محافظ قنا: الحروب النفسية عبر نشر الرسائل السلبية بداية انهيار الشعوب
تاريخ النشر: 24th, January 2025 GMT
أكد الدكتور خالد عبدالحليم محافظ قنا، أهمية التصدي للشائعات، داعيًا الجميع إلى عدم تداول الأخبار دون التحقق من صحتها، موضحًا أن الحروب النفسية التي تعتمد على نشر الرسائل السلبية تمثل بداية انهيار الشعوب، مما يستوجب تعزيز الوعي المجتمعي والعمل الجماعي للحفاظ على استقرار الوطن.
جاء ذلك خلال مشاركة محافظ قنا، في ندوة بعنوان "دور الأديان في مواجهة الشائعات"، التي نظمتها كنيسة مارجرجس بمدينة قنا بالتعاون مع مركز إعلام قنا، ضمن حملة "تحقق قبل ما تصدق".
وهنأ الدكتور خالد عبدالحليم الحضور بعيد الشرطة، مشيدًا بدور رجال الشرطة في حفظ الأمن والاستقرار تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية.
بدأت فعاليات الندوة بكلمة القمص يوحنا صبري، كاهن بمطرانية الأقباط الأرثوذكس، تلتها فقرة من الأغاني الوطنية قدمها فريق كورال الكنيسة.
ثم تحدث مدير الدعوة بمديرية أوقاف قنا الدكتور أحمد أبوالوفا، عن دور الإسلام في محاربة الشائعات، مستشهدًا بآيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة.
وأوضح أحد أبطال حرب أكتوبر اللواء نظامي سالم، أن الشائعات كانت دائمًا سلاحًا خطيرًا يستهدف معنويات الشعوب، مشيرًا إلى أن الحروب الحديثة أصبحت تعتمد على نشر الفتن بدلًا من الحروب التقليدية.
بدوره.. أكد أستاذ علم الاجتماع بجامعة جنوب الوادي الدكتور علي الدين عبد البديع القصبي، أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداة قوية تستخدم لنشر الشائعات، لافتًا إلى أن التدمير النفسي والمجتمعي أصبح أسرع من خلال هذه الوسائل، مشددا على أهمية الوعي بمخاطر هذه الأدوات، مستشهدًا بالدول المحيطة كمثال واضح على المؤامرات التي تحاك ضد مصر.
من جهته.. أشار مدير مجمع إعلام قنا الدكتور يوسف رجب، إلى أن اختيار الكنيسة لاستضافة هذه الفعالية يحمل رسالة رمزية للتأكيد على وحدة النسيج الوطني، لافتا إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن حملة أطلقتها الهيئة العامة للاستعلامات لمواجهة الشائعات التي تهدد استقرار الوطن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التصدي للشائعات الحروب النفسية المزيد إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف تغير التكنولوجيا استراتيجيات الحرب وأدواتها؟
يدلل هجوم المسيرات الأوكراني الأخير على المطارات الروسية على التحولات الجذرية التي تدخلها التكنولوجيا المتقدمة على الحرب واستراتيجياتها وأدواتها.
فبعملية استخباراتية جريئة، أدخل الأوكرانيون في شاحنات نقل عديد المسيرات إلى الأراضي الروسية، وتجاوزوا بذلك خطوط الدفاع الجوي التي عادة ما تعمل لرصد وإسقاط الأجسام المعادية على الحدود وعلى مسافات بعيدة عن المواقع الحيوية، ثم أطلقوها ومن مسافات قريبة بحمولتها المتفجرة لمهاجمة المقاتلات والقاذفات الروسية الرابضة في المطارات فدمروا وأعطبوا 40 وأظهروا قدرتهم على نقل العمليات العسكرية إلى العمق الروسي.
وبينما تقترب الخسائر المادية لروسيا، وفقا للتقديرات الأولية، وبسبب التكلفة الباهظة للمقاتلات والقاذفات من 7 مليارات دولار أمريكي، لم يتحمل الطرف الأوكراني الكثير نظرا للكلفة المحدودة للمسيرات والتي باتت تستخدم على نحو يومي في الحرب بين البلدين.
بذلك تكون التكنولوجيا المتقدمة، والتي تطورت معها المسيرات كسلاح جوي فعال وفتاك، قد قدمت للبلد الأصغر والأضعف عسكريا في الحرب الروسية-الأوكرانية الفرصة لتجاوز اختلال موازين القوة وتوظيف أداة رخيصة الثمن لتدمير أسلحة باهظة الكلفة وتغيير معادلة العمق الروسي الذي لا يمس في مقابل الأراضي الأوكرانية المستباحة. فقد مكنت التكنولوجيا، ومعها بالقطع الكفاءة الاستخباراتية، أوكرانيا من توجيه ضربة مؤلمة لروسيا في مطاراتها الواقعة في العمق السيبيري.
تغير التكنولوجيا المتقدمة من معادلات استراتيجية أخرى وتعيد ترتيب أهمية الأدوات العسكرية المستخدمة في الحروب بين البلدان
وبالمثل، تغير التكنولوجيا المتقدمة من معادلات استراتيجية أخرى وتعيد ترتيب أهمية الأدوات العسكرية المستخدمة في الحروب بين البلدان وتزيد في جميع الأحوال من قدراتها التدميرية. ليست تكنولوجيا الحرب في القرن الحادي والعشرين تكنولوجيا أقل دموية من سابقاتها، بل على العكس فهي تنشر الدماء والدمار على نحو أوسع نظرا للكلفة المحدودة لأدوات كالمسيرات التي يستخدمها الأوكرانيون في أوروبا ودول كإسرائيل وإيران في الشرق الأوسط وحركات اللادولة كالحوثيين وتسمح للأطراف الأضعف في معادلات القوة من تجاوز اختلال القدرات العسكرية بتوجيه ضربات من نوعية هجوم المسيرات الأوكراني أو من نوعية المسيرات والصواريخ التي يطلقها الحوثيون.
ولا يقل عن هذا الأمر خطورة ما ترتبه استخدامات الذكاء الاصطناعي فيما خص الحروب والصراعات العسكرية. فقد تطورت قدرات كرصد وتحديد مواقع ومهاجمة العناصر البشرية والمقومات المادية للدول وحركات اللادولة، على النحو الذي أظهرته ضربات إسرائيل المتتالية ضد إيران وحركة حماس وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن. هنا أيضا لا يرادف التقدم التكنولوجي التراجع في خرائط الدماء والدمار الناجمة عن الحروب، بل يعني في التحليل الأخير وبسبب القوة المفرطة المزيد من القتل والتشريد.
فالقوة المفرطة التي تمكن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الدول من الاستحواذ عليها تغري بالتوسع في الحروب والصراعات العسكرية وإطالة أمدها (على النحو الذي آلت إليه الأمور بين روسيا وأوكرانيا وتتواصل به الحرب في غزة) وتغري أيضا بالتوسع في استهداف العناصر البشرية والمقومات المادية لدى الأطراف المعادية (على النحو الذي تمارسه روسيا يوميا بتدمير البنى التحتية الأوكرانية وتستخدمه إسرائيل ضد حماس وحزب الله).
وما بين تغيير التكنولوجيا المتقدمة لاستراتيجيات الحروب وأدواتها، بعد أن صارت المسيرات التي لا تكلف سوى آلاف الدولارات قادة على تدمير مقاتلات وقاذفات بمليارات الدولارات (الهجوم الأوكراني الأخير) وبين القوة المفرطة التي تمكن استخدامات الذكاء الاصطناعي الدول من الاستحواذ عليها ومن توظيفها في سياق عمليات استخباراتية مدبرة (عملية الباجر التي نفذتها إسرائيل ضد عناصر حرب الله) تتصاعد عالميا سباقات تسلح محمومة ولهاث محموم أكثر خلف أسلحة الدمار الشامل دون خطوط حمراء.
وحتما ستتمثل نتائج تلك التطورات الخطيرة في اتساع نطاقات الحروب والصراعات العسكرية وارتفاع مناسيب الدماء والدمار، وفي إبعاد دول هي في أمس الحاجة إلى تخصيص إمكاناتها للعمل التنموي والأمن الإنساني ولجهود التكيف البيئي وللطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر عن كل ذلك والزج بها إلى أتون سباقات التسلح وجنون أسلحة الدمار الشامل.
وإذا كان القليل من بين دول عالم اليوم لا يعاني من محدودية الإمكانات المادية ويستحوذ على ما يكفيه لإطلاق جهود التنمية المستدامة وتطوير تسليح جيوشه (دول الخليج خاصة السعودية والإمارات نموذجا) فإنه كان من الأجدر بالدول هذه والأفضل لها أن تبتعد عن سباقات التسلح وأن توجه الموارد الموظفة لشراء الأسلحة إلى مساعدات تنموية لجوارها المباشر والإقليمي (وهو فيما خص السعودية والإمارات دول شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير المصدرة للنفط أو الغاز الطبيعي).
ليست الأزمة الحادة التي تتعرض لها منظومة العلاقات الدولية في 2025 وحسب من صناعة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولا من نتاج التعريفات الجمركية التي يفرضها على الشركاء والمنافسين على حد سواء، بل هي أيضا ترتبها التغيرات المتسارعة التي تأتي بها التكنولوجيا المتقدمة إلى ساحات الحروب والصراعات العسكرية وتزيد من حدتها الأبواب التي صارت مشرعة لجحيم سباقات التسلح والقوة المفرطة وأسلحة الدمار الشامل.
القدس العربي