أخيرًا.. نتنياهو يجثو على ركبتيه!
تاريخ النشر: 22nd, January 2025 GMT
بعد 15 شهرا كاملا من المكابرة والعناد والغطرسة، جثا نتنياهو أخيرًا على ركبتيه، كما توعّده أبو عبيدة في أكتوبر 2023، وقبِل صاغرًا وقف الحرب، وعقد صفقة تبادل أسرى وفق أغلب شروط المقاومة.
طيلة 15 شهرا، ظلّ مجرم الحرب نتنياهو يهرب إلى الأمام، ويصرّ على مواصلة الحرب وارتكاب المجازر، وتجويع الفلسطينيين، والتدمير المنهجي لغزة، أملا في تحقيق “النصر المطلق”، وتحرير أسراه بالقوة، والقضاء على المقاومة، وإسقاط حكم حماس، وتهجير سكان القطاع إلى سيناء في خطوة كبيرة لتصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع لصالح الاحتلال نهائيّا.
وحينما فشل في مخطط التطهير العرقي والتهجير الشامل، حاول تنفيذ تهجير جزئي لشمال غزة وطرد سكانها إلى الجنوب، وإعادة استيطانه، وشرع في تنفيذ “خطة الجنرالات” منذ أزيد من 100 يوم، ارتكب خلالها مجازر مروِّعة ونسف جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا من الوجود، لكنّ الخطة فشلت؛ فعشراتُ الآلاف من السكان أصروا على البقاء في منازلهم المهدَّمة رغم الجوع والقصف، والمقاومة صمدت وزاد لهيبُها في الأسابيع الأخيرة، وخسائر الاحتلال تراكمت، فتوصّل نتنياهو في الأخير إلى قناعة بضرورة وقف الحرب عند هذا الحدّ والقبول بخطة بايدن التي رفضها في أواخر ماي الماضي.
خلال هذه المدة الطويلة من الحرب، قصف الاحتلال غزة بنحو 100 ألف طن من القنابل والمتفجِّرات (100 مليون كلغ)، أي ما يعادل خمس قنابل نووية، وغزا القطاع بـ360 ألف جندي ومرتزق، ومع ذلك صمدت المقاومة وبقيت تقاتل وتوجّه ضربات موجعة للعدوّ حتى آخر لحظة، ولو استمرّت الحرب لبقيت المقاومة صامدة رغم اختلال التوازن العسكري كلّيا لصالح العدوّ، وهذا في حدّ ذاته إعجازٌ حربيٌّ سيخلّده التاريخ بالكثير من الإعجاب والذّهول.
إنّ قراءة سريعة في نصّ اتفاق وقف إطلاق النار تُظهر بوضوح لأيِّ متتبّع منصف أنّ المقاومة قد فرضت أغلب شروطها المتعلقة بوقف الحرب وانسحاب جيش الاحتلال، ولو مرحليًّا، وعودة السكان إلى أحيائهم في الشمال بلا قيود، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بلا عراقيل، وعقد صفقة تبادل تحرِّر بموجبها 1737 أسير فلسطيني في المرحلة الأولى وقد تحرِّر أكثر من هذا العدد في المرحلة الثانية مقابل جنود العدوّ وهم أكثر أهمية من المدنيين..
صحيحٌ أنّ المقاومة لم تحقِّق شرطها بتبييض سجون العدوّ، لكن ليس بالإمكان أفضل ممّا كان؛ إذ طال أمدُ هذه الحرب وحان الوقت ليتوقف نزَفُ دم سكان غزة، ويستريحوا من أهوالها، ويلتقطوا أنفاسهم، ويعودوا إلى ديارهم ولو كانت مهدَّمة، ويشرعوا في تضميد جراحهم، واستئناف حياتهم، بعد 15 شهرا كاملا من الموت والتشرّد والجوع والمعاناة…
وهنا لا بدّ أن يهبَّ مليارَا مسلم، وفي مقدّمتهم 46 مليون جزائري، لنجدة إخوانهم في غزة بما يستطيعون تقديمه من أغذية وأدوية وأفرشة وأغطية وبيوت جاهزة وخيم ومواد إغاثية أخرى… فالحدود مفتوحة ولا يُقبل منهم أيُّ تقاعس أو عدم اكتراث منذ الآن، لأنّ معركة أخرى بدأت وهي الضّغط على حماس وابتزازها بالمساعدات الإنسانية وملفّ إعادة الإعمار لترك حكم غزّة لعملاء الاحتلال.
نبارك للمقاومة الفلسطينية نصرها التاريخي على الاحتلال وكسر شوكته وإجباره على وقف الحرب بشروطها، ونبارك لـ2.2 مليون فلسطيني بغزة صمودهم الأسطوري في أراضيهم وإفشال مخطط العدوّ لتهجيرهم.. لقد انتصرت المقاومة بشهادات بلينكن وثلاثة وزراء من حكومة الاحتلال وهم جدعون ساعر، وبن غفير، وسموتريتش، وكذا رئيس الموساد السابق تامير باردو، وصاحب “خطة الجنرالات” المشؤومة غيورا آيلاند، وعدد كبير من المحللين الصهاينة، في حين يصرّ المرجفون العرب على أنّ حماس هي التي خسرت بقياس فاسد وهو الخسائر البشريّة الكبيرة والدّمار الكبير الحاصل في غزة، وكأنّ الثورات التي انتصرت في التاريخ على المستعمِرين لم تدفع تضحياتٍ جسيمة.
نتنياهو جثا على ركبتيه أخيرا، ومشروعه القائم على تغيير الشرق الأوسط، تبخّر، وقريبًا ستنتهي حياته السياسية ويحاكَم ويُسجَن بتهم فساد سابقة، أو يبقى مطارَدًا من المحكمة الجنائية الدولية، وجيشُه هُزم، وعددٌ من وزرائه بكوا في جلسة الحكومة للتّصديق على اتفاق وقف إطلاق النار، ما يدلّ على مدى وقع الهزيمة في نفوسهم، أما سكّانُ غزة فقد احتفلوا طويلا بالنصر على حرب الإبادة والتهجير، وردّدوا نشيد “سوف نبقى هنا” وتكبيراتِ العيد وكأنّه يوم عيد، كما انتشرت شرطة حماس في عموم أنحاء القطاع، في رسالةٍ واضحة تؤكّد أنّ “اليوم التالي” للحرب، هو بقاء حكم حماس ورسوخه أكثر، ولا عزاء للصّهاينة وحلفائهم المتصهينين الذين كانوا يتداعون إلى دخول قوّات عربية ودولية لحكم غزّة بعد نهاية الحرب.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو المقاومة الاحتلال غزة غزة نتنياهو الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
مأساة مفجعة .. قصة طبيبة أطفال فقدت 9 أبناء تحت أنقاض منزلها في غزة
في مشهد مأساوي يختزل عمق الفاجعة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة، فقدت طبيبة الأطفال في مستشفى ناصر الطبي، آلاء النجار، أبناءها التسعة دفعة واحدة، إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلها في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، ما أدى إلى تدميره بالكامل واشتعال النيران داخله.
وبينما كانت الطبيبة تؤدي عملها في قسم الأطفال، جاءها النبأ الصاعق باستشهاد أبنائها الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و16 عامًا.
وأفادت مصادر محلية وشهود عيان لوسائل إعلام محلية أن فرق الدفاع المدني انتشلت جثامين تسعة شهداء من تحت ركام المنزل، بينهم ثمانية أطفال بدت عليهم آثار الحريق والتفحم الكامل. وأوضحت المصادر أن الأطفال الشهداء هم: "يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان، سيدين"، إلى جانب طفلين آخرين من العائلة تم التعرف عليهم في وقت لاحق.
وأكد منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة في غزة، استشهاد جميع الأشقاء التسعة، موضحًا أن والدهم أُصيب بجروح نتيجة القصف ونُقل إلى المستشفى في حالة حرجة. ووفقاً لشهود العيان، دخلت الطبيبة النجار في حالة من الانهيار العصبي، وسط أجواء من الصدمة والحزن العارم بين زملائها في مستشفى ناصر.
ويأتي هذا القصف ضمن سلسلة الغارات العنيفة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مدينة خان يونس منذ أسابيع، في إطار تصعيد عسكري شامل على مناطق جنوب القطاع، أدى إلى مئات الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، وسط اتهامات متكررة للاحتلال بمواصلة سياسة الاستهداف العشوائي والبنية السكنية، دون أي اعتبار لحياة المدنيين.
وقد وثّقت منظمات حقوقية وإنسانية عشرات المجازر المماثلة التي استهدفت منازل كاملة، مما أدى إلى محو أسر بكاملها من السجل المدني، في وقت تستمر فيه المعاناة اليومية لأهالي غزة في ظل الحصار الخانق وغياب أي أفق للحلول السياسية أو التدخلات الدولية الفاعلة.