّل أحد أهمّ أهدافها في احتواء تعاظم الحملة الشعبية والسياسية الدولية ضدّ الإرهاب الصهيوني والدعم الأميركي له، وتدارك عجز العدو عن «تدمير المقاومة وتحرير الأسرى». أمّا على الصعيد العربي، فالاحتقان سيد الموقف، حيث حال القمع والمنع دون أن يتحرّك الشارع العربي إلا جزئياً قبل أن يُواجه بالقمع والمنع، هو الآخر. ويُذكر، هنا، أنّ الأنظمة التي طبّعت سابقاً قد تعرّضت إلى إذلال مشين. بعضها، كمصر، واجه إحراجات شديدة بسبب انتهاكات العدو لاتفاقيات التطبيع نفسها، دون أن يحرّك ساكناً كما توعّد!
كومة إسرائيل، ورغم كل ما ارتكبته من إجرام ومجازر، تجد نفسها في حال عجز عن إنجاز أيٍّ من أهدافها المعلنة والأساسية
الواقع أنّ حكومة إسرائيل، ورغم كل ما ارتكبته من إجرام ومجازر، تجد نفسها في حال عجز عن إنجاز أيٍّ من أهدافها المعلنة والأساسية. فالمقاومة في غزّة لا تزال قوية سياسياً وعسكرياً. المقاومة في لبنان حاضرة، واستعادت وتستعيد الكثير من قدراتها، وهي التي منعت العدو من التقدّم البرّي المؤثّر في أثناء الحرب، والاكتفاء بغارات الطيران بعد خديعة «وقف الأعمال العدائية». إيران، من جهتها، مصمّمة على عدم التنازل في الملف النووي رغم الضغوط. التيارات الداعمة للمقاومة في العراق، حلّت في المركز الأول انتخابياً. صنعاء ثابتة في خياراتها وفي مواقعها. حتى في سوريا، انطلقت أولى عمليات المقاومة في بيت جن، وفاجأت مجموعة عسكرية إسرائيلية وألحقت بها خسائر كبيرة...
إلى ذلك، استجدى «المخلّص» نتنياهو، تدخّل ترامب، ضدّ القضاء في بلاده، واسترحم الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، منذ أيام، طالباً العفو، دون أن يجرؤ على الاعتراف بالارتكاب خشية استعجال الإدانة! كذلك، يمكن القول، بثقة، إنّ الجيش الإسرائيلي شديد الإرهاق؛ فهو يعاني من طول زمن الحرب وخسائرها الكبيرة، ويكابد أيضاً نقصاً كبيراً في العديد، وتهرّباً من الخدمة مقلقاً له، في صفوف جنود الاحتياط، وازدياداً ملحوظاً في عمليات الانتحار... أمّا الاقتصاد ففي حال ركود واستنزاف وخسائر غير مسبوقة.
على أنّ ثمّة فارقاً كبيراً بين مرحلة التطبيع السلمي المفروض بالضغوط والوعود (الوهمية)، وبين تنفيذ «إسرائيل الكبرى» بالقوة وبالحروب والقتل والدمار والتهجير. انتشار الجيش الإسرائيلي، على النحو الراهن، مكلف ومرهق ومجازِف في ظلّ تعدّد وتنوع المهمّات وتوسّع رقعتها، ممّا يزيد المتضرّرين/الأعداء، لتصبح المقاومة حتمية عاجلاً أو آجلاً، بعدما مثّلت عقب التجربتين الغزيّة واللبنانية عنوان الكرامة والصمود. ما يبدو انتصارات الآن قد يتحوّل تحدّياتٍ كابوسية لوجود إسرائيل نفسها ولنفوذ داعميها، وليس فقط لما تمّ تحقيقه من مكاسب ستكون مؤقّتة قطعاً!
الأخبار اللبنانية